نشاط صباحي في 8 آذار حول

تطوّر الاغنية التراثية مع السيدة

مايا حبيقة إدارة هدى رزق حنّا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

          أهمية الاغنية التراثية كانت محور حديثنا اليوم مع ضيفتنا السيدة مايا حبيقة وهي متخصصة في الغناء الشرقي وفي العزف على العود ضمن أوركسترا المعهد العالي للموسيقى بقيادة المؤلف الأستاذ شربل روحانا. تمرّست ضيفتنا في الأغنية العربية بأنماطها المختلفة من موالٍ وموشح واغنية طربيّة تحت اشراف المرحوم الأستاذ رفيق حبيقة وستتخرج هذه السنة من المعهد حائزةً على بكالوريا بالعزف على العود.

          أصدرت مجموعة أغاني مسجّلة تحت اسم "ورد" اتبعتها بمجموعة ثانية تحت اسم "عبواب حبيبي" وقد حاولت بمساعدة الملحن جاد حبيقة ان تجمع بين نمط الموسيقى الشرقية ونمط الموسيقى الغربية ونالت مجموعة "ورد" استحساناً كبيراً لدى المستمعين وحقّقت نسبة مبيع مرتفعة.

          قبل ان أُعطي الكلمة للسيدة مايا سألتُ تلاميذ مدرسة سانت لورد انطلياس عن الاغنية التي ترِدّ فيها الجملة الاسمية "فالغنى سرّ الوجود" فكان الردّ سريعاً: "أعطني الناي وغنّي" وعندما سألتُ عن مؤلّف كلمات الاغنية أتى الجواب تلقائياً: "جبران خليل جبران" ولكن تبيّن لنا انهم يجهلون اسم الملحن أي نجيب حنكش واسم القصيدة التي اقتطفت منها هذه الاغنية وهي قصيدة المواكب. حاولتُ بعدئذ تفسير هذه الجملة الأسميّة "الأغنية سرّ الوجود" لأنها تقرّبنا من الآخرين، من الطبيعة وبخاصة وهي من ذاتنا. ترافقنا في كل مراحل حياتنا. لقد ردّدنا في الصغر "تك تك تك يا ام سليمان" و "رزق الله عالعربيات" وعندما تقدمنا في السنّ أنشدنا "رجعت ليالي زمان" و "يا دارة دوري فينا" "وبالساحة التقينا بالساحة" و"طلو حبابنا طلّوا" و"عمّر يا معلّم العمار" و"عالليلكي".

          هذه الأغاني تشدّنا الى ماضٍ نستعيده بفرح او بغصةٍ والى عادات قروية بسيطة جميلة نفتقدها اليوم في حياة المدن الصاخبة. وأغلب الأحيان ننسى أنّ وراءَ كل اغنية قصّة وتاريخ ووراء كل أغنية مؤلّف وملحّن ومطرب. السيدة مايا حبيقة تذكّرنا اليوم بإنجازات بعض الملحنين والفنانين وتطلعنا على مدى تأثيرهم على تطور فنّ الغناء وفنّ التلحين في بلادنا. بدأت مداخلتها بمقارنة التراث بالفلكلور وبالتفريق بينهما واعطت لمحة عن تكوّن الاغنية التراثية وشدّدت على دور عصبة الخمسة وعلى أهمية الملحنين المشاركين فيها (عاصي ومنصور الرحباني وتوفيق الباشا وزكي ناصيف وتوفيق سكّر).

          ثم تطرّقت الى دور إذاعة الشرق الأدنى ودور الأستاذ صبري الشريف في تطوّر الاغنية اللبنانية كما نوّهت على دور مهرجانات بعلبك في انتشار التراث الموسيقي اللبناني. ورغم انفراط عصبة الخمسة وسعي كل ملحن منهم منفرداً في خلق وإرساء هوية الاغنية التراثية اللبنانية، بقيت إذاعة الشرق الأدنى ومهرجانات بعلبك من دعائم الاغنية والثقافة في لبنان.

          ثم عدّدت السيدة حبيقة أسماء الملحنين اللبنانيين اللذين لعبوا دوراً مهماً في تطوّر التراث وأضاءت على تجارب كلّ من حليم الرومي وفيلمون وهبي ثم على اعمال ايلي شويري وملحم بركات وروميو لحود ورفيق حبيقة وصولاً الى تجربة زياد الرحباني الرياديّة المعاصرة.

          تخلّل هذا العرض امثلة حسيّة من سماع موسيقى واغاني ورافق السيد جاد بعيون مايا حبيقة على العود فعلا التصفيق في مسرح الاخوين رحباني.