تكريم أعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي

المحاميّة عليا بارتي زين

 

تكريم أعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي

المحاميّة عليا بارتي زين

قدّم المكرّم: الدكتورة فاديا كيوان

أدار اللّقاء: المحامية حياة هاشم

 

بمناسبة اليوم العالميّ للمرأة، كرّمت "الحركة الثقافيّة- أنطلياس" المحاميّة عليا بارتي زين على الجهود التي بذلتها للدفاع عن حقوق الإنسان عامّةً وحقوق المرأة خاصّةً. استهلّت المحامية حياة هاشم كلمتها بالإشارة إلى التزام الحركة الثقافية – أنطلياس بمبدأ التنمية الإنسانية الشاملة، وإلى التزامها السنويّ بإقامة حفل في يوم المرأة العالمي يذكّر باحترام حقوق المرأة وتأكيد موقف الحركة بمواجهة التمييز الحاصل بحقّها. وأدانت على سبيل المثال مبدأ تخفيف تخفيف العقوبة على الجرائم المرتكبة بقصد ما يُسمّى بـ"الحفاظ على الشرف". وأشارت إلى عليا بارتي زين المناضلة التي دافعت عن حقوق الإنسان عبر سائر مؤسسات المجتمع المدني، والمنظمات الدولية، والرابطة المارونية... ثمّ أعطت الكلمة للدكتورة فاديا كيوان التي كان للحركة الثقافية – أنطلياس شرف تكريمها في المهرجان اللبناني للكتاب في اليوم العالمي للمرأة عام 2011. 

استهلّتعميدة كلية العلوم السياسية والإقتصادية في جامعة القديس يوسف وممثلة فخامة رئيس الجمهورية في منظمة الفرنكوفونية، الدكتورة فاديا كيوان، كلمتها عن عليا بارتي زين، فعبّرت عن صدمتها الكبيرة لحظة علمت بأنّ الأستاذة عليا زين، المُسلمة، أصبحت عضوًا في اللجنة التنفيذية للرابطة المارونية قبل أن تعرف إنتماء عليا إلى الطائفة المارونية! وتحدّثت عن جوّ الحداثة الذي عاشت فيه عليا كون والدتها فرنسيّة ووالدها محاميًا. وأشارت إلى تحصيلها العلميّ المُتفوّق وإلى عملها في صحيفة "لوريان لو جور" اللبنانية الصادرة بالفرنسية، حيث تولّت كتابة المقالات المتخصّصة وإعداد الملفات الوثائقية. وسلّطت الضوء على إنسانيّة هذه المحامية التي كانت تحاول دائمًا حلّ الخلافات بين المتخاصمين قبل إقامة الدعاوي. أمّا قضيّة المرأة فكانت حاضرة دومًا في مسيرتها، حيث كانت ولا تزال تسعى للدفاع عن حقوق المرأة بشتّى الطرق القانونيّة. وفي ختام كلمتها، أشارت إلى أنّ المحتفى بها تستحق نَيْل لقب "شيخة الصلح" بخاصّة وأنّها ما زالت تحلم بلبنان الكبير الذي يجمع كل الطوائف.

ثمّ تُرك المنبر للمحتفى بها، المحامية عليا بارتي زين التي شكرت الحركة الثقافية – أنطلياس على تكريمها لها كما شكرت المحامية حياة هاشم والدكتورة فاديا كيوان على كلمتَيْهما في هذه المناسبة، وجميع الحضور. ثمّ أشارت إلى أنّها تربّت في عائلتها على مبادئ المساواة ولفتت إلى أنّ تطبيق المساواة بين جميع المواطنين يتطلّب اعتماد قانون مدنيّ موحّد للأحوال الشخصية فضلًا عن تعديل قانونِ الجنسيّة الذي يمنح المرأة اللبنانية حقّها بإعطاء جنسيتها لأولادها، وإقرار مشروع قانون حمايةِ النساء من العنف الأُسَريّ.وسألت في الختام عمّا إذا كانت كل هذه المسائل تستحقُ إنشاء وزارة خاصة تُعنى بشؤون المرأة؟

وكانت شهادات بالمُكرّمة على التوالي، من: النقيب ميشال إليان، والسيدة منى خولي المديرة المنفذة للإتحاد الوطني للجمعية المسيحية للشابات، والصهر الحبيب الدكتور ناجي حايك، والمحامية فيوليت قمير.

وفي الختام قدّم أمين عام الحركة، الدكتور عصام خليفة درع الحركة إلى المحتفى بها ونسخة عن النصّ الأصليّ لعاميّة أنطلياس الشهيرة، عاميّة 1840.

------------------------------------------------

كلمة المحامية حياة هاشم في تكريم

المحامية عليا بارتي زين

بمناسبة "يوم المرأة العالمي"

2014/3/8

في "يوم المرأة العالمي" تجدد الحركة الثقافية – انطلياس التزامها بمبدأ التنمية الانسانية التي تعني، بالنسبة لنا، تنمية الناس، من اجل الناس ومن قبل الناس.

من هنا ايلاؤنا الاهتمام الخاص بقيمة خاصة، نحتفل بها سنوياً، الا وهي قيمة مراعاة حقوق المرأة واحتياجاتها.

وكما في كل عام ندين التمييز الحاصل ضد المرأة، في مجتمعنا، في القانون وفي الواقع.

هذا التمييز يمكن ملاحظته في المشاركة السياسية، وقوانين الاحوال الشخصية، وعجز النظام التشريعي القائم على كفالة الحماية للنساء في مجال العنف في الوسط العائلي او العنف الصادر عن الدولة او المجتمع (المادة 562 من قانون العقوبات اللبناني تجيز تخفيف العقوبة على الجرائم المرتكبة بقصد "الحفاظ على الشرف")

في هذا السياق تذكّر حركتنا باعلان حقوق وواجبات الافراد والجماعات والتنظيمات المجتمعية (المقر عالمياً عام 1999):

"المادة 2:فقرة أ - على كل دولة مسؤولية اولى وواجب حماية جميع حقوق الانسان والحريات الاساسية وتعزيزها. ويشمل ذلك تبني الاجراءات اللازمة لخلق الظروف المؤاتية في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. والضمانات القانونية اللازمة لضمان تمكين كل الافراد الخاضعين لولايتها. بمفردهم او بالاشتراك مع آخرين، من التمتع فعلاً بهذه الحقوق والحريات الاساسية"

هكذا يتضح ان المساواة هي من حقوق الانسان الاساسية، وان قضية حقوق المرأة هي جزء من حقوق الانسان في مجتمعنا لاسيما وان غالبية الدول العربية، ومن بينها الدولة اللبنانية، وقعت على اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) وصادقت عليها وهي، من ثمّ، ملزمة بتطبيق احكامها، وبخاصة المادة الثانية التي تكرّس مبدأ المساواة بين الرجال والنساء.

 

 

 

ايها الحفل الكريم،

في مواجهة العنف المتنقل على حدود دولتنا وفي الشوارع والاحياء حاصداً الابرياء من النساء والاطفال والمواطنين الآمنين،

وفي مواجهة العنف المندلع في الجوار السوري الذي يدمر البشر والحجر ويقضي على النساء والاطفال، ويعيد مشرقنا العربي الى ظلمات التخلف،

وفي مواجهة ازمة الفراغ في السلطة التي يبشرنا بها مختلف الاطراف التي تتحرك على ايقاع تدخلات القوى الاقليمية والدولية،

يشرفنا، في المهرجان اللبناني للكتاب، وفي دورة وديع الصافي، ان نكرم المحامية عليا بارتي الزين في "يوم المرأة العالمي"، لانها هي المرأة المناضلة التي دافعت عن حقوق المرأة من ضمن دفاعها عن قضايا الوطن وحقوق الانسان، في نقابة المحامين، وفي الرابطة المارونية وفي الاعلام المسموع والمقرؤ وفي المؤسسات الجامعية، وفي المنظمات الدولية لحقوق الانسان وفي سائر مؤسسات المجتمع المدني، والمؤتمرات الدولية المختلفة ولانها طوال ممارستها المهنية للمحاماة كانت المثال للساعين الى العدالة واحقاق الحق ومواجهة الباطل.

لكل ذلك ولميزات اخرى ستتكلم عنها مناضلة ثانية كان للحركة الثقافية شرف تكريمها في المهرجان اللبناني للكتاب في يوم المرأة عام 2011.

الدكتورة فاديا كيوان درّست العلوم السياسية في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية وهي الآن مديرة معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت واستاذة محاضرة في كلية القيادة والاركان لدى الجيش اللبناني. نشاطاتها وابحاثها تملأ تسع صفحات ولن ادخل في تفاصيلها.

الكلمة لها فلتتفضل.

--------------------------------------------------

كلمة المحامية عليا بارتي زين

بمناسبة تكريمها من قبل الحركة الثقافية – إنطلياس

                                                                                 السبت في 8 آذار 2014

 

أصحابَ المقامات،

أيّها الحفلُ الكريم،

إنه لشرفٌ كبير أن أكونَ بينكم اليوم. ولفتةُ تكريمي لمستنيفي العمق لسببين: أولاً لأنها تأتي من حركةٍ ثقافية أكنُّ لها ولأعضائها كلَّ إحترام، وثانياً لأنها تتزامنُ معَ يوم المرأة العالمي الذي له نَكهَةٌ خاصةٌ لديَ. فالشكرُ الجزيلُ بدايةً لحركة انطلياس الثقافية على الحفلِ وعلى التكريم، وخاصةً لأمينِها العام الدكتور عصام خليفة ولهيئتِها الإدارية، فرداً فرداً.

 

وأخُصُ بالذكر صديقتي، عميدة كلية العلوم السياسية والإقتصادية في جامعة القديس يوسف، ممثلة فخامة رئيس الجمهورية في منظمة الفرنكوفونية، الدكتورة فاديا كيوان التي أكنُّ لها عميق التقدير والإحترام والتي أفاضت بتعداد مازايا هي الأولى بها.

واسمحوا لي أيضاً أن أشكرَ كلَّ من تكبّد عَناءَ الحضور اليوم ولاسيما منهم من قدَم شَهادات عن مسيرتي: حضرة النقيب ميشال اليان، والعزيزة السيدة منى خولي المديرة المنفذة للإتحاد الوطني للجمعية المسيحية للشابات، والصهر الحبيب الدكتور ناجي حايك، وكذلك الزميل الإستاذ هيكل درغام الذي تكرّم بتقديمي للحضور.

الإطراءُ للشخص المكرم يولدُ حرجاً، لدرجة يتساءل معها عن إستحقاقه.

بالنسبة إليّ، لعلَّ الفضلَ الأكبر فيما وصلتُ إليه اليوم، يعودُ الى القيم التي تربّيتُ عليها في عائلتي، التي قدّست ثالوث الإيمان والثقافة والحرية.

الإيمان لأنه مَعنى الوجود وجَوهرُ العلاقة بين الله والإنسان.

والثقافة لأنها النورُ الذي نتلمّس به طريقنا في الحياة،

والحرية لأن الأشخاص بطبيعتِهم يولَدونَ أحراراً لكن البعضَ منهم يجعلُ نفسهُ عبداً لإرادة الآخرين، وثمّةَ من يتحوّلُ الى عبدٍ لنَزَواته وشَهَواته.

فوالدي الذي ربّاني على هذه المبادئ، إنحدر من عائلة كبيرة تضمُّ ستةَ ذكورٍ وخمسَ إناث. فقد والدَه في سنِّ الشباب، إلا أنه تضامنَ مع أشقائه، فتقاسَموا مشَقاتِ الحياة وإستطاعوا جميعاً نيلَ شهادات عليا من جامعة القديس يوسف في الربع الأول من القرن الفائت.

بإعتمادهم قيمَ المحبة والتعاون والأخلاق النبيلة، تميَّزَ جميع الأشقاء بمزاولة المهن الحرة، أربعة أطباء، صيدلي وقانوني. أما الشقيقات، فتابعن جميعهن التحصيل العلمي بنجاح حتى نهاية المرحلة الثانوية.

وفي محيطي العائلي هذا، تنشَقتُ مبادىءَ المساواة وحقوقِ الإنسان، إذ لم أشعر يوماً بأي تمييز بيني وبين أخي كمال الذي سبقني في المهنة وكان دائماً قدوةً لي وداعماً لطموحاتي.

حبُّ والدي للوطن جعله يرفض أن يحمِلَ هو وأبناؤه الجنسيةَ الفرنسية من والدتي، رافضاً الإزدواجية في الولاءِ لبلدين، حتى وإن كان هذا البلدُ بلداً صديقاً، لا بل "أماً حنونة" للبنان الكبير.

هذا ما جعلني أنادي منذ صباي بالمواطنية وأعتمدُ شعار : "الوَلاءُ للوطن قبل الوَلاءِ للطائفة".

وعند إنخراطي في مهنةِ المحاماة، أدركتُ سريعاً أن رسالتي لا يمكن أن تقتصرَ على المرافعة والمدافعة عن حقوق المُوكلين، إنما تتجاوزُها لتطالَ التوعيةَ على حقوقِ الإنسان ونشرَ قيمها والإستماتة في الدفاع عنها. ومسيرةُ حقوق الإنسان عموماً وحقوق المرأة خصوصاً، سبقتني إليها رائداتٌ في النضال، أكتفي بذكر إثنتين منهنّ هما لور مغيزل رحمة الله عليها، وليندا مطر أطالَ اللهُ بعمرها.

مسيرتي في المحاماة وحقوقِ الإنسان أصبحت أكثرَ إندفاعاً بعد زواجي من المحامي مارون زين الذي شاركني هذه التطلعات، ورافقني في معظم المؤتمرات، داعماً نضالي، ومشجعاً لكل خَطَواتي.

أسستُ معه عائلةً مُحِبّةً، إثنان من أولادِنا يمنى وجهاد محاميان، يؤمنانِ بقيمِ العدالة وإحقاقِ الحق، والإبنُ الأكبر وليد، ليس بعيداً عن هذه الروحية وإن إستهوته الهندسة ثم المصارف وإدارة الأموال. واكبتني عائلتي الصغيرة في نشاطاتي خارجَ إطارِ المهنة، وأفسحت لي المجال للإنصرافِ إلى الشأن العام.

سيداتي، سادتي، أصدقائي،

قال فولتير:"إن لحظةَ فرحٍ تُوازي أعواماً من التاريخ".

كم هو كبيرٌ فرحي اليوم أتقاسمُهُ معكم أنتم، عائلتي الكبيرة، كما معَ أفراد العائلة الحبيبة، وأعاهدُكُم بالبقاءِ وفيّةً لمبادئ حياتي وأهمُّها الدفاعُ عن حقوق الإنسان عامة وحقوق المرأة خاصة، كما العملُ على تكريسِ المواطنية والعدالة الإجتماعية أيّاً كانت الصعوبات.

ولعلّ السبيل الأمثل لترسيخِ المساواة بين المواطنين وتحقيقِ الديمقراطية الصحيحة هو في إعتمادِ قانونٍ مدنيٍ موحَّد للأحوالِ الشخصية. كما في تعديل قانونِ الجنسية لمنح المرأة حقَها بإعطاءِ جنسيتها لأولادها. وأيضاً في إقرار مشروع قانونحمايةِ النساء من العنف الأُسَري وأخيراً في رفعِ التحفظات عن إتفاقيةِ القضاء على جميعِ أشكالِ التمييز ضدَّ المرأة.

هل كلُّ هذه الأهداف وغيرُها من الأوضاعِ المجحفة بحق النساء اللواتي يمثلن نصفَ الشعب اللبناني، لا تستحقُ إنشاءَ وزارةٍ خاصة تعنى بشؤون المرأة؟

وشكراً لحضوركم.