حفل تكريم الأم كليمنص حلو والسيدة رباب الصدر شرف الدين

 حفل تكريم الأم كليمنص حلو والسيدة رباب الصدر شرف الدين

كلمة للدكتور تريز الدويهي حاتم

أيها الحضور الكرام،

يطيب لنا أن نلتقيكم اليوم في الحركة الثقافية - انطلياس، في إطار المهرجان اللبناني للكتاب - السنة السابعة والعشرين - بالرغم من كل ما يصيبُ لبنانَ الوطن من جراح واوجاع ووهن، آملين بان الظلمة وان طال مداها، لا بدّ ان يبددها في النهاية نور الرجاء. كما نود ان نستهل هذا اللقاء بأطيب التمنيات لكل نساء لبنان مستلهمين المعاني السامية لليوم العالمي للمرأة وما ترمز اليه هذه المناسبة من تقدير لدورها في ترقي المجتمعات.

هذا التكريمُ المزدوج أردناه في الحركة الثقافية - انطلياس، تكريماً للأم كليمنص حلو لمسيرتها الرسولية وعبرها لجمعية الراهبات الانطونيات، كما لجمعية مؤسسات الامام موسى الصدر الخيرية، التنموية، الاجتماعية بشخص رئيسة هيئتها الادارية ومديرها العام السيدة رباب الصدر شرف الدين.

الأم كليمنص حلو والسيدة شرف الدين شرف للحركة تقديركما في هذه الامسية للمساهمة القيمة التي تقدمها كل منكما في مجال عملها.

في بداية هذا الاحتفال، نكرّم الأم كليمنص حلو، الرئيسة العامة السابقة لجمعية الراهبات الانطونيات. ان نظرت في عينيها لاقتك اشراقةٌ روحية حاضنة، تستعيد معها وهجاً وضاء من مسيرتها الرسولية، دروب عطاء متجدد وأصيل في آن.

الأم كليمنص حلو متعددة المواهب والمزايا والعطاءات. منذ اصطفاها الرب للرسالة الرهبانية تلمّست خطاه، وانطلقت مبشرة بكلمته، محافظة على خصوصية الفكر المسيحي بأمانة ودقة، غايتها خدمة الانسان في استثمار طاقاته الدفينة.

اكاديمية، دأبت على مراجعة الكتب، وكالفراشة رشفت من كل زهرة رحيق، فاستندت الى ثقافة رصينة في الفلسفة والانتروبولوجية والدين واللاهوت اكتسبتها من جامعات فرنسا، فوظفتها باحثة في كتاباتها المنوعة بهدف الوصول الى آفاق فكرية ودينية أرحب.

جامعية متمرسة ومحترفة تضفي على اعمالها مسحةً انسانية خاصة، على يديها تتلمذت اجيال فتدفق عطاؤها كنبع لا ينضب.

هي الأم والأخت النموذج للمرأة اللبنانية، السخية العطاء، المثابرة على خدمة الله والانسان ورفعة الوطن. نقدّر فيها ايضاً مع اخوات لها، الاندفاع الميمون نحو الاهتمام بالتراث الماروني والعودة الى الجذور فهي منذ مدة "ناطور وادي قنوبين" تسعى للمحافظة على معالمه، واعادة الروح اليه، خبرات نسكٍ وسياحة دينية للراغبين.

ايها السادة،

إن تكريم الأم كليمنص حلو هو تحية قلبية صادقة لجمعية الراهبات الانطونيات بمناسبة مرور 75 سنة على انطلاقتها الرسولية، كون الأم كليمنص حلو من أركان هذه الجمعية التي أغدقت العطاء على اللبنانيين مدارس، ومستشفيات، ودور عناية، في المناطق كافة، كما في المغتربات.

فالإضاءة على مسيرتها الرسولية بأسمى معانيها وأبعد مراميها، كما على دَوْر جمعية الراهبات الانطونيات في التربية والتعليم، والتنشئة على القيم الاخلاقية السامية، هي بالنسبة الينا فعلُ مقاومة فكرية، ثقافية، ووجودية، نتلمّس من خلالها الطريق الى الحرية والسلام وآفاق التغيير الواعدة.

مسيرة تتولى الكشف عن محطاتها الأبرز الأم دومينيك حلبي القادمة من فيء شجرات الجوز العتيقة في اهدن جارة الوادي المقدس وأرز الرب. راهبة انطونية ذات شخصية ديناميكية مميزة ونظرة مستقبلية ثاقبة.

تحمل ماجستير M.A في الارشاد والتوجيه من الجامعة الكاثوليكية الاميركية في واشنطن وماجستير أخرى في الأدب الانكليزي من الجامعة الاميركية في بيروت واجازة في الرياضيات من معهد جامعي في كليفلند. اشرفت على مؤلفات وكتبت مقالات في مواضيع عدة اذكر منها التربية ودور المرأة والايام النسكية في قنوبين. هي أيضاً رئيسة عامة سابقة للراهبات الانطونيات - فتداول السلطة في هذه الجمعية اللبنانية الاصيلة دليل عافية وصحة اثره بيِّن في عديد ونوعية انجازاتها. عضو سابق في مجلس البطاركة والمطارنة الكاثوليك وفي المجلس الوطني لكاريتاس  - لبنان.

حالياً رئيسة الصرح التربوي والتعليمي الرائد ثانوية مار الياس للراهبات الانطونيات غزير، منسقة تجمع المدارس الكاثوليكية الانغلوفونية في لبنان. رئيسة تجمع الاكليروس الاهدني. عضو الهيئة الادارية لمؤسسة البطريرك اسطفان الدويهي. ولها نشاطات أخرى رعوية، روحية، اجتماعية وثقافية.

رفيقة درب الام كليمنص حلو، الكلمة لك.

أيها السادة،

بداية أيضاً مع الفقرة الثانية من هذا الاحتفال التكريمي تتوجه الحركة الثقافية - انطلياس بتحية تقدير واكبار لجمعية مؤسسات الصدر لسعيها الدؤوب منذ بداية الستينات وحتى اليوم، في "تلبية الحاجات الاساسية لفئات محدَّدة من المحرومين، كاليتيمات، واصحاب الحاجات التربوية الخاصة، وصولاً الى اسهامات تنموية واجتماعية وثقافية تطال شرائح واسعة من المستهدفين في برامجها".

يقترح هذا التكريم اطلالة على هذه المؤسسات ومدخلاً للتعرف اليها لتبيان ركائز البناء الصدري الذي وضع مداميكه التأسيسية الامام موسى الصدر، المغيّب منذ ما يناهز الثلاثين عاماً، ناضلت السيدة رباب الصدر شرف الدين بكل ما اوتيت من ارادة وعزم وشجاعة للنهوض بمشروعه الاجتماعي فجاءت انجازاتها على قدر التحديات الكبرى التي واجهت، مالية كانت، سياسية ام امنية.

انطلاقاً مما تقدم، يستوقفنا السؤال عن هوية المرأة التي حاولت ونجحت في إرساء اسس التغيير الاجتماعي والعدالة في مجتمعها. من قاربت للمشاكل الاجتماعية لا المسكنات بل بمحاولة معالجة الاسباب الدقيقة الكامنة للداء. فحفزت عند الضعفاء فرص التعرف على ذواتهم واكتشاف قدراتهم ومن ثم عمدت الى تزويدهم بالمعرفة والمهارات الضرورية التي توصلهم الى الاعتماد على انفسهم كاعضاء منتجين في المجتمع. وكان تركيزها على المجتمعات الريفية والمرأة الجنوبية انطلاقاً من مجمّع المؤسسة الثقافية في مدينة صور، جنوب لبنان.

السيدة رباب الصدر شرف هي قلب المؤسسة النابض. أم المؤسسة هي بمثابة قلبها؟

 

 

 

كلمة التعريف بها للدكتور شوقي خيرالله، ضابط سابق في الجيش اللبناني، باحث، له مؤلفات جاوزت 45 في الأدب السياسي والأسطوري، صديق للسيدة رباب الصدر، مشارك في نشاطاتها. له الكلمة .

 

 

حفل تكريم الأم كليمنص حلو والسيدة رباب الصدر شرف الدين

كلمة الأخت دومينيك الحلبي

عرفتها منذ عقود عندما عينت في ثانوية مار يوسف - زحلة للراهبات الانطونيات كمدرِّسة للرياضيات وكانت الأم كليمنص رئيسة المدرسة. في زحلة تعلمت، بفضل حدبها وسهرها، كيف تكون الراهبة الانطونية مربية ناشطة واعية في المدرسة وفي الآن عينه، فاعلة في الرعية الجارة. للمرة الأولى في حياتي شاركتُ في إحياء السهرات الإنجيلية في البيوت بالتعاون مع الاكليروس المجلس واختبرت، برئاستها كيف يكون الدير ديراً وملاذاً وشمساً سواء بالنسبة الى راهباته أو الى بيئته البشرية، وكيف يستضيف اهل المعرفة والثقافة الواسعة ويتفاعل معهم ومن ثم ينخرط في الاحداث الكنسية والوطنية المهمة دون ان يلتصق بها او يفقد شيئاً من خصائصه الاساسية.

وعندما انتخبت الأم كليمنص رئيسة عامة كان لي الحظ في مشاركتها مدة 12 سنة مسؤولية رهبنتها الحبيبة وأذكر ان اولى مقررات مجلس الرئاسة كانت تكثيف التعليم العالي للأخوات فانصرفت 65 راهبة من اخواتنا الى الجامعات للدرس في السنة الأولى، أي حوالي 40% من مجموع الراهبات الانطونيات آنذاك. ولم يتوقف بعدها برنامج التثقيف الروحي والعلمي والمهني في رهبنتنا بل تصاعدت وتيرته.

برصانة لا يشوبها كبرياء او زغل. عالجت الأم كليمنص شؤون الرهبانية فكانت في القيادة والادارة راهبة عصرها. عين لها على راهبة الامس، وعين لها على راهبة الغد، تستوحي الأولى التقوى والعفّة والتقشف في العيش وتستشرق شمس الثانية وأنوارها في خطوها صوب الله الذي لا يزال يطل علينا من الماضي والمستقبل.

قادت الام كليمنص حلو، خلال الاحداث التي عصفت بالوطن مسيرة الرهبانية بشجاعة نادرة ورؤية واضحة واتخذت مع مجلسها قرارات جريئة نذكر منها مشروع بناء مستشفى في القبيَّات وكانت احدى غاياته توفير العافية لإخواننا هناك وتثبيتهم في أرضهم والمحافظة على الروح القروية ومسؤولية فوايّه في نيقوسيا للعناية بأولاد الموارنة المهجرين في بلدهم إبان الحرب في قبرص.

ثم تلا ذلك تأسيس بيت العناية في باريس للفتيات طالبات العام والثقافة. ففتح مدرسة لتعليم اللغة العربية مع حضانة للأطفال في ملبورن اوستراليا وفي اوتاوا كندا وبصفتها رئيسة عامة للراهبات الانطونيات رجح صوت الام كليمنص كفة اعادة فتح دير يونغستاون أوهايو في الولايات المتحدة الأميركية بعد ان تعرض للإغلاق.

الذين يعرفون الام كليمنص يقولون انها والمعرفة توأمان. فمنذ أكملت دروسها الثانوية في المعهد التربوي العالي في ريبوفليه - فرنسا، وهي تثابر على تحصيل المعرفة حتى غدت موسوعة في راهبة. وصار السعي الى المعرفة والعمل على الترقي جزءاً من نمط عيشها اليومي شهاداتها متنوعة رفيعة مترابطة بحياتها الرهبانية ورسالتها انها سخية في العطاء تشارك الآخرين في معارفها وخبراتها الغنية ببساطة لافتة.

تتقن فن الإصغاء إتقانها فن التخاطب والحوار تعيش ايمانها بصدق وتحترم ايمان الآخرين دون الابتعاد عن النظرة الشمولية الى الانسان والكون. وبقدر ما تسعى الى الحق تنأى عن الباطل لائقة، أبداً، محتشمة دوماً ترفض المبتذل وتجد وراء النوعية والامور القيمة.

درست الفلسفة ورؤيا يوحنا والرموز الليتورجيا في جامعة الروح القدس والتراث السرياني في الجامعة الانطونية ولا تزال تدرس في هاتين الجامعتين ولا نزال نحن نتلقى الاصداء المشرفة.

ان تعيين الام كليمنص خبيرة في الحياة الرهبانية في المجمع البطريركي الماروني أضفى على نص الحياة الرهبانية نكهة خاصة زادته غنى وعمقاً والقى مزيداً من الضوء على مسيرتها المشرقة. ولعل مسؤوليتها اليوم عن ادارة دير سيدة قنوبين (البطريركية المارونية القديمة في قاديشا) تتويج لمسارها الصاعد خصوصاً وقد تحول الدير في وادي القديسين الى محجة روحية وسياحية دينية.

هذا ما استوعبته على مدى عقود من وافر خصالها وفضائلها وكلما ظننت انني بت اعرفها جيداً وجدت نفسي امامها كبحار في خضم بحر.

وبعدُ، انني اتقدم بعميق الشكر من الحركة الثقافية - انطلياس على كل ما تبذله في سبيل الثقافة ولبنان وعلى لفتتها الكريمة هذه.

واشكر الله على عطاياه الجمة لرهبنتي وللكنيسة وللبنان، وبخاصة على الام كليمنص.

اشكره على وقفها ذاتها من اجل البشر، محبة به واعترافاً بنعمه.

اشكره على مسيرتها من الاصالة الى الحادثة فالقداسة، واشكره من صميم قلبي على انها اختي وصديقتي ولا تزال مثالي.

واشكركم جميعاً على اصغائكم.

كلمة الأم كليمنص حلو

في الحركة الثقافيَّة، أَجدُني في بيتي، فلماذا أُكَرَّم؟ ثمَّ كيف أَقبل التكريم، والصليبُ على صدري، ومنديلي علامةُ احتجابٍ وخَفَر، وخاتمي رمزُ عهدٍ قطعته مع الوحيد ومع إنجيله، ولا شيءَ خارجًا عنهما؟ لكنَّ مَوْنة الأحبَّاء غلبتني. فأنا مغلوبة الحركة الثقافيَّة: رئيسها الأب جوزف عبد الساتر الأنطونيّ، وأمينها العامّ الدكتور عصام خليفة، والمسؤولة عن التكريم الدكتورة تريز الدويهي حاتم، وكلّ الوجوه التي أعرف وأُقدِّر وأُحبّ. أنتم أُسرتي الكبيرة. إنَّني مغلوبة رهافتكم وصدقكم وترسُّلكم للصداقة والثقافة، كنـزنا الثابت والباقي والأثمن، على الرغم من كلّ الصعوبات والمخاطر التي تُحيط بنا من الداخل والخارج، في وطنٍ نقيسه بالأشبار «وكلّ شبر بنذر». ولكنَّه وطن الرسالة والإيمان باللَّه، وطن الإنجيل الذي لا يعرف الحواجز ولا الحدود. هكذا سعيتهم إليه، فهنيئًا لكم هذا الخيار. وهنيئًا لكم أوَّلاً، جرأتكم على تكريمنا كنساء، وثانيًا على وضعكم إيَّانا جنبًا إلى جنب: السيِّدة رباب الصدر شرف الدين، باسم مؤسَّستها، وهي من المؤمنات الخاشعات و«صفة الصفوة»؛ وأنا في وهج رهبانيَّتي، رمزًا لجناحَي الفينيق الذي لا يمكنه أن يقوم من رماده ويُحلِّق من دونهما. والمرأة التي فينا تحضن وتُربِّي وتُثقِّف وتُغذِّي عائلتها ومجتمعها بأنفاسها، وتطبع بطابعها أولادها وتلامذتها وأصدقاءها، وتحنو على كلّ محتاجٍ وسائل. إليها سُلِّمت مهمَّة الوساطة والشفاعة في الصراع الدائر في لبنان من أجل إنقاذ القِيَم التي كادت تندثر في التفاهة. وقيمة القِيَم هي نموذجيَّة الميثاق الحضاريّ الذي يجمعنا مسيحيِّين ومسلمين،وفيه «توادعت ثروات القِيَم الإنسانيَّة كلِّها» (أ. ميشال حايك). وهذا الميثاق مشتقٌّ من الثقة بالغير والإيمان به حتَّى قبل الوثوق منه. ولكنَّ الميثاق له ثمن: إنَّه يتطلَّب صدقًا وتجرُّدًا وتضحيةً واستعدادًا للعطاء قبل الأخذ. هذا الميثاق المرتجى مدعوٌّ لأن يكون المختبر الوحيد من نوعه في العالم، حيث تلتقي الآلهة وتتفاعل وتتصالح، بعد الخلاف باسمها في كلّ زمان ومكان. في توبتنا هذه بعضنا لبعض مهمَّة المرأة متميِّزةٌ وفاعلة. فالاختلاف زُرعت فيه بذور الائتلاف والتكامل المُخصِب، حبوب بركةٍ تُعطي الواحدة ثلاثين وستِّين ومئة، شرط ألاَّ نتهافت على تناتُشها ونختلف على حُصصنا منها، فنحكم على نفسنا بضياع المعنى والهوِّيَّة، لا سمح اللَّه. هذه الحسابات تبقى المرأة منها براء، ساكبةً ذاتها في صون الحياة، وتنميتها بمجَّانيَّةٍ لا تحسب للعطاء حسابًا.

تُكرِّموني كامرأةٍ وراهبةٍ في رهبنةٍ عمرها يفوق الثلاثمائة سنة، وقد انطلقت رسوليًّا منذ خمسٍ وسبعين سنة، وهي تحتفل هذه السنة، بيوبيلها الماسيّ، عُرسها المتجدِّد. تُشاركون في هذا العُرس، وهذا شرفٌ كبيرٌ ومُقتَضًى، ننحني أمامه برهبةٍ لأنَّه يُرتِّب علينا متطلِّباتٍ جمَّة، في وطنٍ وكنيسةٍ نحن منهما في القلب والصميم، وقد تبعنا انتشارهما إلى كلّ قُطرٍ ومصر دُعينا إليه لازدياد الصلاة والحبّ والخدمة.

عرس الرهبانيَّة كان نصيـبي الأجمل في الحياة. إستهواني فيه حُبَّان بعد حبّ الربّ الذي وقفتُ له ذاتي، ساعيةً «لِما يُرضيه». وهذان الحُبَّان هما المرأة وقنُّوبين. في المرأة اكتشفتُ غنًى لم أكن أتصوَّره، يُغنيها عن المطالبة بحقوقها، بل هي تفرض ذاتها إذا استثمرت مواهبها، فتُغيِّر وجه الكون الذي تُمثِّل فيه نصف البشريَّة.

وبين الوجوه الكثيرة التي استعرضتُها في بحوثي وتأمَّلتُ بها بخشوعٍ، استهوتني ثلاثة وجوهٍ-إيقونات: عروس نشيد الأناشيد، قلب الكتاب المقدَّس وجوهره، والتي لا يعرف شغفُها الحدود إلاَّ من الناحية المستأثرة؛ وعروس الرؤيا في آخِر كلمات الكتاب المقدَّس، والتي سُلِّمت إليها الكلمة مع الروح، فيقولان معًا للربّ: «تعال!»، ولكلّ مَن يعطش ويجوع، ويفقد المعنى أو يصرخ من الفراغ واليأس والعنف: «تعال!»، فيأخذ ماء الحياة مجَّانًا. المرأة «حارسةُ اللامنظور» كما أَسماها البابا يوحنَّا بولس الثاني، بل هي «ناطورة مفاتيح الروح»، ومؤتمنةٌ عليها؛ والإيقونة الثالثة هي عروس قنُّوبين، مارينا، في قاديشا وادي القدِّيسين، بين الحقيقة والحلم، مثالاً لشعبنا المعذَّب المصلوب في تناقضاته، الصامد بإيمانه ونُسكه كالصخر الذي منه قُدَّ، وفي مغاوره طلب ملاذًا، واستقرَّ مئات السنين، صابرًا منتظرًا. ورجاؤنا أن يكون مخاضه الحاليّ بشيرَ ولادةٍ جديدةٍ بالمصالحة والأُخوَّة والسلام والتضافُر في البناء، حجرًا وبشرًا.

وفي الختام، أَخشع شكرًا وعرفانًا أمام الأحبَّاء الذين دعوني إلى شرف هذا التكريم بمشاركة رهبانيَّتي ومباركتها. فهو وسامٌ على صدرنا ومطلب. شكرًا لحضرة الرئيسة العامَّة الأُمّ فيليسيتيه ضوّ على حضورها المُحبّ، ولسلسلة الرئيسات العامَّات اللواتي رَسَتْ عليهنَّ مداميك البُنيان في الرهبانيَّة، الأحياء منهنَّ واللواتي سَبَقْنَنا إلى بيت الآب، وعلى رأسهنَّ الأُمّ المُجدِّدة إيزابيل خوري. وشكرًا للسيدة رباب الصدر التي تجمعني بها شهادةُ الشراكة والوساطة والشفاعة، خميرة خلاصٍ في وطننا ومجتمعنا. شكرًا للأخت دومينيك رفيقة الدرب على تقديمها لي، وللحضور الكرام من المقامات الروحيَّة والمدنيَّة وكلّ الأخوات والإخوة والأحبَّة والأصدقاء والأهل جميعًا. إنِّي أَردّ لكم كلّ ما قلتموه فيَّ وفكَّرتم به وتمنَّيتموه لي. قدَّرني اللَّه أن أَتشبَّه بهذه الصور التي رسمتموها لي وأبقى وفيَّةً للعهد مع الربّ ومعكم في غدٍ مشرقٍ في لبنان، ولحضور الربّ فيه مع فيض حبِّه ورضوانه.

عشتم وعاش لبنان.

تكريم الست رباب الصدر

        كلمة شوقي خيرالله

أيها الحفل الكريم!

 

لولا المشقة ساد الناس كلُّهم

                                الجود يفقر والأقدام قتّال

المتنبي

        فأما السيدة رباب فقد تصدّت للمشقات، وجادت بالعقل وبالمحبة وبالفطنة فلا هي افتقرت، ولا هي وهنت، ولا هي غلبتْ.

        إخترت كمقدّمة تعدادًا صادقًا لما قامت به الست رباب. و لم استزد. بيد انها مشقات إثر مشقات.

        لقد نشطت من قرابة الصفر. وابتدأت قطاعًا تلو قطاع إليكموها:

** قطاع التعليم  ** الخدمات والتنظيم ** قطاع الانسان المستكفي من بعد عوز وجهل، والمهتدي من بعد يأس وضلال. والمتعاونِ وأخاه، من بعد حرمان كان يلحقهما، في مجتمع كان عليلاً وسقيمًا وأقرب شئ إلى جاهليّة، بقدر ما كان مهمّشًا، ويفكَّر عنه، فينساق مطيعًا إلى ما ليس يدري. فلماّ بُشِّر وأُنذر واهتدى بما عُلِّم وبسعيه وبوعيه، وبإدراك أموره. خرج ذلك الانسان الطيّب من شبه جاهليّته ألى عمل وكفاية واحترام، مؤمنًا بقدرة جديدة نُفخَت فيه، وواعيًا دوره في التأهّل، وفي سعيه الدؤوب نحو الجودة والكرامة.

مختصر هذه السيدة:

*** ألم يجدك يتيماّ فآوى ! ووجدك عائلاّ فأغنى! ووجدك ضاّلاً فهدى ؟!***

        ومنذ ذاك الوعي والتطوّر، صار أهلاّ لمهمّات أخَر : أدناها أن يسترجع مواريثه المغتصَبة، وحقه المعلوم، وحرية عمل ورأي، وأن يوحّدهن مع أقدارها المكتوبة. وطوبى للمتّقين!!

        من حالة اللاشئ، وبقيادة رباب الصدر، استحققنا كرمة تعدادُها السريع ما يلي:  *مؤسّسات الإمام الصدر .*الفرعَ النسائيّ * بيتَ الفتاة : لتأهيلها لحقّها ولواجبها للدخول في الحقل العام. *مبرّة الزهراء * مدرسة التمريض * مؤسّسات إنمائيّة تعليميّة إجتماعّية صحيّة .

 * قصدهنّ الموحّد مجتمع متعافٍ وعادل. ومجتمع يتفاعل، واعياً، مع حقوق الانسان قي قطاعات الصحّة والتربية والوئام والاكتفاء الأقتصاديّ** فكانت الحصيلة التأسيسيّة الأولى والمتواصلة :

 ** 1000 طالب سنويّاّ

& 200 موظّف بدوام كامل.

 &190 موظّف بدوام جزئيّ.*

& متطوّعات ومتطوّعون. *

& تدريب على الخدمات الاجتماعيّة.* *

& دورات تثقيفيّة ميدانيّة عملانيّة *

&إدارة مصنع انتاجيّ. مؤن وأشغال مختلفة*

& أشغال يدويّة : خياطة .. تصميم أزياء .

&* مدرسة الزهراء الثقافيّة المهنيّة.

& مدرسة عالية للتمريض. مهنيّة البرج الشماليّ./صور.

&* مخيّمات صور. وصدّيقين. وعيتا الشعب. وسواها والمطمح عير محدود.

مختصر السعي الدؤوب أن ينشأ انسان يفكر ويقدّر.

 

        أيها الحفل الكريم،

 

        ثمّة في التاريخ والأدب والوحي = بلى حتى في الوحي= محطّات وكلمات وآيات تختصرن ما سبق شرحُه، أو فيمهّدن لثقافة جديدة تتحوّل نبراسًا دائمًا ومتعانقًا مع سرائر الانسان، والمجتمع ومع هوى النفوس، ومع سرّ الرسالة والمعتقد.

        المسيح جال ثلاث سنوات يبشّر وينذر ويشرح ويعلّم ويثوّر السامعين. فتارة يفهمون كقلّة مهيّإين، وتارة لا يدركون نقيرًا من ظاهر ولا من باطن. وبرغم ذلك انتصر وانتشر. وكذلك الإسلام.

        ولعلّ أصعب ما في جميع الرسالات انّ عميان القلوب لا يفهمون سرّ اللغة ولا المقاصد المرادة، فيظلّون أدنى من رتبة الإيمان، وأدنى من رتبة اليقين، وأدنى من رتبة الصابرين، فلا يقارنون عمق الرسالات ووحدتها الجوهريّة ومواقفها المتشابهة : من المال والغنى، ومن الفقير والمسكين والمحرومين والغلابى. ولو شئتُ توسّعًا لحكمتُ أنّ المسيح ومحمّداً متّحدان في الموقف الجوهريّ من الجائع واليتيم والعطاش إلى البرّ، كما إلى الرغيف وإلى ممارسة الخير والرحمة.

إزاء عيال الله 

وَمن عيالُ الله؟ الخلق كلّهم عيال الله. وحاجتهم الخبز الجوهري، والخبز المادي أي الايمان واليقين والتقوى، والطعام فيتوجّب إذن على مطلق مجتمع مؤمن حقيقي أن يتعهّد الغلابى فيه والمحرومين والجياع والمساكين والمقطوعين. كيف ؟ و من أيّ مال ؟ ومن أين المال؟

هنا يتجلّى صدق الإيمان والتقوى لا كالفرّيسيين. ثمة في القرآن، في سورتي الذريات والمعارج، آيتان تختصران المشكلة كما في الصلاة الربانية. فالمال قسراً هو مال الله. هو الرزاق. وفي ما يرزق الله حقّ له أي حق معلوم ومقرر للسائل والمحروم وللمضروب بقساوة الأقدار.

        هنا يتصدى الوحي صارمًا عادلاً فارضًا على المؤمنين حقّاً له من أرزاقهم، أي من دخل المنتج والمكتسب. وإنه لحقّ واجب. حق ّمطلق. لا حسنة ولا سمحة نفس ولا منّة. فإن النفس لأمّارة بالسوء. لك ما كسبت ولنا ما اكتسبت. هذه حصة الله المجتمع السائل والمحروم.

أيها الحفل المكرَّم،

ما جئت واعظاً بل موعوظاً. فإن هذا المقام سيّد. والسيدة رباب كانت الأشجع شجاعة واقداماً وتقديراً في جباية هذا الحق وفي التقاطه على بيادر الله والمجتمع.

حديث شريف يقول:

لا تسبّوا الدهر. الدهر الله.


ألا ثمّة ثقافة هذه السيدة.. ثقافتها أنها بإدارتها وبمهابتها وبيقينها وبقيادتها وبتدبيرها إلاّ لتذكّرنّ المؤمنين بأنّ هذا الحقّ مرسوم ومقضيّ ومن فوق، وبوصية ذات سلطان. وبعد ذات، وإنها لذات سلطان. والراسخون في العلم يعرفون من مصدر السلطان وكيف استقت السيدة رباب الصدر هذه الوصية. جميعكم تعرفون.

هذه الثقافة الغالبة والمناضلة هي التي انتصرت باكرًا مع الإمام الصدر باسم الدين واليقين والرحمة وباسم فقير ذي حقّ وبغير ما توسّع إلى لاهوت وعلم كلام.

ثقافة الحقّ المعلوم == لا الاختياري= بل المعلوم المقرّر= هي التي انتصرت مع الست رباب. لماذا؟ لأنها ترى قبل سواها/ . وأبعد./ ولأنها تختار الأصحّ./ ولأنها تّقْدم حيث يتردّدون./ ولأنها لا تُحجِم بعد اقتناع/. ولأنها إمّا أمرت تُطاع./ ولأنها تتحمّل مسؤوليّة قراراتها./ولأنها في سباق مع الزمن/ ولأنها مجبولة بهذا الحقّ المعلوم. / فتجبيه حبّاّّ وقسراّ وبلياقة آسرة ومع حبّة المسك./ وتديره وتدبّره بعلم وأمانة. /// وهكذا قام المطعم من العدم، والميتم والفرن والمشاغل، ووحدة القلوب والقدوة التي نيّخت المستكبرين. وهكذا جُبَّت ثقافة الِبرْكة المشتركة، بين من خلق الله وما خلق الجور والبؤس. ولن أسترسل. نحن للتكريم لا لحسابات قاسية.

        أيّها الحفل الأكرم لقد التجمتُ دون السياسة والنكايات والكيد. وما نحن في هذا المقام. ولكن اللقيط واليتيم والمحروم قد أخذوا أقدارهم بأيديهم بعد أن تحرّروا من الجهل والبؤس بفضل فريق معطاء تديره الست رباب وأمثالها. ولقد أُتّهم بالتقصير إلّم أنوّه باحترام وبمحبة وبصداقة بالزوج المعطاء الصديق أبي رائد، السيد الشاعر والباحث حسين شرف الدين، وبالعائلة جميعًا بدون استثناء. إنّ وعيكم الأرقى والمثال هو جزء أصلي من هذه الورشة المثال.

    وكيف لا أنوّه بالمعاونات وبالمعاونين ؟ ولن أسمّي توقياً من الخطأ والنسيئة وتقيداً بالوقت.

        وكيف أنسي من تبنين وتبنّوا يتيمات على رجاء أن تكنّ كنّات الغد بأذن الله . ولعلّ هذه اللفتة لا تنفكّ تأسرني كلّما عنّت على البال!! بلى ! وما كان الله بغافل عمّا تعملون.

        الشكر لمن أضاء شمعة في مشاريع الصدر!! أو تبرّع بمال. أم بنطق كريم. وبخاصّة في أيّام المجازر والهمجيّة. والشكر لمن استوعبوا واستوعبن سرّ الايمان المجاهد، والأخاء المنضبط، بفضل هذه السيدة المكرّمة. لقد اجتمع فيها مناقب الفواطم والعواتك والزيانيب، وكلّ عدالة وتنظيم، وكيف تتقي الخطأ، وكيف لا يؤودها الغلط ولا مشقّات خافية قبل كلّ مسيرة.

        وصفُها الأصحُّ أنها قائدة فيلق من مجانين الله والرحمة. لقد وُلدت ونُشِّئَت على مصارعة الأقدار. منطقها يَمجّ الخُُُشَُبَ المسنّدة، والعبادةَ على حرف، والتأويلَ المترف. يكفيها أنها ومَن معها جعلن هويّة المؤسّسة تميمة راقية، ورمزًا للإيمان الحقيقيّ، ووسامًا، وحجابًا دون النفّاثات في العقد. وليس يؤودهنّ شظف ٌولا تعب. همّهنّ الأعلى رضىً على الذات، وحسنُ المآل.

 

        أيّها الحفل الكريم!! كلمة وجبت.

        إذا حصرنا رباب الصدر دون أرومتها فكأننا سلخنا الغصن عن شجرته في جنّة الوعد. فلأننا في مقام توحيد وإيمان، وبقدوة الامام الذي ما هدأ له بال حتى صلّى وحاضر في الكنيسة، مدركًا أنه من زيتونة لا شرقيّة ولا غربيّة فأنّى يقلْ الحقّ فقد صلى وفاز، ولأننا ندرك مع الأمام عليّ = كرّم الله وجهه ورضي عنه = أنّ القرآن لا ينطق بذاته بين دفتي الكتاب بل ينطق به صدور الرجال، لذلك ولسواه مما نسيت، أقترح أن نقف لهاتين المكرّمتين الغاليتين، وأن نصفّق لهما ولو رفضتا. شاوروهنّ وخالفوهنّ!! لا تخافوا منهما!! صفّقوا حتى تحمرّ الأيادي!! وأنتم المشكورون.

 كلمة السيدة رباب الصدر

أهلي وإخوتي في الوطن الواحد، وفي الله الواحد،

أرجو أن استهل كلمتي الشاكرة بأقوال الإمام السيد موسى الصدر ، وهو من تكرمون اليوم بتكريم المؤسسات التي تحمل اسمه.

- إن من يظن أن وجود الطوائف في لبنان وتنظيم شؤون هذه الطوائف من أسباب ضعف الإحساس الوطني والقومي، فقد ينظر إلى هذا الأمر من خلال زاوية ضيقة،  بل الطوائف المختلفة المنظمة منطلقات للتعاون ونوافذ حضارية على مكاسب مليارات من البشر في هذا العصر وفي العصور الماضية.

- إن الوطن يعيش في ضمائر أبنائه قبل أن يعيش في الجغرافيا والتاريخ، ولا حياة للوطن بدون الإحساس بالمواطنية  والمشاركة .

- إن الحاجة إلى الأوطان ليست ترفاً فكرياً، أو رغبة في اتساع رقعة المسكن، أو اتفاقية مكتوبة  تربط بين المناطق المتعددة، بل هي حقيقة التطور والنمو التدريجي في المنافع والمصالح والأضرار ، وهي أيضاً المشاركة الحقة في الآلام والآمال.

- بقاء الأوطان وخلودها ليس أنشودة ولا حلماً ولا التزامات وطنية أو دولية ، بل هي الوحدة الحقيقية في الاتجاه وفي المبدأ المتكون من الآلام والمنافع،  وفي المنتهى المتجسد بالآمال والطموح.

- الشعب يبقى لا كأفراد وأنفار - فما أكثر الأمم  الغابرة - بل يبقى كاتجاه ورسالة .

هذه بعض من أقواله ، تعبر ظروف إنشائها ، منذ ما يقرب من الأربعين عاماً،  لتجد موقعها اليوم وهو أكثر حاجة لها ولمثلها لأنه الأكثر  انحداراً  نحو الهاوية. استعيد هذه الأقوال ، وانتم تكرمون مؤسسات الإمام الصدر، وشرف لي أن أمثلها أمام هذه الوجوه الكريمة من أهل الرأي والفكر، وفي محفل  الحركة الثقافية- انطلياس، وهي التي تتعهد بأمانة شؤون الرأي والفكر، وأمام صديق عزيز، الأديب والمفكر  شوقي خيرالله،  مطلق النيرات من الحروف الهادفة، لكم جميعاً حضوراً وحركة وصديقاً جزيل الشكر باسم مؤسسات الإمام الصدر وباسمي، وما كان لتعبيري أن ينهض بالمعنى الكبير من تكريم المؤسسات لا الشخص، فالمؤسسات مذ تقوم تصبح أكرم وأكبر من مؤسسيها، إذ بإمكانها  أن تحتضن من التطلعات والأحلام ما يرغبه المؤسسون وما يحتاجه المستهدفون، فإذا المؤسسة مجتمع يمده المؤسسون بعناصر قوته ومنعته، وتلتقي عنده طاقات وقدرات بشرية مادية ومعنوية ليكون للمستهدفين موعد مع يوم آخر. في استكمال دورة حياة في تبادلية بين الفرد ومجتمعه.

الفرد، في  أدبيات الإمام الصدر، في تكوينه وفي حياته وثقافته وحاجاته وفي كل شيء جزء من مجتمعه، متأثر فيه ومؤثر، ولا انفصال بين ما هو للمجتمع دون وما هو للفرد في أساس ارادتنا، كما لا تكوُّن للمجتمع أن لم يكن التشكيل للفرد مبني على تصور للمجتمع المرغوب  من ضمن خطوط ثلاثة يراها الإمام الصدر أساساً في تكوين المجتمعات.

أولها:  الاستفادة من تفاوت الكفاءات بين أفراد المجتمع  لإيجاد عملية تبادل وتفاعل ووضعها لصالح إنسان هذا المجتمع.

ثانيها: الأهداف والغايات والمنافع لناس المجتمع هي أكبر وأقوى من أن يقوم به الفرد ، مهما تميز بقدرته    وطاقته، ولن تتحقق أهدافه إن لم ينسق المجتمع هذه القدرات والطاقات.

ثالثها:  إن الفرد تواجهه أخطار وخصومات ومضار أقوى من إمكانية ردها بقدراته الذاتية الفردية  مما يفرض عليه أن يكون متعاوناً ومتساوقاً مع النظام العام الذي يربط بين المصالح العامة ومصالح الأفراد فيما يعرف بالحقوق والواجبات.

هذا هو مجتمع الإمام الصدر، الذي نحاول أن نكوّن له صورة مصغرة في المؤسسات التي تَكْرَم بحمل اسمه ليكون منهجه وفكره حقيقة وجودها. وهذا ما يرفع من تقديري لتكريم المعنى الكبير الذي يتمثل باسم مؤسسات الإمام الصدر ، معنى أن تقوم مؤسسة ليستوي  ويستقيم مجتمع، فتشمخ أنوف وتستطيل قامات، ومن مثل الحركة الثقافية وأنشطتها وجمهورها وبيئتها ننتظر اليوم الثقافي الآتي الذي يقيم لنا وطت اليوم الآتي ، على مجد اليقظة في ليالي القيامة .

 فشكراً لكم أيها المكرمون حضوراً وحركة وصديقاً، والسلام عليكم ورحمة لله ، وكل عام وانتم بخير.