تكريم القاضي أنطوني عيسى الخوري

 

كلمة المحامي جورج بارود

بمناسبة تكريم الرئيس الدكتور أنطوني عيسى الخوري

الحركة الثقافية – أنطلياس

الاثنين 6 / 3 / 2017

            صدفة كان لقائي به في مناسبة اجتماعية، جرى خلالها تبادل السلام والتحية؛ لم يستمر اللقاء أكثر من خمس عشرة أوعشرين دقيقة، لكن إعجابي بشخصه الهادئ على رصانة مقرونة بالتواضع والوقار ترسّخ في نفسي وازداد اقتناعي بذلك بعدما تعرفت عليه عن كثب.

            الرئيس الدكتور أنطوني عيسى الخوري، ابنُ بشرّي، قبلة لبنان الشمالي، وربيب بعبدا، مركز محافظة الجبل اللبناني.

            ينتسب إلى الاولى إلاّ إنه نشأ في الثانية، وهو يحمل من بلاد الارز عنفوان أهلها وشيمهم، ومن عاصمة الامارة قيمها والعادات يوم كانت بلدة هانئة يُعدّ ساكنوها وتحتسب بيوتها القابعة بين أشجار الصنوبر وجنائن الليمون العابقة بعطر زهرها وأريج زيزفونها؛ وكان والده يومها قاضيًا مشهودًا له بسعة علمه ونزاهته يحكم بالعدل ويقيم فيها مع عائلته.

            تتلمذ أنطوني عيسى الخوري على يد الاباء اليسوعيين في مدرسة الجمهور، وأمضى سنيه الدراسية فيها من الحضانة حتى الفلسفة، وتابع تحصيله الجامعي في كلية الحقوق التابعة لجامعة القديس يوسف ونال الاجازتين اللبنانية والفرنسية؛ ومنها انتقل إلى ستراسبورغ واستحصل على دبلوم في القانون المقارن، وعاد إلى لبنان ودخل السلك القضائي وحصل عام 1977 على شهادة معهد الدروس القضائية.

            وخلال ممارسته القضائية، حصل على شهادة الدكتوراه دولة في الحقوق من جامعة باريس عام 1981، وباشر إلى جانب عمله كقاضٍ، التعليم في كلية الحقوق التابعة للجامعة اللبنانية برتبة برفسور فئة أولى.

            شغل الدكتور أنطوني عيسى الخوري عدة مناصب قضائية، فمن قاضٍ ملحق بهيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل إلى رئاسة الغرفة المدنية في محكمة التمييز مرورًا بعضوية ورئاسة محاكم مختلفة مدنية وجزائية ومجالس عمل تحكيمية ومحامٍ عام لدى محكمة التمييز.

            كما تولى التفتيش القضائي، من مفتش عام إلى رئاسة الهيئة بالوكالة.

            كذلك شغل عضوية المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ورئاسة المجلس العدلي، وانتخب عضوًا في مجلس القضاء الاعلى من قبل قضاة محكمة التمييز.

            وهو الآن بعد إحالته إلى التقاعد رئيسًا لمحكمة التمييز شرفًا.

            وللرئيس أنطوني عيسى الخوري عدة مؤلفات قانونية باللغتين الفرنسية والعربية، تربو على الخمسة عشر، وتتعلق بالقانون الروماني والعقاري والمدني وقضايا العمل والمعلوماتية القانوينة، وآخرها كتاب: "رئيس الجمهورية في القانون الدستوري اللبناني والفرنسي – قانون مقارن"، صدر بطبعته الثانية – باللغة الفرنسية في نيسان من العام 2016.

“ Le président de la République en droit libanais et français comparés ».

            لقد دأبنا في الحركة الثقافية – أنطلياس على تكريم أعلام للثقافة في ميادين مختلفة، قدموا للوطن بوجه خاص وللثقافة بوجه عام مآثر يتميّزون بها. وقد اخترنا في هذه الدورة من المهرجان السنوي للكتاب الرئيس أنطوني عيسى الخوري في مجال القانون، لانه ترك - حيث مرّ في مراحل حياته القضائية والجامعية - بصمات تميّز نزاهته كقاضٍ وعالم قانوني، إلى جانب سعة في المعرفة ووفرة من الاجتهادات، بعد تبحّر في الدراسة والتنقيب والاحساس بالعدالة، ما جعل من شخصه محط تقدير واحترام، إن من زملائه في السلك القضائي أو من الزملاء المحامين وجميع العاملين في حقل القانون، وقد طرح اسمه كمرشح لرئاسة مجلس القضاء الاعلى لما يتحلى به من صفات، وما يكتنز من معلومات وخبرات.

 

            أهلاً بك حضرة الرئيس في رحاب الحركة الثقافية – أنطلياس مكرّمًا على منبرها، وهي إذ تفخر بتشريفك مع من سبقك ومن سيلحق بك من مكرمين، تعتبر عملها واجبًا وطنيًا يسلط الضوء على أعلام جاهدوا وتعبوا في سبيل هذا الوطن، معتبرة كل من يتقن عمله ويخلص في ما أوكل إليه مجاهدًا يوازي لا بل يتجاوز في نضاله من يحمل السلاح ويبذل الذات، لان ما يقدمه العلماء والمفكرون والباحثون يبقى إلى أجيال وأجيال، ويساهم في نشر الثقافة وإظهار الصورة الحضارية لشعب عانى الكثير ولا يزال على الضفة الشرقية من المتوسط؛ كما وأنه يبعد صورة الارهاب والتعصب والعنصرية التي يرى من خلالها الغرب شرقنا ويصبغ بها شعبنا المنذور للعذاب والجهل، علّنا بالثقافة والعلوم والقانون نفك حجب الرصد عن شعوبنا ونفتح للاجيال القادمة بعض الطاقات من الضوء لبناء مستقبل واعد.

السفير جوي تابت.

 

-          دكتور في الحقوق.

-          محامٍ في الاستئناف.

-          سفير لبناني.

-          أستاذ جامعي في القانون الدستوري والحريات العامة والقانون الاداري ومستشار قانوني في مجلس النواب.

-          زامل الرئيس أنطوني عيسى الخوري في كلية الحقوق ونال الاجازتين اللبنانية والفرنسية ودبلوم الدراسات العليا وقد صدرت أطروحته: "حق رئيس الدولة في رد القوانين إلى البرلمان لاعادة النظر بها في القانون المقارن"، بطبعة مشتركة بين ثلاث مؤسسات علمية   في باريس وبروكسيل وبرويان ومؤسسة دلتا في بيروت ونالت جائزة المونسينيور اغناطيوس مارون عام 2002، كما اختارت هذا الكتاب لجنة رعاية الكتاب السياسي لسنة 2003 في باريس ليتم توقيعه في مجلس النواب الفرنسي، وقد ترجم إلى العربية ونشرته في بيروت مؤسسة مجد عام 2008.

-          له عدة مؤلفات أخرى باللغة الفرنسية نذكر منها:

حق رئيس الدولة في نقض القوانين.

مدرسة بيروت للحقوق.

أكاديميا علماء القانون في بيروت.

-          وهو بصدد إصدار عدة مؤلفات أخرى لا تزال قيد الطبع.

-          نال عدة أوسمة وشارك في عدة مؤتمرات وندوات وهو عضو في عدة جمعيات تعنى بالقانون.

 إنه السفير جوي تابت يقدم القاضي الرئيس أنطوني عيسى الخوري. 

_______________________________________________

 

تكريم الرئيس الدكتور الشيخ انطوني عيسى الخوري

د. جـــوي تابـــت

سفير لبنان

 

 

ايها الحفل الكريم،

اشكر الحركة الثقافية - انطلياس واعتز بها على نشاطها الثقافي والعلمي والوطني الرائع الذي قامت به وتقوم خدمة للثقافة والعلم وللبنان، واشكرها على تكريمها الرئيس الدكتور الشيخ انطوني عيسى الخوري الشخصية القضائية والاكاديمية والوطنية المميزة. كما اشكرها لاعطائي الكلام في هذه المناسبة العزيزة على قلبي كي اشترك معها في تكريم صديق حبيب واخ عزيز.

عمر علاقتنا واخوتنا ثلاثين سنة كاملة (1987-2017) وستستمر طيلة حياتنا وقد صح القول بالمحتفى به انه الاخ الذي لم تلده امي.

نحن نعرف بعضنا جيداً في شتى مجالات الحياة العائلية والمهنية والثقافية والدينية والوطنية وفي كل ما تصل اليه الصداقة الحقة والاخوة الحقة.

ابادر الى القول ان الرئيس انطوني عيسى الخوري كما اعرفه يكره التقريز والتبخير والتطرف والالقاب الرنانة وينشد الموضوعية والواقعية والاتزان ويفكر بعقل بارد وهادىء وبتروٍ ويزن كلامه والمواقف بميزان الصائغ المسؤول ولا يقطع خط الرجعة في اقدامه. يتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه ويمارسها بدقة واتقان الى اقصى درجة يستطيعها.

لقد قال لي مراراً انا لا تهمني الالقاب التي ورثتها عن اجدادي (المشيخة والبكوية) انما تهمني الالقاب التي اكتسبتها بنشاطي وعلمي وجدي وهي لقب الدكتوراه في الحقوق والقابي القضائية ولقب بروفسور جامعي وقد سعيت اليها ونلتهما بتحصيلي وبجهدي.

لا يمكنني ان اختصر شخصية بحجم الرئيس انطوني بمدة عشر دقائق كما هو مخصص لي ومفترض اختصاراً للوقت، لذا سأكتفي بالتوقف عند ست نقاط تعطي صورة رمزية عن ماهية المحتفى به وعن انجازاته الثابتة والموثقة بأحكامه القضائية ومحاضراته الجامعية ومؤلفاته القانونية.

اولاً:جد الرئيس انطوني هو الشيخ الجليل الشهير بربر أمين عيسى الخوري الذي كان رئيساً لبلدية بشري ولقضاء بشري بآن منذ أوائل القرن العشرين، لأن في ايامه كانت بشري وكل قرى قضائها تؤلف بلدية واحدة تدعى بلدية بشري.  وقد مثل الشيخ بربر قضاء بشري في احتفال اعلان دولة لبنان الكبير الذي اقامه المفوض السامي هنري غورو Henry Gouraud   بتاريخ 1 ايلول 1920، في قصر الصنوبر حيث كان الشيخ بربر حاضراً مع البطريرك الياس الحويك. وعندما قام المفوض السامي غورو  Gouraudبزيارة رسمية لقضاء بشري اقام عند الشيخ بربر وكذلك فعل رئيس الجمهورية بشارة الخوري وغيرهما من رؤساء ورسميين - وسيقام في صيف هذه السنة 2017 يوبيل مئوية ترؤس الشيخ بربر لبلدية بشري.

ثانياً:والد المحتفى به الرئيس انطوني هو الرئيس القاضي اللامع الشيخ اميل بربر عيسى الخوري مدعى عام محكمة التمييز شرفاً، الذي عرفته جيداً في قصر العدل في ممارستي للمحاماة.

تلقى الرئيس الشيخ اميل كامل دروسه الابتدائية والثانوية والحقوق لدى الآباء اليسوعيين. وفضل الالتحاق بالسلك القضائي بدلاً من العمل في الشأن العام والسياسة، وذلك لأن رسالة القضاء تنسجم اكثر مع اخلاقه  ونفسيته ومزاجه الرصين المتحفظ. وقد مارس رسالة القضاء طيلة 34 سنة كاملة، وقد احيل الى التقاعد في اول صيف 1973 برتبة مدعي عام لدى محكمة التمييز شرفاً.

تولى الرئيس الشيخ اميل عيسى الخوري مراكز قضائية مهمة هي التالية:

- محام عام لجبل لبنان

- رئيس محكمة استئناف  جبل لبنان

- مستشار لدى محكمة التمييز الغرفة الجزائية

- مدعي عام جبل لبنان

- مدعي عام لدى محكمة التمييز

وتوفي بتاريخ  17 آذار 1987.

وعرف الرئيس الشيخ اميل طيلة حياته القضائية بالرصانة والجدية والاستقامة والنزاهة والتقيد الصارم بموجب التحفظ وقد مارس موجب التحفظ في بيته فعاشت عائلته على مسلكه.

ثالثاً:عاش الرئيس انطوني منذ صغره اجواء القضاء بكل ابعادها وتمرس على عيشها مع والده قبل ان يصبح قاضياً. عمل الشيخ انطوني كل دروسه الابتدائية والثانوية والحقوق ايضاً في جامعة القديس يوسف للآباء اليسوعيين واتقن ثلاث لغات العربية والفرنسية واللاتينية بتفوق، كما يتقن الانكليزية. وبعد ذلك نال دبلوم في القانون المقارن من جامعة استراسبورغStrasbourg   ثم نال شهادة دكتوراة دولة في الحقوق من جامعة باريس. ومثل والده فضّل رسالة القضاء على اي عمل آخر لأن السلك القضائي اقرب الى اخلاقه ومزاجه.

دخل السلك القضائي في 3/3/1973 واحيل الى التقاعد في 25/2/2015 بعد ان خدم لبنان لطيلة 42 سنة كاملة.

لقد احب علم القانون واتقن مواده على تنوعها وتعمق بها. مارس اهم مواد علم القانون في القضاء وفي التعليم الجامعي وفي التأليف ومارس القضاء بأهم اختصاصاته: فقد مارس في المحاكم القانون التجاري والقانون العقاري وقانون العمل وقانون العقوبات في الجنح والجنايات وقد تحمل في السلك القضائي المسؤوليات الكبيرة التالية:

1- ملحق بهيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل.

2- عضو في محكمة البداية في جبل لبنان الناظرة في القضايا التجارية والعقارية.

3- مستشار لدى محكمة الاستئناف في لبنان الشمالي غرفة الجنايات.

4- رئيس مجلس العمل في لبنان الشمالي.

5- رئيس محكمة الاستئناف الجزائية الهيئة الثانية في لبنان الشمالي.

6- مستشار لدى محكمة التمييز الغرفة الجزائية ومنتدب لدى الغرفة المدنية.

7- محام عام تمييزي،وفي آن معاً محام عام مالي.

8- مفتش عام قضائي.

9- رئيس هيئة التفتيش القضائي بالوكالة.

10- رئيس الغرفة المدنية لمحكمة التمييز (القضايا العقارية والعمل).

11- عضو المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء من حزيران 2009 لغاية بلوغه سن التقاعد في 25/2/2015.

12- رئيس المجلس العدلي.

13- عضو مجلس القضاء الاعلى منتخب من قبل قضاة محكمة التمييز.

احكامه باسم الشعب اللبناني بالمئات ومتنوعة حسب مواد اختصاصاتها. وهي اجتهادات محصّنة ومبكّلة بالعلم والعدالة. وهي لا تزال مرجعاً يستند اليها القضاة والمحامون نظراً لأهميتها ولصحتها.

- وبعد احالة المحتفى به الى التقاعد (25/2/2015) عين رئيساً لمحكمة التمييز شرفاً وهو لقب يحمله مدى العمر وارجو الله ان يكون طويلاً لأني اتمنى له دوام الصحة وطول العمر ودوام الانتاج. عمر الرئيس الدكتور الشيخ انطوني عيسى الخوري القضائي هو واقعياً 68 سنة وليس فقط 42 سنة التي خدم فيها شخصياً لبنان. لأنه كما ذكرنا منذ ولادته ولغاية دخوله السلك القضائي في 3/3/1973 عاش في بيت والده المناخ القضائي بأرقى مزاياه واقصى درجاته خاصة - كما ذكرنا سابقاً - جو واصول واجب التحفظ الذي مارسه والده في بيته، وقد اعتاد الرئيس انطوني على ذلك ولما دخل القضاء كان متمرساً على الحياة القضائية وموجباتها وصعوباتها وتابع مسلك والده. يعتبر الرئيس انطوني ان القضاء ليس وظيفة انما هو رسالة سماوية لاحقاق الحق بين البشر، تقوم على علم القانون وعلى الضمير الحي والنزاهة والشفافية والتجرد وواجب التحفظ. وقد عاش الرئيس انطوني بدوره واجب التحفظ في بيته فتدربت عليه ابنته القاضي جويل عيسى الخوري دمّر التي تكمل اليوم مسيرة جدها ووالدها بكل جدارة واستحقاق.

لا يحب الرئيس انطوني ان يقال عن القاضي انه نزيه لانه يعتبر ان كلمة قاضي تعني النزاهة والعدل والضمير الحي والترفع عن الأهواء والصغائر.

اعرف جيداً ان الرئيس انطوني قاسٍ مع نفسه لأنه ينشد المثالية وهو لم يستمع طيلة حياته القضائية الا لصوت ضميره والقانون ولم يقبل طيلة 42 سنة ان يتدخل معه احد في رسالته القضائية وكان يرفض استقبال المتقاضين خارج قوس المحكمة ويرفض الهدايا ولا يقبل دعوات اجتماعية الا مع حلقة ضيقة من الاصدقاء الذين ليس لهم علاقة بحياته القضائية.

رابعاً:حياة الرئيس عيسى الخوري العائلية محترمة وقد اكرمه الله بزوجة مميزة ممتازة بأخلاقها وعلمها واخلاصها ونشاطها وقدرتها على التغلب على مصاعب الحياة، هي السيدة نيلا الابنة الوحيدة للمؤرخ الكبير وكبير قومه ابراهيم بك كنعان صاحب المؤلفات التاريخية القيّمة واحدها تاريخ بيروت - وقد اكرم الله ايضاً الرئيس انطوني والسيدة نيلا بولدين لامعين: اميل الذي هو رجل اعمال ناجح وجويل القاضي التي سبق وذكرنا.

خامساً:اضافة للقضاء، للرئيس انطوني حياة اكاديمية وجامعية وهو يحمل لقب بروفسور جامعي Professeur universitaireوله مؤلفات قانونية. وقد علم المواد القانونية التالية:

- القانون الروماني، وسهل الامر عليه اتقانه اللغة اللاتينية. وله بالقانون الروماني سبعة مؤلفات بالفرنسية.

- القانون العقاري وله فيه ثلاثة مؤلفات بالفرنسية

- قانون العقوبات وله فيه مؤلفان بالفرنسية.

- القانون المدني وله فيه مؤلف عربي ومؤلف فرنسي.

كما له ايضاً:

- كتاب في المعلوماتية القانونية (عربي)

- كتاب قانون دستوري مقارن عن رئيس الجمهورية في لبنان وفرنسا (بالفرنسية) وهو دراسة معمقة ومن اهم المراجع بالموضوع يستعين به الاختصاصيون في العلم الدستوري.

سادساً:اما وطنية الرئيس انطوني فلا يعلو عليها. جذورها ضاربة في ارز الرب - لبنان عنده - كما هو عندي ايضاً - هو كل شيء: فعندنا لبنان هو اولاً ولبنان هو اخراً وبين الاولاً والآخراً لا شيء عندنا الا لبنان لان المسافة التي تفصل بين الأولاً والآخراً كافية ليقترف خلالها ضعفاء النفوس اعمال زنى وطني مع دول غريبة تأمينا لمصالح شخصية او سياسية او عائلية اوغيرها.

ايها السادة، ختاماً لا ابالغ اذا قلت ان حياة الرئيس انطوني في كل مجالاتها وخاصة القضائية والاكاديية منها والانتاجية هي قدوة للأوادم وقدوة للقضاة ولا سيما الطالعين منهم وكذلك للاساتذة الجامعيين. فعلمه ونزاهته واخلاقه جعلت منه رجلاً استثنائياً، وقاضياً استثنائياً، وجامعي مميز ومؤلف رصين وجدي. وقد شرّف بمسلكه القضاء والتعليم كما شرّف كل من تعامل معه وعرف مثاليته. لم يسع يوماً لجمع ثروة ولم يجنٍ ربحاً من مؤلفاته واكتفى منها بالربح المعنوي. وليَ امنية اطلبها بمحبة من صديقي واخي الرئيس انطوني وهي ان ينكب على تأليف مذكراته ويصور فيها حياته من شتى جوانبها لأنها ستكون بمضمونها مدرسة لكل من يرجع اليها. وذلك تطبيقاً لمبدأ عندي هو ان الذين يتولَون مسؤوليات كبيرة في الوطن من سياسيين وقضاة ودبلوماسيين وغيرهم يصبح عملهم وتصبح خبرتهم ملكاً للوطن وبهذه الصفة عليهم ان يكتبوا مذكراتهم ليستفيد منها الذين يأتون بعدهم. ولا شك عندي ان مذكرات الشيخ انطوني ستكون مدرسة للذين يطّلعون عليها.

هذه لمحة عن صديقي واخي الرئيس المحتفى به. آمل ان اكون قد نجحت في اعطائه بعض حقه في خدمة لبنان طيلة 42 سنة كاملة. واود ان اكرر شكري للحركة الثقافية - انطلياس واتمنى لها دوام النجاح والازدهار خدمة للثقافة وللعلم وللبنان.

عاشت الحركة الثقافية - انطلياس وعاش لبنان.

_______________________________________________

 

القاضي الدكتور أنطوني عيسى الخوري

أيها الحفل الكريم

إنه لشرف لي أن أكون بينكم اليوم

 

       إسمحوا لي ألاّ أطيل الكلام حول مسيرتي القضائية لأن المتحدّثين الكريمين، المحامي الأستاذ جورج بارود والسفير الدكتور جوي تابت، قد تكلّما مشكورين طويلاً عنها. فعندما عيّنت قاضياً متدرّجاً في أوائل شهر آذار عام 1973 من القرن الماضي، أوصاني والدي المرحوم القاضي إميل عيسى الخوري بما يلي : "إنتبه من الآن وصاعداً، فإن أهمّ ما يمتاز به القاضي هو ضمير مهني مرهف". وقد إلتزمت بوصيّته طيلة مسيرتي القضائية التي بلغت إثنين وأربعين عاماً بحيث شغلت على التوالي عدّة مناصب متنوّعة الإختصاص، ممّا أغنى خبرتي القانونية.

 

***

أيها السيّدات والسادة

       لا شك في أن القضاء هو عماد الوطن، فأثناء الحرب العالميّة الثانية عندما كانت مدينة لندن تقصف جوّاً ويسقط فيها الكثيرون بين قتلى وجرحى عدا الدمار الهائل الذي حلّ بالبلاد، سئل رئيس الوزراء آنذاك ونستون تشرشل Winston Churchillمن قبل الصحافيّين :

هل ستستسلم بريطانيا للعدو ؟، فأجابهم :

"طبعاً لا، طالما أن القضاء بخير فبريطانيا بخير". ولا شك أن دولة القانون اليوم، ولاسيّما بعد الحرب العالميّة الثانية، أضحت الركيزة الأساسيّة لحماية الفرد وحرّياته وحقوقه.

فالقضاء مؤتمن على ترسيخ مبادئ العدالة التي تساعد على تقدّم الحضارات ونموّها.

***

ومن جهة أخرى، وبالعودة إلى الكلام عن مسيرتي، يقتضي الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى عملي القضائي، هنالك عملي الأكاديمي في التدريس الجامعي، والذي لا أزال أمارسه حتى الآن، بحيث ابتدأت التدريس في عدّة كليّات حقوق فور نيلي شهادة دكتوراه دولة في الحقوق من جامعة باريس في حزيران عام 1981، وانكبّيت على تأليف عدّة مؤلفات قانونية تباعاً متنوعّة المواضيع (مدني، عقاري، قانون روماني، جزائي، معلوماتيّة قانونيّة، عمل، ودستوري)، والتي سمعتم عنها شاكراً لمن قدّمها لكم.

***

أيها السيّدات والسادة

أتوجّه إليكم جماعة وفرداً فرداً بالشكر الجزيل لتحمّلكم مشقّة الحضور للمشاركة في هذا اللقاء التكريمي الذي تقيمه الحركة الثقافية – أنطلياس، في إطار المهرجان اللبناني للكتاب، في سنته السادسة والثلاثين.

وأمّا بعد، مثلما المياه مصدر كل حياة، فبدون الثقافة تبقى شجرة المجتمع، مهما علت وتفرّعت، مفتقرة للرونق والجمال. من هنا أهميّة الدور المميّز والعريق الذي تضطلع به الحركة الثقافية – أنطلياس، وهو دور أجادته على مرّ العقود والسنين.

فيا أسرة الحركة الثقافية الأعزاء، سيبقى لبنان بخير ما دام فيه شخصيات كأمثالكم يحسنون الأداء ويقدّرون الثقافة. أنتم النموذج الذي يجب أن يحتذى به لقيام مجتمع المعرفة، إذ إن المعرفة هي السبيل الأفضل لبلوغ الحريّة والعدالة والكرامة الإنسانيّة.

 

شكراً للحركة، بهيئتها الإدارية فرداً فرداً، على إختيارها لي كأحد مكرّميها هذه السنة، وهذا يشرّفني حقّاً.

شكراً لمدير الجلسة الصديق المحامي الأستاذ جورج بارود على تنظيمه الدقيق لهذا الإحتفال وعلى تقديمه الكريم وإسترساله في الكلام عنّي في هذه المناسبة. كما أعبّر عن شكري للصديق القديم السفير الدكتور جوي تابت للدراسة الوافية التي قدّمها والتحليل العميق الذي تناول فيه مراحل من حياتي في نطاق الشأنين الخاص والعام.

وشكراً لكلّ الذين ساهموا في التنظيم والإعداد لهذا اللقاء.

وأشكر سلفاً الزملاء والأصدقاء الكرام الذين سيدلون بشهاداتهم حول جوانب مختلفة من مسيرتي.

إسمحوا لي آخيراً أن أهدي هذا التكريم إلى روح والديّ وإلى زوجتي وإلى ولديّ وعائلتيهما، خاصّة وأنه كان لعائلتي الفضل الأكبر في إغناء روحي الوطنيّة وتغليبها على أي إنتماء آخر.

فهذا هو لبنان الحبيب، وطنٌ جامع لكلّ أبنائه... ولن يبقى إلاّ هكذا.

شكراً لكم جميعاً

القاضي الدكتور أنطوني عيسى الخوري

رئيس محكمة التمييز المدنية والمجلس العدلي سابقاً