تكريم الدكتور رياض غنّام

يقدّمه: الأستاذ عدنان ضاهر

 

 

دولة الرئيس

أصحاب المعالي والسعادة

الحركة الثقافية في أنطلياس

الدكتور رياض غنام

السادة الكرام

 

دولة الرئيس،

أتأذن لي بالقول إن هذا اليوم قد وفَّى المنى في جمعنا بكم لأنه من أكرم الأيام أخلاقا؟

رياض جئتك حاملاً قلبي معي
 

 

 

كمسافر من بعد طول غيابِ
 

أهلوك أهلي والمسافة بيننا
 

 

 

مشوار عصفور وظلُ هضابِ
 

 

 

الصديقُ، والحديث عنه، وتسديدُ النظر بالقلب والعقل إلى صفاته ومزاياه، مهمة، كمن يقارع شعراً بسيف، جُلَّ أن يُسلَّ إلا في معامع بطولات، وندرة لمعٍ لنجومٍ عصية ورهافة أين منها السَجْوُ والسجود.

رياض غنّام من أين لي أنْ أبدأَ وكيفَ؟! لا تسلْني إلاّ إذا أجبْتَني كيفَ تبدأ الريحُ؟ وكيفَ تتحولُ إلى أمطارٍ، أو كيفَ يتساقطُ المطرُ عندما ينتصبُ «قوسُ قزحٍ»؟  ومحاولةُ الكلامِ عنْكَ أو لكَ وقوعٌ في المحاولةِ، أو انسياقٌ للمحالِ؛ أردتُمْ منّي تقديماً اعتبرْتُم أنَّهُ عليَّ واجبٌ كما اعتبرْتُهُ، ولكنْ ألا تعلمُ أنَّهُ منَ الصعبِ على صديقٍ أن يقولَ في صديقِهِ قولاً حلالاً؟

وأحارُ من أيِّ الجوانبِ أرتقي
 

لأطالَ بعضَ شوامخِ البنيانِ
 

هل يُسألُ الريحانُ عن كبِّ الشذا
 

كبّ الشذا بشمائلِ الريحانِ
 

 

ألم تدرِ أن المحبةَ تجعلُ الكلامَ عسيراً ويستعصي عليَّ الكلامُ؟

وللحديث عنْ رياض في النفسِ شغفٌ، للقلمِ شوقٌ وترفٌ، الاستماعُ إليه وصلاتُ تطريبٍ، وترائياتُ تجويدٍ، وهو على تواضعٍ جمٍ، وأناقةِ أداءٍ، وطليعُ رعيل، وطنيٌ أصيلٌ، وإنسانٌ نبيلٌ، سمواً بالنفسِ وإلى السُدُراتِ ارتقاءُ.

ـ وقفَ القلمُ يتأملُ ساعةً، منْ أينَ يرتقي بعضَ شوامخِ هذا الجبل الأخضر.

ـ وكلَّما أردْتُ أنْ أكتبَ حرنَ القلمُ عنْ دواتِهِ، ولمْ تحكم الأُنمل القبضَ على زمامِه، فراحَ يعدو محاولاً أن يفهمَ ماذا سيكتبُ، ولكنْ من أينَ له ذلك وهو ريشةٌ في مهبٍّ أو جدولٌ ضيعَ المصبّ؟

 وأنا لنْ أكتبَ عنْهُ بالمحبةِ، أخافُ ساعتئذٍ منْ تدخّلِ القلبِ، فلا يُوضعُ في الإطارِ الذي يريدُهُ له التاريخُ.

لكنَّهُ رغبَ في أنْ أتخطّى العسرَ لعلمِهِ أني قادرٌ على أنْ أقولَ الحقَّ. وأظنُّ أني سأحتفظُ بشيءٍ منَ الهدوءِ لأتمكَّنَ منْ قولِ الحقِّ، أرجو أن أكونَ صادقاً فلا يكونُ في المودةِ مبالغةٌ.

وما طلبَهُ مني حسبْتُهُ ولا أزالُ، أحسبه تعبيراً عنْ ثقةٍ له بي، وحظوةً لي عنده وسبباً وطيداً لصداقةٍ دامَتْ طويلاً، وحديثي عنه يظلُّ أقلُّ مما يستحقُ. أيسمحُ لي أن أغمسَ سنَ قلمِهِ في محبرةِ العينِ لأكتبَ عنه بمدادِها ورواسبِ النورِ الباقي في البؤبؤ؟

 

فَلُذْتُ بالخاتَمِ المسحورِ أَمسحُهُ
 

لا ماردٌ طلَّ، لا لبيكَ صاحَ فمُ
 

 

وخلصْتُ إلى أنني تعرفْتُ إليه مبكراً، كان في الريعانِ، وأحسبُ أنَّهُ لم يزلْ فيه، مبكراً مبكراً، أطلَّ على الحياة كنسمةٍ؛ كموجةٍ تغسلُ ثيابَ صخرةٍ... كنسرٍ همُّهُ فراخُ وكر، كنحلةٍ، كنبعةٍ، كفجرٍ أطلَّ رياضُ حسين غنام على نيحا الشوف، في أواخرِ الأربعينيات.

ـ مزاجُهُ لا يتأثرُ بسوى الإبداعِ المهني، ومزاجٌ لا يهزُه سوى الروحِ، والعدلِ والسلوكِ، أقولُها دونَ احتياطٍ وبمنتهى القناعةِ.

ـ الذين يدينونَ بالمحبةِ يجبُ أن يملكوا ألوفَ القلوبِ حتى يستطيعوا أن يضحُّوا بالمئاتِ في كلِّ دقيقةٍ.

ـ أجل يحب هذا المؤرخ فيعطي أكثر من صبح، ولأن به هياماً طاغياً يبقى في خزائنه أكثر من شمس.

عصامي حتى العظم، منذ كان محرراً في المجلس، سنوات من الكد والكفاح والسهر لم يعرف اليأس أو القنوط سبيلاً إلى نفسه، بخاصة في زمن المحنة. كأني به يقول:

 

صنتُ نفسي عما يدنس نفسي
 

وترفّعتُ عن جدا كل جبس
 

 

لم يتوقف عطاؤه لحظة واحدة، وقد خبرت ذلك عبر موقعي في الأمانة العامة وموقعه في المديرية العامة للجلسات واللجان، في مجلس النواب.

نتاجه الأول: المقاطعات اللبنانية في ظل الحكم المصري (1832 ـ 1840) الدار التقدمية 1988. ولا يزال أطال الله عمره يدرب الدهر على صلابة الرجال. وأنا متأكد أن هناك من هو أجدر مني للحديث عن ميلاده، ومدارج طفولته ومراحل حياته وتقلباته، فهذه في سماتها العامة، على ما أظن لا تختلف عما كان للعديد من أترابه.. وليس هنا بأي حال من الأحوال موضع للحديث أو للكلام عن مؤلفاته وأعماله الفكرية ومقالاته فلست موثق مكتبات، وهو فيما هو، حفظه الله مكتبة متنفسة يستعصي عدُّ عناوينها.

فمبكراً تعوّد الصعب وما لبث أن استسهله.

ـ أجل أعرف أن أولاد المحبة يولدون فوراً رجالاً رياض غنام كبيراً ولد.

عرف الوظيفة في مجلس النواب باكراً وتحديداً في مصلحة اللجان والجلسات وبحكم خلقية رفيعة أحب التاريخ ودرس القانون فوازن بينهما لأن التوازن من شيمه... أخلاقه وسلوكه ونهجه كلٌ ذاتُ معايير دقيقة ومتوازنة!

يجلس كبوذى بين يدَي معبدْ.

ويحدثك كياباني مذنبْ.

يتمايل قليلاً في جلسته، ليس أكثر من حقل بنفسج بين يدي النَّسَمْ. ويسدر كقارورة طيبٍ أضاعت سدادتها، ولم تحزن، كلُّها للناس، أولاً وآخراً...

فكأن التهذيب والتواضع خلتان في القارورة!

يقبل عليك منصتاً، ولا يريبك مستفهماً، ولعله أدرى منك بهذا الذي تبذخ به أنت.

ـ واثق من لباقته، كسفير يحترم نفسه، لدولة تعرف قدر نفسها.

ـ مثقف كدائرة معارف في كل عام تنقح.

ـ حزين كبلبل عاشق.

ـ متلاف للمعلومة كوحيد مدلل يحتاج إلى حكم شرعي بحجر دائم. والله لولا معرفتي بأصوله وجذوره لقلت إنه من سلالة الإمام زين العابدين بن علي «ما قال لا قط إلا في تشهده». ولهذا الرجل حضارة في الرفض.

أظنك يا رياض لم تنسَ حضورك الدائم صباحاً إلى مكتبي وذلك بموجب مذكرة مودة؛ ألا زلت تتذكر أن أول ما قاد المودة بيننا ليس بوادي بغيض يا رياض سُباب، بل في مكتب الأمانة العامة الملاصق لمكتب الرئيس وبعدما جلست قلت لي: أتعلم أن هذا الشباك كانوا يسمونه طاقة «سَعدى الملا» والله يومها لم أميّز الطاقة من الشباك في علم التاريخ فقصَّ عليَّ قصة ماضٍ، قصة استقلال كان  أغرقها العمرُ، تضيء وتخبو، ثم تبدو وتختفي كنارِ رعاةٍ كان أوقدها القرُّ.

سألته لماذا لا تضع كتاباً عن الاستقلال؟ وأنا أعرفه أنه بحار قديم. قال لي الكتاب يلزمه تقميش وهذا الكتاب صعب تقميشه، مع أنه قمّاش وسبّاك مظل من طراز رفيع. ولا غضاضة إن قلت إني لا أعرف معنى كلمة تقميش فشرح لي. وكنت أعرف أنه في التاريخ يركض وراء السر والسر يركض ولا يرتد حتى ينكشف السر؛ في الأعالي وكور ليس يعرفها من عصبة الطير إلا الأجدل الرخم. قلتُ نتعاون وأدركتُ أني دخلت في مسالك إمتحان إن أنا اجتزتها كان النجاح مشتركاً وإن فشلت كانت التبعة عليّ وحدي؛ وأول ما تبادر إلى ذهني ساعتذاك، أن الهواة إذا قاربوا أهل الحرفة هووا في الفترة الأولى إلى قاع الدواة، لأن بحر الحبر لا يرحم الأطراف الطارئة على عبابه إلا أنني أدركت أن صاحبي ما زال مسكوناً بمحبته وقال لي غداً نقرر؛ وفي الغد شعت عينان، وبرق ثغر، وتنقل بالعسل لسان؛ أتت الموافقة فتجرأت على الإبحار وزينت لنفسي أن رياض قد خصّني بما يشتهيه عتاة المؤلفين من امتياز المرور عبره إلى أعين القراء. فكان كتاب «مجلس النواب في ذاكرة الاستقلال» وكان التقميش في أعلى ذراه حيث حصلنا على رقمي بندقية الرئيس صبري حماده والأمير مجيد إرسلان وأدركنا ما قاما به في بشامون مع  الوزير حبيب أبو شهلا وكذلك الإجتماع في منزل أبو علي سلام، وعن أبطال قلعة راشيا، ولعله الكتاب الأول الذي يسرد قصة الاستقلال كاملة ودور مجلس النواب فيها ودور المجتمع المدني ودور المرأة. وحلّق رياض في هذا الكتاب بعيداً عن مدار الجاذبية وكان عندنا أكثر من توارد أفكار وإنها توأمة مشاعر، فالجيرة نسب بين الحيطان كما قالت العرب، فكيف بها إذا كان الساكنون داخل هذه الحيطان أهلاً ومعشراً وأصدقاء شأننا؟؟

في جوهره وتكوينه رياض شخص سَويّ، مثال مضيء للمواطن الصالح، في الجمهورية الفاضلة، في أي حلبة التمسته لتجدنَّه موازياً ذاته المترعة قيماً، مثلاً عُليا ومواهب، مستأهلاً «الهبة» السيدة إكرام التي أكملت دينه وشعشعت بيته.

إنه المتقدم في كتابة التاريخ ومن أربابها المجلّين، إماماً حوله جَمعُ المصلين... هذا لأقول: إن كتابة التاريخ بأمانة هو العمل الصالح وكل إبداع أو إتقان عبادة!

وتنقاد له قصص التاريخ انقياد الشعب العربي لحكامه إلى أبد الأبد، ويقتحم تيه مجاهل ما راودت من قبل حتى خاطر الملاحِ. رائعةٌ تجلياتُ عاطفته نحو الأحبة وأهل الفضل، عاشقُ وطنٍ وأرض، ملتزمُ قانون، رهانهُ حقٌ وعدالة، نمطُه التثقيف. وكتاباته في التاريخ لا ينطق عن هوى ولا يعمل لمصلحة سياسية أو انتخابية أو مالية، فقد دخل الوظيفة نظيف الكف وخرج منها نظيف الكفين معاً.

ونحن حيال مؤرخ لا يكذب، يقول الإمام جعفر الصادق: من رزقه الله لساناً صادقاً، رزقه حدساً صافياً ورؤية صائبة يعني الوعي بشهادتي والنبوة بشهادة الإمام، والحقيقة في التاريخ عنده هادرة وشامخة كخيول أموية في فتوحات أندلسية وليست كجلمود صخرٍ حطّه السيلُ من علِ، أمّا الرؤى، فأحدُّ وأنفذ من رماحٍ مضرية مسددة لأسوار العواصم التي ستُفتح.

رياض يكتب تاريخاً بشغف أين منه حنين العودة من الغربة وفرح لقاء الجذوع بالجذور؛ وأين منه حب زق الحمامة للفرخ. ومن دون مواربة ولا خفايا ودون تدوير للزوايا وهو لا يخبط كعشواء زهير، وإذا كان كل شيء يمكن أن يحرَّف غير أن رياض يكشف حقيقة الحكم وسياسة الحكام ومصير المحكومين، يعرض الإنجازات ويفضح النواقص ويضع أمام القارئ كل حيثيات الحكم على من تعاقبوا في حكم البلاد قديماً وحديثاً، في السلطة الإجرائية حيث تصاغ وتحال مشاريع القوانين إلى السلطة التشريعية لتناقش وتقر. ولن أغرق في تعداد كتبه الخمسة والعشرين ولا أستطيع إلا ان أخص منها المعجم النيابي، المعجم الوزاري، معجم الحكام والرؤساء وكلها تعود إلى سالف الزمان في لبنان وجبله، وإن كنت أنسى لا أنسى كتاب الأصول التشريعية وكتاب الرقابة البرلمانية الذي اعتمد مرجعاً إلزامياً لطلاب الدكتوراه والحقوق في جامعات المغرب وترجم في بعضه إلى اللغتين الإنكليزية والفرنسية وتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار ولا أعرف لماذا هذه الكتب مكتومة الصوت؟ ألعقمٍ لدى القرّاء طارئ؟ والله إن فكره قد ناب عن ألف عقم.

عندما تعتز الفوارس بالفوارس وتغار النسور من الجياد في اقتحام المعالي وتُصلُّ السيوف بالرنين النغيم فأنت أمام كتاب من كتب رياض غنام.

إن لنا من كتبه وخلقه تراثاً نكتبه على ضمائرنا بماء الحنين، ونودعه لأبنائنا في قوارير من الوفاء، سجيتها أن تفوح على الدوام عرفاناً بالجميل، وعلى رفعة ما هو عليه لا أبرح تجاهه مقصراً!!! وإنني لواثق أن حديثي اليوم عنه، يبقى أقل مما يستحق، لأنه عندما يرمينا بالكلام يتأدب النسيم ويكتم أنفاسه مهابة واستحساناً. وأحسبه برعماً من براعم شجيرات العطر المتناثرة في كل مكان، وثمرة جاورت العصافير على الأغصان واشتركت معها في الغناء كأنه حديقة زهر مزدانة بهديل الحمام وسجع اليمام.

ويبقى رياض الربان الذي يرصد النجوم ويروض الأمواج ويسلك بين غدر الصخور والشعب المرجانية، وهو في ملاحة حبرية مجذافها اليراعة وشراعها عين زرقاء اليمامة، وافقها الإنسان. فهو سنبلة قمح قديمة لم تيبسها شموس نصف قرن في حقل التاريخ.

والعطر لا يختصر بساتين الأزهار، كذلك رياض لا يُختصر وكلما أنصتنا إليه تتحول الأذان أجنحة من يمام.

والأجمل من هذا كله، قوله لي ذات مرة أن لبنان قادرٌ على ردم حفائر الأحقاد في العقول وطمرها، وأن يغفر لنا ما ارتكبناه بحقه، لنعود إليه كما السنبل إلى الأرض، فندخل في حنانه، وندخل في جنته، بعدما فرّطنا بالحرف والأرجوان يا أبا التاريخ، وعكَّرنا على الأصداف تحكي لنا روايتها، وأقلقنا المحار في أعماقها وشتتنا رفوف النوارس، بعد أن قمنا قبل ذلك بتهجير السنونو التي استوطنت بيوتنا عندما كانت البيوت أليفة؟ إن لبنان دائم عمره إلى الأبد فأسأل الله لرياض نظير هذا العمر.

كما علمني أنه إذا شاب الحياة العامة في بلد ما اضطراب أو تقصير أو شيوع فساد، فالعلّة ليست في مواد الدستور، إنما هي في القيمين على الأحكام الذين جعلوا من أنفسهم ومن القوانين، دمى تعبث بها أيدي الاستغلال الرخيص، والاستهتار الفاضح بمقدرات الشعب والبلاد، كما هي مع الأسف الشديد في بعض المواطنين الذين تستعبدهم أهواؤهم، فلا يكترثون بحرمة القانون والسيادة، ما داموا يجدون عباءة خارجية يلتحفونها. وحري بالدستور أن يكون أداة إيقاظ لوعي المواطنين والحفاظ على كرامتهم وإنمائها، تمهيداً لبناء مجتمع متماسك متين يوفر للشعب الخير، في وطن قائم على التفاهم الحميم والحب المتبادل.

ماذا أقول له وماذا أقول عنه؟

وأتعبَ ظهرَ الوقتِ من ركضِ خيله
 

وحار به هذا وأنفذَه الصبرُ
 

يزيد صباه، كلما زاد شيبه
 

ويغدو خفيفاً كلما ثَقُل الظهرُ
 

فكنتَ له شوقاً إذا حنَّ صدرُه
 

وكنتَ له بوحاً إذا تعبَ الصدرُ
 

 

ويوم تعرفت إليه ظننته لا يتعب وكان أن كرَّت اللقاءات فإذا به ما أحلى التعب! وكان على القول المأثور «يزيدك وجهه حسناً إذا ما زدته نظراً». وكان أليفاً كأبي الطيب يحب المعاودة.

وإذا كانت المكتبة اللبنانية تضج وتحفل بالكتب والمراجع العامة المتخصصة، التي تؤرخ للحياة السياسية في لبنان، فإن كتب ومراجع الدكتور غنام تؤرّخ أصدق تأريخ عن تطور الحياة السياسية خلال العقود الطويلة، الغنية والمتأججة من تاريخ لبنان السياسي والاجتماعي، والاقتصادي. فيأخذنا معه ليرينا الشمس والقمر والمطر والجبل والبحر ويمر بنا تحت قوس قزح. فأشخاصه لا يغتلي فيهم ارتيابك وتتمنى لو تتقراهم يداكَ بلمسِ.

ساررته وسألته يوماً عن أهم كتبه الـ25 بدءاً من المقاطعات اللبنانية وصولاً إلى الشيخ علي جنبلاط قال: أقول لك: إذا قلت لي أي المرايا الأجمل وأنت فيها؟  إلا أن كتابه الأخير هو الأدفأُ لأنه يلتحف بعباءة شيخ من شيوخ الشاهدين على العصر والتاريخ ويعتمر عمامته ونحن في محرابه نقريه السلام (الدكتور عصام خليفة).

على أننا نحن الحالمين ببناء لبنان العظيم. لنباهي به الدنيا، وبه نفاخر وبكتبه نباهي ونفاخر.

حقاً إن المؤرخين وحدهم أهل الفتوح المخلدون، وما عاب أهليه أن العدَّ قلّلهم فالقادرون وإن قلوا، فهم كُثُر.

ـ من المؤرخين من واجه الضوء فانبهر، وسقط! ومنهم من زورب في العتمة. قليلون هم الذين وقفوا تجاه الضوء وامتصوه، واتحدوا به، وصاروا هم «هو» وهل رياض إلا أحد... هؤلاء المشارقة النادرين؟

رياض لا يشبه غيره، وغيره لا يستطيع أن يشبهه، ففي كتبه لا يأتيك الغش من بين سطورها ولا من خلف السطور؛ لأنها مكفولة الأصالة، عريقة الحروف، وريقة المداد والقلم. لأن له أصالة المتنبي وحكمة المعرّي.

هذا هو رياض الذي قال لي يوماً: عندما تفتح مجالس القول، تغلق مجالس العمل، وإنه لا داء يركب الأمة كمثل داء الكلام.

ولكنّه ذو مزاج في التعفّفِ والترفّعِ هادئ. مزاج من شأنه أن يشفّ دون أن يتلف، وأن يرهف دون أن يقصِفْ، وهذا الحريص على أموال صندوق تعاضد الموظفين في مجلس النواب كحرص الإمام علي على بيت مال المسلمين. ويجلس إليكَ الرياض، وكأنه ألـ«هو» بحضرة الملك ألـ«أنت».

وبدهتني واحدة من أجمل صفاته.

ـ نصاعة اليد، ثم زحمتها ثانياً لعلها الأهم: نصاعة اللسان.

وتأتي بعد النصاعتين، جملة صفاتٍ، تنهمر كحنفيّة ضوء قرأت مثلها، مرّة، عن السهروردي صاحب فلسفة الإشراق، ومثلَها عن العطَّار فريد الدِّين.

ماذا؟.. أأزعم لصاحبي رياض، التصوف؟..

أنا لا أحكم. وإنما أنا شاهد:

عرفتُه، ينامُ قليلاً، ويتكلّم قليلاً. يتجنب الإثم كثيراً ولا يدخل في السوء أبداً. لا يعلقُ بشهوة الجسد دوماً، وعنده على الأذى صبرٌ واحتمالْ...

ـ هو من القلائل الذين لاعبوا المستحيل وما وهنوا.

أرأيت إلى جندي في ثوب الواجب وكادح في ثوب العمل وملاح يمسك الإعصار بكلتا يديه. رياض كل هؤلاء.

ـ بورك جهد رياض ولتبتهج بمؤلفاته المكتبة العربية الحقوقية والتاريخية بعد أن أغنى باستقامته وسهره وجهده مكتبة مجلس النواب.

نعود إلى صاحبنا الدكتور رياض الذي أغنى خزانتنا وعقولنا بهذا الأثر الجزيل الفائدة الكثير العائدة، لنشكره على ما بذل من وقت وجهد ومشقة ونفقة، كي يقدم لنا أثراً نافعاً طيب الجنى، سهل المقتنى، ثم نقول لقد تفضّلت علينا بمنتين:

الأولى هي ما وفر لنا في هذه الإنجازات العملية الجزيلة الفائدة.

أما المنّة الثانية ـ ولا تقل عن الأولى ـ فإنّه أعاد لنا بعضاً من أمل نفتقده ـ بل كدنا نقطع منه الأمل...

أليس أنه أتحفتنا بكتب تتحدث عن سالف عهودنا، ويسَّر لنا أن نقرأ ونأخذ العبرة، وبفضلها نجدد البناء ونجود العطاء...

وقد ذكرنا له منة إعادة الأمل بأن هنالك من يقرأ... وهي لا تقل في باب المعروف عن منّة خلق الكتب. فشكراً على المنتين، ولا هوى به قلم ولا ذوى له أمل.

عفوك صديقي، ما استرسلت، لأنت السبَّاقُ الموحي، فمن بعض أماني الخُلَّص البررة أن يتسلّم أمانة الحكم، من مثلَك، يرقون بتحمل المسؤوليات العامة، إلى مستويات المعرفة والخدمة، ينحنون تواضعاً ويشمخون إباءً. أخيراً لعلنا لا نبالغ، إذا حلمنا برجال دولة يشبهونك ببعض ما لديك ينعمون. واستطراداً إن لم يكتبوا لعلّهم يقرأون!

وأشعر اليوم بحرارة كلامي وبرودته في آن، فأما الحرارة فهي تدارك مشترك وإن تأخر وأما البرودة فإنها أثر طبيعي من آثار الشيخوخة.

أولئك قومي فآتني بمثلهم
 

إذا جمعتنا يا عصام المجامع
 

 

 

 

وأختم كلامي بمعاكسة شرعية مع رياض فقد قلب الحقيقة عندما قال لي: يسعدني أن تقدّم لي. فبالله عليك أيها الصديق العزيز من يسعد من في هذا التقديم؟

أنت زمان يطيل زماني واجداً فيه أناي. وأختلس من الزمن لحظة لأقول: إن ناقوس القلب يدق إلى رياض.

أنا لا أفيك اليوم حقك
 

 

 

لكن أؤدي فيك حق بلادي
 

وطنية ملءُ الفؤاد وهمةٌ
 

 

 

عالية من حكمةٍ وسداد
 

 

أنا ما التفت إليك ألا عادني
 

 

 

طيف يراوح خاطري ويغادي
 

تلفت يا رياض تجد وفاءً
 

 

 

وما احتاج الوفاء إلى دليل
 

 

 

أقول لحاسب الستين مهلاً
 

 

 

وقعت على الحساب المستحيل
 

إذا أحصيت للأجسام عمراً
 

 

 

فكيفَ تعدُّ أعمار العقول؟
 

أرى سحر الشباب عليك غضاً
 

 

 

وقاك الله أنفاس الأصيل
 

 

وفي هذا اليوم الجليل أزفّ
 

 

 

إليك تحيات الزميل للزميل
 

 

دولة الرئيس،

أختم بما كان يجب به أن أبدأ

موقعي عندك لا أعلمه،

آه لو تعلم عندي موقعك،

أحسن الأيام يوم أرجعك

فأنت:

ورد تألق في ضاحي منابته
 

 

 

فازداد منه الضحى في العين إشراقا
 

 

أما أنا:

فصرتُ كحالِ الطيرِ سافرَ أهلهُ
 

فمالَ بهِ هجرٌ ومال به هجرُ
 

وما عاد يدري ما عرا الريشَ من أذى
 

سوى الريشِ إن يبقى ويعروه ما يعرو!
 

 

 

 

والسلام عليكم

________________________________________

تكريم الدكتور رياض غنّام

كلمة الأستاذ منير سلامة

 

        حضرات السادة،

        انه الرعيل الثاني والثلاثون من المكرمين على منبر الحركة الثقافية – انطلياس. مكرمون لهم صفحات مجيدة في البنيان الثقافي اللبناني والعربي، شغلوا مساحات فكرية واسعة وتركوا آثاراً ومؤلفاتٍ ساهمت في تكوين الابعاد التاريخية والسياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية في لبنان والبلدان العربية، وبعضهم على المستوى الدولي والإنساني العام.

        مكرمنا في هذه الأمسية شخصية عصامية حاكت خيوط نسيجها العلمي والفكري بثبات وتصميم، واحاطت بميادين تخصصها وعملها بكفاءة عالية، وبعلمية رصينة، وحاولت ان تغطي بعضاً من مساحات تاريخ لبنان الحديث وبعضاً من تاريخ طائفة عريقة ومتجذرة في هذا الجبل اللبناني المعاند دائماً وملاذ محرومي الحرية في هذا الشرق.

        انه الدكتور رياض غنّام

        يحمل مكرّمنا اجازتين واحدة في الحقوق وأخرى في التاريخ كما يحمل الدكتوراه فئة أولى في مادة التاريخ. ترقّى في سلّم الوظيفة من محرر الى مدير عام في المجلس النيابي.

        ساهم بمشاركة زميله الأستاذ عدنان ضاهر في تأريخ الحياة البرلمانية والأصول التشريعية وكذلك الحياة الوزارية في لبنان منذ نشأة المتصرفية سنة 1861. كما ساهما في تأريخ حكام لبنان ورؤسائه منذ سقوط الامارة اللبنانية سنة 1841.

        وقد شارك مكرّمنا في مؤتمرات عديدة حول الحياة النيابية واعمال الرقابة النيابية وفي مؤتمرات تاريخية وفكرية وثقافية متنوعة.

        أيها السادة،

        هذا قليل من كثير اترك الاستفاضة فيه لمن عرفه ورافقه لعقود أربعة ونيف.

        ولكن حسبي ان اشير الى ان مكرّمنا مستمر في عطاءاته وفي العمل على استكمال دراسات سياسية واقتصادية واجتماعية تعتمد على الوثائق وهو عمل جبّار يستلزم الكثير من الوقت للتدقيق والتحليل والصياغة العلمية.

        أيها الأصدقاء،

لكل الصفات الإنسانية والوطنية والعلمية تتشرف في الحركة الثقافية ان يكون هذا اليوم العاشر من آذار سنة 2017 هو يوم المكرم الدكتور رياض غنّام.


 

ليس أجدر من الأستاذ عدنان ضاهر

في الكلام على الدكتور رياض غنام، وهو زميله في مجلس النواب وشريكه في تأليف وإصدار مجموعة من الكتب حول الحياة النيابية والوزارية والرؤساء والحكام في لبنان، وهما يشكّلان معاً ذاكرة المجلس النيابي اللبناني.

وللأستاذ عدنان المحاضر في معهد العلوم السياسية في الجامعة اليسوعية، مجموعة مؤلفات حول اعداد الموازنات وقوانينها وفي فذلكة الموازنة العامة ودستوريتها تعتبر مرجعاً رئيساً لكل من يهتم بدراسة الموازنة وفهم حيثياتها وابعادها وواقعها.

وما أكثر المؤتمرات العربية والدولية التي شارك فيها وحاضر ودرّب سواء في الاتحاد البرلماني العربي او في الاتحاد البرلماني الدولي حول دور البرلمانات وكيفية الصياغة التشريعية ودور البرلمانات ووضع أنظمتها.

يحمل الأستاذ عدنان اوسمة عديدة وطنية واجنبية.

الكلام للأستاذ عدنان ضاهر الاسم الملازم للمجلس النيابي اللبناني واعماله في عهد الرئيس نبيه بري.

فليتفضل

_______________________________________

 

الدكتور رياض غنام

دولة الرئيس الأستاذ فريد مكاري ممثلاً دولة الرئيس نبيه بري

أصحاب السعادة

أيها الحضور

من وحي تكريم المرحوم المفكر سليمان تقي الدين الذي اقيم  في 13/ آذار 2015

 

 

          أبدأ كلمتي

كم من طائر أطلَّ من نافذة هذا الدير ليلقي التحية والسلام، ثم خّفق بجناحيه ليحلِّق مودعاً،

وكم من المكرمين مروا عبر رحابه، منهم من قضى، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً.

          ماذا عساي أن أقول في هذه الأمسية، بعد أن جلدتني كلمات الأصدقاء والأحبة حتى أعمق الأعماق، حتى وكأن دمعة الحزن، تتساوى ودمعة الفرح، ماذا أقول امام هذه الوجوه الكريمة النيرة وفي رحاب قدسية يجسدها معلم تاريخي، تعود جذوره إلى عبق السنين الخوالي،  إلى عاميات وطنية، وأحداث جامعة، تعمدّت خلالها بثقافة الوعي الأصيل، مقرونة بمبادرات التضحية والوفاء والتقدير.

          وليس غريباً أن نلبي واياكم  رغبة القيمين على الحركة الثقافية في انطلياس، لحضور هذه الأمسية، وهي مبادرة تجسد بطابعها العام، الوفاء والتكريم لكتّاب أبحروا في شلالات الفكر على اختلاف انواعه، للعبور وعبر هذا الصرح الى رحاب الوطن كل الوطن.

          ولعل أجمل ما في ذاكرتنا المتحركة، هو العودة الى الوراء، إلى الطفولة المسكونة ببراءة  العفوية، بذكريات الأماكن التي شهدت الفتوة وبواكير الصبا. ولأن المسافة بين الأمس واليوم هي كرمشة العين، كحلم لا يدوم ومضات، فغالباً ما ترانا في ترداد إليه، إلى حنين لا يخبو له حراك ولا يستقر له قرار.

 

          منذ اليفاع كنت مسكوناً بمرويات الماضي واحداثه ومعلوماته، ولاحقاً بعلم التاريخ، ولان حلم الأهل لا يتحقق الا بشهادة طب أو هندسة أو حقوق، ولأني من جيل يحترم رأي الاباء ويقدر تضحياتهم. أقبلت على دراسة الحقوق، ونلت شهادتها سنة 1974 من الجامعة اللبنانية، يوم كانت جامعة كل لبنان، ثم انصرفت بعدها الى ما كنت مسكوناً به، إلى وريقات صفراء، إلى حنين متجدد، وأيام دونتها كتب قيّمات، ومصنفات خالدات. انصرفت الى موارد تفيض بماضي اجدادنا، مسلمين ومسيحيين، موارنة ودروزاً، مدونات تزخر بمواقف بطولات هي رمز الوطنية الحقة، يوم كانوا لا يخرجون الى مواقع القتال الا مزودين بحفنة من تراب كنيسة سيدة  دير القمر، ولا يعودون الى بيوتهم بعد الاياب، الا لشكرها على سلامتهم وتقديم النذور لها.

          هكذا عاش اجدادنا طوال قرون وقرون، عاشوا على المحبة الصادقة، والعونة المتبادلة، والوطنية الراسخة، فبنوا قلاعاً شامخة بوجه العابثين بوحدتهم، مواجهين كل من يدبر لهم شراً، مغلّبين وحدة ارضهم وبلادهم وعيشهم المشترك بمقولتهم «بالعيال ولا بالبلاد» تاركين تاريخاً، لا تخفى معالمه، ولا يمحوا الزمن أصالته وذكرياته.

          وما هذه الأمسية التي تجمعنا في رحاب هذا الدير، دير تقيم فيه الروح أكثر من الجسد، وذكريات الماضي، أكثر من تجليات الحاضر. دير يعبق بأريج بخور الايمان والمحبة والوطنية، الا لتشهد على وثيقة التآلف والتعاضد والنضال ضد المحتل، وعلى استحضار الماضي، بكل ما فيه من مواقف العزة والبطولة والرغبة في العيش الاخوي الواحد.

          يقول ارنست رينان «ان كل شعب يجب ان يزوّر تاريخه ليصنع من نفسه شعباً  متماسكاً» ومشكلة بعض المؤرخين عندنا، انهم كتبوا تاريخ طوائفهم كتعبير عن الكبرياء الوطنية، ولا أقول انهم زوروا تاريخها ليجعلوا منها أساساً لبناء الوطن. فعلم التاريخ بحر لا حدّ له ولا قرار، يفاجئك بتناقضات احداثه، وتشعبات منهجياته، واختلاف غرضيات مؤرِّخيه. أَوليس تاريخ لبنان مثالاً نموذجياً لكل تناقضات علم التاريخ، واختلاف مدوناته، واختلاق احداثه ووقائعه؟؟

          في أويقات كتب أجدادنا تاريخ البلاد بحبر دموي قاتم أحمر، وآلت صولاتهم إلى نقع مهين، نهرب منه خجلاً في الوهاد، وكتبوه تارة أخرى، بمداد المحبة واللجين الأبيض، نستمسك به دوماً شعلة قيم ومحبة وآفاق، فكانت صناعته هي الصناعة الأبهى والأسنى، ليبقى قدر الأرز راسخاً في ثباته رُسو الجبال، شامخاً في عليائه شموخ الحرف والعَلَم وبلد اللُبان، هكذا نريد أن نكتب تاريخ لبنان ليستمر أبداً عصمة في ضمير، ونوراً في يقين.

          وحتى لا يأخذنا التاريخ إلى مكان أخر غير ما نحن فيه الآن،

          أختم شاكراً الأخوة الذين تناولوني بجميل العبارات، وخصوني بصفات اعتز بها، وان كان بعضها يغلب عليه لياقة الكلام ومجلس المقام، حتى لأكاد أشعر احراجاً، وانوء اطراءً يفوق ما أقدر عليه تحملاً، أو أتوق اليه تشوقاً، وحتى ليخيل اليَّ انهم البسوني ثوباً فضفاضاً، وحمّلوني عبئاً لا يليق الا بمن هو اعلى مني شأناً، وأوسع علماً، وأغزر انتاجاً، وأعمق معرفة والماماً.

          أشكر سعادة أمين عام مجلس النواب الأستاذ عدنان ضاهر، رفيق درب الادارة في مجلس النواب، فهو مشكي الهم ودافع الغم، وشريك العديد من المؤلفات، التي اعتز اقتران اسمي باسمه، أشكره على هذه الكلمة الأدبية النابعة من القلب، وفيها غمرني بإحساسه المرهف، وكعبه الأدبي العالي، كما غمرني سابقاً بعاطفته وصداقته العميقة، التي لا تقارب الأخوة فحسب، بل هي الأخوة عينها.

         

وكما اقترن اسم عدنان ضاهر بعلم الموازنة، وفذلكتها وتطورها، وله فيها المصنفات الطوال، كذلك اقترن اسم الأحبة في الحركة الثقافية – أنطلياس بعناوين ثقافية أصيلة ومكرمات فكرية، فأخص الأستاذ منير سلامة صاحب المقاربات التاريخية، وله فيها الباع الطويل من مؤلفات وتنسيق لمادتها التعليمية فهو المربي والمعلم والمؤتمن على تراث أصيل، ومنارة يَهتدي بها الدارسون وطلاب المعرفة واني لأقدر جهده، وجهد القيمين على الحركة الثقافية في انطلياس، منذ معرفتي المباشرة بها، من خلال مبادرتها بتكريم العلامة محمد خليل الباشا سنة 1998.

أيضاً أشكر الصديق الأستاذ نايل أبو شقرا على شهادته القيمة، واردد قولي الدائم فيه. «إذا كنا نحن معشر كتاب التاريخ نحفر على الخشب، فان نايل ينحت على الصخر».

         

وأشكر أيضاً الصديق الدكتور عصام خليفة على شهادته العفوية النابعة من قلبه الطيب، والدكتور حسان حلاق الذي واكبني في دراساتي العليا، وكان لي شرف التتلمذ عليه، كما أشكر الدكتور داوود قندولي المعروف بعصاميته وصفاء سريرته، والزميل الصديق سعادة المدير العام سيمون معوض، والسيدة الفاضلة هلا مارون داغر، والاعلامية الآنسة سارة لحاف، والأستاذ الأديب نبيه شميط ولا أخفي سراً أن قلت أنه المعروف بصقر قريش، والأباتي أنطوان ضو، والدكتور هيام ملاط.

 

          واختم مكرراً شكري للحركة الثقافية في انطلياس، للقيمين عليها ولسائر العاملين فيها. والشكر موصول ايضاً للحضور الكريم، من أبناء بلدتي نيحا الشوف، ودميت الشوف وسائر الحاضرين من أصدقاء وزملاء في مجلس النواب ومن سائر الأخوة والأصدقاء الذين تجشموا الانتقال من أماكن بعيدة وأخص بالشكر دولة الرئيس نبيه بري ممثلاً بدولة الرئيس فريد مكاري، ومعالي الوزير مروان حماده ممثلاً بالشيخ طلعت حماده ومعالي الأمير طلال ارسلان ممثلاً بالمحامي باسل ملاعب وسعادة النائبين جيلبرت زوين وشانت جانجنيان، وجميع  أصحاب السعادة الذين شاركونا في حضور هذه الأمسية السعيدة.

 

 وأنهى القول، انه يكفيني اعتزازاً اني طائر أطللت من نافذة هذا الدير، ومكثت برهة تحت قبته، وألقيت تحية محبة وشكر وتقدير وسلام. والسلام عليكم

الدكتور رياض غنام