انطلياس في 2022/3/20

رقم الصادر 12/44

 

بيان صادر عن الحركة الثقافية - انطلياس

تحية للأب مارون عطالله

         مع غياب الأب مارون عطالله تخسر الكنيسة والرهبنة الأنطونية خصوصاً، والمجتمع اللبناني عموماً، راهباً يتمتّع بخصائص إنسانية ووطنية قلّ نظيرها.

         إن تقييم إنجازات الأب الراحل ومسيرته يتطلّب كتباً ومؤتمراتٍ، ولا يمكن اختصاره ببيانٍ مقتضب. هذا العمل يجب إنجازه من خلال متخصّصين يرتكزون على الوثائق والرصد الدقيق للأعمال والمواقف.

         يهمّ الحركة الثقافية – انطلياس أن تشهد على شجاعة الأب الراحل في مواجهة قوى الأمر الواقع التي كانت مسيطرة خلال نظام الحروب العبثية التي عانى منها الوطن. وأن تشهد أيضاً على الروح الوطنية الجامعة التي كانت محور اهتمامه. فهذا الراهب ابن المريجة، كان مخلصاً في إصراره على الحوار والوحدة الوطنية، وهو مع السلم الأهلي ومواجهة كل أشكال العنف. عرف أهمية الكتاب والثقافة كقاعدة لكل إنماء، ومن هنا إساهمه في نشأة الحركة الثقافية وتنظيم المهرجان اللبناني للكتاب.

         عرف أهمية التراث السرياني فعقد المؤتمرات الدورية، وقام بدعوة أكبر العلماء المتخصّصين في جامعات الشرق والغرب، وأشرف على صدور أعمال هذه المؤتمرات في كتبٍ يمكن اعتبارها من أهمّ المراجع حول ذاك التراث.

         آمن الأب الراحل بالشباب كقوةّ تغيير وبناء لمستقبلٍ أفضل. فكان المبادر نحو جمع الشباب والشابات من كل مناطق الوطن وطوائفه وأحزابه للحوار في إطار ما سماه "انتظارات الشباب". وهذه التجربة كانت غنية بالتفاعل الذي حصل بين المجموعات اللبنانية المتنوعة، مما سمح لها بالتعرُّف على تقاليد المناطق اللبنانية وجمالها بجغرافيتها المتعدّدة.

         كان الأب مارون، في أوقات مختلفة يهتمّ بالفلاحة والزراعة، فيقوم شخصياً بفلاحة جنائن دير بحرصاف على تراكتوره المفضّل، وهو بذلك يحافظ على العلاقة التاريخية بين الرهبان والأرض. وهو تأكيد على دور الرهبان وأديارهم كتعاونيات إنتاجية زراعية كانت من العوامل الأساسية لتقدّم المجتمع اللبناني في الجبل، ومن الأسس الصلبة التي سمحت لشعبنا بالصمود في مواجهة كوارث المجاعة وأطماع المحتلّين، ومحاولات الحصار بهدف الخضوع للمخطّطات الخارجية.

         ويا أيها الأب المؤسّس،

         إن الحركة الثقافية – انطلياس التي سهرتَ على نشأتها لن تنسى فضلك، وأفضال كل الرفاق المؤسّسين. وفي أول مهرجان للكتاب ستنظّمه حركتنا بعد هذه الأيام الكالحة السواد، سيكون لك فيه الحضور المشع، وستقوم حركتنا مع أصدقائها، بإيفائك بعضاً من حقك، وبإبراز غنى العطاء الكبير الذي خصّصته للشعب وللوطن وللكنيسة. إن القيم الكبرى والمبادئ التي دافعتَ عنها دائماً: العدالة الاجتماعية، الدفاع عن استقلال لبنان بما هو دولة الميثاق الثابت بين المسيحية والإسلام، والتعمّق في تراثنا المشرقي والانطلاق منه نحو الحداثة، والشجاعة في قول الحق بمواجهة كل ظلم، والالتزام بالتغيير بالثقافة ومن خلالها دفاعاً عن حقوق الانسان، كل هذه القيم وغيرها ستبقى حركتنا وفية لها بمواجهة كل المصاعب.

                                                                                      أمين الإعلام                 

                                                                                 الدكتور عصام خليفة