كرّمت "الحركة الثقافيّة- أنطلياس الدكتور شاكر الغضبان

قدّم التّكريم: الدكتور "أنطوان قسيس"

أدارت اللقاء: الدكتورة جولييت الراسي".

          رحّبت مديرة اللّقاء، الدكتورة جولييت الراسي" بالمشاركين في تكريم علم جليل من أعلامنا رفع رأس وطننا عالياً في دنيا العلوم والاكتشافات،العالم الأثري الدكتور "شاكر الغضبان". ولد  شاكر الغضبان في بلدة رأس بعلبك البقاعية في ظروف اجتماعية صعبة ، لكن ذلك لم يمنعه من التعلق بالعلم . فرغبته بالتعلم منذ نعومة أظفاره وارادته الصلبة جعلتاه يترقى في درجات العلم ، من أستاذ في بلدته رأس بعلبك الى متخصص في أرقى المعاهد، مدرسة "اللوفر". بعد الانتهاء من تخصصه العام 1963 عاد شاكر الغضبان من فرنسا، وعيّن أثريا في المديرية العامة للأثار. وكان من ضمن عمله مراقبة تجارة الآثار في لبنان . كما قام بمكتشفات أثرية عديدة ومهمة في الجنوب، وبخاصة في صيدا وصور وقضاءيهما. ولكن رغب بعض المسؤولين بنقله من عمله في مديرية الآثار ، وكان صاحب العلاقة يرفض النقل . وقد حلّت هذه العقدة العام 1969 عندما تم نقله الى مركز آخر فكان هذا الانتقال لمصلحة منطقة البقاع فقد قام في السنوات التي أمضاها في "بعلبك" بمكتشفات أثرية مهمة في السهل والجرود العالية وتجمع لديه عدد من الكتابات اليونانية واللاتينية يوازي تقريباً عدد المكتشفات خلال أكثر من مائتي عام. فهنيئاً لنا بعلم فذّ جعل الحجر والنقش يكتب تاريخاً ، وأغنى مكتبتنا باكتشافاته وأبحاثه .

       قدّم الدكتور "أنطوان قسيس" المحتفى به منتقلاً إلى ثلاث مراحل في حياته: طفولته وسنوات تحصيله العلمي ومرحلة العمل والنشاط العلمي. واعتبر أنّ حال الدنيا تبدّلت وأزهرت جنة عدن يوم 3 أيلول من العام 1936 عندما ولد لعائلة "يوسف نقولا غضبان" و"جميلة جرجس مكسور" الولد الأخير "شاكر" وهو الخامس بعد "فوزي" و"بدور" و"نقولا" و"فؤاد". وليس لاسم عائلته علاقة مع طبعه وأخلاقه إذ لم يعرفه الدكتور "قسيس" يومًا غاضبًا أو حاقدًا أو نمامًا. تربّى على كرم الأخلاق والمروءة والتقوى والصدق وحبّ العمل وهي ميزات متأصّلة في عائلته ولم يحد عنها يومًا.

منذ نعومة أظافره كان يحب القراءة فبدأت ملامح المعرفة والشوق تأخذ طريقها إلى عقله وقلبه.  ووقع عليه لاحقًا الاختيار لينتقل إلى مطرانية الروم الكاثوليك في بعلبك. كان عليه أن يترك رعاية القطيع ليتحضر لرعاية الرعية. لم يربحه الكهنوت ولم تخسره الرعية التي أبى أن يتركها فنقل إليها معارفه وثقافته واكتشافاته التي اكتسبها في مراحل حياته العلمية. وبعد حصوله على البكالوريا علّم في مدرسة القرية ثمّ نال منحة لدراسة الآثار في فرنسا.

عاد من "فرنسا"، وعيّن كأثري في المديرية العامة للأثار. وعمل بكل أمانة وقال عنه موظفو المديرية "يده خضرا" فلا يتوجه إلى قرية في لبنان إلا ويعود بسيارة مملوءة بالآثار. توالت المهام في عام 1966 قام الأستاذ "شاكر الغضبان" بطلب من أستاذه البروفسور "مولا دي جوردان" بتنظيم مؤتمر دولي في بيروت تقاطر اليه الاختصاصيون من جميع البلدان ، ونال نجاحاً ملحوظاً وذلك بفضل مساهمة "الغضبان" في تحضيره بدون أن يتلقى أي أجر على ذلك لقاء أتعابه وجهوده.  ولاحقًا بعد خلاف بين الأمير موريس شهاب المدير العالم لمديرية الآثار والمديرية تقرّر نقل "غضبان" ولكن كل المحاولات باءت بالفشل. وصل الخلاف إلى سينودس الروم الكاثوليك الذي درس القضية، فجاء الحلّ بنقل الأثري من بيروت إلى البقاع، فيحصل على إمارة تمتد من البقاع إلى حاصبيا، ثم إلحاقه إداريًا بالمحافظ: "هكذا نكون أبقينا الأثري "غضبان" ضمن مديرية الآثار إرضاء لغبطته وأبعدناه عن مديرية الآثار إرضاء لها." وفي منصبه الجديد عمل بلا كلل. ومكّنه عمله الميداني من اكتشافات مذهلة وفريدة لاسيما في الجرود العالية الصعبة السلوك. وختم كلامه قائلاّ إنّ "لبنان" لم يعرف قيمة هذه الثروة وانحنى أمام عظمته "اسمح لي أيها المعلّم، يا صديقي، أن أنحني أمام علمك وأطلب لك طول العمر الذي يليق بك لتبقى الموجه والمعلّم والباحث الذي يفيض علينا بمعارفه وثقافته."

        شكر المحتفى به "شاكر الغضبان" "الحركة الثقافية-أنطلياس" على لفتتها هذه، وخصّ بالشكر الدكتورة جولييت الراسي وصديقه الدكتور "أنطوان قسيس"، وتطرّق في كلمته إلى مراحل حياته التي كرسّها للنهوض بالآثار في لبنان.

       وتلت شهادات بالمحتفى به على لسان الدكتور "أنطوان معلوف" والأستاذ "سرحان بركات" والأستاذ "جرجس مشرف" والأب الدكتور "كرم رزق" والمطران "كيرلس بسترس"، المطران "الياس رحّال" والمطران  "يوسف كلاس" والدكتور "جورج روفايل" والدكتور "عصام خليفة".

      وفي الختام قدّم أمين عام الحركة، الأستاذ "جورج أبي صالح" شعار الحركة إلى المحتفى به ونسخة عن النصّ الأصليّ لعاميّة أنطلياس الشهيرة، عاميّة 1840.