ندوة حول كتاب الطبقة الوسطى: التجربة اللبنانية

تأليف الدكتور غسان شلوق

الحركة الثقافية – انطلياس

2007/11/8

 

كلمة الأستاذ الياس كساب  
كلمة الدكتور ابراهيم مارون
كلمة الدكتور روجيه خياط
كلمة د . غسان شلوق

ندوة حول كتاب الطبقة الوسطى

 

كلمة الأستاذ الياس كساب

التقديم :

انخفاض الدخل وضعف القدرة الشرائية سحبا غالبية أفراد الطبقة الوسطى نحو الفقر ....وفساد البعض دفعهم الى الثراء.

كل منا يتكلم على الطبقة الوسطى فيحار أين يضع نفسه ، يتطلّع الى الثراء ويخاف من الفقر .

فالطبقة الوسطى تحظى في معظم المجتمعات الإنسانية باحترام وتقدير كبيرين باعتبارها الطبقة التي ترفد المجتمع بالمثقفين والمبدعين في مختلف المجالات الحياتية والعلوم الاقتصادية والاجتماعية لذلك فان قوانين الدخل والضرائب تقر عادة بهدف الحفاظ على تماسك هذه الطبقة وزيادة عوامل اتساعها .

الطبقة الوسطى في لبنان تعرضت في خلال العقدين الماضيين الى انتكاسة كبيرة توسعت على أثرها  الطبقتان الغنية والفقيرة وزادت واحدة جديدة دعيت بطبقة " ما دون الفقر " .

احد  الخبراء اللبنانيين اعتبر في دراسة حول هذا الموضوع ان اية محاولة قياس للتوزع  الطبقي تصطدم :

- أولا بتبنّي تعريف موضوعي للطبقات، وخصوصا" في بلد مثل لبنان تتداخل فيه الانتماءات

- وثانيا" بغياب الاحصاءات والبيانات الاجتماعية والاقتصادية الرسمية منذ ما قبل الحرب وفي خلالها طبعا" حتى بعد انتهائها .

في ظل هذه الشروط يرتدي القياس طابع التمرين التركيبي غير المباشر وتأتي النتائج تقريبية لا بل نوعية مع هامش دقة واسع نسبيا غير أن ذلك لا يقلل من فائدتها وخصوصا اذا ما نظر اليها بدلالاتها الذاتية والمطلقة بل كمصدر للمقارنة ولسير الاتجاهات ويكون للعمل الفردي في البحث والدراسة الدور الشبه رسمي في هذا الاطار.

ايها الحضور الكريم ،

نرحب بكم في الحركة الثقافية - انطلياس في هذه الامسية لا لنتكلم  في السياسة والرئاسة والوفاق والنصاب ولا في المفردات التي تملاء الصحف وتشغل الاذاعات والشاشات ، بل لنلتقي في أول نشاط لنا في هذه الدورة مع نخبة مميزة من الخبراء والمثقفين في وطننا حول  كتاب الدكتور غسان الشلوق الصادر حديثا بعنوان : الطبقة الوسطى .... التجربة اللبنانية ".

ففي أكثر من 172 صفحة في قسمين رئيسيين قدم لنا المؤلف بحثا  معمقا عن الطبقة الوسطى ماضيا وحاضرا  .

فما هو مفهوم الطبقة الوسطى والذي يتصف بالطابع النظري الى حد بعيد ؟

ما هي الوظائف الاقتصادية والاجتماعية لهذه الطبقة ، مرورا بمكونات التحديات الحديثة ؟

ماذا أضافت التجربة اللبنانية الى هذا المفهوم ؟ وما هو واقع هذه الطبقة حاليا في لبنان ؟

كيف يتم توزيع الدخل الشهري للعائلة على الاحتياجات الاساسية ؟

عن هذه الاسئلة وغيرها أجاب المؤلف في كتابه وذلك نتيجة عمل متواصل على مقارنة المراجع وتحليل الارقام وعلى تواصل الفقرات والفصول وترابطها مدعما المعلومات والنتائج في الكتاب بالادلة والبراهين وبجداول احصائية تضم أكثر من 20 جدولا اضافة الى الرسوم البيانية .

كلمة الدكتور ابراهيم مارون

تتوزع هذه المداخلة على ثلاثة أقسام:

-       في القسم الأول، تحدث د. ابراهيم مارون عن الأهمية الاقتصادية للطبقة الوسطى، وعن الصعوبات التي يواجهها الباحث عند دراسة هكذا موضوع في لبنان.

-       في القسم الثاني من المداخلة، عدَّد د. ابراهيم مارون 13 نقطة في هذا الكتاب، أبدى إعجابه حولها، نذكر منها:

o       الدراسة الموثقة جداً التي يتضمنها الكتاب حول نشوء الطبقة الوسطى وتطور مضمون مفهومها بدءًا بالمجتمعات المغلقة حتى يومنا هذا.

o       العرض بدقة لكافة التقنيات والمعايير المستخدمة حالياً لتحديد الطبقات الاجتماعية، ومنها الطبقة الوسطى، فضلاً عن النقد الموضوعي لهذه التقنيات والمعايير الذي قام به الدكتور شلوق في هذا الكتاب.

o       دراسة تطور انفاق الأسر في لبنان على مدى 41 عاماً (1966 - 2007).

o       دراسة تطور هيكلية موازنة الأسر في لبنان بين (1966 - 2007)

o       تحليل الدكتور شلوق للدور الاقتصادي والاجتماعي للطبقة الوسطى.

o       ارتكاز هذا الكتاب على دراسة بيبليوغرافية من 106 مراجع علمية وعلى دراسة حقلية بالعينة غطت كل المحافظات اللبنانية.

-       في القسم الثالث من المداخلة، أبدى د. ابراهيم مارون تحفظه حول رقمين وردا في الدراسة، واحد يتعلّق بنسبة ما تشكله الطبقة الوسطى، أي 54.4% من الأسر في لبنان، والثاني حول نسبة الطبقة الميسورة (2.8%)؛ وأعطى بعض الأسباب لهذا التحفظ. إلا أنه عاد وقال انه لا يحق له التأكيد على صحة هذين الرقمين أو على عدم صحتهما، إلا بعد انجاز ستة أنواع من الدراسات الاقتصادية والديموغرافية حول هذا الموضوع. وعدد هذه الدراسات.

بالنهاية ركَّز د. ابراهيم مارون على المنفعة التي سيجنيها الباحثون والطلاب في العلوم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمثقفون أيضاً، من قراءة هذا الكتاب.

كلمة الدكتور روجيه خياط

سرّني جدّا قراءة "الطبقة الوسطى"، ويسعدني ان اتكلّم عنها، لاني اشاطر الدكتور الشلوق القناعة انّ تعافيها هو الحلّ الوحيد لخلاص لبنان من كبوته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعودته الى المكانة التي يستحقها في عداد الدول "الصاعدة" [1]

ان غياب الطبقة الوسطى في عصور الظلمة، لا يدل على مجتمعات مختلفة بتكوينها الطبقي واسس تفاعلها الاقتصادي والاجتماعي، بل الى مجتمعات ناقصة، يشكل غياب الطبقة الوسطى فيها ظاهرة مرضية تستوجب العلاج.

هل ان المنهج العلمي يؤدي الى اكتشاف الحقيقة؟ وهل من حقيقة ثابتة في عالمنا هذا؟ الم يكن بالاحرى اسلوب بحث ينطلق من فرضية ليفسّر في زمن ومكان ظاهرة من الكيان، وتحلّ مكانه فرضية اعمق عندما تتعثر الاولى على ابواب المعرفة؟

ان ظاهرة الطبقة الوسطى في لبنان اطروحة في ضمير الكاتب منذ زمن بعيد، لانه يعيرها اهمية بالغة لما حصل في لبنان، ويعتبرها اداة خلاصه من المحنة؛ وقد انتج الكتاب عندما اقترنت الفرضيّة بالواقع وتمكن من اثبات ذلك بشكل لم يقبل الجدل. وتطوّر البحث ليصبح نظريّة اقتصادية اجتماعية شاملة. ان الجزء الاول من الكتاب  هو برأينا الجزء الثاني  ، الذي يطرح في المطلق مفاهيم ووظائف الطبقة الوسطى "الطبقة الفضلى" في المجتمع، ولكل مجتمع.

وسواء في الواقع اللبناني او على الصعيد العام يوحي الكاتب بذلك ويعلله دون ان يؤكده، تاركا لنفسه وللقارىء متابعة البحث. لذلك فان كتاب "الطبقة الوسطى" لايزال، وفقا لرغبة الكاتب، مفتوحا للاجتهاد.

ونرى من المفيد سلوك المنهج ذاته الذي سلكه الكاتب في بناء النظرية، اي الانطلاق من الواقع في لبنان.

فمن هي الطبقة الوسطى في لبنان؟ هنالك معيار الثروة عبر امتلاك المواد الاستهلاكية المعمّرة والاجهزة الخدماتية للاسرة، ومنها ما اصبح اليوم الربط بالانترنت من الضروريات؛ ومعيار الدخل والانفاق؛ وابواب الانفاق حيث تستأثر الصحة والتعليم تقريبا بثلث ميزانية الاسرة الوسطى؛ ومرونة الاستهلاك، حيث تعتمد على عامل استبدال كثيف في معظم المجالات، يساعدها على حسن الاختيار، والاستفادة اكثر من القدرة الشرائية لمداخيلها. اما الدخل، فينطلق من "حد الكفاية" ليصل الى كفاية "واسعة، مريحة".

ان ابناء الطبقة الوسطى هم اكثر انفتاحا على التقنيات، يمارسون بكثافة المهن الحرّة، ويشكلون "الكادرات" في المؤسسات، حيث هم من يمسك بالقرار داخلها، وهم المحرّك الرئيسي للحياة المجتمعيّة.

نستنتج من هذا التحليل، نزولا عند رغبة الكاتب، امورأ ثلاثة:

اولا، ان ابناء الطبقة الوسطى يعملون بانتاجيّة عالية، جعلتهم "كادرات" بمؤسساتهم، وامّنت نجاحهم في المهن الحرّة. وينتج عن ذلك ظاهرة اقتصادية في غاية الاهمية: كلّما انتشرت الطبقة الوسطى، ارتفعت الانتاجية الشاملة لعوامل الانتاج[2].

ثانيا، ان مداخيل الطبقة الوسطى هي من طبيعة الاجر، حتى في المهن الحرة، لانها تكافئ نشاطا فكريا او عملا فنّيا، وليس الشهرة و/او الراسمال. وبهذا، ينمّي عمل الطبقة الوسطى الناتج المحّلي مباشرة[3].

والثالث، ان خط الكفاية للطبقة الوسطى يبدأ عند تأمين رغبتها كاملة بتعليم ابنائها.

كلمة د . غسان شلوق

كلمتان بسيطتان في ختام هذا اللقاء : الاولى من القلب عربون شكر وتقدير للحركة الثقافية - انطلياس رعاة وهيئة ادارية واعضاء ، وهي الحركة التي تعطي الثقافة بنجاح مميز  بعدا" وطنيا" وانسانيا" متقدما" . للزملاء والاصدقاء المحاضرين الذين وفروا ، كل من موقعه ، ادوات نقاش علمي عميق في وقت تشتد فيه علينا جميعا" وقائع هستيريا الديموقراطية ( او ديموقراطية الهستيريا ) . لزملائي واصدقائي الكثر هنا هؤلاء الذين اتقاسم معهم هموم الحاضر وتطلعات المستقبل  . لأهلي وابناء بلدتي وادي شحرور والجوار الذين لهم مني جميعا" كل محبة واحترام .

الثانية من العقل وفيها نفيان وحتمية واحدة : الاول ان الحديث على ان التسوية السياسية يمكن ان تنتج لوحدها حلولا" اقتصادية اجتماعية واسعة حديث خاطىء وساذج . الثاني ان معالجات جزئية للمشاكل المعيشية لن تكون كافية بالتأكيد .  اما الحتمية ففي ان الحل مطلوب بالحاح لتلافي الانهيار وان هذا الحل لن يقوم الا على رزمة شاملة من البرامج وعلى تعديلات جوهرية في السياسات بكل مفاصلها السياسية والاقتصادية الاجتماعية والمالية وسواها .

املي ان يساهم هذا النص في توضيح المشكلة  وفي تنشيط ( والتحريض على ) البحث عن حل .

والمهم ان يستفيق اللبنانيون .


[1] Emerging countries
[2]Total Factor Productivity (R.Solow)
[3] Monnaie, Salaire et Profit, B.Schmitt. « Les salaires nominaux représentent la totalité du Revenu National; tous les autres revenus sont dérivés »