ندوة حول "ثلاثة من أعلام الفنّ المسرحي في قضاء جزين"

 

كلمة افتتاح وادارة ندوة ثلاثة أعلام من منطقة جزين

د. الياس القطّار

 

 

أبدأ بالترحيب بالمبدعين المحتفى بهم الاستاذ فارس يواكيم والاستاذ منير كسرواني،

كما ارحب بالدكتور ادغار جدعون شقيق اندره جدعون الذي للأسف رحل باكراً إلى رحاب الله.

يشكّل كلّ من فارس يواكيم ومنير كسرواني حالة ثقافية مميزة في تاريخ المسرح اللبناني تستحق التوقف عندها في الدراسات الأكاديمية.

فقد قدّم الاثنان فارس يواكيم ومنير كسرواني حتى الآن، كمّا لا يستهان به في الأدب والفن المسرحي العميق المضمون، المشبع بالثقافة الراقية، الغني التحليل، البعيد الرؤيا الاجتماعية. ونحن اذ نتمنى لهما المزيد من العطاء والابداع نتمنى أن يصار إلى جمع تراثهما ونشره ليصبح مادة للدراسة العلمية تفي المبدعان حقهما، كما أن نشر تراث اندره جدعون، مع قلته نسبيا، يعرف به ويضعه في المكان اللائق.

نحن لا ندعي في هذه الندوة تكريما لأعلام المسرح الثلاثة بل ما نقوم به هو مدخل علمي للتكريم واكرر هو مدخل لتكريم يفترض أن يحصل يوما ما، يغوص في عمق انتاجهم ويعطيه قيمته التاريخية والسيكولوجية والاجتماعية والأدبية والثقافية وكفن مسرحي على المعيار العالمي الاكاديمي للفنون المسرحية.

بصفتي رئيسا للمجلس الثقافي لقضاء جزين وباسم زملائي في المجلس نتقدم بوافر الشكر من الاصدقاء في الحركة الثقافية في انطلياس الذين اعطونا في السنة الماضية في إطار المهرجان اللبناني للكتاب فرصة عقد ندوة عن جزين وقضائها في مرآة ادبائها وكرروا الفرصة مرة ثانية في هذه الندوة.

والمجلس الثقافي لقضاء جزين يسعى بزخم لتحريك دولاب الثقافة في هذا القضاء لذلك عقد ندوة تاريخية في الصيف المنصرم في دير سيدة مشموشه بعنوان المتغيرات في قضاء جزين في القرن التاسع عشر. وفي مطلع هذه الصيف سيعسى لامسية في الشعر العامي يشارك فيها غالبية شعراء هذه المنطقة للتعبير عن ذاتهم.

أما العمل الرائد الذي اشرف عليه بالتعاون مع زملائي في المجلس فهو اصدار موسوعة شاملة عن أعلام الثقافة في قضاء جزين في كل الميادين الأدبية والتأريخية والاجتماعية والدينية والحقوقية والفنية، وقد شارف البحث في الكتاب على نهايته وينتظر أن أضع اللمسات والصياغة المنهجية الأخيرة عليه.

المداخلة الأولى هي للدكتور جوزيف عون عن الاستاذ فارس يواكيم:

الدكتور جوزيف عون أديب ورسام تشكيلي ونحات. يحمل دكتوراه حلقة ثالثة في الأدب العربي من جامعة بوردو والدكتوراه اللبنانية من الجامعة اللبنانية بموضوع عن المسرح اللبناني. وإلى جانب الأدب مال جوزيف عون إلى اللاهوت فحاز فيه على شهادة الدراسات المعمقة. رسم العديد من اللوحات الجدارية بخاصة للكنائس. له العديد من الكتب في الأدب العربي وهو منكب عبر مركز فنيكس في جامعة الروح القدس على نشر نصوص كُتّاب المسرح اللبنانيين وآخرها تحت الطبع كتاب عن مسرحيتين لانطون الجميل الاديب والصحافي اللبناني الذي عاش في مصر.

المداخلة الثانية هي لزياد ابو عبسي عن الاستاذ منير كسرواني:

عشق زياد ابوعبسي القراءة والمسرح باكراً، وكاد أن يتجه إلى عالم المحاسبة والادارة بعد تخرجه من الجامعة اللبنانية الاميركية. و في حرم هذ ه الجامعة

بدأ بالتمثيل فقاده ذلك إلى مشوار طويل منذ 1978 مع مسرحيات زياد الرحباني والى الالتحاق بقسم المسرح في الجامعة ذاتها . بدأت شخصيته تتبلور ككاتب وممثل فأغناها بتخصصه في الفلسفة في جامعة بيروت الاميركية. وكانت له جولات مع مخرجين آخرين ومع الأعمال التلفزيونية والى بداية مسيرة مع تدريس مادة المسرح في الجامعة اللبنانية الاميركية. تابع بلورة ثقافته في الفلسفة والمسرح في جامعة هيوستن حيث حاز شهادة الماستر ليعود الى لبنان للعمل كمؤلف ومخرج. ومجددا يعود للتعمق في المسرح بعد نيله لمنحة فولبرايت التي قادته الى اميركا.

إضافة إلى المسرح عمل زياد ابو عبسي في الاذاعة وكتب في الصحف وهو اليوم منصرف إلى التدريس في الجامعة اللبنانية الدولية. وله كتابان صادران في دار بيسان: الأول: ثوّار الجليل والثاني: كلام عن المسرح

يقول منير كسرواني عن زياد عبسي في مقابلة معه: زياد من أهم الأساتذة في الشرق، فنان أصيل، أصيل للعظم، مؤلف حقيقي، مخرج وناقد كبير. ترى ماذا عساه يقول زياد أبو عبسي عن منير كسرواني.؟

المداخلة الثالثة هي للعميد السابق للمعهد العالي للدكتوراه في الآداب الدكتور بدوي الشهال عن الاستاذ اندره جدعون:

الاستاذ الدكتور محمد بدوي الشهال استاذ في كلية الاداب الفرع الثالث في طرابلس ورئيس قسم اللغة الانكليزية فيها والعميد السابق للمعهد العالي للدكتوراه في الاداب والعلوم الانسانية والعلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية. نالPH.D من جامعة شربورغ في كندا في الادب الانكليزي، له العديد من الدراسات والمقالات.

عمل في المسرح في شبابه وكانت له رسالة دبلوم عنه ولكنه انصرف للتعمق في التخصص بالأدب الانكليزي وتدريسه في الجامعة.

صقلته الثقافة الانكليزية فكان "الجنتلمان" الانكليزي و لا يزال.

وانوّه بالجهد الكبير الذي قام به لتجميع مادة المداخلة نظراً لضآلة المعلومات عن اندريه جدعون وصعوبة الحصول عليها.

___________________________________________________

 

مداخلة الدكتور جوزيف عون عن الاستاذ فارس يواكيم

أيها الأحباء، أهلاً بكم...

لن ندّعي، في هذه الكلمة الموجزة، الإحاطة بنتاج الأستاذ فارس يواكيم، شكلاً ومضمونًا! وإلاّ، لَكُنّا بحاجة إلى ساعاتٍ، وجلساتٍ طوال، لإعطاء خاصيّات نتاجِه الثَّرّ، الغزير التنوّع، بعضًا مما تستحقّ من تأمُّل وتبصُّر وتحليل.

فهل ندعوه كاتبًا مسرحيًّا؟ أم كاتبًا سينمائيًا؟ أم مخرجًا مسرحيًّا؟ أم كاتب مسلسلات تلفزيونية درامية، ومسلسلات لمسارح الأطفال؟ هل هو الصحافي مبدع المقالات في الصحافة المكتوبة، ومدير المقابلات الإذاعية والتلفزيونية، ومبتكر حواراتها؟ أم هو، أخيرًا وليس آخرًا، مؤلف الكتب الفريدة في اختياره موضوعاتها؛ ومترجم لمؤلفات عالمية نادرة؟ فارس يواكيم، هو كل هذا! ومَهَمَّتُنا الآن، إلقاءُ أضواء تعريفية على ما أبدع قلم فارس يواكيم من إرثٍ تراثي، ونقول: " إلى الآن"، لأنّ القلمَ ما يزال بين أنامله وفي عزِّ عطائه.. وإذا كان الاستاذ يواكيم بحاجة إلى هديّة، فلتكُن هديّتُنا دراسةً معمقة لما أبدعَ فكرهُ من عطاء.

بالقرب من جزين، بلدة هانئة، غنيّة بالثقافة والعلوم، وبأعلام الفنون، إنها قيتولي. إلى هذه البلدة تنتسب عائلة يواكيم. وقد هاجرت عائلة فارس إلى مصر، أسوةً بعائلات كثيرة يَمَمّت شطر وادي النيل. وفي 16 ك2 1945، كان مولد فارس في الإسكندرية.

تخرّج من المعهد العالي للسينما، في القاهرة سنة 1966، قسم الإخراج، فكان الأول بين المتخرّجين. ومع الأيام، أتقنَ اللغات: العربية، الفرنسية، الإنكليزية والألمانية؛ وألَمَّ بالإيطالية.

ويبدو أنّ وطنه الأم كان ينتظر عودته، فعادَ إلى لبنان عاقدًا العزم على الاضّطلاع بمهامّ فنيّة كبيرة: مارس العمل الصحافي، أولاً، لخمس سنوات ( 1967- 1971)، ناشرًا مقالاته في جرائد: النهار، الديار والجريدة.

أولاً- فارس يواكيم الكاتب المسرحي: لم يلبث البيروتيون، واللبنانيون عمومًا، أن بدأوا يسمعون باسم فارس يواكيم، ويقرأونه، إلى جانب كبار أسماء الفنانين والمخرجين والمطربين والممثلين.

1- كتب لمسرح المرحوم حسن علاء الدين المشهور بلقب شوشو، إثنتي عشرة مسرحية. في طليعتها: آخ يا بلدنا، خيمة كراكوز، الدنيا دولاب، جوّه وبرّه، فوق وتحت. وقد أخرجها القدير روجيه عسّاف، والبارع برج فازليان، إلى المخرج المصري المعروف السيّد بدير.

2- كتب ثلاث مسرحيات غنائية للمطربة المرحومة صباح، وبعض نجوم الغناء، منها: مسرحية العواصف التي أخرجها روميو لحود؛ ومسرحية الفنون جنون، إخراج برج فازليان؛ ثم مسرحية الأسطورة، إخراج فادي لبنان، وشارك في البطولة إبن جزين المطرب جوزيف عازار.

3- يعتبر فارس يواكيم من أوائل كتّاب الشونسونييه، في لبنان، في بداية السبعينيات من القرن العشرين. وهذا نوع مسرحي، اسكتشات تركّز على الإنتقاد السياسي الكوميدي الساخر. ولم يكن في بيروت آنئذٍ سوى فرقتين هما: Les Six Gales وLes Diseurs

4- فارس يواكيم، هو كاتب مسرحية كرامبول، التي عرضت على مسرح البيكاديللي سنة 1991. أخرجها روجيه عسّاف، ومن بطولة: فائق حميصي وخضر علاء الدين.

5- وهو كاتب مسرحية الشلمسطي، سنة 2003. أخرجها نقولا دانيال، ومن بطولة منير كسرواني.

6- كتب مسرحيات خصّصها للأطفال. عُرِضت فوق مسرح شوشو، وفي عواصم عربية ( دمشق، الكويت).

ثانيّا- فارس يواكيم الكاتب التلفزيوني:

1- له عدّة مسلسلات، أنتجها تلفزيون لبنان، منها: المشوار الطويل؛ أخرجه صهر بلدته قيتولي، الياس متى. وقام بتمثيله: محمود المليجي، شوشو، مارسيل مارينا، جورج شلهوب. ومسلسل أثار على الرمال، أخرجه إبراهيم الخوري، ومثّلهُ: منير معاصري، إلسي فرنيني؛ وهو مستوحى من رواية الكوميديا العالمية للكاتب المصري يوسف السّباعي. كما وله مسلسل مسرح شوشو.

2- فارس يواكيم، هو الكاتب الرئيسي لبرنامج إفتح يا سمسم المعروف وهو يعتبر أضخم برنامج تلفزيوني للأطفال، وقد انتجته مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي.

3- وله في تلفزيونات دول الخليج عدّة مسلسلات تمثيليّة، للأطفال أيضًا، منها: الشاطر حسن ( تلفزيون الكويت، 1973)؛ والإبريق المكسور، وهو مسلسل لأطفال الخليج

4- فارس يواكيم، هو معدّ البرنامج الشهير سهرة مع الماضي التلفزيوني الذي قدّمته ليلى رستم في تلفزيون لبنان.

ثالثًا- فارس يواكيم كاتب سيناريو لأفلام سينمائية:

كتب السيناريو والحوار لسبعة أفلام سينمائية روائية، قام ببطولتها: محمود ياسين، نيللي، عمر خورشيد، شوشو، دريد لحّام، نهاد قلعي، وآخرون... من هذه الأفلام: سيدتي الجميلة، إخراج حلمي رفله، وبطولة: نيللي، محمود ياسين، عمر خورشيد وشوشو. وفيلم عندما تغيب الزوجات، إخراج مروان عكاوي، وبطولة: دريد لحّام، نهاد قلعي وإيمان. وفيلم عشّاق، إخراج مروان عكاوي. وفيلم واحد زائد واحد، أخرجه يوسف معلوف، ومثّله: دريد لحّام، نهاد قلعي، وسهير المرشدي. وفيلم فندق السعادة، الذي أخرجه فطين عبد الوهّاب، ومثّله: أحمد رمزي، شمس البارودي، ناديا الجندي، شوشو. وقد شارك فارس في كتابة حواره.

رابعًا- مؤلفاته الأخرى:

وضع عدّة كتب مميّزة في عناوينها ومضامينها.

1"- كتاب ظلال الأرز في وادي النيل، يروي قصة اللبنانيين في مصر ومساهماتهم في نهضتها الثقافية والفنيّة.

2"- كتاب حكايات الأغاني، يتناول فيه رحلة القصيدة من ديوان الشعراء إلى منصّة الغناء والطرب.

3"- كتاب الإسلام في شعر المسيحيين، هدفه توحيد القلوب، ونبذ التعصّب، ومعرفة الآخروالإنفتاح عليه.

4"- مخطوطة تاريخ زحلة للمطران غريغوريوس عطا، تحقيق وتقديم ودراسة فارس يواكيم.

5"- ترجم كتاب عنف الديكتاتورية للكاتب النمسوي ستيفان زفايغ، عن الألمانية: الديكتاتورية هي الديكتاتورية في كلّ زمان ومكان، بالأمس واليوم وغدًا. وله ترجمات عديدة، مسرحية وغير مسرحية.

6"- أمّا الكتاب حول الكاتب الموسوعي الألماني بعنوان غوته، العبقرية العالمية، فشارك فيه فارس يواكيم إلى جانب نخبة من الكتّاب، وكان له فضل الفكرة والإشراف عندما كان فارس يواكيم رئيسًا للقسم العربي بإذاعة صوت المانيا.

والشكر لكم وللصديق فارس يواكيم

د. جوزيف عون