المؤتمر الوطني 2015

منير راشد    رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية 5 حزيران  2015

المخاطر على المالية العامة:غياب الموازنة وقطع الحساب وعجزها – تفاقم الدين العام وتباطؤ النمو.

 

لقد اعتاد الجمهور اللبناني منذ 2006 على غياب إقرار الموازنة العامة. ومن الناحية الإدارية و الاقتصادية فهو تقصير ذات ارتداد سلبي على عدّة أصعدة. وأودّ أن أذكر هنا أهم هذه السلبيات:  فقدان الثقة بالسياسة المالية والقدرة على دفع المستحقات المترتبة على الحكومة، غياب خطة تنموية متكاملة، غياب خطة تعبئة وظيفية، الحاجة إلى طلب إقرار قوانين منفردة، غياب القدرة على الإدارة السليمة للدين، تراكم المتأخرات وأخيراً تباطؤ النمو.

وفيما يخص الوضع المالي الحالي والدين، لقد سجلت الموازنات المتعاقبة ومنذ نهاية الحرب الأهلية عجزا سنويا مستمرا بلغ متوسطه في السنوات الثلاث الأخيرة 5.5 ألف مليار ليرة أي ما يوازي 3.7 مليار دولار سنوياً. إن العجز السنوي يشكل الزيادة إلى الدين القائم. وللتوضيح فان الدين الحالي البالغ 67 مليار دولار هو مجموع العجز السنوي منذ نهاية الحرب. و يموّل معظم الدين من المصارف المحلية و مصرف لبنان مما يقي السوق المالي المحلي من التقلبات في رغبات المستثمرين الاجانب.

أما أسباب العجز فأهمها بطء نمو القواعد الضريبية وضعف فعالية الجباية والزيادة المستمرة في الانفاق. وأهم بنود الانفاق هي الأجور والرواتب و مدفوعات الفوائد على الدين التي اصبحت تشكل البند الاكبر في الانفاق، وكلاهما يتصاعدان بوتيرة مستمرة ، إضافة إلى التحويلات لقطاع الكهرباء.

إن العجز الكبير له أثر سالب على الاقتصاد من عدة نواحي. أولها أنه يكبل قدرة الدولة من زيادة الانفاق للأغراض التنموية لكي لا يرتفع الدين، وثانياً ان خدمة الدين المرتفعة تكون على حساب تقديم خدمات جديدة و تطوير الخدمات الحالية. ولذا نرى ان الانفاق الاستثماري يتخذ حيّزا منخفضا من مجمل الانفاق ولا يتجاوز 1 بالمئة وهي من أقل النسب في العالم و الذي  نتج عنه انخفاض في النمو و ارتفاع معدلات البطالة.

لدى الاقتصاد اللبناني القدرة  الآن على تمويل العحز في الموازنة ولكن بتكلفة مرتفعة، أذ ان الفوائد على سندات الخزينة تفوق 6% و هي من الأعلى في العالم. و هذا الاتجاه ابرز مشكلة اساسية ألا و هي مزاحمة القطاع العام للقطاع الخاص و التي نتج عنها ارتفاع في نسب الفوائد و بدوره ثبط من  قدرة الاقتصاد على تحقيق معدلات نمو مرتفعة وقلل من فرص العمل والقدرة على استيعاب اليد العاملة الشابة.و على  الرغم  من طاقة الاقتصاد اللبناني  على تحمل عبء الين الحالي لوفرة السيولة في المصارف، و لكن لا بد من معالجة هذا التدهور في اقرب وقت من خلال وضع خطة شاملة للإصلاح تعالج المالية العامة و السياسات الاستثمارية.