"دفاعاً عن الاستقلال"

كلمة د. عصام خليفة

كلمة المحامي عبد الحميد الاحدب

كلمة الأميرة حياة ارسلان

كلمة الأستاذ خالد غزال

كلمة سعود المولى

كلمة مروان معلوف

كلمــة للمحامية نـاديـن موسى

 

 

كلمة د. عصام خليفة في الحركة الثقافية – انطلياس

"دفاعاً عن الاستقلال"

18/11/2014

        في مواجهة الحروب المركبة التي عانى منها الوطن، منذ منتصف السبعينات، والتي استهدفت ضرب مرتكزات الدولة اللبنانية وانهيار المجتمع والاقتصاد والتربية، التزمت حركتنا بالتنسيق مع عدد من الهيئات الثقافية والنقابية وقوى المجتمع المدني في مناطق مختلفة ان تحتفل بذكرى الاستقلال. وقد آلينا على انفسنا ان نستمر في هذا التقليد لأن الخطر، في رأينا، لا يزال مستمراً على سيادة الدولة اللبنانية وعلى حدودها ومؤسساتها، لا بل على مقومات نظامنا السياسي والديمغرافي والاقتصادي والتربوي والثقافي.

فالجمهورية بلا رئيس منذ عدة اشهر

والمجلس النيابي يستسيغ التمديد لنفسه

والدَين يتصاعد بوتيرة غير طبيعية

والمالية العامة لا تحدها موازنة منذ تسع سنوات،

والقطاع العام يترنح تحت وطأة الامعان في تدخل الاطراف السياسية على حساب مؤسسات الرقابة، واولويات الكفاءَة، والحد الأدنى من مقومات العيش الكريم مع سلسلة السلسلة.

والاغراق الديمغرافي للاجئين السوريين والفلسطينيين على امتداد الجغرافية اللبنانية يشكل ظاهرة لم يعرف مثيلاً لها أي شعب آخر في الزمن المعاصر.

وجيشنا الباسل وقوانا الامنية تستنزف قدراتها على الحدود وفي زواريب الداخل وتتعرض لحرب نفسية قاسية خاصة من خلال العسكريين الأسرى.

ومدارسنا وجامعاتنا واعلامنا ونظامنا الاستشفائي تعاني من الخلل.

وامننا الغذائي والمائي مهدد من حيتان التجارة وحماتهم من فاسدي السياسة.

ايها الحفل الكريم،

في مرحلة تصاغ فيها خرائط جديدة للمنطقة على وقع شلالات من الدماء وتدمير منهجي لمظاهر العمران وهندسة شعوب تقتلع من ارضها في ظاهرة لم يعرف التاريخ المعاصر مثيلاً لوحشيتها.

نجد دولتنا اللبنانية مهددة في ارضها وشعبها ومؤسسات سلطتها. ويتساءَل البعض ما معنى الاحتفال بعيد الاستقلال؟ واين هي السيادة التي هي جوهر الاستقلال؟ كيف يمكن مواجهة الاصوليات الدينية اليهودية والمسيحية والاسلامية؟ وكيف يمكن قيام دولة المواطن، الدولة الضامنة لنسق الحكم الصالح. الدولة التي تصون الحرية وتحمي جوهر التنمية الانسانية، الدولة المبنية مؤسساتها على الجدارة وعلى التمثيل الشامل لعموم الناس. دولة الشفافية التي تخضع مؤسساتها للمساءَلة الفعالة، في ظل فصل السلطات والتوازن فيما بينها، من خلال تمثيل نيابي دوري حر ونزيه.

نحن في الحركة الثقافية – انطلياس على قناعة بانه لا سبيل لمواجهة الزلازل والبراكين العاصفة في مشرقنا العربي الا من خلال التمسك بالمواثيق الوطنية التي قامت عليها دولتنا اللبنانية، واحترام مندرجات الدستور والوحدة الوطنية والدفاع عن استقلال وسيادة الدولة اللبنانية ضمن كامل حدودها المعترف بها، بعيداً عن التبعية والوصاية من قبل هذه الجهة الخارجية او تلك، وبعيداً عن هذا المحور الذي يمول او ذاك الآخر الذي يغدق باعطاء السلاح.

لا سبيل لمواجهة الاخطار المحدقة الا من خلال توطين العلم وبناء قدرة ذاتية في البحث والتطوير الثقافي، والتحول الحثيث نحو نمط انتاج المعرفة في البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والانتقال من الاشادة بالاستقلال كشعار براق الى ممارسة الاستقلال في السياسة والامن، كما في الاقتصاد والثقافة في مواجهة مشاريع الوطينات المذهبية، التي هي مدخل للصراع الدموي المفتوح، نتمسك بمشروع علمنة الدولة والمجتمع والثقافة التي هي طريقنا الى مجتمع المعرفة واقامة التنمية الانسانية.

باسم الحركة الثقافية – انطلياس نرحب بالمشاركين في هذا اللقاء، كما نرحب بجميع الحاضرين.

بداية المقال

-------------------------------------------------------------------

تحدث المحامي عبد الحميد الاحدب فقال:

 

جاءت ساعة الحقيقة وصارت مناسبة 22 تشرين الثاني هي نقمة وليس نعمة لأنها التاريخ الذي خرج فيه الانتداب الفرنسي من لبنان. ولكن الذي جاء بعده هو ثلاث انتدابات: الانتداب الفلسطيني ثم الانتداب السوري ثم الانتداب الايراني ولم تعد القرارات تتخذ في لبنان ولمصلحة لبنان بل تحت الانتداب الفلسطيني في صبرا وشاتيلا وتل الزعتر لمصلحة المنظمات الفلسطينية ثم تحت الانتداب السوري في القرداحة لمصلحة آل الاسد ثم تحت الانتداب الايراني في قمّ وطهران لمصلحة المخطط الايراني في المنطقة.

كفر الناس بالاستقلال واشار الى الخبر المنشور في جريدة "الاخبار" الذي يتحدث عن زيارة سفيرة الاتحاد الاوروبي الى منطقة الضنية وهناك ارتفعت اصوات الناس: "استعمرونا استعمرونا دخيلكن". واستغربت السفيرة ولكن اللبنانيين لم يستغربوا ابداً.

 واضاف ان احسن تعريف للمكونات اللبنانية في الوقت الحاضر هو الذي اعطاه الكاتب المرحوم انسي الحاج والذي يقول فيه: "لبنان مجموعة مكونات بعضها لا علاقة له ببعضها الآخر وقد يتناقض واياه، ومع هذا تتعايش كلها في ظل تسوية قبلية ابتكرتها الظروف القاهرة".

وقال ان الطبقة الحاكمة مصنوع نصفها في القرداحة ونصفها الثاني في قمّ وطهران وكلهم "فتوش".

واعرب عن حزنه الشديد على الرجال الابطال الذي عرفهم تاريخ لبنان مثل حميد فرنجية وكمال جنبلاط وريمون اده وفؤاد شهاب وصائب سلام من هذه الطينة من امثال هؤلاء من الرجال يمكننا ان نخرج من المأزق الذي نحن فيه.

وانتقل الى وصف الحل فقال ان طريق الاستقلال يمر بالحياد واشار الى ان محمد شطح قبل اغتياله بثلاثة ايام تحدث ساعة كاملة في الاذاعة عن الحياد الذي يخرجنا الى الاستقلال وقال ان المسيحيين كانوا دائماً من دعاة الحياد واصبح السنة اليوم يرفعون شعار لبنان اولاً كلهم  ايضاً مع الحياد، وجزء لا بأس به من الشيعة. فليكن استفتاءاً على الحياد يشترط لاقراره 75% ويدرج حينئذٍ في الدستور وتبرم معاهدات مع الدول للاعتراف بهذا الحياد.

واقترح اخيراً ان تتكرر تجربة التظاهرة المليونية فتنزل الملايين الى ساحة الشهداء وساحة رياض الصلح وتبقى هناك كما بقي المصريون في ساحة التحرير ولا يخلون الساحات الاّ بعد اسقاط نظام "القرداحة- طهران" وتعيين حكومة مؤقتة تشرف على استفتاء عن الحياد واذا نجح الحياد في الاستفتاء فلا يعود بإمكان اي طائفة الارتباط بأي دولة اخرى كما هو حاصل الآن ونعود الى الاستقلال الصحيح.

بداية المقال

 

-------------------------------------------------------------------

 

دفاعا عن الإستقلال

الحركة الثقافية-انطلياس

الأميرة حياة ارسلان

 

أنا مواطنة لبنانية،على صورة ومثال الغالبية الساحقة من اللبنانيين واللبنانيات أعيش الإستقلال بمظاهر تحمل ذكرياته وأعيش الخوف من إمكانية خسارته وأحيا على أمل تثبيته وتحقيق أهدافه

كيف لا ونحن نحتفل بعيد استقلال دون عرض عسكري لقواتنا المسلحة الباسلة، ودون رئيس للجمهورية.

في حياتي الخاصة، أعيش الإستقلال يوميا، صورا معلقة على جدران منزلي وبعض الأسلحة والعتاد التي جهزت للمعركة في بشامون والتي أبرزها فخرا وتعلقا وأصونها بعناية خوفا من  عبث الزمان بها وتعريضها للصدأ والخراب.

 

إلا أني، وفي كل يوم جديد، وأنا أتأمل هذه القطع الأثرية، أتطلع وأفكر وأتساءل، كيف لنا أن نمارس استقلالنا، كيف نصونه وبأي التزام نتعاطاه؟ ونحن، وللأسف البالغ، نرى استقلالنا حكما للإقطاع والإقطاعيين، وتقاسما للغنائم بين ملوك الطوائف، وتحاصصا واتفاقا علينا.

 

كيف نقنع اللبنانيين بصيانة استقلال، وهم يشهدون قوانينهم ومؤسساتهم في حالة تحلل واهتراء لا توصف، مجلس نواب لا يمثل إلا نفسه، ممدد لنفسه بعكس منطق القانون والدستور والتاريخ والجغرافيا، حكومة عرجاء تجمع متناقضات لا تلتقي.

 

كيف نقنع اللبنانيين بأن الصيانة مسؤوليتهم، في غمرة انشغالهم بالصمت والهجرة النهائية، والتفتيش عن حلم ضائع وراءالبحار.

 

كيف نقنع اللبنانيين بأن الثورة حاجة ومطلب، وليس عارا أو عيبا، بل العيب أن نقبل التسلط والظلم، العيب أن نقبل الفساد والإفساد، العيب أن نقبل بمن يستخف بمصيرنا ويستعملنا أدوات لتحقيق مصالحه.

 

كيف نقنع اللبنانيين بأن الطبقة السياسية التي تؤبد نفسها غصبا عن شعبها ليست قدرا وبأنهم هم اللبنانيون قادرون على التغيير.

الثورة بأوجه متعددة هي الخلاص، الثورة الفكرية كمثل ما تعتمده هذه الندوة بارك الله في منظميها وبارك الحركة الثقافية – أنطلياس، هي ثورة على الجهل والضحالة والقيم المتهاوية.

 

ثورة النزول إلى الشارع للمطالبة والمحاسبة تماما كما نفعل نحن في المجتمع المدني الذي لايهادن ولايساوم ويرفع الصوت عاليا في الساحات.

 

ثورة تردم الهوة التي تباعد بين الشرائح الإجتماعية، تقودها نخب تسهم بعلمها وعملها على توعية وتوجيه من هم بحاجة إليهما

 

 الثورة في صناديق الإقتراع التي استلبت منا، لتحقيق ديمقراطية نطمح إليها عبر انتخابات نيابية تستند إلى قانون انتخابات يؤمن تمثيلا صحيحا لجميع مكونات الشعب اللبناني.

ثورة تفرض إنتخاب رئيس للجمهورية، بقوة الإرادة اللبنانية، دون تلكؤ ولا أعذار، ولا انتظار لكلمة السر من هنا وهناك..... ثورة تفرض إقرار قانون انتخابات يحترم رأينا وتمثيلنا

إني لا أرى استقلالا بلا سيادة، ولا ارى سيادة بلا مواطنة، ولا أرى مواطنة بدون مشاركة.

نحن نستحق وطن يليق بنا وطن العدالة والمساواة والحرية المسؤولة فلنسع إليه

 عشتم وعاش لبنان باستقلال ناجز

بداية المقال

-------------------------------------------------------------------

 

عن نجاح اللبنانيين في ضياع استقلال بلدهم

الأستاذ خالد غزال

يبدو الحديث عن الاستقلال اللبناني اليوم حديث حنين وشجن وبكاء على الأطلال، بما لا يقدم ولا يؤخر، في وقت نحتاج فيه إلى تعيين الأسباب التي كانت وراء ضياع الاستقلال، ومسؤولية اللبنانيين، خصوصاً منهم الطبقة السياسية المسيطرة، أولا عن هذا الضياع،  وما الوسائل التي تسمح باستعادته جزئياً أو كلياً.

لم يكن لبنان مستقلاً استقلالاً كاملاً منذ إعلانه. كان هناك دوماً علاقة اتصال وانفصال بين الداخل والخارج، وكان كل إخلال في التوازن أو الإنحياز إلى الخارج سبباً في انفجار هذا الاستقلال، وقد كانت الحروب الأهلية في الخمسينات والسبعينات من القرن الماضي شاهدا على اهتزاز النظام والكيان معاً.

شكلت الحرب الأهلية المندلعة منذ السبعينات والمستمرة حتى اليوم بأشكال ساخنة أو باردة ذروة الصراع بين الداخل والخارج. "كانت الحرب الأهلية لبنانية مئة في المئة وخارجية مئة في المئة" وفق تعبير صحيح للكاتب أحمد بيضون. وما نشهده اليوم من انهيار هو النتيجة المباشرة لهذه الحرب. كانت للحرب أسبابها الداخلية في الصراع على التغيير السياسي للنظام، كما كانت ميداناً للتدخل الخارجي وخوض حروب بديلة، في مرحلة أولى من أجل إنهاء الوجود الفلسطيني في سياق البحث عن تسوية للصراع العربي الإسرائيلي الذي كان يتطلب إلغاء قوى الاعتراض، وفي مرحلة ثانية  كانت صراعا بين النفوذ الإسرائيلي والنفوذ السوري، وسعي كل واحد منهما للهيمنة على البلد وإلحاقه بمنظومته. كان الاستقلال يهتز بل ويتفسخ تحت وطأة استنجاد كل طرف من أطراف الصراع الداخلي بالخارج، سواء أكان اسرائيلياً أم كان فلسطينيا أوسوريا. لم يكن لهذا الخارج أن يثبّت نفوذه من دون ان تؤمن له الممرات الداخلية اللبنانية مواقع لاقدامه. بهذا المعنى، يتحمل اللبنانيون مسؤولية في تغليب الخارج واستيطانه الداخل اللبناني على حساب استقلاله.

لاحت للبنانيين فرصتان لاستعادة استقلالهم ولو نسبياً. فمنذ الثمانينات كان البلد واقعاً عملياً تحت احتلالين، الأول اسرائيلي، والثاني سوري. كان يمكن للانسحاب الاسرائيلي عام 2000 ، والذي حصل  تحت ضغط المقاومة اللبنانية والكلفلة الغالية التي بدأ الاحتلال يشعر بوطأتها، ان يشكل فاتحة عودة استقلالية تساهم في إعادة تزخيم الوحدة اللبنانية، وتكريس الوفاق بين قواه السياسية ، لكن ما جرى بعد الانسحاب من توظيف له في في الصراع الطائفي الداخلي، أدى الى تكريس المزيد من الانقسام. اما الفرصة الثانية التي أضاعها اللبنانيون استقلالياً، فكانت فرصة الانسحاب السوري من لبنان عام 2005 والتي كان يمكن ان تكون مناسبة توحيدية بامتياز، فأضاعها اللبنانيون تحت وطأة الانقسام الداخلي والصراع الطوائفي على موقع لبنان الإقليمي وعلى نظامه السياسي. كما عجز اللبنانيون في هذه المحطة عن الإفادة من الوضع الدولي الذي كان ضاغطاً بقوة من أجل مساعدة لبنان لاستعادة حد كبير من استقلاله.

هكذا في صراع الاتصال والانفصال بين الداخل والخارج، بات لبنان منذ أكثر من عقد من الزمن أسير مشروعين اقليمين في المنطقة، وبات الارتهان لهذا الخارج وثيقاً بما يمكن القول أن الداخل اللبناني تلاشى ولم يعد مقررا، فيما باتت المشاريع الخارجية التي ربط كل استقطاب نفسه بها، العنصر شبه المتحكم بالداخل اللبناني. وما يشهده البلد اليوم هو التتمة المنطقية لما كان قد بني من اللبنانيين في تلك المرحلة.

لا يستقيم الحديث عن ضياع الاستقلال من دون قراءة الداخل قائماً بذاته. يقوم العنصر الاستقلالي في كل بلد على وجود الدولة وهيمنتها على المؤسسات جميعها. تسببت الحرب الأهلية في انهيار متماد لمقومات الدولة لصالح البنى العصبية خصوصا منها الطوائف. منذ الاستقلال، كان الصراع يدور دوما على النفوذ بين المشترك الذي تمثله الدولة وبين الخاص الذي تسعى إليه الطوائف. على امتداد السنوات السابقة كانت الدولة، اي المشترك، تتقلص وتتراجع لصالح صعود الطوائف التي زحفت حثيثا على المشترك، واستولت على موقعه، بحيث يمكن القول اليوم أن الدولة هي العنصر الأضعف في البلد، فيما تهيمن الطوائف ومؤسساتها على بنى هذه الدولة. لعل الطوائف هي التي عليها أن تفخر باستقلالها اليوم عن الدولة، وأنها وحدها صاحبة الحق بالاحتفال.

في موازاة زحف الطوائف ونهشها لما تبقى من مقومات استقلالية، كانت المؤسسات الدستورية والسياسية تشهد انهيارها المتتالي، وتفقد كل واحدة منها موقعها. فالمجلس النيابي رمز السلطة التشريعية، يمدد لنفسه من دون مسوغات موجبة. ورئاسة الجمهورية، رمز الاستقلال والسيادة، ممنوع ملؤها بسبب الصراع الطوائفي الداخلي، ولكون هذه الرئاسة قد باتت في قبضة الخارج. والسلطة التنفيذية في حال انقسام وعجز عن الفعل الا بتوافق الطوائف ورضاها. والقضاء يعيش تجاذبا وتدخلا يمنع عنه استقلاليته، والإدارة يعشعش فيها الفساد والمحسوبيات بحيث باتت عبئا على المواطن، والأمن يجري تطبيقه بالتراضي ووفقا لمصالح الطوائف. والوضع الاقتصادي والاجتماعي في حالة مزرية. يتوج كل هذه المعضلات وجود طبقة سياسية عديمة الأهلية وعاجزة عن تمثيل الحد الأدنى من مصالح اللبنانيين. فعن أي استقلال يجري الحديث.

منذ اندلاع الانتفاضات العربية، وخصوصا في الجانب السوري، اندفع اللبنانيون إلى رمي أنفسهم في أتون النار الملتهبة، فانخرطوا في الحرب السورية التي بدأت ترسل نيرانها الى الداخل اللبناني. تشكل المرحلة الراهنة من الصراع الإقليمي المعطوف على قوى الداخل ذروة ضياع الاستقلال اللبناني. فالكيان والنظام السياسي والحد الأدنى من الوحدة اللبنانية تعيش محنة ليس من المبالغة القول أنها محنة مستعصية، لأن اللبنانيين أقل القوى تأثيرا فيها، والأكثر عجزا عن الخروج منها. قد تكون أكثر المرات في تاريخ لبنان ينطبق عليه القول إن البلد على كف عفريت وإن مصيره يقع في المجهول.

لا شك ان الصورة سوداء وقاتمة، لكن السؤال عن المستقبل والأمل بالخلاص يظل واجب الوجود. هل يمكن للبنانيين الحد من المأزق اذا لم يكن من الصعب الخروج منه؟ وهل هناك قوى استقلالية يمكن أن تلعب دورا في استعادة الحد الأدنى من الاستقلال بما يبقي البلد على قيد الحياة؟ لا شك ان القوى العابرة للطوائف والمؤمنة بلبنان المستقل تعاني ضعفا وتهميشا لصالح قوى الطوائف ومؤسساتها. ليس هناك في التاريخ حتميات تقول بزوال لبنان، لكن مسؤولية اللبنانيين كبيرة جدا لمنع هذا الزوال، وأول الشروط تقوم على وجوب تكوّن قوى استقلالية فعلية، تسمح بولادة حركة استقلال وطنية مجددا، على قاعدة إعادة الوحدة اللبنانية وقيام علاقة متوازنة بين الداخل والخارج. لا يمكن تقدير المدى الزمني لهذه الولادة، فالمرحلة الراهنة لا تزال منحكمة، داخليا، الى الهيجان الطائفي والاستيلاء على ما تبقى من المشترك بين اللبنانيين. اما خارجيا فلا يزال الاندفاع في الانخراط بالحرب الأهلية السورية سيد الموقف، مما يعني ان الاستقلال اللبناني سيظل في علم الغيب.

خالد غزال

بداية المقال

-------------------------------------------------------------------

 

ندوة انطلياس، الثلثاء 18/11/2014

ثوابت الاستقلال وأسئلة اللبنانيين القلقة     (سعود المولى)

 

أول الكلام : لبنان....قبل الخلاف على صيغة حكمه ونظامه السياسي، وقبل البحث عن ما هو أنسب وأفضل له في الاقتصاد والاجتماع والسياسة، دعونا نتفق: هل هناك كيان اسمه لبنان له معنى يستحق أن نحيا ونموت لأجله..هل هناك وطن ثابت دائم نهائي لجميع بنيه...

بعد ذلك يأتي البحث عن كيفية بناء هذا الكيان: مجتمعاً ودولة..ما هو المنهج الناجح في حالة مثل لبنان حيث التعدد والتنوع بين المذاهب والطوائف، وحيث الماضي المثقل بالنزاعات الأهلية والعصبيات المتقاتلة، وحيث الواقع الجيوسياسي الذي يجعله في  قلب العالم وعلى تقاطع مصالح دوله ونزاعات تكتلاته والتقاء ايديولوجياته وثقافاته...

لقد علمتنا مواضي الأيام والأحداث ان لبنان لا يقوم الا على منهج الوسطية والاعتدال والتوازن والتوافق... وهو ما نسميه في علم الاجتماع منهج التسوية.. وكلمة تسوية كان لها وقع سلبي لدى أجيال واجيال من مثقفينا ومناضلينا الذين كانوا يبحثون دائماً عن الحسم الثوري وعن رفض الحلول الوسط إذ هي تعني التنازل والاستسلام، وكانوا ينطلقون من مبدأ جدلية التناقض ومن ضرورة حسم التناقضات لا التسوية فيما بينها..ولكننا مع الزمن اكتشفنا (وقد دفعنا من لحمنا ودمنا ثمن التجربة المرة)ان المجتمع اللبناني هو (ككل مجتمع آخر) مجتمع تسووي..والتسوية هي أصلاً في أساس كل المجتمعات.. فالعقد الاجتماعي المؤسس للاجتماع السياسي هو تسوية بالطبع ..ولا حياة ولا استقرار لأي مجتمع من دون تسويات دائمة ومتجددة..والتسويات هي أيضاً في أساس حياتنا اليومية في المنزل وفي العمل وفي كل العلاقات الاجتماعية والعائلية كما الحميمية..حتى مع النفس..والتسوية لا تعني التنازل عن حق أو الاستسلام لظلم أو الانهزام امام خصم..والتسوية ليست توليفاً هجيناً بين قوى واتجاهات ومصالح وتوجهات متنابذة او متناقضة او متقابلة، بل هي توفيق واع ينبني على قاعدة أن الحقائق الاجتماعية السياسية هي نسبيات متغيرة وان ما بينها هو سوية عامة تنتظم فيها وبها كل التمايزات والتفاوتات والتباينات.. إن مفهوم التسوية مفهوم اصيل وبنّاء في تكوين المجتمعات واقامة مصالح الجماعات بخلاف ما قد يزعمه البعض  من ان الغلبة والتغلب هي اساس المجتمعات وقاعدة المصالح..هذا من حيث المبدأ.. أما من حيث واقع الاجتماع اللبناني وطبيعة تكوينه السكاني فقد قام لبنان على مفهوم وممارسة التسوية والاعتدال في اجتماعه السياسي كما في عيشه المشترك الأهلي والمدني على السواء..ونحن في لبنان كنا وما نزال أمام واحد من اثنين: إما حمل الأهواء والمطامح والمصالح والتوجهات الايديولوجية للطائفة او المذهب أو الحزب الى حدها الأقصى الذي لا توسط فيه ولا تسوية ولا اعتدال،واما الجنوح الى التسوية، اي القبول بمفاصل اساسية ينعقد حولها اجماع او شبه اجماع وطني، ما يسمح بفتح آفاق الصيغة اللبنانية لتوليد مفاهيم ومقولات ومثالات وطنية جامعة.. المنحى الاول في مواجهة اشكاليات بناء الوطن والدولة نما وينمو في ظل أوضاع اقليمية ودولية تشجع التناقض والتنازع والتنابذ وتعظّم من قيمتها ومفاعيلها على قاعدة الغلبة والاستقواء، فتقود الى حرب اهلية مستديمة تستجر التدخل الخارجي وتكون أداة له في آن معاً.. المنحى الثاني ينمو ويسود مع سيادة قيم التوسط والاعتدال في القول والعمل، دوليا" واقليميا" ومحلياً، فيقود الى  ميثاق وطني ودستور وسيادة واستقلال...حصل ذلك في 1943 ،وفي الطائف 1989 ...

وهنا ينبغي الاعتراف بأن الاحزاب السياسية اللبنانية الحديثة لم تهضم معنى التسوية التي قام عليها لبنان، ولا هي آمنت أصلاً بوجود أو معنى أ ودور لهذا الكيان اللبناني..وهي لم تستطع بالمقابل ان تقدم بديلاً علمانياً وطنياً لهذه التسوية التوازنية الطوائفية...

كما أن الاحزاب الكيانية اللبنانية لم تنجح في تحويل الفكرة اللبنانية الى مشروع دولة ومجتمع ووطن..فهي استمرت تحكم اثر التسوية التاريخية (ميثاق 1943) بنفس عقلية مرحلة الانتداب فلم تلحظ المتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية على مستوى العلاقات بين الطوائف ومواقع واحجام وادوار تلك الطوائف... ولم تلحظ المتغيرات الاقليمية والدولية بعد العام 1973 فاستمرت بعقلية الحلف الثلاثي الناشئ إثر الهزيمة العربية في حرب حزيران 1967.. الامر الذي قاد البلاد الى الحرب الأهلية على قاعدة موازين قوى خارجية وداخلية جديدة تجمع كالعادة بين الغلبة الداخلية والاستقواء الخارجي حين ترى امكانية الانقضاض وتحقيق الحد الأقصى من مطالبها...

ان تاريخ الاجتماع اللبناني لا تختزله حالات الانقطاع والانفصال والنزاع بين المجموعات التي سكنته وساهمت في تأسيس كيانه السياسي وصيغة دولته..فالاهم والابقى هو حالات الوصل والتواصل والانفتاح والتفاعل والعيش الواحد بين جماعاته ما سهل عملية بناء التوافقات والتسويات وسعي اللبنانيين الدائم الى استئناف عيشهم الواحد بعد كل اختلال..

كما ان الدولة في لبنان ليست دولة كلية او شمولية بل هي دولة مدنية، والعلاقة بينها وبين المجتمع علاقة تكاملية تواصلية لا الغائية او استبدادية كما هي الحال في العديد من بلدان العالم العربي..فلا الدولة وصية على المجتمع تستبد به وتعمل بمعزل عن توجهاته الاساسية، ولا المجتمع بديل عن الدولة يمكن ان يحل محلها..

ان الاستقلال والسيادة في لبنان متلازمان تلازماً كاملاً مع السلم الاهلي والوحدة الوطنية...ولا يختلف اثنان على ان الاستقواء بالخارج كان مشروع غلبة في الداخل ، كما ان الغلبة في الداخل كانت وما زالت تستجر حتماً التدخل الخارجي..فالعلاقة بين المؤثرات الداخلية والخارجية التي تمنع قيام كيان وطني ومؤسسات وطنية،هي علاقة تفاعل وارتباط متبادل عنوانها العام دور العصبيات العشائرية-الطائفية كقوى نابذة على صعيد الوطن وكقوى مفككة على صعيد المؤسسة الوطنيات وأولها القوى العسكرية-الامنية...كما ان الوحدة الوطنية لا تحصل بالغلبة والسلبطة من قبل فئة على فئة وانما تأتي من خلال البحث الدائم عن تسوية مبنية على التوازن وعلى ما أمكن من العدالة..وهذا البحث هو الحوار الدائم الذي هو ضرورة لبنانية..

وقد أثبتت الايام والاحداث التي عشناها إن أي خلل أو اختلال في الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين يستتبع خللاً واختلالاً داخل كل طائفة ومذهب، ثم يتوغل داخل الطائفة الواحدة والمذهب الواحد باتجاه تفتت لا ينتهي ولا تُحمد عقباه..ان حماية اي طائفة او مذهب تبدأ من حماية الوحدة الوطنية وليس من نقضها او اضعافها..ولا أمن لأية جماعة طائفيةالا من خلال الأمن اللبناني الشامل..

لا يوجد مناص من ان يتفق اللبنانيون على إقامة وطن وبناء دولة يجسدها اتفاقهم هذا وتحافظ عليه..وهذا يستلزم اقامة المساواة التامة بين المواطنين تحت سقف القانون من دون غلبة او استقواء بالعدد او بالخارج..ان قيمة اي فئة اسلامية او مسيحية هي في ذاتها وليس في عددها او في من يدعمها..وصيغة الوطن اللبناني هي صيغة نوعية لا كمية وبالتالي فان معنى لبنان يأتي من انسجام تنوعه ضمن الوحدة،ووحدته في التنوع والتعدد،ومن دون ذلك لا يكون لبنان اذ يفقد معناه..

ان العنف مهما تنوعت أسبابه وحججه ليس سبيلاً لحل الخلافات القائمة في المجتمع اللبناني…فالعنف على المستوى المبدئي لا يمكن القبول به..وعلى المستوى المجتمعي السياسي الخاص بلبنان هو انتحار جماعي..اذ هو مناقض لطبيعة الاجتماع اللبناني القائم على التسوية والحوار والعيش المشترك..

بداية المقال

-------------------------------------------------------------------

مداخلة مروان معلوف - من أجل الجمهورية

الدفاع عن الاستقلال؟

اليوم المعركة تتمحور لاسترجاع الاستقلال. مع التمديد اللأول للمجلس النيابي حملنا شعارات "تمديدكم احتلال" و "الاستقلال راجع".

مع الغاء الانتخابات النيابية و سلب المواطن اللبناني ابسط حقوقه الديمقراطية المنصوص عنها في الدستور اللبناني و المعاهدات الدولية تكون الطبقة السياسية قد تخطت خطوطها الحمراء.

المعركة اليوم هي عالبديهيات و المطالبة بحقوقنا البديهية "حق الانتخاب و حرية التعبير"

وصل الانهزام بداخل كل واحد فينا ان صرنا هالبديهيات نسميها ميثاليات.

شو بدنا كشباب لبناني؟

لح بلش بشو ما بدنا

ما بدنا رئيس مجلس نواب يربط العمل المووسساتي و انتظام الوضع بالبلد و سير الامور بالدولة بال س س

ما بدنا تعين حكومة و هو امر سيادي بحت داخلي يكون مربوط بالسس

ما بدنا رئيس حكومة يطلع بتصريح يقول ان وقت ينحل الوضع النوي الايراني الامركاني بيصير عندنا رئيس جمهورية و بيتحسن البلد

ما بدنا رئيس جمهورية يطلع يقول عاشت المملكة السعودية

ما بدنا رئيس حكومة يروح عالسعودية ليصير رئيس حكومة

و لا رئيس جمهورية يروح عمصر ليصير رئيس جمهورية

ما بدنا احزاب تخبرنا ان هي اصدقاء لبلدان لان البلدان ما عندها اصدقاء عندها عملاء

الشباب بدنا الحد الادنى

بدنا بلد عنده سيادته و بيحترم شعب و بيصير فيه التخابات

ما بدنا طبقة سياسية مستقلة عن الشعب و عندها عنجهية - ما فرقاني معاها الشعب و رأي الشعب و بتبقى عالكرسي  خلافا لكل المبادء  الديمقراطية و الدستورية

ما بدنا يصير تمديد لان في وضع امني و تاني نهار بينزل 37000 بيركض بالمراتون  ببيروت

شو بدنا؟

بدنا وطن سيد حر مستقل يلي كنا عم منطالب في من يوم ما خلقنا متل اي بلد طبيعي بالكون

وصل الانهزام بداخل كل واحد فينا ان صرنا البديهيات صرنا نسميها ميثاليات

يمكن ما يطلع بايدنا هلق بس هالطبقة السياسية بكرا بدها تفل

اذا مش بالانتخابات في ساعة بيولوجية بدها توقف ما في مهرب منها

سعتها لح يستلم الجيل الجديد و نحن عم نشتغل عمنطق جديد و عقلية جديدة ز نظرة جديدة و هيدي موجودة عند العالم بس ما بدنا ان تنهزم عندهم

بداية المقال

-------------------------------------------------------------------

كلمــة للمحامية نـاديـن موسى

في اللقاء "دفـاعاً عن الاستقـلال"

 

        لقد استقر في أذهان المجتمع اللبناني ان الاستقـلال هو ما قرأناه في كتب التاريخ ويتجسد بالاستقلال عن دولة الانتداب الفرنسي عام 1943 بعد إعلان دولة لبنان الكبير سنة 1920.

        الا ان الواقع يشير انه منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا عاش لبنان عمره الاستقلالي في ظل صراعات اقليمية وحروب اهلية ونزاعات طائفية ومذهبية ما زالت قائمة ولم يعرف اللبنانيون خلالها استقلالهم الحقيقي والمرجو...

 

        أما اليـوم، في هذه الحقبة المفصلية من تاريخنا، نواجه جميعاً مخاطر مداهمة تكاد ان تطيح بمفهوم الاستقلال والسيادة وأن تحوّل لبنان الى دولة مفرغة خارج العمل الديمقراطي والقانوني والعملي والانتماء الوطني (اذ صار لكل فريق علمه وشعاره ومبادئه ومفهومه للاستقلال).

        لذا أصبح من الضروري اعادة النظر في المعنى الحقيقي للاستقلال وتوضيح مفهوم الاستقلال والسيادة والدولة حتى يصبح ترسيخ هذه المفاهيم في الوعي الجمعي اللبناني من اجل تكريسها في المنظومة المؤسسية الوطنية العامة.

 

        فالاستقلال الحقيقي لا يقتصر على تحرير الوطن من الجيوش الاجنبية او بمناعة على الحدود تمنع الاختراقات.

        بل يشمل ايضاً السيادة الكاملة في اتخاذ القرار وفقاً لإرادة الشعب وبعيداً عن اي تدخل أو تأثير أو تهديد خارجي أجنبي بطريقة مباشرة او غير مباشرة، وبما يلائم المصلحة العليا للدولة المستقلة.

 

        هذا النوع من الاستقلال يمثل ثمرة نضال وطني واسع ضد أشكال الاحتلال ومشاريعه كافة وهو مرتبط بالارض وبالشعب في آن واحد.

 

        ونحن اليوم بحاجة الى توسيع مفهوم الاستقلال ليشمل استقلال العقل والشخصية اللبنانية عن كل ما هو رجعي سواءً للاستعمار او لمسبباته واهمها الجهــل والتبعية.

 

        وإذا كانت الارض عنصر أساسي من مقومات الهوية الوطنية فلا معنى للأرض ولا للهوية دون عقل حرّ، يُمسك بأسباب التطور والبناء ولا سيما بناء الدولة في ظل السيادة.

        ولا جدوى من تحرير الأرض دون تحرير العقل.

        لأن الشعب الحرّ هو دوماً شعبٌ سيد، ولو كانت ارضُـه محتلة، فالحرية تتجاوز حدود الوطن الجغرافية لتمتد الى ما لاحدود وتطال الكرامة الوطنية.

والشعب المضلَـل هو دوماً شعب فاقد للسيادة والقرار حتى لو كانت ارضه محررة ويعيش نشوة الاستقلال الظاهري.

 

        صحيح ان اللبنانيين يتميزون بنزعتهم الاستقلالية وتوقهم الدائم للتحرر، لكنهم اليوم رازحين تحت وطأة التفقير والتهجير والحرمان والخوف والقلق وعدم الاستقرار من جهة،

        ومن جهة ثانية لا يكتمل الاستقلال إلا حين يشعر كل واحد منا انه مواطن ينتمي الى دولة لبنان المستقل وليس كما هي الحال حتى الآن فرداً له إزدواجية يجمع فيها ما بين انتمائه الوطني اللبناني وانتماءاته الاخرى المتعددة التي تأخذ أشكالاً متنوعة حسب انتماء الشعب اللبناني الطائفي المتنوع.

        وهذه الإزداوجية وضعتنا في حالة تبعية لقيادات سياسية طائفية إقطاعية، وصل الامر بالبعض منها أن تُغلّب مصالح الخارج ومصالحها الشخصية على مصلحة الوطن الأسمى، مما جعلنا نعيش حالة استعمارية استبدادية من نوع آخر يحكمنا فيها الخارج بواسطة قيادات فاشلة ملتزمة به، حوَّلت لبنان الى ساحة للصراعات الاقليمية ولم توفر جهداً إلا وبذلته للإنقضاض على مقومات الدولة والمؤسسات والشعب، مستمدةً إعادة إنتاجها في السلطة من النظام الطائفي المحاصصتي المبني على الزبائنية والمحسوبيات والاستزلام.

 

من ناحية أخرى، لا بد من التذكير إن الهـدف الاسمى من تأسيس الدولة ليس التسلّط والسيطرة انما التحرر والتطور وخاصة تحرير العقل من اشكال الخوف والقلق كافة ليستطيع الفرد بالقيام بوظيفته الطبيعية تجاه نفسه وغيره ودولته محتفظاً بقدر الامكان بحقه الطبيعي في الحياة الكريمة.

        ومن اهداف الدولة ليس إنتاج فرد خاص، إنما مواطن عالمي في خصوصيته الوطنية.

        ومن أسس الدولة تحقيق نظام العــدل القانوني لتكوين بنية اساسية مجتمعية عادلـة.

 

        نحن اليوم نعيش حالة تبعية بالرغم من غياب اي وجود سلطة احتلال او انتداب او وصاية على ارضنا.

        مما جعل استقلالنا مهمشاً مسروقاً يرزح تحت وطأة الاحتلال والهيمنة الداخلية التابعة للخارج.

 

        من هنا لا بد من التأكيد ان الاستقلال الحقيقي يتطلب أولاً قدرة الطبقة الحاكمة في الاستقلال عن القرارات الخارجية بدلاً من اعتماد سياسات انتظار ما تقرره القوى الخارجية وفقاً لمصالحها.

        وهذا الاستقلال السياسي يجب ان يتكون على مستوى الاحزاب والافراد وعلى مستوى السلطة السياسية ككل ويحتم بالتالي تطويراً جذرياً للنظام حتى الوصول الى نظام ديمقراطي متطور.

 

        كما يتطلب ايضاً الاصلاح الفكري والتربوي للمجتمع والعمل على زرع حس المواطنة الصحيح في قناعات اللبنانيين ووجدانهم واستنهاض الشعب وتوعيته الى المسؤولية الوطنية ودعوته لتغيير الطبقة السياسية التي اصبحت تغرّد خارج سرب الوطن.

 

        الاستقلال الحقيقي يتحقق من خلال حكم ديمقراطي متنوّراً صالحاً، يدعمه جيش قوي مدرّب مجهّز بأحدث الاسلحة، ويتجسد أولاً باحترام الحقوق والحريات العامة وفي طليعتها حق الشعب بتقرير مصيره واختيار ممثليه، وبحسن تطبيق القانون واعادة الحياة الدستورية وممارسة الديمقراطية الحقيقية، وبإشراك المواطنين في إنماء واعمار وطنهم نحو الرفاهية الاقتصادية والامن الاجتماعي.

 

        وهذا الاستقلال الحقيقي الذي يقرر فيه اللبنانيون مصيرهم وخياراتهم بأنفسهم لا بد له من ان يرتكز على الاسس التالية:

ـ المواطنة التي تعزّز الوحدة الوطنية.

ـ الدولة المدنية الحديثة القائمة على حق وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية لجميع المواطنين التي وحدها تؤمن السلم الاهلي والامن المستدام.

 

        هذا الاستقلال الذي نحلم به جميعاً سيتحول الى حقيقة ويصبح الاستقلال الثالث من خلال عبورنا نحو الجمهورية الثالثة التي ندعو اليه وتكون ركائزها الاساسية:

– العدالة ولا سيما الاجتماعية التي وحدها تؤمّـن الامن المستدام.

- إعادة الهيكلية للنظام السياسي من خلال مراجعة العقد الاجتماعي وإنشاء منظومة مراقبة ومساءلة ومحاسبة المسؤولين.

– الحداثة لمماشاة العصر وبث روح الإبداع.

 

        على أمل ان تكون "الثالثة ثابتة" ليعيش دوماً لبنـان، سيداً، حراً ومستقلاً.

بداية المقال