مهرجان النبيذ اللبناني

 

اقامت الحركة الثقافية انطلياس وبالتعاون مع اتحاد الكرمة وانتاجها في لبنان، المهرجان الاول للنبيذ اللبناني في 6-7 -8 شباط 2009 وتخلله عرض وتذوق النبيذ اللبناني كما رافق المهرجان سلسلة محاضرات عن الموضوع.

 فيما يلي كلمة امين عام الحركة الثقافية الدكتور انطوان سيف.

 

المهرجان الاول للنبيذ اللبناني

 



المهرجان الاول للنبيذ اللبناني

 كلمة الأمين العام د. انطوان سيف

 

سيداتي سادتي،

      

       باسم الحركة الثقافية - انطلياس أرحب بكم زائرين أحباء مشاركين ومؤسسين لهذا المهرجان، "مهرجان النبيذ اللبناني"، وأزيد بثقة وأمل عبارة: الأوَّل، في رحاب هذا المكان البهيّ من دير مار الياس انطلياس العريق في تاريخ لبنان بأبعاده الروحية والوطنية والاجتماعية والثقافية، والذي زادته بهاءً إضافياً باهراً اللمسات الفنيَّة لكبار العارضين الذين يشرِّفون الإنتاج اللبناني العريق والذين يعرفون أكثر من سواهم انَّ التحلّق حول النبيذ هو فرح ورجاء ولقاء محبِّين، وهو خصوصاً تواطؤ الذوق بالتذوُّق مع الحواس الإنسانية والمشاعر المرهفة التي تجعل لآداب الطعام، ان أردنا، آفاقاً أوسع من مجرَّد الأكل، كما نجعل من الحياة، ان أردنا، أوسع من مجرَّد العيش، وكما المهرجان أكثر من معرض.

       لوطننا لبنان تاريخ عريق في هذه الصناعة بجباله الشاهقة المطلة على الحوض الشرقي للبحر المتوسط الذي يتميز على الرغم من ذلك، بكرمته التي تقبِّلها أشعة الشمس 360 يوماً في السنة، قبل الحلاوة والاحمرار والجودة؛ صناعة تستمر اليوم، وبعد آلاف السنين، مع جيل جديد من المنتجين كإحدى أرقى صادراتنا إلى العالم الأوسع، ان لم تكن الأرقى بالمقياس المطلق. ولها أيضاً حضور في تقاليد قسم كبير من اللبنانيين: في نمط حياتهم في بيوتهم ومطاعمهم، في الأبنية كما في الطبيعية، وفي تراث معتقداتهم في أديرتهم، وفي ليتورجيَّتهم اليومية في كنائسهم.

       ومهرجاننا كحدث ثقافي، لا يدَّعي مع ذلك أنه خاص بجماعة، ولا بكامل أفرادها. انه ذو طابع فريد ومخصوص، لا بل فائق الخصوصية، بجمهوره المحلّي الخاص المؤلف حصراً من شريحة من محبّي النبيذ اللبناني، لا بل من عشاقه، ومن منتجيه اللبنانيين حصراً، بوصفه إنجازاً لبنانياً لا يضيره شيء إن اتخّذ بروحيَّته المعروفة أبعاد سلعة اقتصادية فاخرة، فهذا شأن الكتاب القيّم الذي هو أيضاً سلعة ثقافية، وشأن اللوحة الفنيَّة التي هي أيضاً سلعة جمالية... وصولاً  إلى باقة الورد التي نشتريها بأموالنا واثقين من انها تحمل إلى من نحبّ ما ليس متداولاً بلغة الأرقام. إنها تقول أكثر ما يقول الكلام...

       تحيَّة إلى هذا الإنتاج اللبناني ومنتجيه، إلى هذه الصناعة اللبنانية الفاخرة والداعمة لاقتصادنا الوطني، التي انطلقت قديماً من تجويد الأديرة منذ مئات السنين قبل أن "تتعلْمَن" مع المنتجين الكبار منذ نحو قرنين، وقبلهم من المزارعين والمهتمين بالأرض والبيئة، وبعدهم من التجار والموزَّعين... والذوّاقة الذين يتوحَّدون فقط بانتماء الذوق والخيار الحرّ.

       أيها الأصدقاء،

 أهلاً بكم في هذا اليوم الأوّل من هذا المهرجان. واستشعر أن كثيرين منكم سيزورونه في اليومين المقبلين مع أصدقائهم الذين فاتهم هذا اليوم ذائقين، وشارين، ومستمعين إلى محاضرتين، لا بل لقاءَين، حول النبيذ وروحه وعوالمه، في أطره اللبنانية والإنسانية والثقافية: اليوم الجمعة، مع عالِم ومنتج المُدامة الأستاذ الجامعي الأب شربل حجار: حول النبيذ في رؤية تاريخية في اكثر من حضارة قديماً وحديثاً. ولقاء آخر غداً السبت مع أحد عشاق النبيذ الأستاذ الجامعي والمؤلف الدكتور عبدو قاعي بعنوان: لبنان وروحية النبيذ. واللقاء، في المرّتين، لن يطول، ولن يتركز على المحاضر وحده: انه لقاء كل الحاضرين حول النبيذ لمن يرغب.

لأن المهرجان هو في الأساس لقاء عاشقي هذا الانجاز الحيّ والثقاقي، فهو لقاء محبّة ورقي في إطار قيم لبنانية نحرص على صونها ونشرها، عنوانها: الحريات العامة، واحترام الآخر المختلف كما هو، والحوار معه والتكامل به وطنياً وانسانياً، والدفاع عن حقوق الإنسان، والسلام الأهلي، وبخاصة ابتغاء الوسائل الديمقراطية السلمية الحضارية وحدها، أي الثقافة المستنيرة، لتحقيقها، ومواجهة الظلم والعدوان والاحتلال؛ كل ذلك في إطار وطننا لبنان السيد الحر المستقل المنفتح على بيئته العربية وعلى العالم.

وأخيراً، يهمني أن أتوجه بالشكر باسمي واسم زملائي في الحركة الثقافية - انطلياس، أعضاء وموظفين،

إلى الرهبنة الانطونية، وبخاصة دير مار الياس - انطلياس، ممثلاً برئيسه الأب جوزف عبد الساتر ورهبانه الكرام،

       وبشكر خاص إلى المشاركين العارضين وهم من كبار المهتمين بالكرمة ومشتقاتها في لبنان، منوهاً بشكل خاص بالتعاون والمشاركة "للاتحاد اللبناني للكرمة وإنتاجها من النبيذ" Union Vinicole au Liban (UVL)، ممثلاً بأعضائه المرموقين وبشخص رئيسه المثقف الناشط الأستاذ سيرج هوشر. فهم جميعاً، وبمشاركة العارضين الآخرين القائمين بهذه المهمة صناعةً وانتاجاً زراعياً قروياً، وكتباً مختصة... يشكلون عماد هذا المهرجان، الذي نرجو ان يستمر معهم ومع عارضين جدد، سنة بعد سنة،

       وأنوِّه بخاصة بالدعم المميز للمهرجان الذي قدمه بنك بيبلوس، رئيساً وإدارةً وقائمين بأنشطته،

وأشكر برنار (Traiteur et pâtissier) الذي ستتذوقون الكوكتيل الذي أعدَّه لكم، بعد إنهاء كلمتي مباشرةً.

أشكر Floris "وزرعَه" هذه الشتول الجميلة في وسط القاعة وعلى جوانبها بين العارضين.

أشكر الأب شربل حجَّار الذي كانت له اليد البيضاء في الاسهام معنا بالتمهيد لهذا المهرجان، وهو من العارضين ومن المحاضرين أيضاً فيه وأشكر السيد ميشال لوكليرك الذي كان لخبرته في هذا المجال ولاندفاعه معنا، حظ كبير في إقامة المهرجان، بخاصة بمطبوعاته الانيقة.

شكراً لكم جميعاً، زائرين ذوَّاقة شارين حاضرين عاشقين للنبيذ.

عشتم وعاش لبنان
6-2-2009