بيان صادر عن الحركة الثقافيّة – أنطلياس

          شعبنا اللبناني يعاني في هذه المرحلة من كارثة كبرى، بعض مظاهرها: الانهيار المريع للقوّة الشرائيّة لعملتنا الوطنيّة، تفكّك أوصال الدولة (لا رئيس للجمهوريّة، ولا حكومة مسؤولة، ولا مجلس نوّاب يتحمّل مسؤولياته). تهافت الخدمات الأوّليّة (لا كهرباء، لا مياه، لا مدارس ولا جامعة وطنيّة، لا مستشفيات ولا أدوية بمتناول المواطن العادي ولا مواصلات سهلة وجنون أسعار الطاقة). حدود مسيّبة، يدخل من يريد ويخرج من يريد، النازحون تتزايد أعدادهم خارج كل  الضوابط، هجرة مخيفة  تقتلع زهرة شباب الوطن إلى ديار الإغتراب. تصاعد شاقولي في أسعار كل السلع الغذائية، وقبل كل شيء وبعد كل شيء امتناع المصارف عن إعطاء الودائع لأكثرية أبناء الوطن في سرقة لم يعرف التاريخ مثيلا لها. وجريمة العصر في مرفأ بيروت ومنع الجسم القضائي من إدانة المجرمين على كل الصعد. وإذا تساءلنا عن خلفيات ما يجري لتَبادرَ إلى الذهن جواب واضح: منظومة فاسدة في الداخل تنفّذ مخططات آتية من بعض الغرب تسعى إلى تفكيك المنطقة بما يناسب مصالح الحركة الصهيونية، ونذكّر في هذا السياق إقرار الكونغرس الأميركي منذ فترة مخطّط برنارد لويس الخطير ومخطّطات آتية من بعض  الشرق تسعى لفرض أيديولجية مذهبية مغرقة في تزمّتها، مناقضة لقيم حقوق الإنسان. وفي هذا المجال نلاحظ آثار السياسات الإيرانية على العراق وسوريا ولبنان وغيرها من البلاد العربية. ويأتي من الشرق أيضا" تيّارات سلفيّة  شكّلت ولا تزال خطرا" على العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيّين في المشرق العربي.

هكذا نحن أمام احتمالين: إما نستسلم لنتائج الكارثة للساعين إلى محو لبنان دولة ومجتمعا" واقتصادا" وثقافة وتربية وبيئة وثروات مختلفة، وأما المقاومة والدفاع عن الدولة اللبنانية، وعن حقوق إنسان شعبنا، وعن العدالة والثقافة المرتكزة على الحرية.

من هنا يجب أن نفهم تنظيمنا للمهرجان اللبناني للكتاب في دورته للسنة 40 بين 3 و  12 آذار وعنوانه: ثقافة الحرية: المئوية الثالثة للحضور الأنطوني في أنطلياس.

هذا العنوان يتّصل بدور دير مار الياس - أنطلياس والكنيسة المارونيّة بدعم العاميات الشعبية بين 1820- 1840.  ومن شعارات هذه العاميات:

  • رفع ظلم الضرائب من قبل الحاكم بموازاة فقدان القرش 80% من قيمته الشرائية،
  • وحدة الطوائف حول الصالح العام، فتكون يدا" واحدة مع الوطن ولا تمييز بينها.
  • التحرّر من سيطرة المحتل.
  • تنظيم الشعب وانتخاب وكلاء للقرى بدل سيطرة المقاطعجية.
  • وإن يكون الحاكم منتخبا من الشعب وغير معني بالخارج. "كل من كان حاكما لا يكون حكمه من يد الدولة العثمانية".
  • وفي وسائل العمل عقد الإجتماعات الفلاحية الفقيرة وكتابة العرائض وإختيار الوكلاء. وتشكيل فرق مسلحة للعصيان على ظلم الحاكم، وتقديم أكثر من مئة شهيد في عامية لحفد.
  • والحضور الأنطوني واضح من خلال كتابة رئيس دير مار الياس سبيريدون عبيد العرموني وثيقة عامية 1840.
  • ودور المطران يوسف اسطفان واضح في تنظيم "وكلاء القرايا" وفي الإصلاحات التي أنجزها (الضمان الإجتماعي للإكليروس، التعليم المجاني في عين ورقة، الإستقالة من القضاء أحتجاجا على تدخل الأمير بشير في أحكام القضاء واستشهاده بسبب وضع السم في القهوة له من قبل الأمير بشير...).

 

إن المهرجان اللبناني للكتاب في عنوانه لهذا العام ينادي شعبنا إلى مواجهة الكارثة القائمة بالوحدة الوطنية والتحرّر من المحتل الخارجي والإلتزام بمصالح الدولة اللبنانية واستقلالها، والتأكيد على العدالة الإجتماعية، واحترام استقلال القضاء، وإعطاء المودعين حقهم وإجراء الإصلاحات اللازمة. وهذه الإصلاحات وضّحتها الحركة الثقافية في كتاب صدر قبيل المهرجان يتضمّن البرامج العملية للخروج من الكارثة. وقد شارك في صياغة الحلول أكثر من 15 خبير ومتخصّص في كل المجالات، والكتاب ويباع في جناح" المنفردون".

ويتضمن المهرجان:

  • تكريم أعلام الثقافة، الرعيل السادس والثلاثون، وهم: الروائي رشيد الضعيف، والروائية علوية صبح، والأديب عيسى مخلوف، والممثل صلاح تيزاني( أبوسليم)، مع حفل تكريمي في اليوم الأخير من المهرجان للتنيور إدغار عون.
  • عقد 14 ندوة يشارك فيها 35 محاضرا. مع إدارة 18 زميلاً.
  • ساعة شعر في خمسة أيام مع باقة من المبدعين وهم على التوالي: ندى الحاج، قزحيا ساسين، رنيم ضاهر، أدهم الدمشقي، تريز شحادة.
  • تواقيع لعشرات الكتب الجديدة على منصة الحركة ومنصات الدور المشاركة.
  • تحية وفاء، في يوم المرأة 8 آذار، للراحلة الزميلة د. تريز الدويهي حاتم.
  • في يوم المعلم تكريم الأستاذين كبريال شماعة وعبدو خاطر في 9 آذار. (يراجع البرنامج المرفق).
  • ثمة اتفاق بين إدارة المهرجان وبعض دور النشر بمراعاة انهيار القوة الشرائية للمواطنين. وقد تمّ الإتفاق على بيع كتب بسعر يتراوح بين 10 آلاف ل.ل، ودولار واحد، لكل كتاب.

الحركة الثقافية، أنطلياس في إصرارها على تنظيم المهرجان اللبناني للكتاب على الرغم من كل المصاعب تدعو كل المواطنين إلى مقاومة الكارثة الكبرى الحاصلة، ووعي خلفياتها وأهدافها وفساد المنظومة الفاسدة المنفّذة لها، وتعتبر أن ما يُحيه عنوان دورة المهرجان والكتاب- البرنامج للإصلاح الذي أصدرناه ومحتوى مناقشة الندوات، في كل ذلك دعوة لحركة وعي تتجسد في إحياء وتجديد انتفاضة شعبنا التي بدأت في 17 تشرين الأول 2019.

إن مقاومتنا لمشاريع محو لبنان وتغيير هويته وتجويع شعبه وتهجيره وانهيار مؤسّساته هو قرار ثابت ولا مجال للتراجع عنه. وبذلك تكون فعاليّات المهرجان واحدة من وسائلنا في المواجهة، ونحن على يقين من انتصار شعبنا على التحديات.

                                                                                      أنطلياس في 2023/02/23

                                                                                           أمانة الإعلام