لقاء حواري مع النائب العربي الدكتور عزمي بشارة 12-06-2006
كلمة المحامي جميل جبران
إذا كان " الجهر بالحقيقة في وجه القوة " هو السمة الأساسية للمثقف، كما يقول ادوارد سعيد، فأن عزمي بشارة قد أدمن الجهر بالحقيقة، قولاً وكتابةً وعملاً، في وجه القوة مهما كان الشكل الذي تتخذه :
v في وجه الدولة التي بنيت على خرائب بلده، يعلن، وهو العضو العربي في الكنيست : " لست وطنياً إسرائيلياً انني وطني فلسطيني ". ويدعو إلى الاستقلال الذاتي الثقافي للأقلية العربية، والى خوض معركة المساواة، والى المشاركة في إشكالية المطالب الاجتماعية و السياسية، توصلاً إلى الدولة الديمقراطية العلمانية.
v في وجه الذين نظروا بعين الريبة والحذر، إلى الأقلية العربية التي بقيت على أرض الوطن، ودخل أفرادها كمواطنين في دولة إسرائيل، يقول لهم :
" يكون التضامن والتفاعل مع الشعب الفلسطيني وقضاياه حقيقياً عندما يتم اكتشاف البعد الوطني في الصراع لتغيير الواقع داخل إسرائيل ".
v وفي وجه الأنظمة العربية، يقول ان ليس لديها المصداقية لكي تدافع عن حقوق الإنسان الفلسطيني التي ينتهكها الاحتلال الإسرائيلي " فالذي يريد ان يدافع عن حقوق الإنسان الفلسطيني لا بدّ ان يسأل عن مدى احترامه هو لحقوق الإنسان والمواطن في بلده ".
اختصر عزمي بشارة المسافة بين الفكر والممارسة، بين المعرفة والفعل السياسي، بين القناعة الراسخة والموقف الشجاع، فأصطدم بالكثير من البني الفكرية والسياسية، وصدم الكثيرين، وظل في نفس الوقت وطنياً وديموقراطياً وهما صفاتان قلما تلتقيان في شخص واحد في عالمنا العربي الفسيح.
ملخص لمداخلة الدكتور عزمي بشارة
تناول بشارة العلاقة الفلسطينية - الفلسطينية، وقال انها "أصبحت صورة مصغرة للصراع الإقليمي بذاته ولا يحق لنا ان يحصل اي صراع فلسطيني - فلسطيني في ظل حال تحرر وطني قبل ان تنشأ دولة وكيان، وبالتالي فان مقولة حرب اهلية في الحال الفلسطينية لا تصح لانه لا يوجد كيان سياسي حقيقي يمكن الاختلاف على سيادته او على كيفية إدارته، وخصوصا ان القضايا التي يجري النقاش حولها فلسطينيا في هذه المرحلة هي قضايا نظرية في السياق الفلسطيني الإسرائيلي، بمعنى ان حسمها فلسطينيا لا يعني حسمها في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لانه لا يوجد فلسطيني واحد يوافق على الاملاءات الإسرائيلية، وبالتالي الحل الوحيد لتجنب تفجر الأوضاع المستمر هو فك الارتباط من طرف واحد للقضية الفلسطينية، اي ان تدير اسرائيل ظهرها للمسألة بواسطة التخلي عن المناطق المكتظة بالسكان دون حل عادل للمسألة الفلسطينية". واعتبر ان "من العبث محاولة حسم هذا النقاش بأحداث شرخ فلسطيني داخلي وان كل العوامل الموضوعية تدفع في اتجاه الوحدة الوطنية". واكد "ان الجهد الأساسي الآن منصب في اتجاه ترتيب البيت الفلسطيني للخروج من المأزق، وقد تسلمت حركة حماس السلطة في ظل الاحتلال الإسرائيلي وهي مقيدة بالقيود الإسرائيلية، وحوصرت عالميا فوصلنا الى وضع صعب جدا حيث لا سلطة ولا مقاومة، وكان من المفضل ان تكون حكومة وحدة وطنية تجمع بين الجناحين الأساسيين في المجتمع الفلسطيني، حماس وفتح، او على الاقل ان تكون حكومة تدير شؤون الشعب الفلسطيني، او يحتفظ بالقرار السياسي الفلسطيني لقيادة وطنية موحدة بواسطة إعادة بناء منظمة التحرير، بحيث تدخلها حماس والجهاد وتصبح هي صاحبة القرار السياسي، وتدار الشؤون المدنية للسكان بواسطة حكومة تكنوقراط مثلا".
وانحى باللائمة على العرب "ولاسيما الذين يحتفظون بعلاقات في المنطقة او الذين كان في استطاعتهم ان يؤدوا دورا في التوفيق بين القوى الفلسطينية وإقامة وحدة وطنية".
وقال: "ان هذا الوضع يجب التعامل معه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بإقامة حكومة وحدة وطنية وتجنب الاستفتاء، لان لا علاقة له بالقانون الفلسطيني ولان الهدف من الاستفتاء هو إلحاق الهزيمة بحكومة منتخبة، وبالتالي هذه فتنة ويجب عدم القبول بذلك".واكد تضامنه مع لبنان "ومع ما يمر به هذا البلد من قلق وترقب وعدم وضوح ووجود افق، وهذا اصعب ما يعيشه لبنان الآن".