أقامت "الحركة الثقافية – أنطلياس" ندوة حول "انعكاس الأزمة السورية على الاقتصاد اللبناني"، شارك فيها العالمان الاقتصاديان الدكتور إيلي يشوعي والدكتور كمال حمدان، وأدارها الدكتور الياس كساب.

رحّب الدكتور الياس كساب بالحضور وبصديقَيْ الحركة الدكتور إيلي يشوعي والدكتور كمال حمدان. ثمّ تكلّم على انعكاسات الأزمة السورية على لبنان جراء إنفتاح حدوده أمام تدفق النازحين السوريين. وأشار إلى أنّ البنك الدولي أعدّ تقريرًا أفاد بأنّ الأموال المطلوبة لتغطية خسائر لبنان المتأتية من الأزمة السورية تقدّر بـ 7.5 مليار دولار أميركي. إضافة إلى ذلك، تطرّق التقرير إلى تأثير الأزمة على مستويات عدّة. ثمّ تساءل الدكتور كساب عن مصير البلاد في ظل هذا الوضع الحرِج وعن كيفية الحد من الأخطار التي تواجه مختلف القطاعات اللبنانية. وبعد ذلك، ترك المنصة للمشاركَيْن في الندوة.

استهلّ الدكتور إيلي يشوعي مداخلته بالإشارة إلى خسارة لبنان الجسيمة جرّاء الأزمة السورية. فلقد عانى ويعاني ترديًا إضافيًا في البنى التحتية وتراجعًا حادًا في الحركة السياحية والتجارية والاستثمارية وازديادًا في نسبة البطالة. وذكر أنّ التوقعات الاقتصادية سلبية لعامَيْ 2014 و2015. وشرح تأثير القوة العاملة السورية الوافدة إلى لبنان على الوضع الاقتصادي. وأشار إلى حاجة لبنان إلى المساعدات المالية من أجل إدارة شؤون النازحين السوريين كما أشار إلى ضرورة تقديم حوافز ضريبية للشركات اللبنانية التي توظف لبنانيين. وتوقّع ازدياد عدد الفقراء في لبنان مع ارتفاع معدّل البطالة. ولفت النظر إلى الأثر الاجتماعي للنزوح الذي يتجلّى في انتشار حالات التسوّل وحوادث الخطف والسرقة... وتحدّث عن التدهور الأمني الذي يؤثر سلبًا على المستثمرين والتبادلات التجارية كما تحدّث عن تداعيات الأزمة السورية على القطاع الصحي اللبناني. وذكر أنّ القطاع الوحيد الذي سجّل أرقامًا قياسية إيجابية منذ بداية الأزمة السورية هو قطاع النقل البحري. واعتبر أنّ الحكومة القادرة هي التي يمكنها أن تتمتع بالاستقلالية وبالمعرفة ولا تكون نتيجة مساومات تهمل هذين الشرطين الأساسيين. وبعد عرض كل هذه الوقائع، استنتج أنّ أضرار الأزمة السورية على لبنان أكبر بكثير من فوائدها وأمِلَ أن يتوحّد السوريّون لمحاربة أعداء سوريا ولبنان من الصهاينة والإرهابيين.

 

استهلّ الدكتور كمال حمدان مداخلته بالاستنتاجات التي آلت إليها دراسة البنك الدولي حول الآثار الاقتصادية للنزوح السوري على لبنان. فتناول موضوع التراجع الحاصل في معدلات نمو الاقتصاد اللبناني بعد عام 2010. وأشار إلى أن الأرقام الرسمية المتداولة ينبغي عدم أخذها كمعطى نهائي. ونوّه بأنّ مصير الأزمة السورية لا يزال مجهولًا، لذلك لا يمكن وضع سقف لتداعياتها كما لا يمكن توقع حجم تدفق النزوح السوري المستقبلي إلى بلدنا. وحذّر من خطر ارتفاع معدّلات البطالة بسبب العاملين السوريين. وأشار إلى الأضرار التي أصابت مختلف القطاعات والمجالات مثل حركة الإستثمارات الرأسمالية وحركة السياحة... وذكر أنّ محافظتَيْ الشمال والبقاع هما الأكثر تضرّرًا لأنّهما استقبلتا نحو 70% من إجمالي عدد النازحين السوريين. وعرض بعض الملاحظات والتوجهات التي يجب أخذها بعين الاعتبار من أجل إنشاء صندوق المانحين لدعم لبنان. ونذكر أهمّها: تخصيص الصندوق للّبنانيين في الدرجة الأولى واستثمار أمواله بهدف تعطيل إنفجار مشكلة الفقر واستباق أزمة الإندماج الإجتماعي. وإنّ الأمور الاقتصادية رهن بأنواع الحلول المقترحة والقابلة للتطبيق. وهي على أي حال ليست قادمة بوقت سريع.

-----------------------------------------------

د.الياس كساب                                                                                  4 آذار 2014

 

انعكاس الأزمة السورية على الاقتصاد اللبناني

----------------------------------------------

نرحب بكم في الحركة الثقافية – أنطلياس في هذه الأمسية ضمن اطار المهرجان اللبناني للكتاب في دورته الثالثة والثلاثين لنسمع ونحاور مرجعين اقتصاديين حول موضوع انعكاس الأزمة السورية على الأقتصاد اللبناني أعني صديقي الحركة الدكتور أيلي يشوعي والدكتور كمال حمدان .

 

مع استمرار الأزمة السورية منذ أكثر من ثلاث سنوات ، اتسمت الأنعكاسات الأولية على لبنان بشكل أساسي بطابع أنساني يتعلق بتدفق الهاربين من آتون الحرب الى لبنان الذي أعتمد بدوره سياسة الحدود المفتوحة والسماح للنازحين بالأستقرار المؤقت والعمل بحرية.

وقد فاق عدد هؤلاء النازحين المليون مسجل ، أما الغير مسجل فلا رقم محدد له رغم أنه يقال انه تجاوز المليون ونصف .

 

فالتقرير الذي أعده البنك الدولي ، بناء لطلب الحكومة اللبنانية السابقة ، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة والأتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي ، بتقييم عاجل لتداعيات الازمة السورية على الوضع الأقتصادي والأجتماعي في لبنان خلال الفترة الزمنية بين عامي2012-2014 ، أعتبر أن حجم الأموال المطلوبة لتغطية خسائر لبنان وأعادة أستقراره تقدر ب 7.5 مليار دولار أميركي .

كذلك تطرق التقرير الى التأثير المباشر على خدمات قطاع التعليم ، المياه ، الصرف الصحي ، الكهرباء والطاقة عموما" ، كذلك في زيادة الأهتراء في شبكات الطرقات وأزدحام السير مع أنعدام الصيانة عليها.

فضلا" عن التحدي للتوازن الأجتماعي والديموغرافي الحساس في لبنان ، وصولا" الى الوضع الأمني وانعدام الأستقرار حتى بتنا نسمع أن العصابات تجتاح وتعبث وتسرق وتروع في ليلة واحدة حيا" أو شارعا" بكامله ، ناهيك عن ألأخلال بالأمن والنظام العام والفساد المستشري على كافة المستويات.

 

فالعنوان الرئيس هو التأثير الأقتصادي على لبنان ولكن كل ذلك ما كان ليكون بهذا الحجم لو لم يكن هناك فراغا كبيرا في القرار السياسي في البلد فلا حكومة تقرر ولا أجهزة تطبق وأكثرية الأدارات شاغرة من مديريها ...واللائحة تطول ...

 

·        أذا ما هو مصير البلد اذا ما بقي هذا التعثر السياسي في ادارة شؤونه ؟

·        كيف يمكن الحد من التراجعات التي أصابت القطاع التجاري بأكثر من 22% والسياحي ب25% معدل لكل المناطق والذي زاد من تفاقمه الأحتباس الحراري وأنعدام السياحة الشتوية كما 23% من التحاويل المالية؟

·        البطالة وما تشكل من أختلال سوق العمل التنافسي حيث يضطر الشباب المتعلم للهجرة طلبا للعمل ؟

·        ما هو التأثير المباشر على التصدير والأستيراد وحركة النقل والتأمين عن طريق البر كون سوريا هي بوابة لبنان البرية الى العالم العربي؟

·        كيف سيكون وضع أموال المودعين السوريين في المصارف اللبنانية بعد الحصار الدولي المالي عبر لوائح سوداء وعقوبات مفرضة عليها، وما مدى تأثر المصارف اللبنانية في سوريا ؟

أسئلة كثيرة نطرحها الليلة على المنتدين علّنا نساهم من خلال الحصول على الأجابات في تقديم الأقتراحات والحلول.

-----------------------------------------------

انعكاس الأزمة السورية على الاقتصاد اللبناني

د: إيلي يشوعي

لم ينمُ الاقتصاد فعلياً في لبنان أكثر من 1 % في 2013 ، لأن خسارة لبنان بفعل الأزمة السورية متعددة الجوانب ، تبلغ حتى الأن عدّة مليارات من الدولارات : تردي إضافي في البنى التحتية بسبب ارتفاع عدد النازحين السوريين ، تراجع حاد في الحركة السياحية والتجارية والاستثمارية الخارجية والداخلية ، وفي حركة الصادرات وازدياد في نسبة البطالة.  فقد نما لبنان ديموغرافياً بنسبة 25 % خلال الثلاث سنوات الماضية بسبب النزوح البشري السوري الكثيف ، والتوقعات الاقتصادية في لبنان سلبية لعامي 2014 و 2015 إذ أن الاقتصاد متوقع له إلا ينمو أكثر من 1,5 % سنوياً . العلاقة إذاً بين لبنان وسوريا علاقة في الأتجاهين (Correlation) ، لا في اتجاه واحد فقط (Relation) فتضحى إذاً علاقة عضوية.

إن كل 1 % انخفاض في الناتج المحلي السوري يسبب نسبة انخفاض بنحو 0,22 % من الناتج المحلي اللبناني ، و 0,32 % في الناتج المحلي الأردني ، و 40 % من السياح في لبنان يفدون من الدول العربية نصفهم عبر سوريا .

بلغت البطالة في سوريا 45 % في 2013 ومرشحة أن تصل إلى 65% في 2015 لأن 10 آلاف سوري يخسرون أسبوعياً عملهم بسبب الأزمة السورية ، لذلك ، من المتوقع أن تفد إلى لبنان قوة عاملة سورية متزايدة ما يفرض على الحكومة اللبنانية أن توازن بين حاجات اسواق العمل في لبنان لليد العاملة السورية وتأثير القوة العاملة السورية الوافدة على انخفاض الأجور في لبنان دون اغفال أن الرهان على اليد العاملة السورية المتدنية الأجر نسبياً رهان مرحلي لأنها سوف تعود إلى بلادها من أجل إعادة بنائها عند انتهاء الأزمة هناك . ومن الضروري التمييز بين العامل السوري والمستثمر السوري ، فتشجيع المستثمرين السوريين على الاستثمار في لبنان نقداً يساعد على خفض العجز في ميزان المدفوعات اللبناني الذي يراكم عجزاً مالياً منذ 2011 يصل إلى أكثر من 3 مليارات دولار . ففي الأردن مثلاً وفي مجمع اقتصادي واحد ، بلغ عدد المصانع التي أسسها سوريون بعد 2011 ، 370 مصنعاً .

يحتاج لبنان إلى المال من أجل إدارة شؤون النازحين . فمن أصل 2,5 مليار دولار يطالب لبنان المجتمع الدولي بتقديمها لتغطية نفقاته حتى آخر 2014 ، لم يصل إلى الدوائر ذات الصلة في الأمم المتحدة حتى الآن سوى 700 مليون دولار من بعض الدول المانحة . كما يحتاج لبنان إلى تحريك عجلته الاقتصادية وخلق فرص عمل وتقديم حوافز ضريبية للشركات اللبنانية التي توظف لبنانيين .

الحدود شبه مفتوحة بين لبنان وسوريا ما جعل تدفق النازحين في السيارات والشاحنات أو سيراً على الأقدام عملية سهلة ومشهداً يومياً .

إن عجز الحكومة عن تنظيم هذا الوضع أوصل عددهم إلى ربع عدد اللبنانيين المقيمين . الواقع الإنساني والمأساوي للنازحين السوريين شكل أزمة إضافية في لبنان الذي يواجه أساساً أزمات سياسية ومالية واقتصادية واجتماعية ومعيشية متنامية منذ سنين طويلة . إلى اعداد النازحين السوريين المسجلين وغير المسجلين يضاف نزوح نحو 50 ألف فلسطيني و 45 ألف لبناني عادوا من سوريا ، كما أن 65 % من مجموع النازحين موجودون في محافظتي الشمال والبقاع .

من المتوقع أن يزداد عدد الفقراء في لبنان بواقع 170 ألف شخص ممن يعيشون بأقل من 4 دولارات يومياً وأن ترتفع البطالة إلى 20% مع ازدياد أعداد العاطلين عن العمل بواقع 300 ألف شخص خلال 2014 – 2015 .

أما الأثر الاجتماعي للنزوح فيتجلى بظاهرة الاتجار بالبشر وتفشي ظاهرة الزواج المبكر للفتيات فضلاً عن تزايد حوادث السرقة والخطف وحالات التسول وعمل الأطفال وانفصالهم عن ذويهم والإعاقة والتشوه الجسديين ، وبعض الأمراض التي كانت تعتبر منقرضة في لبنان. وقد ازداد خطر انتشار امراض جديدة وأوبئة بسبب الاكتظاظ السكاني للاجئين ، ما جعل الضغط على المستشفيات والمرافق الصحية أمراً طارئاً حيث أن 40 % من استعمال المرافق الصحية اللبنانية بات من قبل النازحين السوريين . وقد سبب هذا الضغط ارتفاعاً في اسعار الأدوية بنسبة 35 % في منطقة البقاع . وقد انشأ البنك الدولي مؤخراً صندوقاً مالياً لجمع التبرعات من أجل مساعدة لبنان على تحمل كلفة ايواء النازحين السوريين المتمثلة أساساً باستهلاك الغذاء والماء والكهرباء والصحة والتعليم والنقل ، كما قام بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي وصندوق  النقد الدولي بتقييم تداعيات الأزمة السورية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان .

لم ينجم عن الأزمة السورية حتى ربيع 2013 اضرار مادية على البنية التحتية والوحدات السكنية ورؤوس الأموال المادية والبشرية ، بل تمثلت الخسائر في الحركة الاقتصادية ، والإيرادات ، وصعوبة الحصول على الخدمات العامة وتدني نوعيتها ، لكن التفجيرات التي حصلت بعد ذلك التاريخ أضرت برؤوس الأموال البشرية والمادية وزادت الخسائر الاقتصادية. ومن المتوقع وصول عدد النازحين السوريين إلى لبنان 1.6 مليون نازح حتى نهاية 2014 وسوف يستمر انخفاض المعدل الحقيقي للنمو مع ما ينتج عن ذلك من خسائر في مستوى الأجور والأرباح والواردات الضريبية والإستهلاك والإستثمار ، بينما سيرتفع الإنفاق العام سنوياً بقيمة 1,1 مليار دولار بسبب الزيادة الحادة في الطلب على الخدمات العامة ما يزيد العجز في الموازنة العامة .

إن التدهور في الوضع الأمني سوف يؤثر سلباً على ثقة المستثمرين والمستهلكين ، والتبادلات التجارية بين البلدين تأثرت سلباً ، فسوريا شريك تجاري هام يؤمن الممرات التجارية التي يفيد منها لبنان ، لقد تأثرت تلك الممرات إلى حد كبير وتضاعفت المخاطر على الصادرات السلعية براً من لبنان .

قدرت كلفة تداعيات الأزمة السورية على القطاع الصحي اللبناني بـ 40 مليون دولار في 2013 و 70 مليون دولار في 2014 ، ويحتاج لبنان إلى نصف مليار دولار أميركي حالياً لإعادة تثبيت نوعية الخدمات الصحية وسهولة الحصول عليها إلى مستوى ما قبل الأزمة في سوريا .

وقد أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية إن نسبة مستخدمي برامجها الاجتماعية ارتفعت بنسبة 40% وتحتاج الوزارة إلى نحو 175 مليون دولار حتى نهاية 2014 لإعادة الخدمات الاجتماعية إلى المستوى المطلوب لجهة النوعية وسهولة الحصول عليها .

يشهد سوق العمل في لبنان زيادة العرض للعمال السوريين ذوي المهارات المحدودة ما يؤدي إلى المزيد من البطالة واعداد اليد العاملة غير الرسمية .

يواجه قطاع المياه والصرف الصحي طلبات إضافية على الإمدادات تقدر بنحو 26 مليون متر مكعب في السنة أي زيادة 7 % على حجم الطلب قبل الأزمة . ويحتاج لبنان إلى 350 مليون دولار لإعادة خدمات المياه والصرف الصحي إلى ما كانت عليه قبل الأزمة . أما الطلب الإضافي على الكهرباء فيقدر بـ 350 ميغاوات في نهاية 2014 بكلفة إضافية تبلغ نحو 350 مليون دولار في نهاية 2014 .

تشهد المناطق التي تستقبل أعداداً كبيرة من اللاجئين مثل عكار وزحلة وبعلبك ، زيادة في حركة المرور بنسبة تفوق 50% على بعض الطرق ، ما يزيد من سرعة تدهور الشبكة . وتتراوح حال شبكة النقل في لبنان بشكل عام بين المقبولة والسيئة فضلاً عن ازدحامها الذي يفوق طاقة استيعابها خصوصاً في منطقة بيروت الكبرى التي تشهد زيادة في حركة المرور بنسبة 25 % . وقد تقلصت خدمات شاحنات الترانزييت بنسبة 70% بخاصة الشاحنات اللبنانية بسبب الأحداث في سوريا  .

إن الكلفة الاقتصادية والمالية للنزوح السوري على لبنان تضغط على ماليته العامة التي تعاني من دين يلامس 65 مليار دولار وعجز سنوي في الموازنة العامة يفوق 4 مليارات دولار . لذلك ، إن مساعدات مالية دولية إلى لبنان بنحو 2.5 مليار دولار هي أكثر من ضرورية لدرء المخاطر المالية عن الخزينة اللبنانية . كما يشكل النزوح السوري تحدياً للتوازن الاجتماعي الحساس في لبنان .

فالضغوط على الخدمات الأساسية والتنافس على الوظائف من الأسباب الجوهرية لتدهور العلاقات الاجتماعية بين المجتمعات المحلية المضيفة واللاجئين .

وحده قطاع النقل البحري في لبنان يسجل أرقاماً قياسية في حركته . فمنذ بداية الأحداث في سوريا ومرفأ بيروت يشهد أرقاماً تاريخية في نشاطه . إن العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا من قبل الولايات المتحدة وأوروبا أثرت سلباً على الاستيراد المباشر إلى سوريا ، فتحول لبنان إلى محطة استيراد وتصدير إلى سوريا بعد أن سمحت السلطات السورية للتجار السوريين بالإستيراد عبر لبنان . فقد وصلت حركة الحاويات في مرفأ بيروت إلى 1,2 مليون حاوية بزيادة 10% عن 2012 و 40 % عن 2010 ما رفع نسبة عائدات المرفأ 28 % عن 2012 وقاربت أرباح مرفأ بيروت 200 مليون دولار في 2013 . إن توسيع مرفأ بيروت وزيادة الخطوط البحرية هما وراء الارتفاع المتواصل لحركة السفن والحاويات . وأصبح مرفأ بيروت مركزاً لعمليات المسافنة نحو المرافئ المجاورة والبواخر لم تعد تنتظر سوى ساعات قليلة ، وفي معظم الأحيان لا تنتظر أبداً . إن زيادة عدد الرافعات الجسرية وعمق بعض الأحواض الذي يؤهلها لاستقبال أكبر سفن الحاويات في العالم ورفع القدرة الاستيعابية في المحطات والباحات إلى أكثر من 1,5 مليون حاوية حالياً في السنة بعد أن كانت لا تتجاوز الـ 500 ألف حاوية في 2005 هي الميزات الجديدة لقوة مرفأ بيروت . وقد رافقت أعمال التوسيع مكننة التعامل الإداري في المرفأ خصوصاً في حركة المسافنة التي اعطيت تسهيلات جمركية ، كما اتخذت تدابير جديدة على صعيد الخدمات وسعر التفريغ والتعرفة .

إن اضرار الأزمة السورية على لبنان أكبر بكثير من فوائدها ما يؤكد على أهمية العلاقات السليمة والسوية بينهما وأجواء السلام والتقدم والأزدهار التي يجب أن ينعما بها لمصلحة كل منهما . أملنا أن تعم أجواء المصالحات التي بدأت في بعض المناطق السورية كل سوريا وكل السوريين ، وأن يتوحدوا في صفوف متراصة لمحاربة أعداء سوريا ولبنان من الصهاينة والإرهابيين .

 

د.ايلي يشوعي