كلمة فخامة رئيس الجمهورية في المهرجان اللبناني للكتاب الحركة الثقافية في انطلياس

 

جرياً على تقليدها السنوي تفتتح الحركة الثقافية في انطلياس المهرجان اللبناني للكتاب فيتألق الكتاب فيتألق الكتاب في لبنان، ويفخر وطننا بنتاج ثقافي زاخر حيث تشارك مئة وخمس وعشرون من دور النشر وسط برنامج حافل على مدى ستة عشر يوماً. وقد شرفني فخامة الرئيس بتمثيله في هذا المهرجان إن حركتكم الفتية هذه تمثّل وجهاً لبنانياً أصيلاً لطالما أكد على حرية الفكر، وكيف إذا جاء في إطار بيروت عاصمة عالمية للكتاب؟ بيروت الشرائع، وبيروت الحضارة، والانفتاح على العالم، تستعيد حيويتها، وتأخذ دورها عاصمة البلاد، ومجمع المثقفين والرواد. وإذا كان برنامجكم يتضمنه تكريم مجموعة متميزة من أعلام اللبنانيين والعرب فإنه دلالة على دور لبنان في محيطه، فكراً وثقافة وعلماً.

والتفاخر بهذا الدور ليس مصطنعاً، ولا هو وليد نزعة استعلائية، وإنما هو عنوان الثقة بوطننا، والثقة بأنفسنا. نحن دعاة حرية، وانفتاح فكري على العالم، وتكامل مع محيطنا العربي، واعتراف بحق الآخر في التعبير. وإذا كانت حياتنا الديمقراطية بحاجة إلى تطوير بعض أنظمتنا وآليات المشاركة السياسية فإنها الإطار الأسلم لوطنه الرسالة.

في زمن الثورة العالمية في مجالي الاتصالات والمواصلات يبقى الكتاب هدفاً ومرتجى. فالثورة الالكترونية التي قرّبت المسافات، وعرّفت الأجيال على خياراتها وأفكارها وثقافاتها، لا تلغي دور الكتاب، ولا يجب ان تلغي ضرورته في التعلّم والتفكّر والترّقي الحضاري.

يبقى الكتاب حاضراً ومستقبلاً خير رفيق، وأفضل إطار للمعرفة ورمزاً لتراث نعتزّ به ونغرف منه، فليتنافس المتنافسون تأليفاً وتوزيعاً. إن إصراركم على المضي قدماً في إعلاء شأن الكتاب، وعلى مدى تسع وعشرين سنة، لهو أفضل عون للطلبة والمثقفين والباحثين، بل للقارئ. وان احترامكم لحرية الفكر هو الذي يقف وراء تنظيم ندوات يومية حول المرأة، والمعلّم، والاقتصاد، والبيئة، والآداب والفنون...

لبنان المتطلع الى إغناء العلم والثقافة، موئل حوار الحضارات. لقد طرحنا إنشاء مركز عالمي لهذا الحوار في بيروت. حوار الأمن والسلم الدوليين. حوار الاعتراف بالحريات العامة وحقوق الانسان كل انسان. حوار حول ثقافة الأديان والمذاهب الفكرية والسياسية. حوار حول حقوق الشعوب في التحرر من الاحتلال وتقرير المصير. حوار عالمي لحماية البيئة الطبيعية من التدمير والتلوث. وحوار حول حق كل شعب في التنمية المستدامة. ويسرني بهذه المناسبة ان انقل اليكم تحيات فخامة الرئيس وتمنياته لكم من منطلق تقديره وعملكم والتزامه بإعلاء الشأن الثقافي ودور لبنان الوطن، ولبنان الدولة العصرية، طموح جميع اللبنانيين. ورسالتنا الى أنفسنا والعالم، ليست وليدة الساعة، وإنما هي فعل إيمان بتاريخنا ودورنا، ونتاج تضحيات الأجيال السابقة. إننا مؤتمنون على مسيرة زاخرة بالعطاءات الإنسانية، وعاملون على تقدمها بمجهوداتكم ومجهودات أمثالكم.