ندوة حول مسرح منير ابو دبس

كلمة د. نجاة الصليبي الطويل

سيداتي سادتي،

 

يكتسب النشيد الوطني في هذه المناسبة وفي حضرة هؤلاء الفنانين المميّزين، معنىً مؤثراً وكأنهم هم النشيد الحقيقي الذي يحفر عميقاً في قلوبنا وفي جذور الوطن وينطلق منها بعيداً الى آفاق الحب والأمل. فعملهم يبقى مرجعاً لكلتجدّد، وفرحاً وحباً لكل من يعرف الاستماع الى عزف الفنون في جمالياتها وتعاطفها مع الروح الانسانية.

يعزف هذا النشيد لهم وعنهم، ويتكلم عمّا أغنوا به الحياة والوطن. انهم لا يرحلون بل يبقون حولنا ومعنا نردّد أقوالهم ومواقفهم عِبرةً ومِثالاً.

 

تتشرّف الحركة الثقافية- انطلياس باستضافة فنّانين مميزين على منبرها، متحلّقين حول مسرح منير ابو دبس الذي رحل هذه السنة. (وهي التي قامت بإنتاج مسرحية له سنة1982) منير ابو دبس رائد بكل ما للكلمة من معنى فهو وضع الحجر الاساس، بالتعاون مع لجنة مهرجانات بعلبك، لمعهد وفرقة التمثيل الحديث الذي قدّم أول عمل ضمن مهرجان دولي سنة 1961.

من 1961 الى 1969، توالت اعمال هذه الفرقة.

وفي 1970 انفصل منير ابو دبس عن لجنة مهرجانات بعلبك الدولية واسس اول مسرح اختباري في بيروت باسم "مدرسة المسرح الحديث" وقدّم هذه السنة مسرحية الطوفان من تأليفه واخراجه والتي شكّلت محطةً في تطور سيرة عمله.

عندما عصفت الحرب الأهلية، سافر ابو دبس من جديد الى باريس، وعمل منذ 1978 – 1998 محترفات عديدة للممثلين في باريس وغيرها من المدن.

وقدم في هذه الحقبة عدداً كبيراً من المسرحيات اقتباساً واخراجاً في اللغة الفرنسية ونشر عدداً من الكتب. وفي سنة 1999، عاد الى الفريكة ليؤسس محترفاً للتمثيل ومهرجان  الفريكة مع ابنه جيل وقد قدّم خلاله مسرحيات عديدة باللغة اللبنانية مقتبسة عن مسرحيات عالمية مع عدد من الممثلين الشباب.

 

وما لفتَني في سيرة حياته:

·      هذا القَدَر المشترك مع الكثير من اللبنانيين والفنانين وهو التأرجح بين العيش والعمل في لبنان وفي بلد آخر. انها المعاناة التي تؤلم وتجزّئ مسيرته وإن اغنتها وعمّقتها. فقد اطلع منير ابو دبس على نظريات عديدة لمسرحيين في اعداد الممثل وفي الاخراج مثل Stanislavskiوتلميذه MeryholdوAppiaوCraigوCopeauوReinhard  وغيرهم.

·      الطموح الذي يؤرق الفنانين والأدباء في لبنان بضرورة مجاراة الحركات الأدبية والفنية العالمية، وبالأخص في الستينيات حيث شهد المسرح نقلة نوعية وكان المسرح الجديد العبثيneufيكسر التقليد ويبحث عن ماهيته، وقد سعى الكثيرون الى المساهمة في الالتحاق بتلك الحركة.

·      ضرورة تضافر مساع عديدة ومن مجالات متعددة لخلق فضاء مناسب للابداع ولإغناء عملية التجديد. فتوقفت عند الأسماء المميزة التي ساهمت في الديكور والأزياء والرقص والكوريغرافي وتصميم الأقنعة... والماكياج الى جانب مجموعة اصدقاء مثل ميشال اسمر مؤسس الندوة اللبنانية وجورج شحادة والصحافة عامة.

·      عدم الاعتراف بتفوق فنان او أديب خلال حياته ما يولّد لديه الشعور بالوحدة والعزلة والركود أحياناً. وبعد رحيله، لا يتمكن المواطنون من الاستفادة من خبرته وعطاءاته،  ولا بد هنا من المطالبة بمتحف للفنانين يجمع نتاجهم ويخلّده (مع احترامنا للمراكز التراثية والجامعات التي تقوم حالياً بهذا العمل).

 

اما في ما يختص بسيرته المسرحية فقد لفتتني استمرارية التساؤل حول النقاط التالية:

·      ضرورة وجود فرقة والتزامها بمخرج واحد او مدرسة واحدة؛ فنتوقف عند الممثلين الكبار الذين شاركوا اعمال ابو دبس منذ بداياته، مع ما يولّده هذا "الترهّب" من تقولب في اداء الممثل، في بعض الأحيان، او هزات خلافية كالشرخ الذي جرى مع انطوان ملتقى، أو المشاكل التي واجهت بعض الممثلين في توقهم للمشاركة في أعمال اخرى.

·      الاختيار بين الطرق المتنوّعة في اعداد الممثل وتطوّر عمله مع الفرقة ومع المكان.

·      ازمة ايجاد امكنة وصالات في لبنان لتقديم المسرحيات.

·      مشكلة النص المسرحي واللغة المستخدمة، وقد عانى ابو دبس لايجاد لغة غير اللغة الفصحى الخطابية وغير المحكية التي تشكو من الخفة، فتتمكن من التفاعل مع المشاهد دون الوقوع في المسرح الاكاديمي التعليمي او في المسرحيات الاستعراضية او الهزلية.

وكانت محاولات عديدة للترجمة وايجاد هذه اللغة الجديدة الخاصة بالمسرح فكانت ترجمات لادونيس وخالدة السعيد وأنسي الحاج وانطوان كرباج...

 

ربما هي تساؤلات، البعض منها ثابت وعام، ولكن قسم كبير منها مرتبط بمعاناة المسرحيين في لبنان الذين يحاولون فرض وجودهم وتطوير المسرح بمجهود شخصي.

 

لم يستطع المبدع منبر ابو دبس التفلّت من جذوره، فعاد لقريته يعليها ويقرن اسمه بها فتصبح الفريكة منصة عرض شاسعة، لحيوات وشخصيات تُردّدها اوراق الشجر مع الحان النسمات، كلماتٍ ومشاعرَ مميزة تشهد لثقافة عميقة ومرهفة تشيد بنيان الفن والتراث الانساني.

                                                                     شكرا لإصغائكم

___________________________________________________

 

نعرض الان بعض المقتطفات من فيلم اعده الفنان روجيه عساف مشكورا ولكننا اضطررنا للتصرف به نظرا لطول مدته فعذرا .

أترك الكلام الآن الى مَن عايشوه وعملوا معه وتعرفوا إلى أسلوبه المسرحي ليغنونا بمعرفتهم وآرائهم.

____________________________________________________

 

      كلمة نضال الأشقر (pdf)

 

_____________________________________________________

كلمة المهندس جيل أبو دبس (pdf)

 

____________________________________________________