أقامت "الحركة الثقافيّة- أنطلياس" ندوة حول الأعمال الشّعريّةللياس لحّود، شارك فيها الدّكاترة ديزيره سقّال وجورج طراد ونبيل أيّوب وسامي أدهم، وأدارتها الدّكتورة نايلة أبي نادر.

     رحّبت الدّكتورة نايلة أبي نادربالمشاركين في النّدوة حول الأعمال الشّعريّة للياس لحّود، هذا الشّاعر الجنوبيّ الأصيل والرّائد في الصّحافة الثّقافيّة اللبنانية، ومعلّم أجيال كثيرة أسهم في إعدادها الفكري والذي صدرت له مؤخّرًا الأعمال الشعرية الكاملة في أربعة مجلدات عن دار "الفارابي" في بيروت. ووصفت الشّعر واللغة بأنّهما تحدٍّ ومغامرة في هذا الزّمن الذي قلّ فيها الانشغال بالكتابة وبالقراءة. وانتقلت إلى شعر الياس لحود مشيدةً بهذا الرجل "الممتلىء حكمة وشغفاً وإبداعاً" والمهتمّ بالإنسان إلى أبعد الحدود، فلا ينفكّ القلق الوجوديّ يحرّكه كي يوظّف شعره لحثّ الناس على التّغيير. فالياس لحّود شاعر "لا تحدّه ندوة، ولا تفيه حقه الأقلام مهما سال حبرها على المنبر."

        ثمّ تناوب المشاركون الأربعة على الكلام. فمحور الشاعر والناقد الدّكتور ديزيره سقّال، مدير كلية الآداب في الجامعة اللبنانية - الفرع الثاني، حول أسلوب الياس لحود ولغته، مؤكّدًا على أنّ شعره عبارة عن حالة خاصّة في الشعر العربي القديم والحديث. ذلك أنّ الياس لحّود يركّز في شعره على عناصر التّجدّد المستمرّ والمفاجأة واللاّمتوقّع، سائرًا في خطًّ متعرّج، بحيث يلحظ المنقّب في شعره أنّ كلّ ديوان مختلف عن الآخر لغةً وأسلوبًا، ولا بدّ لقارئ شعره من أن يتحلّى بإبداع يناهز إبداع الشاعر فيكمّل النصوص الشعرية بالقراءة الشعورية.

    أما الأديب والنّاقد والأستاذ العريق، الدكتور جورج طراد، الذي يزخر تاريخه بالإنتاج الفكري الوفير، فوصف شعر الياس لحّود بالصّعب، بسبب غناه بالتّفاصيل الدقيقة، ولتركيز الشّاعر على الإيقاع، ولا سيّما أنّه شاعر يوحي أكثر ممّا يقول، فيبدو النص للوهلة الأولى بريئًا وسهلاً. وقد يُخيّل للقارئ الذي طالع شعر الياس لحّود بالفصحى، أنّ قراءته بالمحكيّة الجنوبيّة المحبّبة أوبلكنة أهل مرجعيونأمر يسير، فيُفاجأ بأنّ هذه التجربة تتطلّب مهارات خاصّة وسيرًا متأنّيًا. ويختم الدكتور طراد قائلاً إنّ الياس لحّود "يعرف جيّدًا أن لا متعة تُنال إلاّ على جسر من التعب".

.

     ثمّ تُرك المنبر للكاتب وأستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية الدكتور سامي أدهم الذي رأى أنّ الياس لحود ينادي في نصوصه الشعرية الوجود الصامت من خلال مناداة الأرض والجبال والوديان والجمال والمدن غير الفاضلة، وكأن النصوص في مقاربته وفاء لتعريف هايدغر القائل إنّ "القصيدة هي العالم. القصيدة تؤنس العالم. القصيدة تخترع العالم". بالإضافة إلى ذلك، يسعى الياس لحود إلى بناء مدينته الفاضلة ويحارب من أجلها، ويتجلّى ذلك من خلال نصوصه الشديدة الالتزام بالروح الوطنية وبالقيم الأساسية لتحقيق نهضة لبنان.

       وكانت الكلمة الأخيرة للناقد الأدبي والاستاذ الجامعي الدّكتور نبيل أيوب الذي أسهم في إعداد أجيال من الطلاّب وإيقاظ حسّهم النقدي، وهو المنحاز إلى شعر الياس لحّود علنًا، إذ وصفه بالفريد من نوعه، بحيث يغلب عليه الطابع الرومنسي والشغوف حينًا، والوطنية والالتزام بقضايا الوطن المصيرية حينًا آخر. فقال إنَّ الأستاذ لحّود أثرى التراث الشعري اللبناني بشعر ثقافي "عولميّ مشفّر بأعلى تشفير مؤدلج وجماليّ"، وهو شعر وجوديّ النبرة "ينهض على الدوام من ندوب شديدة الإيلام ذاتيًّا وكيانيًّا"، غنيّ بالمفارقات المحيّرة والتناقضات والتصوير الحسي والمكانيّ والشغف الجسماني.

   وفي نهاية المطاف، تُرك المنبر للشاعر الياس لحّود الذي ألقى مقتطفات من  دواوينه الشعرية.