أقامت "الحركة الثقافيّة- أنطلياس" ندوة بعنوان:  "الإرشاد الرسولي :الكنيسة في الشرقالأوسط شركة وشهادة"  تسلط الضوء على أهمية هذه الوثيقة بما تتضمّن من مفاهيم إيمانية وأخلاقية، شارك فيها المطران بولس روحانا والدكتور جوزيف أبو نهرا والدكتور محمّد السّماك، وأدارها الأب الرّئيس الدكتور ريمون الهاشم.

     رحّب الأب ريمون الهاشم بالمشاركين في هذه الندوة،  وتحدّث بإيجاز عن وثيقة الإرشاد الرسولي التي وجّهها قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر لمسيحيّي الشّرق من منبر كاتدرائية القديس بولس في حريصا في إطار زيارته الأخيرة إلى لبنان في شهر أيلول المنصرم، والتي تضمّنت توصيات الكنيسة الكاثوليكية إلى مسيحيّي الشرق، ورسالة توبة وسلام تتيح للبشر أن "يعيشوا فضيلة المغفرة على المستوى الفردي والجماعي". وأكّد البابا في وثيقة الإرشاد الرسوليّ أيضًا على ضرورة الحوار بين الأديان والتواصل مع الآخر المختلف والانفتاح عليه وقبوله واحترامه.

       وعبّرالنائب البطريركي المطران بولس روحانا عن تقديره لنصّ وثيقة الإرشاد الرسولي الذي هو نصّ دينيّ بالدّرجة الأولى، يدعو إلى تعزيز الشراكة والشهادة في منطقة الشرق الأوسط بين المسيحيّين عمومًا، والكاثوليك منهم خصوصًا. وبالتالي، يتخطّى هذا النص السينودس الأوّل الذي توجّه إلى اللبنانيّين فحسب، مشدّدًا على أهمية الوحدة البشرية القويّة بالوحدة الإلهيّة. وقال إنّ التطلع العامّ للشهادة والشراكة يكمن إذًا في وضع كرامة الإنسان في صلب الأولويّات، هذه الكرامة التي "نرمِّم بها آدميِّتنا" دوماً.

         وتُرك المنبر للبرفسور جوزيف أبو نهرا، الأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية، والمؤرخ الباحث المنادي بالحرية والديموقراطية، والذي انكبّ على دراسة التاريخ واللاهوت والإسلاميات، فتناول  وثيقة الإرشاد الرسولي على ضوء النقاط الثلاث التي ركّزت عليها، وهي: دعوة مسيحيّي الشرق الأوسط، إكليروسًا وعلمانيّين، إلى ممارسة حقوقهم كمواطنين يؤدون دورًا أساسيًّا في نهضة الشرق والالتزام بواجب "المشاركة التامّة في الحياة الوطنيّة من خلال العمل على إعلاء شأن الوطن"؛ والتحذير من خطورة التطرف الديني الرافض العيش المشترك، ودعوة المسيحيين إلى التّمسّك بأرضهم ووطنهم والمشاركة مع إخوتهم المسلمين لتحرير الإنسان وتحقيق السلام.

وتحدّث أخيراً الدكتور محمَّد السمَّاك، المفكّر والإعلاميّ والمُحاضر المنفتح والمشارك الأساسي عن المسلمين السنِّة في "اللجنة الوطنية  للحوار المسيحي – الإسلامي" في لبنان، فقدّم مداخلة أمينة عن  علاقة المسلمين بالسّينودس من أجل لبنان، ولا سيّما أنّه كان أوّل مسلم سنَّي شارك في السينودس الخاص بلبنان كعضو فاعل، وليس كمراقب فحسب، مع شخصيَّتين أخريين تمثلان الطافتين الاسلاميتين الشيعية والدرزية في لبنان. وذكَّر بأنَّ السينودس الأوَّل مثَّل سابقتين في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية: الأولى، أنَّه ،لأول مرة في التاريخ، سينودس من أجل دولة ، لا من أجل جماعة كنسية! والثانية، أنه، لأوَّل مرة في التاريخ، يدعو مسلمين للمشاركة بالسينودس، وليس فقط للحضور! وأكّد الدكتور السمَّك  أنّ المشاكل التي يواجهها مسيحيّو الشرق في المرحلة الراهنة، بسبب صعود الأصوليّات الدّينيّة الرّافضة للآخر المختلف عنها، لا يمكن التّصدّي لها بخيار الهجرة أو الانكفاء، بل بتحقيق التعاون المسيحي-الإسلامي الذي يعزّز الاحترام المتبادل والعيش المشترك، ويسهم في إرساء أسس الدولة المدنية في لبنان، وتالياً في الأصقاع  المحيطة، التي وحدها المهيأة والقادرة على التعامل مع جميع مواطنيها، بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية والمذهبية المختلفة، وغيرها، على قدم المساواة في الحقوق والواجبات العامة، والكرامة الانسانية.

   وفي الختام كانت مداخلات من الحضور للدكتور أنطوان سيف والدكتور ناصيف نصَّار والدكتور أفرام بعلبكي...