بمناسبة المهرجان اللبناني للكتاب، قام رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان بزيارة مقرالحركة الثقافية انطلياس، في 11 آذار 2012 وتجوّل في ارجاء المعرض ثم كان له لقاء مميز مع اعضاء الحركة حيث كانت له كلمة جاء فيها :

 

كلمة رئيس الجمهورية "ميشال سليمان"

الأحد 11 آذار 2012

 “شكرًا لكم للاستقبال وشكرًا وتهانيّ "للحركة الثقافية-انطلياس" على الجهود التي تبذلها سنويّا والمهرجان الثقافي والعلمي الذي تنظّمه منذ حوالى 30 سنة  لإبقاء لبنان منارة ثقافية ليس فقط  في الشرق الأوسط ولكن في العالم أيضاً. وتهنئتي كذلك للرهبانية الأنطونية الحاضنة لهذا النشاط ولجميع الفعاليات التي تساند هذا النشاط الذي لا يتوخّى الربح ولكن يهدف إلى نشر رسالة لبنان، رسالة لبنان الحضاريّة، رسالة لبنان التعدّديّة. هذه الرّسالة التي بتنا نشعر الآن بقيمتها، خلال السنة التي مرّت في خضمّ الاضطرابات التي تحوط المنطقة العربية، والتي تجري في العالم أيضًا، بتنا نشعر أنّ رسالتنا ونظامنا التعددي والتوافقيّ شكّلا شبكة أمان جيّدة للبنان.

يجب أن نتابع تحصين نظامنا، أيّ تحصين الطائف عن طريق معالجة الإشكالات التي اعترت تطبيقه منذ أكثر من 20 سنة حتى الآن، ليس لأخذ صلاحيات أية سلطة على حساب سلطة أخرى، ولكن لحسن توزيع المسؤوليات ولتحصين الطائف، لأنه ثبت أنّ هذا النظام هو النظام الجيد للبنان، لذا يجب تحصينه كي يبقى صالحاً لعدّة سنوات، لعشرات السنوات المقبلة.

لماذا أقول هذا؟ لأنّه بعد كل ما يحصل في العالم وظاهرة العولمة التي تزداد يوماً بعد يوم، من جراء التطور التكنولوجي وتقنيات المعلومات، نرى أن العالم ذاهب الى التعددية بشكل واضح وسريع، والتعددية ستصبح في كل الأمور وجميع الدول الى درجة أنّ المدن ستتشابه بعد عشر أو عشرين سنة. وهذه تتطلب إعادة النظر في الأنظمة كافة، وفي الأنظمة الديمقراطية لتطويرها وجعلها أكثر إنسانية وإشراك الجميع بإدارة الشأن العام ، وإعادة النظر في الأنظمة المالية، والتي ظهرت أزمتها خلال السنوات الماضية. طبعًا استطاع "لبنان" بكل اعتزاز- لأن نظامنا المالي هو إنساني أيضاً- استطاع أن يتجاوز الأزمة المالية وأيضًا النظام الاجتماعي الذي يرعى حياة الناس اليومية، والذي من صلبه الأساسي الثقافة التي ترعونها أنتم في "الحركة". أهنّئكم وأتمنى لكم دوام الخيروالتوفيق".

 

كلمة الأمين العام الاستاذ جورج ابي صالح

 

فخامة الرئيس

إسمحوا لي، بعد الاستئذان من النائب العام الأب الدكتور انطوان راجح ممثل قدس الأباتي داود رعيدي الموجود خارج البلاد، أن أرحّب بفخامتكم باسمي وباسم جميع أعضاء الحركة الثقافية – انطلياس وهذا الجمهور الكريم الذي هبّ لاستقبالكم في مقرّ الحركة الثقافية- انطلياس.

إن الحركة التي تعــــــــــرب عن  بالغ غبطتها بتشريفكم مقرّها في رحاب دير مار الياس – انطلياس حيث تعمل منذ 34 سنة ، وحيث تحظى حالياً بعناية الأب الرئيس المدبّر الدكتور ريمون هاشم ، تفخر بأنها تمكّنت على مدى القرون الثلاثة الماضية من اكتساب احترام عموم اللبنانيّين ومن احتلال مكانة لائقة بين الهيئات الثقافية اللبنانية وموقع متقدم في المجتمع المدني العربي والأورو- متوسطي.

فحركتنا استطاعت تكثيف نشاطاتها وتفعيل دورها بفضل احتضان الرهبانية الأنطونية لها ودعم محيطها المباشر وفعاليّات منطقة انطلياس – النقاش لها ، وبخاصة رئيس وأعضاء المجلس البلدي الكرام، وبفضل تطوّعية أعضائها العاملين باندفاع وحيوية لخدمة الثقافة ولبنان، وفقاً لمبادىء شرعتها المسترشدة بعاميّة انطلياس وبروحيّتها الوفاقية الجامعة.

إن حركتنا مستقلّة مادياً ، فهي تعتمد التمويل الذاتي لنشاطها ، ومستقلّة بل محايدة  سياسياً ، بمعنى أنها لا تتعاطى العمل الحزبي الذي له مواقعه وأطــره ومنابره الخاصة. لكنها ليست محايدة لا فكرياً ولا وطنياً. فنحن جماعة ملتزمة فكرياً بشرعة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي باتت جزءاً لا يتجزّأ من دستور الجمهورية اللبنانية، وإننا نحرص على ترجمة هذا الالتزام قولاً وممارسة.

أما في الشأن الوطني، فالتزامنا ثابت بوحدة لبنان ، أرضاً وشعباً ومؤسسات، وباستقلال الدولـــــــة اللبنانية ووحدتها وسيادتها الكاملة غير المنقوصة ، وبقيام دولة الحق والقانون والعدالة الإجتماعية والإدارة الرشيدة والكفيّة، وبالنظام البرلماني الديموقراطي القائم على التداول السلمي للسلطة والفصل بين السلطات وتوازنها، والذي يشكّل تحديثُ قانون الإنتخاب فيه مفتاح تطوير حياتنا السياسية والعامة.

من هذه المنطلقات ، اجتمعنا من مناطق لبنانية مختلفة  لنضطلع بمسؤوليتنا الوطنية في الحقل الثقافي، بجعل حركتنا منبر حوار دائم  لنبرهن لسائر اللبنانيّين والعالم أن إدارة التنوع في مجتمعنا التعدّدي ممكنة وواجبة ومثمرة، عن طريق الحوار العقلاني الرصين والهادئ ، المهذّب واللائق والخلاّق، في مختلف القضايا التربوية والاجتماعية والاقتصادية، كما وبخاصة في قضايانا الوطنية التي لا يشكّل الوصول الى تفاهم وتوافق بشأنها أمراً مستحيلاً متى كانت الانطلاقة هي الاقتناع الراسخ بخيار العيش المشترك وبأن هذا الوطن- الرسالة يستحقّ من أبنائه جميعاَ، ولا سيّما من قياداته الواعية والمخلصة ومن نخبه المثقفة المتنوّرة كلّ جهد وتضحية.

المهرجان اللبناني للكتاب الذي صار عمره اليوم 31 سنة ، والذي تخطّى بنجاح كل الصعاب والمحن في أحلك الأيام، يسعى الى أن يكون فسحة ثقافية مضيئة في حياة اللبنانيّين تتخلّلها أنشطة هادفة الى تأكيد التشبّث  بلبنان منارةً  فكرية وببقاء بيروت عاصمة دائمة للثقافة والطباعة والنشر في العالم العربي. وقد شئناه منذ البداية برعاية رئيس فخامة  الجمهورية لأننا كنا نحرص بذلك على تأكيد الانتماء والولاء لجمهورية واحدة ودولة واحدة في مواجهة دويلات متناحرة آنذاك ، ولرئيس واحد هو رمز وحدة الدولة اللبنانية واستقلالها وسيادتها. واليوم ، تسعى حركتنا من خلال مواقفها ونشاطاتها داخل لبنان وخارجه الى ترسيخ هذه الوحدة، عبر الدعوة الى تعزيز السلم الأهلي والحفاظ على استقرار البلد الأمني والإجتماعي كضمان أوحد للنمو الاقتصادي المستدام ولرفع مستوى معيشة اللبنانيّين وتأمين مقـوّمات الحياة الكريمة لهم، وذلك لا يكون إلاً مجدّداً عبر الحوار.

إن هذه القيم والمبادئ التي توجّه عملنا تلتقي تماماً مع طروحات فخامتكم ، ومع النهج الوطني السليم والحكيم الذي تنتهجونه في تأدية مهامكم الدستورية ، بالتعاون مع أصحاب الإرادات الطيّبة.

وهذا ما يجعلنا نرحّب بكم ، ليس فقط بصفتكم الرئاسية كراعٍ تقليدي لهذا المهرجان ، إنما أيضاً وبخاصة بصفتكم الرئيس العماد ميشال سليمان بالذات ، كوننا نجد في مواقفكم وأدائكم ضمانة للحفاظ على وحدة الدولة وسلامة البلد وسلمه الأهلي واستقراره الضروري بل الحيوي في هذه الظروف البالغة الصعوبة والتعقيد والدقة التي تعيشها المنطقة والعالم ، والتي يتعيّن فيها على القيادات اللبنانية كافة أن تُحسن التعاطي مع الأحداث والتطورات بحكمة ودراية وبصبر وبصيرة ،على غراركم يا فخامة الرئيس، لتجنيب لبنان أيّة مخاطر محتملة، لا سمح الله.

 فخامة الرئيس،

 نكرّر الشكر والامتنان لكم على هذه الزيارة العزيزة علينا جميعاً، والتي من شأنها أن تعطينا المزيد من العزم على مواصلة رسالتنا في خدمة لبنان، الذي يبقى الإنسان فيه رأسماله الأثمن. وهذا الإنسان هو محور عملنا واهتمامنا في هذه الحركة.

أمدّكم الله بالصحة والعافية ومنحكم القوة والقدرة على متابعة مهامكم الوطنية الكبرى التي نذرتم أنفسكم لها. عشتم وعاش لبنان.         

   الأمين العام

    جورج أبي صالح

2012/3/11