محاضرة بعنوان:

"مخاطر المنتجات الزراعية في لبنان وكيفية معالجتها"

للدكتور حسّان مخلوف

 

الانسان والطبيعة

في تقديم محاضرة الدكتور حسان مخلوف

كلمة نايلة ابي نادر

 

"وحدها الطبيعة تفعل الأمور الكبيرة بلا مقابل". جان جاك روسو

 

ننظر من حولنا فنرى أجواء ملبّدة بالهمّ والقلق على المصير. مصير الانسان، مصير الأرض، مصير الطبيعة الخضراء الغنّاءة التي شكّلت حضناً تربّت ونمت فيه الأجيال السابقة. نطوف في دوامة تتقاذفنا أمواجها من كل صوب، من دون أن نتلمّس صخرة خلاص. نتوه مبعثرين في أروقة المجهول...

يتلاعب بنا، بلقمة عيشنا، بمستقبلنا ومستقبل الأرض التي جئنا اليها في زيارة كنا نرجوها ممتعة، أفرادٌ، بل مجموعاتٌ، لا تبغي سوى الربح، ولا تنشد سوى توسيع نفوذها، ولا تعمل الا انطلاقاً من روزنامتها المبنية على الدوران حول الدولار لا حول الشمس، ضاربةً بعرض الحائط قوانين الطبيعة، وسلامة الغذاء.

نعيش اليوم في عالم يحكمه "تجار الهيكل"، ويديره بعض المهووسين بعبادة المال، فالانسان لا قيمة له، ولا الطبيعة لها حقوقٌ علينا، ولا اهتمام بالأجيال القادمة وما سيتبقّى لها بعد كل الخراب والتدهور البيئيين. لسنا هنا للتهويل، ولا للندب والضرب على الصدور، نحن هنا اليوم لنوقظ فينا الوعي، لنعمل سوياً، لنضع خبراتنا في خدمة الآخرين، عسانا وعلّنا نتمكّن من أن ننجو من الكارثة المُحدقة بنا قبل أن تنقضّ علينا وتفترسنا، أو أقله علنا نتمكن من تأخير هذه النهاية المشؤومة بعض الشيء.

هناك قول مأثور يشير الى أنه: "لا تجلب الطبيعة مصيبة لأحد. بعض الشرائع التي سنّها الانسان هي التي أوجدت المصائب". صحيح، نحن نواجه اليوم شرائع جائرة تبرّر أنظمة الربح السريع الذي لا يعرف الشبع، وثقافة الأنانية المستفحلة التي تعتبر أن الإنسان بإمكانه أن يستغلّ كل شيء من حوله في سبيل تأمين ما يسميه بـ"متعته" الخاصة. هناك اعتقاد بأن الانسان سيّد الكون والمخلوقات، بإمكانه التصرف بها كما يحلو له.

نعيش في زمن فقدنا فيه أبسط الحقوق التي يتمتّع بها أي كائن حي. خسرنا الحق في أن نتناول صحناً صحياً يؤمّن لنا غذاءنا اليومي. بتنا محاطين بمجموعة، بل بقوافل من السموم المتربّصة بنا، والتي تتسابق على إذلالنا، ورمْيِنا في أَسرّة المستشفيات، نستعطي العلاج وتسكينَ الألم. فلا الخضار بقيت على حالها، ولا الفاكهة، ولا الحبوب، حتى الرغيف، قوت الفقراء لم يعد رغيفاً إنما قنبلة موقوتة تفجّر في معدة من يتناوله سموماً قاتلة. كذلك مجموعة كبيرة من البهارات والأعشاب المستوردة تسلّلت اليها الفطريات السامة وفق دراسة علمية نَشرت نتائجها جريدة النهار يوم أمس. لن نتحدث عن اللحوم والبيض والأعلاف والهورمونات والمضادات الحيوية التي تعالج بها الحيوانات. لن نعدّد كل مواضع الخلل في لقاءٍ واحد.

اخترنا أن نتوقف اليوم، مع الدكتور حسان مخلوف، الباحث والاستاذ الأكاديمي المتميّز، في كلية العلوم في الجامعة اللبنانية، عند تلوث التربة والمزروعات بالسموم التي يستخدمها المزارعون، عن معرفة أو جهل، وهي تدخل الى دم الانسان وخلاياه لتُمعن خراباً وفتكاً بصحته. الدكتور مخلوف مناضل شرس في الدفاع عن صحة الانسان، وفي تسليط الضوء على مكمن الخلل في المجال الزراعي. نفرح اليوم في استقباله للمرة الثالثة على منبر الحركة الثقافية ليخبرنا عن آخر ما توصّل اليه في أبحاثه حول مكافحة السموم، وكيفية تفاديها قدر المستطاع.

سيعرض لنا، وبشكل مبسّط أبرز ما تكشّف لديه بعد جهدٍ بحثيٍّ طويل. هو ابن البقاع، ابن السهل الذي يُطعم لبنان، يضيء لنا أموراً وحقائق من الضروري أن نطّلع عليها.

يُنقَل عن الشاعر الروماني القديم جوفينال هذا الكلام: "ما تقوله الطبيعة لا يختلف عما تقوله الحكمة"، فهل نحن منصتون فعلاً الى كلامها؟ هل نحن مدركون حقاً قوانينها؟ هل أتقنّا فكّ الحرف لكي نتمكن من القراءة في كتابها؟

أختم بقولٍ لكبير من عندنا، ميخائيل نعيمة: "إن في التراب عطراً لا تعرفه حوانيت العطارين"، فلنتنشّق ولو لمدة قليلة عطر الأرض الذي سيفوح من كلام الدكتور حسان مخلوف.

 

نايلة ابي نادر

أنطلياس، في 2019/5/15

 

________________________________________

 

ملخص محاضرة الدكتور حسان مخلوف

حول "مخاطر المنتجات الزراعية في لبنان وكيفية معالجتها"

بدأ الدكتور مخلوف بتحديد مصادر مخاطر المنتجات الزراعية فحصرها في ما يأتي:

1-    استهلاك المنتجات الملوثة بالترسبات الكيميائية المتأتية من استعمال الأدوية والأسمدة الزراعية.

2-    استعمال مياه ملوثة في الري.

3-    الانشطة البشرية كالصناعات التي تبث التلوث في الهواء ليتراكم في التربة بعد ذاك.

4-    النفايات على انواعها، بخاصة الصناعية والطبية، والنباتات المعدلة وراثيا.

ثم توقف عند مخاطر الأدوية الكيميائية التي يتم استخدامها من قبل المزارعين مشيرا الى ان العديد من المواد الكيميائي شديدة السمّية، وهم يستخدمونها بشكل عشوائي ومكثّف بغض النظر عن وجود أي تهديد خطير يتعلق بآفة معينة تصيب الزرع. لفت النظر الى أن أغلب المبيدات لا يكاد يكون لها أي تاثير على زيادة الانتاج، وهي تقلل من أرباح المزارع وتسبب ضررا كبيرا في البيئة وفي صح الانسان. يلحظ أيضا ان لبنان يستهلك كميات كبيرة جدا من الأدوية والسموم بالمقارنة مع باقي الدول. تقدر الكمية المستخدمة بأربعة أضعاف مما يحتاجه لبنان، من دون احترام فترة الانتظار قبل جني المحصول، مما يؤدي الى اصابة المستهلك بأمراض عدة، وبخاصة السرطان.

هناك تقديرات تشير الى ان لبنان يستورد 4000 طنا من المبيدات الخطيرة سنويا في حين أن فرنسا مثلا تستورد 75000 طنا. وذلك يعود سببه الى ما يأتي:

-         الاستيراد بطرق غير شرعية

-         غياب الثقة باللجنة المشرفة على ادخال المبيدات

-         غياب استراتيجية واضحة لدى السلطات المختصة

-         كيفية تسويق هذه المواد السامة، من دون مراقبة للإجبار على الالتزام بالمعايير.

-         عدم التأكيد مما يسمى بالمبيدات الآمنة، ومن عدم تأثيرها على صحة الاطفال، لأن حساسية الطفل أكبر من البالغين على المواد السامة.

من هنا شدّد على المطالبة بما يأتي:

-         ضرورة التركيز على النظام الغذائي للأطفال وتحديد المخلفات "المسمومح بها".

-         تحديد معايير ترخيص واستعمال المبيدات وتحسين المعايير القائمة حاليا لتوفير حماية الأطفال.

-         وضع برامج وقائية وعلاجية للنبات تحدد المبيدات المسموح استعمالها وفق المدة الزمنية الضضرورية لتفككها.

-         العمل على مساعدة المزارعين للتحول نحو نظم الزراعة العقلانية والمستدامة.

-         إرشاد المزارعين وتوعيتيهم بخصوص طريقة استعمال المبيدات واحترام المعايير البيئية والتنوع الحيوي.

-         إنشاء مختبر مركزي بإدارة مشتركة بين وزارة الزراعة، وظوزارة الصحة، ووزارة البيئة، والجامعة اللبنانية، ومصلحة البحوث العلمية، وبعض جمعيات المجتمع المدني، وجمعية حماية المستهلك. مهمة هذا المختبر الرئيسة إعطاء رخص استيراد المبيدات الزراعية وتصنيعها واستعمالها.

 

طرح الدكتور مخلوف السؤال الآتي:

هل هناك من أمل للحد من مخاطر المنتجات الزراعية في لبنان؟

الإجابة كانت من خلال ما توصل اليه منذ عشرين سنة من الابحاث المخبرية والتجربة على أرض الواقع.

نعم هناك حل وعد به، وبشر بقدومه قريباً.

إنه المركب الحيوي LBMالذي يقوم بنزع سمّية التربة، وتنشيطها، وإعادة تأهيلها، ويعمل على السيطرة على الآفات الزراعية بشكل طبيعي ومستدام.

LBMهو اختصار لـ Lebanese Benefical Microbesيقوم بالتصدّي لجميع المشاكل التي تعاني منها التربة في لبنان. يتمّ الحصول عليه من خلال عزل الكائنات الحيوية في الأراضي الخصبة غير الملوثة في لبنان، ووفصل السيء منها عن الجيد.

قام الدكتور مخلوف بتطوير منتج أطلق عليه اسم ISDAR.

كذلك قام بتطوير منتج ثان من LBMمن أجل تحليل النفايات العضوية بسرعة ومن دون انبعاث روائح كريهة أو غازات سامة.

كما طور ايضا منتجاً ثالثاً يعمل على معالجة المياه الملوثة على كافة أشكالها.

من حسنات هاذا المنتج بالاضافة الى ما ذكر أعلاه:

-         سيُدخل الزراعة في لبنان الى عصر التكنولوجيا الحيوية.

-         سيعيد التوازن البيئي للتربة ويجعلها كالتربة البكر.

-         سيسمح بتحويل التربة الملوّثة وإعادتها الى الدورة الأنتاجبة مما يردّ لها خصوبتها.

-         سيعطي قيمة مضافة الى المنتج الزراعي اللبناني فيسهل تصديره لخلوّ من تراكم الترسبات الكيميائية.

 

انطلياس في 2019/5/15

         أمانة شؤون البيئة والتراث