الدكتور الياس كساب

حضرة السادة:

-         ممثل فخامة رئيس الجمهورية اللبنانيةالعماد ميشال سليمان راعي هذا

 المهرجان معالي الوزير ريمون عريجي ،

-        ممثل دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري ، سعادة النائب غسان مخيبر  

-         ممثل دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ تمّام بيك سلام معالي الوزير رمزي جريج

-      ممثل غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وقدس الاباتي داود رعيدي

  رئيس الرهبنة الانطونية قدس الأباتي انطوان راجح

-     أصحاب السعادة والمعالي والسيادة

-     ممثلي رؤساء التيارات والاحزاب السياسية

-     رئيس بلدية أنطلياس – النقاش ومخاتيرها

-     ممثلي القيادات الامنية والعسكرية اللبنانية 

-     ممثلي السلك الدبلوماسي

-     رؤساء وممثلي الهيئات المدنية والقضائية والبلدية والاختيارية والثقافية والأكاديمية

  والفنية  والاقتصادية والأجتماعية والنقابية وممثلي وسائل الاعلام .

-     ايها الأصدقاء ، أيها الحضور الكريم ،

ترحيبي بحضوركم ،هو باسمي وباسم زملائي الذين سيتناوبون على الكلام في هذا الافتتاح ، كما نعتذر سلفا" عن أي خطأ أو تقصير غير مقصود ، فالكل بيننا اليوم في داره.

ثلاثة وثلاثون عاما مساهمة في نشر الثقافة ما هي الا ثلاثة وثلاثون عاما في بناء إنسان موطنه بلد صغير في الجغرافية ومحفور اسمه في التاريخ .

ها هي الحركة الثقافية تستمر في رسالتها من خلال  ثقافة الكلمة، ثقافة المعرفة، ثقافة الفن والإنتماء، وثقافة الحريّة والمواقف الوطنية . تؤمن بالكتاب سبيلا للمعرفة اللا محدودة في عصر المحدود، تؤمن باللحن والنغم غاية تساعد النفس على التحليق في سماء جمال الخلق، وثقافة تفكك قيود الواقع لتعود وتبني واقعاً جديدا" يليق بإنسان الثقافة والمعرفة. فهي لا تزال وفيّة لتلك الأوراق التي تجمّعت في كتاب تحمل معاني وأفكار كاتبها لتلازم القارىء في أوقات وأماكن يختارها ليختلي به،  فتستسلم بين يديه تلك الصفحات يقلّبها كيفما شاء وهي طائعة مبتسمة. فمهرجان الكتاب هو تحيّة وفاء لكل إنسان كاتب كان ام قارىء.

 

فأهلا بكم في رحاب الحركة الثقافية - أنطلياس في هذه الامسية لنتشارك سويا"  في اضاءة شمعة الحكمة والمعرفة والثقافة والحرية  وننطلق في هذه التظاهرة الثقافية الوطنية السنوية ونفتتح المهرجان اللبناني للكتاب في سنته الثالثة والثلاثين.

 

كلمة أمين المهرجان اللبناني للكتاب الاستاذ منير سلامه 

كلمة ترحيبية وتوجيهية لرئيس الحركة الثقافية ورئيس ديرمارالياس الاب المدبر ريمون الهاشم .


أيها الأصدقاء ، المهرجان اللبناني للكتاب، هو ربيع الحركة الثقافية – أنطلياس ، الدائم والمتجدد ،

ورشة ثقافية حقيقية نعيشها يوميا من الأول حتى السادس عشر، فللكتاب ساحته  والأنشطة والندوات مسرحها

والتكريم لمبدعين رسموا بأعمالهم الخالدة طرقا نحو مستقبل واعد ومشرق ومنبرها للرأي الحر والقول الجريء .

كلمة الحركة الثقافية – انطلياس  يلقيها أمينها العام الدكتور عصام خليفة .

 

الليلة في هذا الافتتاح وبعد أن أطلقت الحركة الثقافية اسم العملاق وديع الصافي استثنائيا" على دورتها الحالية ، لابد أن نستذكره بحضور وصوت أقرب وأحب الناس الى قلبه الأستاذ جورج وديع الصافي

أيها الحضور الكريم ،

كلمة راع المهرجان اللبناني للكتاب فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان ،

ممثلا بمعالي الوزير ريمون عريجي.

 

نشكر معالي الوزير على كلمته وندعوه مع جميع الرسميين والحضور الكريم الى صالة المعرض ، القاعة الكبرى لقص الشريط مفتتحا المهرجان اللبناني للكتاب في سنته الثالثة والثلاثين.

 

--------------------------------------------------------------------------------------------------

كلمة رئيس الحركة الثقافيّة الأب المدبّر ريمون هاشم
        رئيس دير مار الياس-أنطلياس



ممثّل فخامة رئيسِ الجمهوريّةِ اللبنانيّة ميشال سليمان معالي وزير الثقافة السيّد ريمون عريجي، أصحاب السعادة والمعالي، أصحاب السيّادة والمقامات، الفعّاليّات، الرؤساء العامين والآباء الأجلّاء، أيُّها الحضورُ الكريم،
من هذا الديرِ الراعي لتطوُّرِ الحركةِ الثقافيّةِ في مار الياس انطلياس ومسارِها منذُ نشأتِها، والحاضنِ لمشاريعِها التنموَيّة، والحاضرِ لاحتياجاتِ أعضائها في بلورةِ كلّ ما يُسهمُ في إنجاحِ أعمالِهمِ المشتركة، أُرحّبُّ بكم مُفتتحًا وإيّاكُم الدورةَ الثالثةَ والثلاثين للمهرجانِ اللبنانيّ السنويّ للكتاب، آمِلاً كما في كلّ عام أن يكون هذا المعرضُ الفرصةَ الذهبيّةَ التي ينتظرُها الجميعُ على أبوابِ الربيع لإرواءِ الأذهان من ينابيعِ الفكرِ الأدبيّ اللبنانيّ الذي لا ينضبُ والذي يجري في عروقِ شعبِنا على مرِّ الاجيال.


يشرِّفُني اليومَ كما في العامينِ المنصرمينِ أن أقِفَ شاهدًا أمينًا على ثمارِ أتعابِكم ونتاجِ صلواتِكم وسهرِكم الدؤوب ليكونَ للحركةِ الثقافيّةِ دورُ الريادةِ في تفعيلِ النشاطاتِ الثقافيّةِ وتسليطِ الضوءِ على بواكيرِ الأعمالِ الفكريّةِ وتجييشِ الطاقاتِ البشريّةِ لتغذيةِ القدُراتِ الإبداعيّةِ والكوامنِ الفنيّة.


وباسمكم الكريم أَودُّ أن أَشكرَ فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان بشخصِ مُمَثّلِه معالي وزير الثقافة السيّد ريمون عريجي على حضورِه المميّزِ بينَنا؛ ومن شِيَمِ فخامتِه أنّه يملأُ الفراغاتِ ويُحِلُّ الوفاقَ ويغطّي الثغَراتِ كما عهِدنا معه وفيما شهِدنا من جهودٍ سخّرها لتشكيلِ حكومةِ الوفاقِ الحاليّةِ الداعيةِ بإذن الله للانتقالِ بالبلاد إلى مرحلةٍ جديدةٍ نَتوخّاها صفحةً بيضاءَ يخطُّ عليها المسؤولونَ الجُدُدُ بذورَ الوحدةِ والوئام.


ونشكرُ فخامة الرئيس أيضًا على رعايتِه لهذا المهرجانِ كما عوَّدَنا بأن يكونَ دومًا الداعمَ الأوّلَ والمُشجّعَ للمجهودِ الثقافيّ والحركةِ الفكريّةِ أينما حلّت لإيمانِه العميقِ بأنَّ الكلمةَ الأخيرةَ تبقى للفنِّ الأدبيِّ الراقي في لبنان؛ هذا البلدُ مزّقَته الاحقادُ وتصارعَت عليه المصالحُ الشخصيّةُ وباتَ رهينةً لشتّى المطامعِ الغريبة، ولكنَّ قلبَه بقيَ نابضًا بالحرفِ الذي عرفَه فتيًّا وصدّره للعالمِ أجمع كنوزًا نفيسةً تُعمّرُ إلى دهورٍ لا تفنى اسمُها جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، ومي زياده، والياس أبو شبكة، وفيروز، والرحابنة ووديع الصافي ... وغيرهم.


ويُسعدُني اليومَ من هذا الصرحِ الكريمِ أن أهنّئَ أعضاءَ الحركةِ الثقافيّةِ على اختيارِهم لعُنوانِ المهرجان لهذه السنة وهو "دورة وديع الصافي" والذي أرادوا به تكريمًا موجِبًا لمن لا يفِه تكريمٌ، مهما عظُمَ، حقَّه من التقدير، لعملاقِ الفنِّ والأصالة، لصوتٍ رخيمٍ رتّل الأبانا ورنّم نشيدَ مريم "تُعظّمُ نفسي الربّ"، فصَلّتْ معه الحجارةُ وابتهلت لخُشوعه أجراسُ الكنائس. وديع الصافي حملَ عزّةَ لبنانَ في صوتِهِ وجُرحَ الوطنِ في قلبِه فصارَ رمزًا شامِخًا كالأرز، جذورُه في أعماقِ الأرض وأغصانُه تُجاورُ السماء؛ كانَ جبارًا في اتِّضاعِه فرفعتْه المنابرُ اللبنانيّةُ إلى سُدّةِ العظامِ الذين بذلوا فنَّهم ومواهبَهم في سبيلِ قضايا الوطنِ السامية.


عسى أن يكونَ هذا المهرجانُ تحيّةَ إكبارٍ وإجلالٍ للراحلِ الكبيرِ الحاضرِ في ذاكرتِنا وفي وِجدانِنا صوتًا يُحيي فينا محبّةَ لبنان والصمودَ في أرضه ويُزّكي فينا رغبةَ التوحُّدِ على اختلافِ هُويّاتِنا وانتماءاتِنا وشعاراتِنا.
ومُجدّدًا أرفعُ قلبي وصلاتي ليباركَ الربُّ ثمَرَةَ أعمالِكم ويرتدَّ عليكم مجهودُكم وسهرُكم بالخيرِ والبركاتِ والنجاحِ الوافر، وباسمِ الرهبنةِ الأنطونيّةِ المؤمنةِ بسعيِكم والمُحفِّزةِ لمشروعِكم الناهض والأمِّ الممتلئةِ بهجةً لفرحِ أبنائِها بخدمتِهم، استودعُ اللهَ المهرجانَ اللبنانيَّ الثالثَ والثلاثين –دورة وديع الصافي- لِيَمُنَّ عليه بالتوفيقِ والاستمراريّةِ ودوامِ الثمر.
                              

   الأب المدبّر ريمون هاشم

 

 

--------------------------------------------------------------------------------------------------

كلمة الأمين العام للحركة الثقافية – انطلياس

الدكتور عصام خليفة

في افتتاح المهرجان اللبناني للكتاب

السنة 33 – دورة وديع الصافي

ـــــــــــــــــــــــــ

 

        أيها الحفل الكريم،

 

        نرحب، في افتتاح هذا المهرجان، بممثل فخامة رئيس الجمهورية معالي وزير الثقافة المحامي ريمون عريجي، وممثل دولة رئيس مجلس النواب النائب غسان مخيبر وممثل دولة رئيس مجلس الوزراء النقيب رمزي جريج.

        ونرحب بممثلي القيادات الدينية والسياسية والدبلوماسية والقضائية والأكاديمية والمهنية والعسكرية والنقابية والبلدية والثقافية والتربوية والاقتصادية والاعلامية والشبابية، الذين يحضرون معنا هذا الحدث السنوي في الأول من آذار، في دورة تقصّدنا ان نطلق عليها اسم الفنان اللبناني الذي تربينا على فنه: الا وهو وديع الصافي. ان حركتنا تحيّي روح هذا العملاق الخالد وقد خصصت اليوم الأخير من المهرجان (16 آذار) لابراز انجازاته الفنية وخصائصه الانسانية والوطنية. لقد غنى ابن نيحا الشوفية اصفى ما في تراثنا الشعبي من مآثر الفرح والبطولة، عكس ما تختزنه جبالنا من الفولكلور الضارب في جذور التاريخ، اخرجه في حلة انيقة من المعنى والصوت والصورة والموسيقى التي تبقى خالدة مع الأيام وتستمر متألقة تعكس ابداع الشعب اللبناني في ارجاء العالم العربي وبلاد الانتشار، فتحية لروح وديع الصافي من المهرجان اللبناني للكتاب ومن كل المثقفين اللبنانيين على كل عطاءاته.

        ايها السيدات والسادة،

يأتي مهرجاننا هذا العام ولبنان يواجه في هذه المرحلة من تاريخه عدة اخطار، من أبرزها:

1-خطر وصول النيران المندلعة في الجوار السوري الى الداخل اللبناني، مع كل العنف الكامن في نسيج البنيات الطائفية المتفاعلة في جسم التوأمين السياميين سوريا ولبنان.

2-خطر تغيير الوجه الديمغرافي لمجتمعنا، في ظل تدفق اللاجئين السوريين والفلسطينيين غير المنظم الى مختلف المناطق اللبنانية. ونحن نعرف ان من يحسم الديمغرافية يحسم في التاريخ.

3-احتمال قيام لعبة الأمم بتغيير واقع الجغرافيا السياسية في المستطيل الجغراسي الكبير من قلب الاناضول الى المحيط الهندي. في هذا السياق نتخوف من ان تتم التسويات على حساب هويتنا ودولتنا اللبنانية.

4-استشراء "الفساد البنيوي الكبير" حيث يتم التصرف بالمال العام واستغلال المرافق العامة من قبل اطراف وجهات معروفة، وتنامي "الفساد الصغير" حيث يضطر المواطنون الى المحسوبية والواسطة او لدفع الرشوة من اجل الحصول على خدمات مشروعة (وزيادة الدين العام عن 65 مليار دولار).

ولئن كانت معالجة الفساد تحتاج الى اجراءات تشمل، فيما تشمل، اصلاح الاوضاع الاقتصادية، وتفعيل سلطة القانون وآليات المحاسبة، وضمان الشفافية في الحكم، فان الفساد البنيوي لا علاج له الا بإصلاح جذري للبنية السياسية القائمة.

5-   تعطيل الآليات الديمقراطية في نظامنا السياسي. لا بل ثمة امعان في زعزعة اوليات بنيان الدولة.

-       فالبرلمان مدد لنفسه ولا يجتمع.

-       ولا اتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية.

-   والميثاق الوطني الذي وضعه آباء الاستقلال في منزل يوسف السودا عام 1938 وتم تجسيده في عام 1943، وتم تجديده في الطائف لاحقاً، يجري خرقه من خلال الاطراف المتجاهلة لبديهيات مرتكزات الدولة.

-   والقوى العسكرية في الدولة (من جيش، وقوى امنية) لا يتم تعزيزها عدة وعتاداً وعديداً لمواجهة الاخطار الوجودية الداهمة (داخلياً وخارجياً). وبدل ان يصل عدد الجيش الى مئة وخمسين الفاً خفّض الى ثلث هذا الرقم!

6-ثمة تقدير بارتفاع مستوى الفقر في مجتمعنا. ويعطي الباحثون رقماً معبراً (40% من شعبنا تحت خط الفقر). وان التركيبة الطبقية لا تساند مجتمع الحرية والحكم الصالح. هذا الوضع يتمفصل مع واقع طائفي مذهبي مأزوم ويمكن ان يولّد عنفاً مدمراً للانسان والعمران معاً. في هذا المجال يستمر جشع البعض برفض تحقيق اصلاح جذري يبدأ باقرار السلسلة الجديدة ويطال اقالة غير الاكفياء وتطهير الادارة.

7-في المؤسسة التعليمية، على مستوى الجامعة ومستوى المدرسة، يغلب ان نجد المناهج واساليب التعليم والتقييم تكرّس التلقي والخضوع. وثمة افتقار للحوار الحر والاستكشاف النشط وتعزيز التفكير والنقد والقدرة على المخالفة وتجاوز الراهن. ثمة تنامي للانتماءات المذهبية والتعصبية واعادة انتاج البنيات الطائفية وثمة اخطار للبطالة ولهجرة الكفاءات الشابة (22 ألف مهاجر سنوياً)!

ان القوى السياسية الفاسدة والمفسدة تنقضّ على المدرسة الرسمية والتعليم المهني وبعض التعليم الخاص وعلى الجامعة الرسمية، وتمعن فيها قهراً واستغلالاً ووصاية بحيث ينعكس ذلك على جودة التعليم وعلى تعطيل الوعي الوطني لدى التلامذة والطلبة.

8-اذا كان القضاء المستقل هو الشرط الاساسي للمجتمع الذي يتمتع افراده بحقوقهم وحرياتهم. واذا كانت العلاقة بين استقلال القضاء والمناخ السياسي الحر هي علاقة جدلية. فان القضاء لن يستطيع ان يلعب دوره بفعالية في ظل الانقسامات المذهبية الحادة التي تصادر الحقوق والحريات وتعطل العمل بالقانون ومؤسساته.

واذا كان يوجد عندنا قضاة اكفياء وشعجان ومستقلون كافراد، فان المشكلة هي في شلل مؤسسات الدولة وتأزم الواقع السياسي وصعود المناخات الاستبدادية من قبل بعض مكونات المجتمع والدولة بما يناقض مبادئ الحقوق والحريات واولوية القانون في مواجهة المفاهيم التي تعيدنا الى مرحلة ما قبل الدولة الحديثة وقوانينها الوضعية.

9-على الصعيد البيئي ثمة مشكلتان مطروحتان: شح الموارد والتلوث البيئي. وبرغم غنى وطننا بالمياه، من حيث المبدأ، فان شعبنا يعاني من العطش في مناطق كثيرة ويعاني من ازمة الطاقة الكهربائية. ثم هناك مشاكل التلوث وتفاقم مشكلة النفايات والصرف الصحي. ويجب ان لا نقلل من اهمية الزراعة وتربية الحيوانات في توفير الغذاء لمجتمعنا، لاسيما ونحن نحتفل بمرور مئة عام على الحرب العالمية الأولى وما رافق هذه الحرب من مجاعة قضت على ثلث الشعب اللبناني.

10-       تفاقم التوتر بين المذاهب الدينية وضمن هذه المذاهب، مع تصاعد الاصوليات في مختلف ارجاء عالمنا العربي في ما يشبه الاوعية المتصلة: فالاصولية اليهودية تهدد باحياء هيكل سليمان على انقاض الاقصى، وتطرح قيام الدولة اليهودية، والاصوليات الاسلامية، السنية والشيعية، تريد اعادة بناء المجتمع على اساس ولاية الفقيه من جهة، او على اساس انماط خارجة من اغوار ماضي الشريعة الاسلامية من جهة أخرى (الحكومة الاسلامية – الخلافة – الامارة...) والمسيحية، في اجنحتها المختلفة، تتقاعس عن مواكبة الاصلاحات التي يقودها البابا فرنسيس، او تلك التي توصّل اليها المجمع الماروني الانطاكي، والكنائس الشرقية تتأرجح بين خطر الهجرة والتهجير وخطر الرهان على مقولة تحالف الاقليات.

11-       نحن نعرف انه منذ العام 1980، وبتكليف من وزارة الدفاع الاميركية، بدأ المؤرخ الصهيوني برنارد لويس بوضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والاسلامية، وتفتيت كل منها الى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية. وقد ارفق بمشروعه المفصّل مجموعة من الخرائط المرسومة تحت اشرافه. وفي العام 1983 وافق الكونغرس الاميركي، بالاجماع، في جلسة سرية على مشروع الدكتور برنارد لويس. وفي عام 2007 نشر رالف بيترز، في مجلة القوات المسلحة الاميركية، مقالاً عنوانه "حدود الدم" يطرح تقسيم العالم العربي، وكذلك اعترف قائد القوات الاميركية ويسلي كلارك بوجود تلك المخططات. من الواضح ان ثمة ارادة صهيونية بتفكيك المنطقة والسؤال: إلى أي حد يستطيع النسيج العربي ان يصمد في مواجهة تلك الارادة؟ والى أي حد تنفّذ السياسات الدولية الفاعلة، او تعارض تلك المخططات الخطيرة في ابعادها ونتائجها؟!

 

أيها الحفل الكريم،

قد يقول قائل ما دخل الحركة الثقافية بكل هذه الأمور، ولماذا تطرح قضايا وتعالج مواضيع خارج نطاقها الثقافي.

جوابنا واضح: ان الحركة الثقافية – انطلياس منذ نشأتها مارست العمل الثقافي دفاعاً عن المصالح الوطنية العليا للشعب والوطن.

-   ثقافة تدافع عن استقلال الدولة اللبنانية ضمن حدودها المعترف بها دوليا، وتدافع عن الميثاق الوطني بكل مندرجاته ومفاعيله وبخاصة مبدأ الحياد بين الشرق والغرب. ومبدأ وحدة الدولة التي تجمع المسلمين والمسيحيين في اطار المواطنية والعدالة والمساواة.

-       ثقافة تصون الحرية بما يضمن توسيع خيارات الناس وحماية جوهر التنمية.

-       ثقافة تدعو للارتكاز على المشاركة الشعبية الفعّالة، مع تمثيل شامل لعموم الناس.

-   ثقافة تؤكد على عمل مؤسسات الحكم بكفاءَة وشفافية كاملة، وتخضع للمساءَلة الفعّالة في ظل فصل السلطات والتوازن بينها، ومن قبل الناس مباشرة من خلال الاختيار الدوري الحر النزيه.

-       ثقافة تعلي سيادة القانون المنصف والحامي للحرية، على الجميع على حد سواء.

-   ثقافة تدعم القضاء الكفء والنزيه والمستقل تماماً، والساهر على تطبيق القانون، وتنفيذ احكامه بكفاءة من جانب السلطة التنفيذية.

-   ثقافة تدافع عن العدالة الاجتماعية وحق كل مواطن في الصحة والتعليم والسكن والعمل والغذاء والدواء غير المغشوش، ضمن بيئة نظيفة وجميلة ومنظمة.

-   ثقافة تدين الارهاب والتفجير والعنف الأعمى الذي يقتل الاطفال والنساء والناس العاديين، وتدين الخطف والاعتقال الاعتباطي والتعذيب للابرياء.

-   ثقافة ترفض مبدأ التهجير على اساس طائفي او سياسي، وتؤكد على احترام كل الديانات السماوية من خلال تصالحها مع مبدأ الحداثة.

-       ثقافة تركز على مبدأ المواطنية وشرعة حقوق الانسانية والمواثيق الدولية الملحقة بها.

-   ثقافة منفتحة على كل العلوم والفنون والآداب والعلوم الانسانية التي شكلت جوهر الدور اللبناني في النهضة العربية المعاصرة.

-       ثقافة تحافظ على الأرض فلا يتم بيعها لجهات مشبوهة ويتم استغلالها بالطرق الحديثة للحفاظ على الأمن الغذائي.

-       ثقافة تواجه مخططات التفتيت وصدام الحضارات والتقسيم على قاعدة التناقضات المذهبية والطائفية.

 

أيها الحفل الكريم،

في مواجهة هذا الواقع الذي عرضنا بعضاً من ملامحه نجد ان من واجب النخب الثقافية السعي لتطوير خطاب بنّاء غير اقصائي. وان تجتهد في ايجاد الجوامع المشتركة بين جميع القوى السياسية للخروج من حالة التشرذم والاستقطاب التي تسد الطريق على أي تحوّل ديمقراطي حقيقي في وطننا. وهذا يفترض ان يبادر اهل السياسة الى فك ارتباطاتهم مع القوى الخارجية، والالتزام باولوية المصالح اللبنانية وبالحلول الديمقراطية لكل الخلافات، وان ترفع بوضوح مطالب الحرية للجميع والا تقبل بحال ان تشارك في القمع او التبرير له. الم يقل كبير رجال الاستقلال الزعيم الوطني حميد فرنجية: "الخير يصبح شراً اذا اختلف عليه اللبنانيون، والشر يصبح خيراً اذا اتفقوا عليه".  

    والمطلوب ايضاً ان تسعى النخب الثقافية للضغط من اجل مواجهة كل انواع الاستبداد والقمع والفساد والاستهتار بالحريات وحقوق الانسان.

وفي هذا السياق نلج الى عرض برنامج حركتنا لهذا العام:

 

أولاً: الاستمرار في تقليد تكريم اعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي (الرعيل 29). واذ نؤمن بان امثال هؤلاء الاعلام هم حملة المشعل لقيام مجتمع المعرفة، فاننا على بيّنة من ان العلم او المعرفة ليسا سلعة تستورد بقدر ما هما ثقافة وبنى مؤسسية وأنشطة لا بد ان تغرس في واقعنا المجتمعي ويتم رعايتها بالموارد الكافية وبالرعاية الدائبة من متخذي القرار ومن النخب ومن الشعب عموماً.

وفي هذه الدورة نكرم ادمون رزق  الأديب صاحب اللغة العربية الأنيقة، والمحامي المتمكن من القوانين، والخطيب المفوّه والسياسي الذي دافع عن القضية اللبنانية طوال حياته المديدة دون مساومة او تهاون. ورجل الدولة الذي كان له دوره في المفاصل الوطنية الحاسمة.

وتكرّم حركتنا ابن وادي الرافدين الدكتور خير الدين حسيب  خريج جامعة كمبردج والذي تسلم مسؤوليات هامة في العراق، قبل ان تجبره مصاعب الوضع السياسي على المجيء الى لبنان حيث اشرف على نجاح مركز دراسات الوحدة العربية. هذا المركز الذي اصدر مئات الكتب الأكاديمية الرصينة التي انتشرت في كل أرجاء العالم العربي وكان لها تأثيرها البارز على المثقفين العرب. وكما كان ناجحاً في إدارة المركز وفعالية إنتاجه فقد اشرف على ترجمة امهات الكتب العالمية الى اللغة العربية، وهذا عمل يذكرنا بما فعله الأجداد مع النهضة الثقافية في فترة الترجمات ابان الحكم العباسي.

ومن خلال الفنان سمير أبي راشد تكرّم حركتنا فناناً متفوقاً في دقة رسومه يضاهي في إبداعه أهم الفنانين العالميين، ويذكرنا بميكال انج ودافنشي في كلاسيكيته البارعة.

ومع الدكتور صلاح سلمان تكرّم الحركة الطبيب الباحث، والإنسان الطيب والعامل بنشاط في الحقل الاجتماعي والوطني وابن العائلة التي كان لها الدور الطليعي في العمل العام.

بالنسبة الى الدكتور ظافر الحسن تكرم الحركة الدبلوماسي الذي دافع عن القضية اللبنانية في أحلك الظروف، وكان مخلصاً في دفاعه عن مصالح الشعب اللبناني. كما تكرم صاحب الموسوعة الدبلوماسية التي تشكل منجماً لكل باحث في تاريخ لبنان المعاصر (عشر مجلدات).

وفي تكريم الدكتور عدنان الامين تكرم حركتنا جيلاً من خريجي الجامعة اللبنانية، الذين حملوا مشعل الإصلاح لتحسين التعليم فيها وفي المرحلتين الابتدائية والثانوية، وقاموا بانجاز الأبحاث والدراسات واكدوا الحضور الفاعل لهذه المؤسسة في منافسة الجامعات الخاصة. وفي تكريمنا للدكتور الأمين ايضاً تعزيز للخط العقلاني الحرّ في مجتمعنا.

ومع موريس المعلوف تكرم الحركة الثقافية ممثلاً رافق النهضة المسرحية منذ الستينات وشارك في التظاهرات التي حصلت في هذا المجال. وقد شارك ابن الدوحة المعلوفية العربية في خدمتها للثقافة بتعليم الفن المسرحي في الجامعة اللبنانية وفي الجامعات الخاصة.

 

ثانياً: نستمر في يوم المعلّم بالتذكير بمن اعطى زهرة عمره للتربية. فنكرم الاستاذ فارس عون. الذي درس العلوم الطبيعية والكيمياء على امتداد عشرات السنين في اعرق المدارس الخاصة،

ونكرم النقابي استاذ اللغة الانجليزية وآدابها والعضو المستمر في رابطة التعليم الثانوي الرسمي الاستاذ محمد قاسم.

 

ثالثاً: وهناك لوحة على مدخل المعرض تحية اكبار واجلال لمثقفين لبنانيين وعرب رحلواهذا العام وآخرهم الصديق انسي الحاج، وهم بحسب الترتيب الأبجدي: أحمد دنش (درباس) - اماليا أبي صالح – انطوان حرب – انسي الحاج – انيس ابو غنام – جوزف حرب – زهوة مجذوب – سليم باسيلا – عصام حداد – محمد دكروب – منصور عيد – منير شماعة – ناجي علوش – نقولا النمار – يوسف سعدالله الخوري – يوسف عساف.

 

رابعاً: تواقيع الكتب الجديدة وعددها يفوق الخمسين في مختلف المواضيع. ورغم تراجع القراءة لدى الاجيال الشابة وتصاعد اهمية الوسائل الالكترونية، فان الكتاب الورقي يبقى له الأهمية الراسخة.

خامساً: النشاطات المرافقة:

1-النشاطات الصباحية المخصصة للتلامذة والطلاب وعددها 17 نشاطاً، وهي تتناول مواضيع متنوعة: الحكايات، والرياضة، والفنون والبيئة، والتراث، والتاريخ، والمسرح، والموسيقى والصحة وغيرها.

2- ندوات ما بعد الظهر:(الساعة 4.30 و 6.30)

وهي تزيد عن العشرين، يشارك فيها ما يزيد عن الـ 133 باحثاً وهي تتناول الزراعة والغذاء والمياه في لبنان بمناسبة مرور مئة عام على الحرب العالمية الأولى وعوامل التغير المناخي وقضايا البيئة والسرطان، وانعكاس الأزمة السورية على لبنان والمنطقة على الأصعدة كافة، ومناقشة بعض الروايات والكتب الصادرة حديثاً، والاصوليات الدينية وخطرها على الحريات في الشرق الأوسط، واصلاحات البابا فرنسيس وتأثيرها على كنائس الشرق الأوسط. وندوة خاصة بعنوان (انسي الحاج حيّ في الذاكرة)

 

خامساً: منشورات المهرجان:

طبعت حركتنا في هذه المناسبة خمسة كتب:

1-مجلّد اعلام الثقافة في لبنان، والعالم العربي، ويتضمن 7 سنوات (بين 1983 – 1992) عدد الصفحات 608. وحركتنا تزمع ان تستمر في طبع اجزاء اخرى في الاعوام القادمة، لأن معظم وسائل الاعلام تعود الى ما ورد في منشوراتنا للتعريف بمختلف الشخصيات التي سبق تكريمها.

2-    كتيب اعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي لهذا العام (الرعيل 29)، 64 صفحة.

3-   الكتاب السنوي الذي يتضمن مجمل الندوات التي نظمتها الحركة خلال الموسم المنصرم، عدد الصفحات (260 ص).

4-كتاب المهرجان (800 صفحة) وهو يتضمن نشاطات المهرجان اللبناني للكتاب في دورته الثانية والثلاثين (آذار 2013).

5-   كتاب رئيف خوري الكاتب التنويري (258 ص) وهو الكتاب الثاني الذي تساهم حركتنا في نشره بمناسبة مئوية ولادة رئيف خوري، بالتعاون مع المجلس الثقافي للبنان الجنوبي وعائلة المثقف اللبناني الاستثنائي.

 

أيها الحفل الكريم،

لا يمكن ان نوضع امام خيارين: اما التبعية لأنطمة الاستبداد والقهر وقمع الحريات التي قتلت الاطفال وهجّرت الملايين ودمّرت العمران ومارست الاعتقال الاعتباطي والتعذيب.

واما العودة الى اهل الذمة ودفع الجزية والعودة الى أشد ايام التاريخ ظلماً، والخروج عن تقاليد احترام التعدد في مجتمعاتنا المشرقية بما يخدم مخططات اسرائيل التفتيتية.

باسم قطاع واسع من المثقفين اللبنانيين وقوى المجتمع المدني نعلن في افتتاح هذا المهرجان ان احترام شرعة حقوق الانسان وملحقاتها، واحترام سيادة الدولة اللبنانية واستقلالها ضمن حدودها المعترف بها دولياً، هما قاعدة مقاومتنا الثقافية والوطنية. وفي ضؤ ذلك نحدد مواقفنا من الجميع. وفي مرحلة صياغة الخرائط الجديدة، ومشاريع "الوطينات" المذهبية على امتداد المشرق العربي، لن نهرب من عملية الصراع. شعارنا الدفاع عن حريات شعبنا وعن اسس المواطنية الحقة في مواجهة كل الاخطار والاطماع الداخلية والاقليمية والدولية.

واخيراً نشكر الرهبنة الانطونية ممثلة بقدس الاباتي انطوان راجح على الدعم الذي تقدمه لنشاط حركتنا، ونشكر فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان على رعايته لمهرجاننا كما نشكر دولة الرئيس نبيه بري ودولة الرئيس تمام سلام على حضور ممثلين عنهما حفل الافتتاح كما نثمن الجهد السخيّ الذي بذله الأب الرئيس ريمون الهاشم والقيم الأب انطوان صعب لانجاز هذا المسرح (مسرح الأخوين رحباني) بحلته الأنيقة، ونحيي كل الحاضرين ونأمل حضورهم كل أيام المهرجان. 

---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 

كلمة أمين المهرجان اللبناني للكتاب

 الأستاذ منير سلامه

في افتتاح المهرجان الثالثة والثلاثون

1 آذار 2014

في الحركة الثقافية – انطلياس

 

ايها السادة،

حضرة ممثل فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان معالي وزير الثقافة الأستاذ روني عريجي،

تتشرف الحركة الثقافية – انطلياس بحضوركم مسؤولين رسميين تشريعيين وتنفيذيين، اهل عدالة، ورجال دين ودبلوماسيين وعسكريين وأمنيين،

نقابيين وإعلاميين، اهل اختصاص ومثقفين وأصدقاء للكتاب...

وذلك في الافتتاح الثالث والثلاثين للمهرجان اللبناني للكتاب في الدورة التي اسمها وديع الصافي... عربون شكرٍ ووفاء لهذا الكبير الذي غادرنا...

وديع الصافي القيمة الفنية والانسانية والوطنية... الصوت الذي حملنا الى كل بقعة من لبنان والى كل مكان حلّ فيه ابناء هذا الوطن في هجراتهم المستمرة.

ايها الاصدقاء،

ان نفتتح معاً، المهرجان اللبناني للكتاب وفي هذا الزمن بالذات لهو فعل ايمان بلبنان الوطن، الذي نسي الكثيرون وبخاصة اهل السياسة ومتعاطوها، اقطاباً واتباعاً، الدور الذي يميزه في هذه المنطقة العربية المتأرجحة شعوبها بين ظلم الحكام وبين ظلام الاصوليات الجاهلية...

هذا الدور الذي هو دور الريادة الفكرية والتقدّم العلمي والحداثة بابعادها الحضارية كافة...

نسي هؤلاء او تناسوا انهم ما كانوا ليكونون على ما هم لولا مساحة الحرية في هذا الشرق التي هي لبنان، مساحة التفاعل الانساني بين مكوناته كافة في اطار الديمقراطية وحقوق الانسان وقبول الآخر.

هؤلاء الذين انجرفوا في محاور القوى المذهبية المتحاربة تحت عناوين مختلفة من الشواطئ الشرقية للمتوسط الى شواطئ الخليج العربي، والتي اطاحت بالمفاهيم الوطنية والقومية واسقطت احلام النخب العربية بالوحدة والحرية.

وآمال الحريّة والديمقراطية في سوريا تحولت الى حرب مذهبية مهما حاولت هذه القوى وضع عناوين لها وتبريرات، ونتيجتها واحدة: مزيدٌ من الدمار والدماء والحقد المتراكم على مدى اربعة عشر قرناً، بالاضافة الى تفكيك المنطقة وتفتيتها امارات أو دويلات مذهبية خدمة للدولة اليهودية، وما التشريع الذي أقرّه الكنيست الاسرائيلي باعتبار العرب في اسرائيل مسيحيين ودروز ومسلمين سوى الدليل على ذلك.

هؤلاء الذين اوغلوا في التبعية بعيداً لا يسألون عن مصلحة وطنية ومصالح مواطنين فأثاروا الغرائز وامعنوا فساداً او تغاضوا عن فسادٍ نخر جسم الدولة اللبنانية ومؤسساتها وأوصلها الى الانهيار...

ايها الحفل الكريم،

يطول الوجع والكلام عليه، لكن المناسبة تحملنا على الامل بقدرة مجتمعنا على التعالي فوق كل الجراح والحواجز، وعلى السير قدماً في ارساء ثقافة الحوار والسلام والبناء، وعلى فتح آفاقٍ جديدة لاجيالنا الشابة لتبقى وتعيش وتبني في دولة عصرية تحميهم وترعى طموحاتهم وتساعدهم على تحقيق آمانيهم...

أيها الأصدقاء،

ان هذا المهرجان ليس معرضاً للكتاب فحسب، انه كذلك وزائد.

تكريم لسبعةٍ من اعلام الثقافة رجال فكر وعلم وقانون وفن وتربية ودبلوماسية ينضمون الى كوكبة من الاعلام الذين كرّمتهم الحركة الثقافية منذ تأسيسها. وللمناسبة صدر الكتاب الأول من مجموعة اعلام الثقافة للمكرمين في السنوات العشر الأولى، وستصدر المجموعات الأخرى بمجرد تأمين المبالغ اللازمة من راعٍ او أكثر لهذه الاصدارات.

وتكريم للمرأة في يومها العالمي مع المحامية عليا بارتي زين وللمعلّم في يومه مع الاستاذين فارس عون ومحمد قاسم...

في المهرجان أيضاً ندوات تتناول مواضيع متنوعة ثقافية وتاريخية واقتصادية وطبية وجغرافية وسياسية وتعرّج على الأزمة السورية وانعكاساتها على لبنان واقتصاده، وكذلك ندوات تناقش اصدارات متعددة لأدباء وشعراء واساتذة كبار...

اما النشاطات الصباحية فمخصصة للاولاد وللتلاميذ بخاصة فهي متنوعة المواضيع من زراعة وبيئة وصحة وتراث ورياضة ومسرح وسينما وموسيقى، وحكايات للأولاد، مع أطباء وأساتذة ومسرحيين وسينمائيين ورياضيين وغيرهم.

هذا ولا ننسى عشرات التواقيع لاصدارات حديثة على منصّة الحركة او امام الدور الناشرة...

وكما في كل سنة تخصص الحركة الثقافية، على مدخل المهرجان، لوحة تذكارية لاعلام لم يعودوا معنا وكان آخرهم الشاعر الكبير انسي الحاج الذي تخصص الحركة الثقافية لذكراه ندوة في العاشر من آذار الساعة السادسة والنصف بعنوان "حيّ في الذاكرة".

 

أيها الأصدقاء،

بما انهم لا يبنون بالسياسة "كما هو مفروض" فمعكم نجدد الايمان باننا "بالثقافة نبني" وبأن الكتاب، ومهما بلغت الالكترونيات، سيبقى صديقنا الاوفى، وجسر العبور الى فكر الآخر وفنه وادبه وعلمه، وبوابة الانفتاح على الحضارة الانسانية.

واخيراً اتوجه باسم الحركة الثقافية بالشكر الى راعي المهرجان فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وممثلّه...

والى الرهبنة الانطونية بشخص قدس الاباتي داود رعيدي لدعمها نشاطات الحركة الثقافية وسعيها الدائم للتجديد وما المسرح بحلّته الجديدة كما ترون، سوى مثال على ذلك. وهنا اتوجه بالشكر الى رئيس دير مار الياس انطلياس رئيس الحركة الثقافية الأب ريمون هاشم والى القيّم العام الأب انطوان صعب للجهود الاستثنائية التي بذلاها لنكون هنا اليوم.

وكذلك اتوجه بالشكر الى المشاركين دوراً ناشرة وجامعات ومؤسسات ثقافية وتربوية ودينية ومؤسسات رسمية والى الذين يساهمون بدعمهم واعلاناتهم في تغطية جزء من نفقات هذا المهرجان وبخاصة بنك عوده لمرافقته الدائمة لنا في نشاطاتنا.

والى المواطنين والعاملين معنا لاتمام هذا النشاط... اما كل الشكر فهو لكم لأنه من دونكم ما كان لهذا المهرجان ان يستمر ويتطور.

وشكراً

---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 

كلمة  الأستاذ ريمون عريجي

 

أصحاب المعالي والسعادة والسيادة،

 

حضرة أعضاء مجلس إدارة الحركة الثقافية في أنطلياس،

 

أيها الحفل الكريم،

شرّفني فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بتمثيله في هذا الحدث الثقافي الذي يعكسُ حضارة لبنان التي طالما كانت عاصمته عاصمة للنشر كما هي عاصمة للحرية.

 

معرض الكتاب في أنطلياس حدث سنوي بل تظاهرة ثقافية سنوية هي اشبه بفعل تحدٍّ في ظل ظروف مختلفة، منها الامني ومنها الاقتصادي ومنها - وقد يكون الأهم - تراجع القراءة لأسباب مختلفة.

فالكتاب الذي طالما كان خير جليس يكاد يكون على الرفّ مستبدلا بشكل متزايد بالقراءة الإلكترونية، أو بسبب ما نعانيه من تراجع كي لا اقول انهيار ثقافي هو جزء من تراجع عام طاول الكلمة والاغنية والمسرح وكل الفنون.

وعليه، فإن هذا المعرض هو عملية إنقاذ دائمة لوطن الإبداع،  لوطن الكلمة وحرية التعبير، والحركة الثقافية أنطلياس بما تحققه تعطي الحافز أيضاً للكُــتاب والشُعراء والباحثين والناشرين وتمنحهم مساحة لإنجاز ما يتمنون.

وما لفتني أيضاً، أن هذه الدورة الثالثة والثلاثين هي على اسم قامة لبنانية كبرى، على اسم "لبنان الصوت"، على اسم الكبير وديع الصافي الذي غنّى لبنان وأغناه وظلّ يغنّي حتى الرمق الأخير، فشكراً لكم تكرّمون مبدعين وانتم مبدعون.

أيها الأصدقاء، " في البدء كان الكلمة" ومن هذا المنطلق فالكلمة ليست مجرد "كلمة"، بل هي مسؤولية، فكيف بكتاب سيُشكل يوما ما مرجعاً أو يحثّ على تغيير ويدعو إلى تطوير ويفتح أبواباً للجدل والنقاش، وهما عاملان أساسيان لتطوير الإنسان وفكره وروحه.

مسؤوليتكم كبيرة، لكنكم أثبتم منذ عقود أنكم على قدر المسؤولية واكثر، وكلُنا يعرف ضعف امكانياتكم التي يعوّضها حبكم للكتاب وشغفكم بالثقافة، وايمانكم بالوطن.شكرا لكم ومنحكم الله القدرة على الاستمرار والنجاح الدائم.