تكريم أعلام الثّقافة في لبنان والعالم العربي

الأستاذ: أمين زيدان     يقدّمه الدكتور منيف موسى والأستاذ جان كميد

المربية: عدلا سبليني    يقدّمها معالي الأستاذ الياس حنّا والأستاذ حمد سليمان

أدار اللقاء: الأستاذ منير سلامة

في يوم المعلّم كرّمت "الحركة الثقافيّة- أنطلياس" علمين من أرباب العلم: الأستاذ "أمين زيدان" فقدّمه الدكتور منيف موسى والأستاذ جان كميد والمربيّة "عدلا سبليني"  وقدّمها الوزير السابق الأستاذ "الياس حنّا" والأستاذ "حمد سليمان" وأدار الأستاذ "منير سلامة" اللقاء أمام حشد غفير من الأصدقاء والمعلّمين والمهتمين.

      عبّر مدير الندوة الأستاذ "منير سلامة" عن حيرة "الحركة الثقافية" كل سنة في اختيار أسماء المكرّمين من المعلّمين في القطاعين الرسمي والخاص. فكثيرون يستحقون التكريم، وبخاصة من هذه النخب التي حوّلت سنين العمر الجميل، شموعاً تنير دروب من هم مستقبل تلك الايام ولفت إلى أنّ التكريم اليوم يطال وجهين كريمين تعاطيا التعليم فناً والتزما به رسالةً هما "أمين زيدان" و"عدلا سبليني زين".

     ذكر الوزير السابق "الياس حنا" أنّ التربّع مكرّمًا على عرش "الحركة الثقافية-انطلياس" في إطار المهرجان اللبناني للكتاب وبمناسبة عيد المعلم، لهو مدعاة للفخر والتهيّب وللاعتزاز بالتعريف والتنويه والاشادة .وقدّم الوزير "حنا" المكرّمة ابتداء من ولادتها في طرابلس، إلى ولادتها الثانية في بيروت عندما نالت الاجازة التعليمية في العلوم الطبيعية من كلية العلوم في الجامعة اللبنانية عام 1968، مع الكفاءة في التربية، وزيّنتها بزواجها من الامين العام لاتحاد المحامين العرب عمر زين. وسأل عن سر توأمة النجاح بين السيدة "زين" وثانوية "فخر الدين المعني" الرسمية للبنات التي كانت مديرتها منذ 1991 إلى استقالتها في 2008،  ليلحظ أنّ السرّ هو إدراك المكرّمة أن التعليم عطاء متجدد وتضحية تستدعي المزيد. وهكذا تمكنت من أن تحوّل الثانوية الى ثريا من النور لا بل الى عرس للفكر ومهرجان للحضارة. وتمكنت من تأمين احدث الوسائل من مكتبات ومختبرات وطوّرت وسائل اللعب والتسلية، ومهرت في تأسيس النوادي للنشاطات اللاصفـّية. شاركت في تدريب المعلمين وفي دورات عديدة نظمها "المركز التربوي للبحوث والانماء" وفي مؤتمرات تربوية نظمتها اليونيسف ومؤسسة الحريري ومنظمة "الاونيسكو" فضلاً عن المشاركة في دورات تدريبية في "فرنسا" و"الجزائر" و"الاردن" و"الرباط" و"القاهرة". ونالت درع شعار الجمهورية اللبنانية من فخامة رئيس الجمهورية العماد "اميل لحود" العام 1999. واعتبر أن ّ العلم والتعليم هما ايضاً علمان مرادفان للبنان وملازمان له. لأن مجد لبنان قام على أبجدية صدّرها الى العالم فكان لبنان رسول الاسم وناشر المعرفة والحضارة في ارجائه .

       وتساءل الأستاذ "حمد سليمان" عن هذه المهمة – الشهادة – على السيدة "عدلا"؛ وماذا يقول فيها بعدما شهد الجميع لها، ووقع الاختيار عليها لتكون محط تكريم! فأيّ شهادة أسمى من هذه الشهادة؟ واعتبر أنّ السيدة "عدلا" حالة.. فكأنما حطت عليها هامة القائد الكبير فخر الدين حين قدِّر لها أن تكون مديرة لهذه الثانوية، بل هموم ذلك الأمير العظيم في حياة "لبنان" والعرب، والدور الذي فرضه على نفسه من عدم الراحة والمواجهة التي لا تستكين... ففرضت على نفسها شيئاً من روحه وهمه. ولم تكن ثانوية "فخر الدين" مدرسة تعليمية تقليدية بل كانت عائلة مسؤولة ومعهداً من الإستعداد والتحفز، والتعاون... والهدف بناء مجتمع راق ووطن يصون كرامة الإنسان، التنافس فيه بالأفضل للأفضل بالمحبة والتعاون والتكامل، وكانت السيدة عدلا عقل هذه الخلية المدبر وقلبها النابض وعينها الساهرة. كانت تنكر ذاتها... في سبيل الوصول الى الأفضل، وخلص كلمته آملاّ أن نقتدي بها!

             أمّا في تقديم الأستاذ "أمين زيدان"، فقال الدكتور "منيف موسى" أنهما تعارفا قبل أن يلتقيا."فالأمين" رجل انتماء من دون عصبية أو تعصّب. ديدنه الأيمان ودأبه الانخراط في الكهنوتيات، فهو جار الله في الروح والصلاة وقريب الرهبان في الممارسة والطقوس. وأخذ الأمين مجاناً وأعطى مجاناً، وإذ كان أميناً على القليل فأنّه أعطى الكثير، فحقله خصب وبيدره وفير والغلّة في أهرائه تكفي حتى في السنوات العجاف. وشدّد على أنّ "أمين زيدان" طلاّع جيله وأترابه، وقيدوم زملائه وأقرانه، وفي محافل الأدب ومجالس الفكر ديدبان المسامرة والإخوانيات، وله على الصحافة الأدبية يد ومقام، وعلى المسارح في لبنان فضل النقل والعقل. وفي يوم التكريم هذا قال الدكتور "منيف" أنّ الجميع يتحلّقون حوله كالسوار فهو اليد السخية الأدبية ذات العقل الراجح والقلب الطاهر والفكر النقيّ. ورأى أنّ تكريمه تكريم للتربية والتعليم والأدب والثقافة.

      أمّا الأستاذ "جان كميد "، فاستذكر الطالب "أمين زيدان" في السنة النهائية من دراسته الثانوية في معهد الرسل. كان وجها جديدا بالنسبة إلى الطلاب الذين أمضوا سنّي دراستهم في هذا المعهد. فتحلقوا حوله بدافع الفضول واكتشفوا أنّه مختلف عن غيره، سابقًا لصفّه ولعمره، وكان حتى في شخصيته وفي نبرة كلامه ما يعليه عن صفة الفتى المتدرّج في ميدان الحياة. وبعد نهاية دراسته الثانوية، تخصص في الخارج وعاد بشهادات التفوّق والتنويهات. وختم كلامه بأنّ المكرّم يمتاز بملوكيّة "الطبع"، فهو لحقًا مبدع وشخصية فذّة.

        وتلت شهادات بالمحتفى بهما منها، كلمة مكتوبة من المطران "جورج خضر" بأمين زيدان (تلتها عنه بالنيابة "نجاة نعيمة ناصيف" – ابنة أخت "أمين زيدان")...

      وبعد ذاك، أعطى مدير الندوة الكلام للمربية "عدلا سبليني " التي شكرت"الحركة الثقافية-أنطلياس" على تكريمها الذي هو وفاء وتقدير للعطاء التربوي التعليمي الوطني، ويجسد رؤية نهضوية إبداعية تتسم بها هذه المؤسسة.  واستعانت "زين" بقول أحد حكماء بيروت "إن سمحتم لي بإصلاح أحوال التربية ألزمت نفسي لكم إصلاح أحوال العالم"، لتعرض رسالتها التعليمية التي تؤمن بها فهي تثق بالتربية، ويقينها بأن لا قيامة لوطن، ولا نهضة لأمة، إلاّ بالتربية. فيوم انطلقت في حمل الرسالة التربوية والتعليمية، إزدادت إصراراً على تحقيق نقلة نوعية في المستوى العلمي وفي التوجيه التربوي والأخلاقي والوطني. وانتهزت الفرصة لتوجيه تحية لزملائها المعلّمين " أنت يا زميلي المعلم أينما كنت في محرابك المقدس، في عيدك الذي أنت عيده في القطاعين الرسمي والخاص، فسلام عليك من حبر الدفاتر، وشدو الأقلام، وعسى أن تستفيق الضمائر لينصفوك، وأن يروك في كل حال، أمام لوحك  المصقول بالدمع والحدق، إلا مارداً تبتسم فوق الجراح، ليصنع من فكره وقلبه مجد لبنان ومستقبل شعبه الزاهر".

       وكلمة الختام للمكرّم "أمين زيدان" الذياستعاد مراحل حياته من رحم أمّه، مسقط رأسه الأول في القُصيبة المتن الأعلى، حيث نشأ وترعرع... إلى رحم الأرض، مسقط رأسه الثاني في رحابها الواسعة، مدارس، وجامعات، وميادين رسالة وحيث الآنَ، في خريف عمر مُثقل الجنى، يحطّ الرّحال للحظات على رجاء سقوط رأسه لمرّة ثالثة في رحِم الربّ الأبديّ. ومن خير الأرض والحياة استقى ثمارًا شتّى قاسم مع الحضور أربعًا من الدرايات الأغلى وهي الكلمة-الفعل، والمعلّم الحقّ، والأبوّة المسؤولة والوطن حبيبة الملح النقيّة وذريرة الخمير السليمة. وأمل أن يكون السامعون أولى الحُبيبات، وأولى الذريرات، بها تصلحُ خليّة جسد لبنان الأولى. وشكر ربه وأهله وزوجته وأولاده وأحفاده، ملائكة "عائلته الجنّة". وشكر أيضًا القيّمين على الحركة الثقافيّة، رأسًا وأعضاء، قيّمين استهوتهم عاميّة "انطلياس"، فتبنّوا مقرَّها، ولم يعتمدوا لها روحًا، وبوحي من روحانيّتهم المُثلى، في المقرّ إيّاه، شادوا عاميّتَهمتُشعل حربًا، لا هدنةَ فيها، بين عقولٍ وقلوب ومكامن قصيِّ رؤىً. والشكر موصول أيضًا لجان كميد، الأديب الشّاعر والدكتور "منيف موسى" على كلامهما وصداقتهما ولكلّ الحاضرين فردّ لهم التحية ببيت شعر

 "هؤلاء خِلّاني، فجيئوا بمثلهم            إذا جمعتنا يا كرامُ المجامع".

 وسأل أخيرًا: "أَغَلَّت فِعالي من مجّانيّ نِعَمِ ربّي، ومن جَنى سَماويِّ رسالتي التّعليم، ومن محاصيلِ دعوتي الأبوّة، ومن مُشرّف نسبي اللبناني، ما استحقّ إلتفاتةَ كرامٍ يقدِرون، كونُهم ذوي  المكارم الأكفاء؟"

     وفي الختام قدّم أمين عام الحركة، الأستاذ "جورج أبي صالح" شعار الحركة إلى المحتفى بهما ونسخة عن النصّ الأصليّ لعاميّة أنطلياس الشهيرة، عاميّة 1840.