ندوة حول كتاب القس ادكار طرابلسي: "أصحاب السيادة"

 

خلال ندوة حول كتاب"اصحاب السيادة"

كنعان: المسيحيون يريدون دورهم كاملاً وتحقيق التفاهمات بلا ذوبان او استزلام

الرياشي: مصالحة التيار والقوات لبنة اساسية في العمارة الوطنية

طرابلسي: نريد السياسة قدرة على تقرير امور لخير الجماعة

 

حضرت مفاهيم كسر جدران الفصل والانفتاح على اللآخر وشجاعة ردم الهوة والبناء على اساس رؤية ومشروع لتحقيق المصلحة العامة على لسان امين سر تكتل التغيير والاصلاح النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز الاعلام والتواصل في القوات اللبنانية ملحم الرياشي.

الكلام جاء خلال ندوة على مسرح الاخوين رحباني في انطلياس، في اطار مهرجان الحركة الثقافية انطلياس للكتاب، وفي سياق مناقشة كتاب القسيس الدكتور ادكار طرابلسي "اصحاب السيادة" ، في حضور ممثل العماد ميشال عون الدكتور شارل جزرا، ومثل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع جان علم، وممثل رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل نائبه للشؤون الإدارية رومل صابر، والوزير السابق ابراهام ديديان، والمطران جورج صليبا، والأمين العام للمدارس الكاثوليكية الاب بطرس عازار والمدير العام لوزارة الصناعة داني جدعون وفعاليات سياسية وحزبية واقتصادية واجتماعية وروحية وحشد من المهتمين.

بداية قدّم الكاتب والصحافي حبيب يونس للندوة، وقائلا في كتاب"أصحاب السيادة"للقسيس الدكتور إدكار طرابلسي، صديقي ورفيقي منذ أربعينَ آيةَ محبَّة، لا أربعينَ سنةً، شهدتُ ولادةَ حروفه حرفًا حرفًا، وواكبتُها سطرًا سطرًا، حتى صارت بين دفَّتي كتاب، إلى أن وقفتُ، في هذه العشيَّة، بينكم، أعترفُ أمامكم، بأن"أصحاب السيادة"، ليس درسًا في اللَّاهوت صارمًا وجديًّا، أو ليسَ بحثًا في السِّياسة، بل، إنجيلُ السياسة".

ثم كانت مداخلات لكنعان والرياشي وطرابلسي.

 

مداخلة كنعان

وفي مداخلته التي انطلق منها من الفصل الثامن عشر من الكتاب الذي يجسّد مثل السامري الصالح الذي ساعد اليهودي الذي ليس من ملّته بعدما ترك مسروقاً ومعذباً ومضروباً على قارعة الطريق. وقال كنعان" صحيح انه كان لنا ملحم الرياشي وانا، دور في المصالحة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، ولكن ما كان ذلك ليتم لو لم تكن هناك إرادة وقناعة لدى القادة ومجتمعنا بالرغم من التشكيك الذي رافق مسعانا على مدى اكثر من عام. ولا الوم المشككين، لأننا اعتدنا في لبنان على عدم تطبيق شيء مما يقال ويعلن".

أضاف كنعان "كما ان السامري الصالح ساعد من ليس من ملّته على الرغم من جدران التباعد بين الاثنين، فكذلك يبدو محور رسالة المسيحي، الانفتاح وهدم جدار الفصل مع الآخر. وتفاهمنا لا يعني الذوبان والدونية والاستزلام، بل إرادة حرة تلتقي مع إرادة حرة أخرى على رؤية تهم المجتمع، وهذا الانفتاح هو ما كان ينقصنا في مجتمعنا".

وذكّر كنعان بأن التيار الوطني الحر قام بخطوات عدة، وقد ارسى تفاهماً يتخطى الواقع المسيحي الى الواقع اللبناني من خلال تفاهم مار مخايل مع حزب الله، بينما ارست القوات اللبنانية تفاهماً مع تيار المستقبل. والهدف من مد اليد الى الآخر، هو بناء حد ادنى من السلام او الرؤية للمسقبل. وقد نجحنا في مكان ولم نوفق في امكنة أخرى. ولكن الأكيد، أن لا عودة الى الوراء في ما قنا به بين التيار والقوات، وهو ابعد من مشروع سلطة وانتخابات، وهو تكريس لاتحاد، مفاده ان المسيحيين يريدون القيام بدورهم بكل حرية، مع كامل مجتمعهم، من دون ان يختصروا احداً او يغيبوا او يلغوا احداً".

وذكّر كنعان بقول مارتن لوثر كينغ "يجب ان نتعلم ان نعيش معاً كالاخوة والا فسنموت معاً كالبلهاء"، ليشير الى شجاعة الانفتاح على الآخر تأتي في سياق مسار تاريخي، عشناه في العقود الماضية، مع مارتن لوثر، مروراً بهدم جدار برلين، وصولاً الى ما قام به ميشال عون وسمير جعجع. وبالتالي، فما حصل عمل جدّي تاريخي.فهناك ضرورة للاعتراف بالآخر في المجتمعات التعددية. ولا يمكن ان نعيش بسلام من دون ان نعترف ببعضنا البعض، ولا ان نتعاون لتحسين اوضاعنا من دون الاعتراف ببعضنا، على الرغم من التمايز والاختلاف، فمن غير المطلوب ان صورة مصدقة الواحد عن الآخر، بل ان نحافظ على تنوعنا وتمايزنا".

وتابع كنعان "عندما يجري الحديث عن فصل الدين عن الدولة، يجب عدم فصل المبادئ الأساسية والسامية عن أي عمل نقوم به. فالمطلوب منا النظر دائماً الى الأعلى، نحو المبادئ الروحية، وأـن نرتقي الى الأعلى باتجاه المبادئ الكنسية، وليس المطلوب من الكنيسة ان تنزل الينا".

وأكد كنعان أن الاتفاق بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية "هو لخير الجميع، ومن اجل تحقيق بعض الأهداف التي نطمح اليها" وقال "غداً هناك الاستحقاق البلدي، وبعده نصل الى ملفات واستحقاقات أخرى. فأين اللامركزية الموسعة، وكيف نحققها، ولماذا لم تطبق منذ الطائف وحتى اليوم؟ من هنا نؤكد، انه وبتعاوننا سنحقق اهدافاً لخير المجتمع ككل ولن نتهاون بها".

أضاف " نريد الانتخابات البلدية على أساس مشروع ورؤية، فمن دون رؤية تسمح للسطات المحلية بأن تقوم بواجباتها وتعالج نفاياتها وتكون لها كلمة ولا تسحب أموالها لن نحقق شيئاً. وعلى سبيل المثال لا الحصر، انهار حائط منذ اكثر من سنة ونصف على الطريق البحرية في الضبية، وتبين ان كلفة إصلاحه تبلغ 30 مليار ليرة ولم ينجز حتى اللحظة على الرغم من الكارثة التي تعيشها المنطقة، وما يمكن ان يتأتى عن انهياره مجدداً، فيما تصرف أموال باعتمادات تصل الى 30مليار دولار في اماكنة أخرى".

وختم كنعان بالقول "ما نقوم به يهدف الى القول، إن هذا النمط انتهى. مليارا دولار هدرت في النفايات ونريد المحاسبة. ومن هذا المنطلق، ففي الاتحاد قوة من اجل القضايا الوطنية والاجتماعية العامة، وليس هدفها عزل الآخر. في السابق دعينا الى الاتفاق وحمّلنا كل المعاصي، والغريب انه عندما اتفقنا نرجم مجدداً على اتفاقنا".

 

مداخلة الرياشي

 

وفي مداخلته فنّد الرياشي ما جاء في الكتاب معتبراً انه يصارع الاثبات عبر ثوابت ناطقة وشواهد ليدل ااهمية الحضور السياسي في المجتمع ودور المسيحية في السياسة وحق المسيحي في الدفاع عن نفسه حتى في الحرب.

ولفت الرياشي الى ما تضمنه الكتاب من مراحل شجاعة من مارتن لوثر كينغ الى البابا فرنسيس، وما تناوله من اسقاط للاهوت على مفوم الخدمة في مفهوم السلطة الحقيقي، واعتبر الرياشي أن المصالحة المسيحية هي مدخل كبير لمصالحة وطنية حقيقية، لافتاً الى ان السياسة في كل شيء وهي خير العلوم واقدسها، لان فيها خلاص الشعوب، اللهم اذا احسنت الشعوب لها خلاصاً، قائلا "ومع ثورة ثائر آت من اقصى اقاصي الارض اللاتينية البابا فرنسيس الذي قال " يا ايها الذين تغدقون على الكنيسة مالاً من دماء الفقراء او من فساد اعمالكم، خذوا اموالكم قبل ان القيها في النار"، اختم لأقول " "هذا هو التعليم وهذه هي الحرية وهذا هو عمق اعماق السيادة وهذه جوهرة من جواهر كثيرة للمصالحة المسيحية وهي لبنة اساسية في العمارة الوطنية التي اسس لها التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية".

 

 

مداخلة طرابلسي

اما طرابلسي فتحدّث عن جوهر السلطة والسيادة في المسيحية، معتبراً ان بالنسبة الى البعض فالسلطة هي وسيلة الحاكم لممارسة النفوذ والحكم بالقهر أم بالرضا على الرعية، لكن التعريف الإيجابي للسلطة هو انها تلك القدرة على تقرير أمر ما بشأن الجماعة وخيرها.

وتابع طرابلسي: "الملفت في موضوع منح الله للسلطة للإنسان أنه أعطاها لآدم وحواء معاً. وهذه كانت بداية المجتمع البشري الَّتي تحكم على الإنسان أن يكون كائنًا اجتماعيًّا يمارس السلطة التشاركية، فآدم لا يقدر أن يعيش وحده، ولا يقدر أن يهتمّ بالأرض وبمواردها ويُنتج في معزل عن غيره.فهو في حاجة إلى تبادل الخدمات والأعمال والتعاون مع الآخرين في تدبير شؤون الأرض من اجل الخير العام".

وشرح طرابلسي كيف استمرّ انتقال هذا التكليف السلطوي المعطى من الله عبر الأجيال. "فالبشر يحتاجون للسلطة إذ لا يستقرّ مجتمع دون حكم وحكّام. أمّا التبشير بزوال السلطة لصالح مجتمع مثالي هو ضرب من ضروب الأحلام الطوباوية التي لا تتحقّق بل تفتح الباب للفوضى والخراب والجنون. والإتكال على سلطة جائرة أو مجنونة أو غبية أو شريرة أو ضعيفة يقود للنتيجة عينها، وبالتالي لا مناص من سلطة رشيدة تدبّر الشأن العام في الجماعة الإنسانية" .