حوار مع دولة نائب الرئيس د. إيلي سالم حول مذكّراته
كلمة د. نسيم خوري في حوار حول مذكرات د. إيلي سالم
أتُصدّقون بأنّ التاريخ يُعيد نفسه في لبنان ؟
جوابي: نعم ... لبنان ...أبداً هو السؤآل
الدكتور نسيم الخوري
إتّصل بي الدكتور عصام خليفة. قال:
أطرح عليك سؤآلاً وأنتظر جوابكب: نعمقبل معرفة بالسؤآل!!!
لم يُطرح عليّ سؤآل مشابه بعد عمرٍفي "كليّة الإعلام" حاضرت في "فنون المقابلة" مؤمناُ أنّ "السؤآل هو الحياة بينما الجواب هو الموت".
1- سكتّ لثوانٍ فقد جمعتنا كليّة التربية في حزيران 1967 تاريخ "نكسة العرب" فباريس الحداثة وثورة السربون وصولاً لانهيارات لبنان الكبرى في ال2019 وصدور كتابنا "بريق الثورة في لبنان" متضمّناً المذكرات والإنذارات والدراسات التي سبقت "العامية الكبرى".
كان مفترضاً توقيعه هنا في الحركة الثقافية بإنطلياس معجن التعبير والتغيير وَلَم.
أجبت عصام ب: نعم... ما سؤآلك؟
قال: أترعى حواراً مع الوزيرالدكتور إيلي سالم انطلياس.
2- نعم بالصوت العالي... وبضمّ الإبهام والسبابة والوسطى معك ومعه في لبنان والمشرق بل سائر المشرق.
وُلد الوزير سالم في بطرّام- الكورةبعد شقيقته البكر ميليا وأشقائه فؤآد وفوزي وأنطون وفيليب طبيب السرطان الذائع الصيت عالميّاً من هيوستن إلى كمال ونيلّي، والده أديب الكاتب بالعدل ووالدته الشيخة لميا.
سلّمه الله ترونه أمامكم شاباً يافعاً فصيحاً قويّاً مستقيم الرأي شاء أن يحتفل معنا اليوم في 5 آذار بعيد ميلاده ال 94.
وها إنّني أطلب منكم وبلطفٍ ومحبة أن نعايده وننشد له معاً بالإنكليزية وقوفاً "هابي برزدي تو إيلي :
3- نعم. يكتب سالم أنّه عند العاشرة صباحاً في 6 تشرين الأوّل 1982 تلقى اتّصالاً من القصر الجمهوري يعلمه بأنّ الرئيس أمين الجميل يسألك المجيء إلى القصر الآن.
الآن؟؟؟ مستحيل قال. الحواجز الإسرائيلية والمعابر المقفلة؟ دعها إلى الغد. أصرّ المتّصل قائلاً "أرجوك تعال الآن. ألا تعرف بأنّ الجميل هو الرئيس العنيد. كان المُتّصل وديع حدّاد الذي فاجأ سالم فأجابه فوراً: أوكي وانطلق. سائلاً نفسه: ماذا يفعل وديع هناك؟
انطلق وبدأت رحلة الألفين ومئة وتسعون ليلة وليلة شديدة الوعورة والخطورة بين 1982 وال 1988 مشاركاً بطحن تاريخ لبنان وعجنه ودعكه وخبزه فيكشف لنا الأغطية عن الأوراق والمراحل الممزقة والمحروقة بعدما تفاقمت الأحداث والمواقف والأجوبة والتصريحات وترجرج لبنان في رؤوس معظم السياسيين اللبنانيين والعرب والعالم ومواقفهم ليدمن اللبنانيون الضياع واللفّ والدوران والإحمرار والعجز حيال تشعّب الأوراق والمضامين والألغام والإزدواجيات والمؤمرات، وها لبناننا سيّداتي سادتي يتشعّب مجدّداً أمامنا اليوم أكثر انفراطاً ممّا خبره الدكتور سالم وعانى ونُعاني منه جميعاً.
4- نعم... التقيت الوزير إيلي سالم في القصر الجمهوري لدى عودتي النهائية من باريس 1984، وكان شقيقي الصحافي والكاتب راجح الخوري رحمه الله مستشاراً في القصر. يقول سالم أنّه زمن مثقل بالمعجزات حيال المخاوف وإيجاد الحلول إذ تجمّدت عبره العلاقات الجغرافية والسياسية باستحالات الخروج من الحروب الداخلية والإنقسامات والحكومتين والتعثرات المادية والإقتصادية وأراجيح المصارف التي كانت تتلاعب بالدولار طلوعاً ونزولاً لنرى اللبنانيين اليوم بعد 40 سنة يمضغون موتهم وانهيار دولتهم ف"يتدولر" لبنان ليتقاضى نازح فيه موزّعاً قوارير الغاز 300 دولاراً شهرياً فيتساوى مع البروفسور خريج السربون في الجامعة اللبنانية.
5- نعم... معالي الوزير، بان القصر الرئاسي بعدما سلّمه الرئيس الجميل إلى الجنرال ميشال عون في بعبدا محاصراً فتهدّم في ال1989. كنتم تُطلّون منه على البحر الأبيض المتوسط و"بيروت الكبرى والضاحية" مشروع الرئيس أمين الجميّل، وها اللبنانيون يتطلّعون اليوم فقط نحو فراغ القصر المهجور بانتظار رئيس يطلّ من الضاحية على بيروت ولبنان والقرار 1701 كما على فلسطين وغزّة ودول العرب والعالم وتحديقاً بمجلس الأمن والمنظّمات الدولية، وكإنّي أراها عاجزة حائرة تضرب كفّاً بكفٍّ كما خبرها الوزير سالم.
6- نعم نلتقي الوزير إيلي سالم حول كتابه المشوّق بعنوان :In dialogue with Lebanon ,A Personal-Political Narrativeأي " في حوار مع لبنان...سيرة شخصية سياسية" الصادر عن "دار سائر المشرق" في ال 2023عبر 214 صفحةلصاحبها الصديق انطوان سعد الناشر والمثقف الذائع والحضور الذي يُذكرني اسم داره بمقر بطريركية إنطاكية وسائر المشرق التي ضمّت قرية الكفير مسقط رأسي فقط في جبل حرمون إليها لقصّةٍ تُروى. أفخر بك انطوان .كنت من أبرز طلابي الأذكياء والأنقياء في كلية الإعلام والتوثيق ، الفرع الثاني، في الفنار.
يهتدي القاريء هنا إلى سيرتي الوزير سالم الشخصية والسياسية: الدكتور المُتخرج من جون هوبكنز في أميركا والأستاذ الجامعي والعميد ورئيس جامعة البلمند والحافلة خزائنه بالأدوار والأسرار اللبنانية والسورية والسعودية والأميركية إلى علاقاته الشخصية الوثيقة ولقاءاته مع دونالد ريغن وفيليب حبيب وريتشارد مورفي وجورج شولتز وحافظ الأسد خصوصاً الذي "كان يتشاور معه شخصياً ويومياً ويُصرعلى أن يكون الوزير سالم في كل اللجان اللبنانيةـ السورية الساعية إلى التنسيق السياسي والأمني بين البلدين"، وصولاً إلى الأخضر الابراهيمي ورفيق الحريري مبعوثاً من الملك فهد حاملاً بذور فكرة الطائف، ولقاءاته مع هاني سلام رجل الأعمال اللبناني في لندن في ال1987 طالباُ منه إقناع الرئيس السوري حافظ الأسد بالقبول باتفاقية 17 أيار 1983 بين لبنان وإسرائيل التي كان الأسد قد عارضها بقوة.
7- نعم كنّا نتابع خفقان قلب لبنان عندما كانت السلطات الإعلامية تُشارك السلطات الأخرى. كنت أحد مسؤولي "مجلّة المستقبل" رائدة الصحافة المهاجرة إلى باريس. مقرّها كان في شارع جورج الخامس المحاذي لفندق" البرانس دو غال" الذي أقام فيه العميد ريمون إده. تدفّق نحو المقريّن بين 1976 وال 1984 ، معظم سياسيي لبنان وهناك تعرّفنا إلى العديد من الشخصيات العربية واللبنانية التي عاشت تفاصيل الوصول إلى إتّفاق الطائف 1989. انتقل الرئيس رفيق الحريري مُقتنياً مجلّة المستقبل رحمه الله مهندساً بل حاملاً المستقبل سلاماً مُعلناً إعادة إعمار "بيروت المدينة العريقة للمستقبل" الذي تحولأ إسماً لصحيفة المستقبل وتلفزيون المستقبل وإذاعة المستقبل وتيار المستقبل جامعاً الّلبنانيين ومُعلناً بالصوت العالي وفقاً لدستور الطائف بوقف العد بين المسيحيين والمسلمين ليُودع أحلامه في ساحة "الداون تاون" التي رأيتها وقد نسيت إسمها الجديد وعادت ساحة للشهداء والشهداء الأحياء في الجمهورية المقطوعة الرأس والمشلولة الأطراف والألسن.
نعم. كانت مجلة "المستقبل" في باريس منتدى للسياسيين ومطابخ للأخبار والأدوار والأسرار التي عاشها وخبرها إيلي سالم وغيره مسكونين بقلق المهمّات واللقاءات الصعبة بل شبه المستحيلة من تاريخ لبنان الموسوم باتفاقيتي 17 أيار 1983 بين لبنان وإسرائيل وبدايات اللقاءات السريّة لاتفاق الطائف الذي خبر تفاصيل تجهيزه غير المُعلنة الوزير سالم ولو أنّها تفترق كثيراً عمّا دوّنته في لقاءات مع الرئيس حسين الحسيني رحمه الله الذي يحدّثك عن تسلّمه وثيقة من الأباتي بولس نعمان تعود إلى حزيران 1977 ولقائه معه إلى التجاذبات حول أفكار ومشاريع تقسيم لبنان واللامركزية الإدارية أو الفدرالية والمؤتمر الوطني العالمي والمجلس الرئاسي الطوائفي أي فكرة رئيس ماروني و6 نواب رئيس غلى سبيل المثال.الخ.
سألته الحسيني عن سبب حصر النواب المسيحيين في الترويج لاتفاق الطائف والدفاع عنه أن قال: "المسيحيون تمسّكوا بكلّ مقعد في الطائف من رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان والوزارات والإدارات وغيرها لكنّنا انتزعنا منهم صلاحياتهم... ولهذا السبب أوكلنا الأمر إلى النواب جورج سعادة وإدمون رزق وبطرس حرب وألبير منصور الذي نشر كتاباً بعد تلك المرحلة بعنوان:"الإنقلاب على الطائف".
8- نعم أسأل هنا عن سرّ الصدفة في جذب القصور لإيلي سالم المستقيم الرأي بذاكرته ومرحه لكن بغضبه المشهود حتّى الإنفعال حين يُهان لبنان أو اللبنانيين بحضوره:
يروي الوزير إيلي سالم كيف هجم على عبد الحليم خدّام أبي جمال ولقّنه ضرباً مبرحاً في مكتب سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية لتطاوله وتحقيره المستمر للبنان واللبنانيين. إتّصلت بالوزير سالم أستمزجه إمكانية إيراد القصة في هذه الورقة فجاءت ضحكته من بطرّام كالرعد موافقاً وكأنّه يجيبني من الغرفة الثانية بمنزلي.
وضحك الرئيس الأسد عميقاً عندما أخبروه بالقصة.
وقال سالم خذ هذه الثانية:
"مرّةً كان بحوزتي وثيقة باللغتين الإنكليزية والعربية. طلبها منّي الوزير السوري فاروق الشرع فأعطيته النسخة العربية لكنّه طلب الوثيقة بالإنكليزية فرفضت، فما كان منه أن سحبها بخفّةٍ من بين يديّ وركض، لحقت به وأمسكته بشعره وطرحته أرضاً وانتزعتها منه بالقوة. هذا هو الوزير سالم "القبضاي" أمامكم طويل القامة والهامة سالماً ليسلم لبنان.
نعم ضحكته تصدح برجلٍ رائع وفهيم ونظيف وقوي دمغته الكرامة والعدالة هذا الذي ولد ونشأ مع أشقائه الستة في قرية بطرّام حافظاً نهج والده المرحوم أديب سالم الكاتب بالعدل في الكورة.
9- الإعلان عن مخطوط كتاب بعنوان: إتفاق الطائف مات في عامه الثالث"
عهدت إلى طالباتي وطلابي في كليّة الإعلام والتوثيق وخلال عامٍ جامعي كامل بعدما قمنا بمناقشة الطائف، بإجراء مقابلات حول احتفالية الطائف وفيها: سليم الحص، إدمون رزق، محسن دلّول، جورج سعادة، جميل كبّي، محمّد بيضون، زكي مزبودي، عثمان الدنا، بيار دكّاش، سايد عقل، نائلة معوّض، نسيب لحود، منيف الخطيب، نجاح واكيم، محمد حسين فضل الله، سمير جعجع، جان حوّاط، المطران رولان أبو جودة، جورج عبد المسيح، عصام النعمان، المطران جورج خضر، نصري الخوري، الإمام فيصل السيّد، إنطوان نجم، روجيه ديب، كريم بقرادوني، كريم مروّة، منح الصلح، الشيخ أحمد كنعان، المطران أندريه حدّاد، حسين القوتلي وغيرهم واللائحة تطول. تيقنّا واكتشفنا أن معظم سياسيينا كانوا خارج الطائف وكأن الطائف لا روح له. وبحوزتي مخطوطة بعنوان: "الطائف مات في عامه الثالث"، 220 صفحة، لم تُنشر ولطالما أعلنت من على الشاشات وأُعلنها بأنّها أكثر من وثيقة ضرورية للنشر.
10- لماذا رحل حسين الحسيني دون الكشف عن وثائق مؤتمر الطائف ومحاضره ومداولاته ولقد أثقل الإلحاح في خطب السياسيين والإعلاميين واللبنانيين مطالبين بكشف المستور؟
يبدو بأن إماطة اللثام عن المستور تفضح هذا الغسيل غير النظيف الذي نعاينه منذ ال1989. مات بعض نواب الطائف الذين انتخبوا في ال1972 واستمروا في التجديد لأنفسهم حتى ال1989، ليعيّنوا هم بعد عودتهم من الطائف نوّاباً حلّوا في مقاعد المتوفّين، وأكثر من ذلك أجروا انتخابات برلمانية في العام 1991 قاطعها المسيحيون لتنكشف العيوب والكوارث التي أوصلتنا حيث نحن اليوم. مات نواب وصمت نواب أو خرسوا وظهر فجور نواب وخاف آخرون وفاحت روائح المال وشراء الذمم وتعللّ الوطن والمواطنين.
هل صحيح بأن يُعيد التاريخ نفسه؟
عضو الهيئة العليا للإشراف على الإنتخابات البرلمانية / عضو الهيئة الإستشارية في "الدفاع الوطني"/أستاذ مشرف في المعهد العالي للدكتوراه. This e-mail address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it. -
___________________________________________
كلمة الصحافي أنطوان سعد في الحوار حول مذكرات د. إيلي سالم
السيدات والسادة،
ليس في لبنان اليوم مَن يجسّد فكرة لبنان وتطلّعاته وأحلامه وخيباته وانبعاث طموحاته بقدر إيلي سالم، أو قل إن إيلي سالم هو "لبنان من جديد". ففي كتابه الذي نحن في صدده اليوم "حوار مع لبنان: سردية شخصية-سياسية"، نراه يكبر مع دولة لبنان الكبير، المولودة قبله بسنوات قليلة، بطموحات ابن الريف اللبناني المتجذّر في زيتون بطرّام، والذي تحفّزه باستمرار لازمة "ادرس، ادرس، ادرس"، على اقتحام الحياة وبيروت وجامعتها الأميركية ونوادي الطلبة وحركات التحرّر العربية، قبل تسخيرها لمشاريع وزعامات، ومرفأ نيويورك ولو أنه كان سيقفل راجعًا منه احتجاجًا على اتّهامه بالشيوعية، فسنسيناتي، فواشنطن، ليعود مكلّلًا بالدكتوراه ومصحوبًا بعروسه الأميركية.
بعد الاستقلال بقليل، اقتحم ميدان التعليم، وحراك الستينات وغليان بيروت، وبداية ذوبان الطموحات القومية، وانحراف المقاومة الفلسطينية عن طريق القدس إلى بيروت فجونية. حتى استعرت نار الحرب حاصدة أصدقاءً وأنسباء فتّش عنهم وحاول مساعدتهم، نجح في إنقاذ بعضهم ولم يتمكّن من إنقاذ بعضهم الآخر متولِّيًا الدور الصعب في إيصالهم ضحايا إلى ذويهم. في الحرب، لم يضع تركيزه عن الخط اللبناني الأصيل الذي ابتدأ في المجمع اللبناني سنة 1736، حفاظًا على جودة التعليم وديمومته رغم جولات القتال والدمار.
بعد اندلاع الحرب بقليل، اقتحم معترك السياسة بذهنية الأستاذ الذي يفترض ببشير الجميل أن يتأثَّر به لا العكس، فالواثق بنفسه سياسيًا كان أم أكاديميًا، يعلم متى يجب أن يصغي ومتى ينبغي الإصغاء إليه. وكان أول ما عليه مواجهته هو أصعب مشكلة على الإطلاق، والمتمثّلة -فقط- بإخراج القوات الإسرائيلية والسورية والفلسطينية من لبنان. وقد بدا الأمر للحظة ممكنًا، ولربما كان الأمر ممكنًا، لو توافر جيران أفضل، ورياح ملائمة وعناصر ناقصة وإرادات حسنة، وحبة خردل إضافية من حكمة القيادة. فولد ميتًا اتّفاق جلاء القوات الإسرائيلية الذي سمّاه الغالبون زورًا "اتّفاق 17 أيار".
بعد انهيار دولة ما بعد الاستقلال بقليل، كان لا بد من عقد اجتماعي جديد يعيد رسم صيغة جديدة لحكم لبنان تستلهم الميثاق الوطني وتجدّد شبابه تُشرِكُ فئاتٍ شعرت بأن الصيغة السابقة ضاقت عليها أو تشدّد الأوصياء عليها في المطالبة لها بثوب أوسع كي تبرّر سيطرتها عليها. فكانت ورقة سالم-الشرع التي شكّلت قاعدة أساسية لوثيقة الوفاق الوطني في الطائف، كما تشهد سيرة العلّامة حسن الرفاعي حارس الجمهورية.
بعد اندلاع انتفاضة 17 تشرين بقليل، ورغم استكانتها مرحليًا على الأقل، لم يستطع إيلي سالم إلّا أن يفي بنذر حمل صليب لبنان وتحمّل مسؤولية البحث عما يعطي الفكرة اللبنانية تجربة أكثر نجاحًا وقدرة على ترتيب أوضاعه، فكشف في "حواره مع لبنان" نظرته إلى مستقبله ومستقبل صيغته.
هذه هي أهم مراحل حياة إيلي سالم التي تجدونها في هذا الكتاب "حوار مع لبنان: سردية شخصية-سياسية"، الصادر بكل اعتزاز عن دار سائر المشرق.
لا يمكن فهم عبارة "اللي ما عندو كبير يجيب كبير" إلّا عند معاشرة الكبار والانغماس في أخبارهم وتجاربهم. فهذا الرجل المنتصب بحيوية ونشاط وتوقّد ذهن إلى حد الإبهار، قبّل وجناته شارل ديغول قبل أكثر من ثمانين سنة، وزامل جورج حبش وأصحابَه القوميين العرب واستقبل أنطون سعادة العائد من الاغتراب سنة 1947، وسامره أمسيات طوال متعرّضًا لأذى دخان سجائره وأفكاره، من غير أن ينال أيّ منهما من صحته. وتناول العشاء على مائدة جون فوستر دالس برفقة البرفسور شارل مالك، وكان من تلامذته ريتشارد مورفي وغيره من الدبلوماسيين الأميركيين، واجتمع بريغان وبوش وتاتشر وعبد الناصر والملوك فهد وحسين والحسن الثاني والرؤساء حافظ الأسد والحبيب بورقيبة وحسني مبارك... وسواهم كثيرون ممن ستجدونهم في متن هذا الكتاب المهم الذي ما أراده كاتبه إلا حرصًا على أمر واحد: إعطاء فكرة لبنان فرصة جديدة، أو كما جاء في بداية هذه الكلمة فرصة لاستعادة تجربة لبنان من جديد.
_________________________________________