كلمة د. تراز الدويهي حاتم في يوم

تكريم الفنان سمير أبي راشد

2014/3/11

ايها الحضور الكرام

اهلا بكم تشاركون الفنان العلم: "سمير أبي راشد" هذه اللفتة التكريمية التي تخصه بها الليلة الحركة الثقافية – انطلياس.

ايها السادة، 

في ختام الدورة الثالثة والثلاثين – 2014، دورة وديع الصافي للمهرجان اللبناني للكتاب، ومع تحيات التقدير والاكبار للرعيل التاسع والعشرين لاعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي، تكون الحركة الثقافية – انطلياس قد خطت صفحات مجيدة بتكريم 194 علماً من اعلام الثقافة اللبنانية و 29 علماً من الاعلام المبدعين العرب، وذلك بين الامس واليوم، بين 1983 و 2014. تكريم يندرج ضمن التظاهرات الثقافية الثابتة في برنامجها السنوي، هدفه "تكريم المبدعين واعلام الثقافة في لبنان، ممن اغنوا تراثنا الثقافي على مدى عقود في المجالات الادبية والعلمية والفنية من مختلف الاتجاهات". تكريم لمن ساروا في مقدمة مواكب التطور، كل من موقعه، علمياً كان ام ادبياً، اكاديمياً ام دبلوماسياً، ام في المجال الفني المسرحي، الغنائي او التشكيلي، فهُمُ للشعب اللبناني تاريخه، وللاجيال الصاعدة مدرسة في الترقي وترسيخ القيم الوطنية وتلك الانسانية الكبرى.

وانطلاقاً من وعيها اهمية التميّز ودور النخب، وولاء منها للثقافة بمفهومها الشمولي، وايماناً منها بان التغيير الذي تنشده من خلال العمل الثقافي يتطلب المثابرة، ولا تظهر نتائجه الا على المدى الطويل، عملت الحركة الثقافية – انطلياس هذا العام على اصدار الجزء الاول "لاعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي" مجلد انيق، "كتاب / موسوعة" مضامينه سيراً ذاتية، نماذج خطية وندوات الدورات السبع الأول لتكريم اعلام الثقافة منذ سنة 1983 وحتى سنة 1992 ضمناً. 52 علماً ممن ازهرت عطاءاتهم اغماراً من انوار المعرفة والعلم والثقافة، من امثال ادمون رباط، قسطنطين زريق، عبد الله العلايلي، صبحي المحمصاني، خليل الجرّ، ميخائيل نعيمه، جبور عبد النور، فريد جبر، عبد الله لحود، عمر فروخ، رشيد وهبي، شارك مالك، حسن صعب، يوسف الخال، توفيق يوسف عواد لطفي حيدر، سعيد حماده، جمال كرم حرفوش... ومن اعلام الفكر ايضاً سهيل ادريس، ادمون نعيم، عبد الرحمن غالب، يوسف جبران وغيرهم... اسماء مشرّفة، وجوه مشرقة، اعمال خالدة، في كتاب يحمل في طياته اصوات الشعراء والعلماء وكل من سخّر موهبته لخدمة الانسان والمجتمع. عمل توثيقي ارادته الحركة الثقافية اغناء للمكتبة اللبنانية والعربية، وخدمة لمجتمع المعرفة في لبنان والمحيط العربي... آملين اصدرات اجزاء متتالية، بحيث يشمل هذا الكتاب  الموسوعي كل من كان لنا شرف تكريمهم من على هذا المنبر، اخص بالذكر - في مناسبة اليوم العالمي للمرأة - الدكتورة جمال كرم حرفوش، اول طبيبة في محافظة الجنوب تخرجت من الجامعة الاميركية في بيروت عام 1941، واول طبيبة عربية تنال شهادة دكتوراه في الصحة العامة من جامعة هارفرد عام 1965، وقد جاء في سياق شكرها للحركة يوم تكريمها ما يتقاطع واهداف الحركة المؤمنة بدور النخب الفكرية والثقافية: "إخواني، بيدكم مفتاح الغد وبلسم الرجاء، وانتم لا شك عائدون بنتائج علماء لبنان مقيمين ومنتشرين الى منبر الوجود الدائم، والحضور الفاعل في تكوين المواطن، المتعالي الكرامة، المناصر والمنتصر في بناء لبنان الجديد... كنت منسية على وضاعة نتاجي العلمي فاعدتموني لذاكرة المجتمع... فشكراً لكم وأخذ الله بعونكم لمزيد من العطاء". فذاكرة المجتمع او الذاكرة الجماعية القابعة في دواخلنا، تختزن من الاحداث أهمّها ومن الرجالات اكثرهم قرباً من المثل العليا التي تسير بهديها الشعوب. وما اصدار المجلد الأول من اعلام الثقافة سوى مساهمة حركتنا في اغناء الذاكرة الجماعية بالمبدعين الكبار الذين لا بد ان يتركوا عميق اثر في كل من يقف عن كثب على مساهماتهم في اعلاء شأن المجتمع.

اليوم تكرم الحركة الثقافية – انطلياس مبدعاً آخر من لبنان هو سمير ابي راشد. فنان مقتدر، توجت ريشته الرهيفة لوحاته بذوب من الوجدان، فجاءت عميقة المعنى تحمل خلاصة تجاربه المتنوعة فحجزت له حضوراً مميزاً في محفل المبدعين.

يقدمه الأستاذ جوزف ابي ضاهر 

 

------------------------------------

 

سمير أبي راشد

رسّام الدهشه الساحره

 

جوزف أبي ضاهر

الحركة الثقافيّة ـ انطلياس

11 آذار 2014

 

راكض الشتي، مجنون. شهر شباط ما بينعطالو وجّ. أهوج، فَشْكل شَعر السَجر، وما خلاّ زهره تتباهى قدّام العيون الـْ تخبّو جوَّات البيوت.

بـ بيت من هـ البيوت، بـ ليلة 9 شباط، وكانت الروزنامه حامله تاريخ سنة 1945، انسمعت صرخات طفل، أوّل ما عم يطلّ عَ الحياة.

ـ مبروك.

التفت البيّ بـ إم الصبي.

ـ يربى بـْ دَلالك، وتمرجحيه عّ مدى فتحة إيديكي.

مدى فتحة إيدين الإم، أوسع من المدى بـ آخر هـ السهل الأزرق الـ بيسمّوه بحر.

وأقرب منّو لـ السما.

قلب الإم مفتاح لـ باب السما.

اتطلّعت بـ عينيه الْـ شي إنن عم يفتّحو، متـل تفتيحة صبح، ومعو بيـطلّ دفـا الشمس الـ حامله بـ ألوانها ألوان الحياة النقيّه الواضحه، ولو غَافَلتها غيمه ووقفت حَدّها، أو قِدّامها تيدلّو الناس عليا، وتنطبع بـ بالـن صوره رح تكـون، بـ الزمن الجايي، حَدّ فاصل بين الحلم والحقيقه.

***

... وكبر الطفل. بلّـش يلَمْلِم زهـر الياسمين الأبيض الواقـع ع دراج بيتن، وبـ بركة الميّ المصفوف ع دوايرا الحبق والمردكوش... والعُطر...

ـ أيّا عطر بدّو يسبَق رفاقو، ويمسحلو صَبيعو، يفوت بـ المسام الزغيري، ويكبر معن؟

ما كان حدا عارف شو رح يصيرو هـ الصبيع، لمّا الجمال ينقّين تَ يخلق فين.

هـ الصبيع الزغار الـ كانت إمو تبوّسن، صُبح ومسا، تَ يكبرو ويزيدو حلى.

... وأوّل ما حملو القلم غَمَزتن الموهبه.

الموهبه مش داشره وبتغمز مين ما كان.

وما بتسمح لـ مين ما كان، يمدّ صبيعو. يفكّ أوّل زرّ من بلوزتا المعرّقه بْـ كلّ الألوان.

وحدو اللي بيعرف.

وحدو اللي بيعرف، مسمحلو يفكّ زرّ... وكلّ الزرار، يوقّع الزنّار ع كفّو.

يلعب لعبة الخلق والإبداع.

***

تلات أربع سنين مرقو، وإيدين الإم مرجوحه.

ودّو الصبي عَ المدرسه.

عشر فشخات زغار المسافه بين بيتو والمدرسه،

ـ وْلوّ...

ما بتقبل إمّو إلا ترافقو، تَ تتأكّد إنّو فات من البوّابه الزغيري ع بوّابه أكبر.

خلفها بتبلّش المعرفه.

يوم بعد يوم... والزغير عم يكبر.

بلّشت الأحلام تزورو عَ غفله.

مرّات ينقز. مرّات يوسّعلها عينيه تَ تفوت، وتصير جوّاتن.

ما بدّو حدا يعرف كيف رح يلعب معا.

كتب المدرسه مكدّسه قدّامو: عربي، فرنسي، قواعد، حساب، تاريخ، جغرافيا... أف... المواد رح تطلع من الكتب.

كيف بْـ يحملا كلاّ؟

وشو بيعمل بـ دفتر الرسم، بـ قْلام التلوين، وبـ الأحلام الـ جوّاتو وبتذكّرو: «أنا هون»؟

يتلخبط، توقع كدسة الكتب عَ الأرض.

المهم ما يوقع دفتر الرسم وقلام التلوين.

الـ بيعلّموه انتبهو. جرّبو يهوّنوا عليه.

ما كتير توفّقو.

وحدو أستاذ الرسم كان يضحك. ع السكت يضحك. شايف في موهبه قدّامو عم تتفتّح عَ مهل.

وَسَعلها المَطرح. علّق أوّل الْـ«خربشات» عَ اللوح الأسود... وما عاد أسود، بعدما الصبي الـ بلّش يلعب بـ الألوان وصار عم يأخد جوايز بـ الرسم، ويسمع حَسَد الْـ أكبر منّو.

وْلوّ زقّفولو عَ عينين الأساتذه.

بـ البيت إمّو تخبّي الفرح بْـ معجن الخبز، الْـ بدّو ياكل منّو ويكبر.

... وبيّو يهزّ بْـ راسو:

ـ «ضيعان التعب».

يزمّ شفافو:

ـ «ناجح بْـ الرسم وحدو. دفتر علاماتو هيك بيقول».

وينفعل:

ـ «كسلان بـ الباقي الـ لازم يتعلّمو تَ بكره ياكل منّو خبز».

... وتتطلّع الإم بـ الخبز الْـ خبّت فيه فرحها، وما تخلّي التّمتمات تطلع برّات شفافها:

ـ «يا ربّ، صيّر الْـ بكـره ع قَدّ حبّي إلـو... ويكبـر، يصيرو إيديـه، وهـ الصبيع الزغار هنّي خبز الجمال الْـ بيشبّع الحياة كلاّ».

***

بْـ المدرسه قدر بـ موهبتو يخدع الأكبر منّو.

قلّد ورقة الخمس ليرات، رَسَما ولوّنا. شافا رفيقو:

ـ روح تـ نشتري فيها «شي طيّب».

ردّ إيدو... لأ، بخاف... ما بدّي.

خطف رفيقو ورقة الْـ خمس ليرات المزوّره، وراح ع دكان المدرسه الْـ بالكاد كانت فَتحة شبّاكو مبيّنه بين إيدين الولاد العم يشترو.

مدّ إيدو بين الايدين،

اشترى بـْ قسم من الـ خمس ليرات شوكولا... الباقي أخدو مصاري.

... ورجع نافخ صَدرو كأنّو جايي من معركه ومنتصر.

تقاسمو الشوكولا الكانت طعمتو أطيب من كلّ الشوكولا الْـ داقو بعدها.

***

مَرَق أكتر من سنه. بلّش الصوت يتغيّر، بلّش الجسم يتغيّر.

فتّحو الصبيع، زهّرو، صارو قاديرن يحملو مع القلم فرشاية الرسّام الناطره لعبة الخلق.

أوّل اللوحات، اشتراها صديق لـ العيله.

فَرَح إمّو كان أكبر من فرحتو.

البيّ غمّض عينيه:

«يلعن أبو هـ الشغله، رح يستدوق الصبي بهـ الكم ليره، قَبَضهن حقّ شويّة ألوان، حطّهن ع قماشه بيضا... رح يضيع مستقبلو».

المواجهه بين البيّ والإبن، كان سكوت العتب فيا أكبر من الحكي، وأوسع.

ـ «العِلم بيفيدك أكتر من الرسم تَ تقدر تنقّي مهنه، صنعه، تصير محامي، طبيب، مهندس، صناعي، أي شي... حايلاّ. المهمّ تأمّن حياة كريمه، وما تعتاز حدًا».

الصبي الـ صار شبّ، هزّ راسو وما اقتنع. عينيه معلّقين بـ المدى الْـ كان وسع ايدين إمّو، وصار وسع الصلا العم تصلّيـها، تَ يتوفّق إبنها، ويحقّـق اللي بْـ بالو.

الشنطه الـ فيها الكتب والدفاتر ما عاد أخدها ع الدرسه، حطّها خلف الباب.

صار قادر يروح عَ المدرسه، مش تَ يتعلَّم، تَ يعلّم مادة الرسم.

سمع التلاميذ عيّطولو: إستاذ.

ما غرّو الـ سمعو.

فتّش عَ شغل تاني. الراتب العمّ يقبضو ما بيكفّي.

راح ع دار الريحاني للنشر. استقبلو صاحب الدار ألبرت الريحاني. كلّفو برسم صور وتصاميم أغلفه لـ بعض الكتب... نجح.

كلّفتو السيّده لورين زوجة الريحاني يرسم صُوَر لْـ مجلّتها: «دنيا الأحداث».

كانت أوّل مجلّه بـ العالم العربي مخصّصه لَـ الأطفال.

... وكانت بالنسبه إلي أنا الباب الـ دخلت منّو عَ الصحافه.

... ونجح الرسام الشب مرّه تانيه، وبلّش تحقيق الحلم.

تسجّل بـ الأكاديميّه اللبنانيّه لـ الفنون الجميله تَـ يكمّل دراستو للفن. وتفوّق.

قدّمتلو السفاره الفرنسيّه بـ لبنان منحه للتخصص بِـ باريس.

قبل ما يسافر، كان في محطّه مهمّه ناطرتو.

فات عَ مُحترف فنان روسي ساكن بـ بيروت. علّمو الي اكتسبو من التجارب الكتيري. زادو معرفه اختصرت المراحل الأساسيّه لْـ تخصّصو بِـ عاصمة الجمال.

***

بعد سنه رجع عَ بيروت.

رجع عَ البيت الْـ بَعدها ياسمينتو بتوقّع زهر أبيض عَ دْراجو، وبـ بُرْكة الميّ.

نقّى من البيت غرفه بتطلّ عَ ملعب المدرسه اللي تعلّم فيها. حوّلها لـ مُحترف زغير... ووقف قدّام اللوحات البيضا يرسـم، يوزّع الألوان بدقّه ومهـاره.

قِدرْ يتخطّى المألوف، بْـ نضافة ريشه قال عنها «المعلّم الفنان» رشيد وهبي:

«ريشتو فيها شي من السحر الـ ما بيتقنوه إلاّ الكبار، وهوّي رح يكون من الكبار».

سْمعت هـ الحكي من صديقي «الفنان المعلّم»، وما خبّرتو عن كلّ الْـ بعرفو.

الفنان الشبّ المشحون بـ عصبيّه خارقه عم يشتغل، وما بيلتفت عَ أي كلام، ولا عَ أي عينين.

ملهي بْـ البدّو يخلقو.

بس ما تاري كان في حدا عم يسمع، وعم يشوف.

عَ شبّاكو في عصافير دوري، يغطّو، يتنقوزو عليه، ينقلو عن ريشتو الجمال، وقبل ما ينتبه لـ صْواتن، يكونو طارو، وما يعودو يسكتو عن الحكي الحلو.

ياما راقبتن، تَ صرنا أنا ويّاهن صحاب، ورافقت معن ولادة أكتر من لوحه، وأكتر من دَهشه.

هـ المخزون الجَمَالي الـ بلّش يتكوّم لوحات، صار لازم ينعرف.

صار لازم يطلّ ع الضو.

حمل الرسّام صُور عن لوحاتو وراح عَ «غاليري وان». استقبلو «البطرك الجالس ع كرسي الشِعر» يوسف الخال. وبْـ مهابة أصحاب السياده. اختصر كلامو:

ـ «حلوين لوحاتك، بس... إنت مش معروف بعد. ما فيي أعرضلك».

حاولت صبيّه حلوه كانت عم تسمع، اسمها مهى بيرقدار، وصارت شريكة «البطرك» بِـ بيتو وحياتو، إنها تخفّف من هَـ الحدّه.

رفع يوسف إيدو: خَلَص الحكي.

ـ خَلَص الحكي؟ لأ.

بـ ذات الزخم الـ جايي فيه الفنان ردّ عليه:

ـ «إنت الخسران إذا ما بتعرضلي لوحاتي. أنا أكيد من العم قدّمو، وأكيد من حُبّ الناس وإعجابن بـ أعمالي».

نقز «البطرك الجالس عَ كرسي الشِعر». وسْعت تطليعة عينيه.

ما حَدا  قبل هـ الفنان الشبّ واجهو. ما حَدا وقف بـ وجّو، وحكي بْـ صوت عالي.

حَبّ ثقتو بِـ نفسو وبْـ أعمالو.

إختصر السكوت، قلّو: قْبلت.

... وتحدّد تاريخ المعرض وعدد اللوحات.

كانت المفاجأه لـ يوسف الخال كبيري: دهشة زوّار المعرض، والنتيجه الماديّه اللي بيتطلّعو عليها أصحاب الغاليريات:

ـ «نحنا مش جمعيّه خيريّه»... وبيلحّقو هـ الجمله بـ نصّ ابتسامه.

الابتسامه الكامله مكلْفه أكتر.

عَ فرحو قرّب «البطرك الـ جالس عَ كرسي الشِعر» من بيّ الرسّام الشبّ، وغمر إيدو بإيديه التنين، وباركلو:

ـ «مبروك، إبنك فنّان ناجح. إبنك إلو مستقبل عظيم».

حَسّ الْـ بيّ بـ رعشه كإنها الضعف. ما قدر يحكي، ما قدر يردّ. التفت بِـ إبنو الْـ كان واقف قبالو وعم يبتسم. قرّب منّو، غمرو وباسو.

الدموع بْـ عينيه حكيو أكتر منّو. غافلن، مِحْيُن بصابيعو، وقلّو بْـ صوت عم يرجف:

ـ «سامحني، غلّطت بْـ حقك... الله يوفّقك».

وعَ ذكر «الله يوفّقك»، بيظهر إنو الله تعب من كتر ما سمع هـ الكلمه من تمّ الإم الْـ كانت ما تعرف إلاّ تحبّ، وتصلّي، وتطلب لـ إبنها: «الله يوفّقك».

***

... ومرقت الإيام.

مرّات عَ َمهل، مرّات ركض، مرّات تتفركش، والفنّان الـ عم يرافقو النجاح، يختصر الحكي بْـ أعمال مميّزه، الْـ بيشوفها لْـ أوّل مرّه بيحسّ بْـ دقّات قلبو عم تضرب بسرعه، وما بيعود يقدر يخبّي دهشتو.

أعمالو تخطّت لبنان. انعرضت بـ أكتر من دوله من دول العالمين: العربي والغربي.

نال جوايز كتيري. والأهم إنّو قدر يخلق شخصيّه مميّزه لفن خاص.

بعض النقّاد عطيوه هويّـه تابعـه لَـ المدرسـه السورياليّه، أو شبّهـو أعمالو بِـ أعمال فنانين عالميين.

صحيح. ممكن يكون ضمن المناخ السوريالي، بس السورياليّه الْـ طالعه من الشرق، من تراث الشرق، من نبض الشرق، من شمس الشرق... ومن أحلام الشرق الْـ بتخليها تكون مختلفه عن سورياليّة الغرب الْـ بتسيطر عليها الماديّه وسطوة الثورة الصناعيّه.

أعمال هـ الفنان اللبناني بتلتقي مع ثقافتو المشرقيّه الغنيّه بـ المعتقدات والتقاليد والعادات... ومع المناخ البيئي والجغرافي والإنساني الْـ منتفاعل معو كلّنا.

أعمالو المرايه الـ منشوف فيها ملامحنا، لون بَشرتنا، وحتّى النبض الـ بيرمز لـ الحياة فينا.

قدرتو بـ الرسم بتدهش.

ألوانو الشفّافه النقيّه كأنها النّور بْـ لحظة الشروق، وما مَـرَق عليها دغـوش النهـارات الْـ بتخوف كتار من الرسّامين.

غرابتو بنت الواقع، لبّسها الحلم. صيّرا عروس العقل الواعي أدقّ التفاصيل.

عطي المشاعر والأحاسيس الحضور الكامل:

مرّه بشكل واضح، مرّات حدّ الوضوح الْـ لازم يكون متل العطر الْـ بيغرينا وما نلمحو.

رَسَم وجوه، رسم شخصيّات، رسم طبيعه، رسم لوحات دينيّه، رسم عوالم غريبه عن المألوف، وفيا كلاّ كان ذاتو. ما بيشبه إلا ذاتو، وما بياخد إلا من ذاتو... لا حَسَد حَدا، ولا قَلّد حَدا... ولا بدّو يكون متل حَدا.

الهويّه اللي بتنعطالنا، ومكتوب عليها اسمنا، نحنا وحدنا فينا نعدّد العلامات الفارقه فيا. العلامات الـ بتميّزنا عن غيرنا بـ: الشعر، والكتابه، والفنون على تنوّعا.

***

هـ الرسّام الـ خلق بـ ليلة 9 شباط، وكان الشتي مجنون وعم يخربط شَعر السَجر، عرف كيف يخلق بْـ صبيعو الْـ كانو زغار، وبوّستهن إمّو تيكبرو، وكبرو.

عرف كيف يخلق مجالات ما منقدر نختصرا إلاّ بْـ الدهشه البتفاجئ.

برّات الدهشه الساحره كلّ شي بيصير يابس.

اليباس ما إلو مطرح بْـ حياة المبدعين.

اعذورني حكيت كتير، ونسيت قلّكن إنّو الفنان اللي حكيت عنّو، اسمو:

سمير أبي راشد.