افتتاح المهرجان الثامن والعشرين
السبت 7 آذار 2009

في الحركة الثقافية - انطلياس

كلمة أمين المهرجان اللبناني للكتاب الأستاذ منير سلامه
كلمة الأب جوزيف عبد الساتر
كلمة الأمين العام الدكتور أنطوان سيف
كلمة وزير الثقافة تمّام سلام



كلمة أمين المهرجان اللبناني للكتاب

 الأستاذ منير سلامه

حضرة ممثل فخامة رئيس الجهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، معالي وزير الثقافة
الأستاذ تمام سلام المحترم،

حضرة ممثل دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري النائب الدكتور انطوان خوري المحترم

حضرة ممثل دولة رئيس الحكومة الأستاذ فؤاد السنيورة، معالي وزير الإعلام الدكتور طارق متري

حضرة ممثل غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير سيادة المطران سمعان عطالله السامي الاحترام

حضرة ممثل قدس الاباتي بولس تنوري رئيس الرهبنة الانطونية الأب نعمان دكاش المحترم

حضرات السادة الوزراء والنواب وممثلي القيادات العسكرية والأمنية والهيئات البلدية والنقابية والتربوية...

أيها الأصدقاء،

نفتتح معاً اليوم في الحركة الثقافية - انطلياس، المهرجان اللبناني للكتاب في دورته الثامنة والعشرين دورة منصور الرحباني - برعاية فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان.

أيها السادة،

منذ سنة تماماً افتتحنا الدورة السابعة والعشرين لهذا المهرجان دون رعاية، لأن سفينة الجمهورية كانت تبحر بدون ربّان يضبط اتجاهها وسط العواصف الإقليمية والدولية.

لكن المهرجان يستعيد هذه السنة رعايته، بوجود رئيس للجمهورية يسعى جاهداً لتصويب مسار هذه السفينة، ويعمل بحكمة على ضبط إيقاع الصراعات السياسية الداخلية وعلى إعادتها الى المؤسسات الديمقراطية للدولة فيحفظ الجمهورية ويبقى الوطن.

هذا الوطن الذي رسمه الأخوان رحباني في وجدان اللبنانيين، واحةً للحرية والجمال والإبداع. وما تسمية هذه الدورة باسم "منصور الرحباني" إلا كلمة "شكراً" تقدمها الحركة الثقافية - انطلياس باسم كل فرد فيها وباسم كل لبناني، لهذا الكبير الذي غادرنا منذ شهرين تقريباً، بعد ان حوّل وزناته الى ثروة للعقل والروح وللبنان وللإنسانية.

 

أيها الأصدقاء،

برنامج المهرجان حافلٌ هذه السنة، فبالإضافة الى وزارة الثقافة وعددٍ كبير من الجامعات في لبنان. يشارك في معرض الكتاب اكثر من مئة ناشر.

اما النشاطات المرافقة فتتمثل بتكريم سبع شخصيات من أعلام الطب والأدب والقانون والإعلام والتربية في لبنان.

وكذلك بتكريم المرأة في يوم المرأة والمعلّم في يوم المعلّم. هذا إلى اثنتي عشرة ندوة حول كتب صدرت وفي مواضيع استراتيجية وفكرية وبيئية متنوعة.

اما نشاطات الفترة الصباحية فتبلغ عشرة نشاطات تثقيفية وترفيهية للطلاب في ميادين المسرح والتنبيه من المخدرات وحوادث السير وغيرها.

وبالنسبة للتواقيع على منصة الحركة فوصلت هذه السنة الى حوالي 54 لمؤلفات صدرت حديثاً لكتّاب وبحاثة وفي مختلف المواضيع. وتجدون تفاصيل البرنامج في المنشورات التي توزّع على المدخل كما تجدون على المدخل لوحات تكريمية لمثقفين كبار غابوا وتركوا في قلوب محبيهم وعارفيهم حرقة وغصّة. للدكتور جان شرف وللدكتور سليم نصر وآخرين وللأديب الكبير الطيب صالح.

أيها السادة،

اسمحوا لي أخيراً أن أشكر الرهبنة الانطونية المباركة والداعمة لنشاطاتنا بشخص ممثل قدس الأباتي بولس تنوري الأب نعمان دكاش، وبشخص رئيس دير مار الياس - انطلياس الأب جوزف عبد الساتر رئيس الحركة الثقافية.

وأيضاً بنك عوده لرعايته المادية المستمرة منذ سنوات للمهرجان اللبناني للكتاب.

كما أخصّ بالشكر القوى العسكرية والأمنية الساهرة على أمننا وحمايتنا.

وكذلك اشكر المجلس البلدي بشخص رئيسه وكل الذين ساهموا في التحضير لهذا المهرجان وفي أن نكون معاً اليوم.

 

 

كلمة الأب جوزيف عبد الساتر 

للمهرجانات عنوان، وعنوانها هذه السنة دورة منصور الرحباني من كان هو المهرجان. أما الفكر فعنوانه الفكر والثقافة عنوانها الثقافة والعلم عنوانه العلم والكتاب يبقى هو العنوان لكنه مع الحركة الثقافية انطلياس أضحى عنوانه مهرجان.

عنوان مهرجاننا كبير هذه السنة لما يجمع في كنفه من أنشطة ومحطات تاريخية وثقافية على حد سواء؛ فالكنيسة تحتفل، بدءًا من الثامن والعشرين من شهر حزيران 2008 ولغاية التاسع والعشرين من شهر حزيران 2009 بذكرى الألفية الثانية على ولادة القديس بولس رسول الأمم، الانجيلي الخامس وصاحب الثلاث عشرة رسالة، ، رائد الفكر المسيحي شرقًا وغربا. وعاصمتنا بيروت، أعلنت، هذه السنة، عاصمة عالمية للكتاب، بعد ثمان وعشرين مهرجاناً للكتاب مع الحركة الثقافية انطلياس في رحاب دير مار الياس انطلياس. فان كانت بيروت قد أعلنت عاصمة عالمية للكتاب لسنة 2009، فللكتاب في كل سنة مهرجان في الحركة الثقافية انطلياس.

لأنها سنة الكتاب بامتياز، يوجه الكتاب نداءه:

الكتاب يصيح في الشوارع، وفي الساحات يرسل صوته. وفي رؤوس الأسواق ينادي، وعند مداخل المدينة يقول:

إلى متى يعشق الجهال الجهل، ويمدح الساخرون السخرية؟ إلى متى يُبغض البلداء المعرفة؟

فالجهال يقتلهم هذيانهم، والكسالى في لهوهم يبيدون.من يسمع لي يسكن مطمئنًا، ويأمن ولا يُرعبه شرّ.

طوبى لمن همُّهُمُ الأكبر، في دُنياهُم: بلاغةٌ تُستطاب... أو بيتٌ من الشّعر، يُلهِبُ المشاعِر... أليسَ هكذا تكونُ الصَّلوات؟!.

                يا رحبنا بكم أرحب، يا أهلنا بكم أرحب، يا عشّاق الفكر والثقافة والمعرفة بكم أرحب، يا جلساء الكتاب وسمّاره بكم أرحب، باسم الدير والحركة الثقافية انطلياس، في حفل افتتاح مهرجان الكتاب الثامن والعشرين، فبكم وبأمثالكم يليق الترحاب والترحيب. والسلام.

 

 

 

 

كلمة الأمين العام الدكتور أنطوان سيف           

 

مسيرة التاريخ لا تبوح بمكنوناتها بالأفعال المضارعة. فعلتُها يتنكَّبون عناء أعمال حاضرة، يصوِّبونها نحو الآتي القريب أو الأبعد، إلاَّ أنها في مطلق الأحوال تعجز عن "التموضع" في جلدها الأوسع الذي لا يتوانى بعضنا عن تسميته "ثقافة" كبرى، كانت تدعى في معاجم السلف "حضارة"، عملُنا في حقل التنشيط الثقافي لا يدَّعي مع ذلك تسامياً على التاريخ بل ينخرط فيه، ملتزماً بعصره بعوائقه وشجونه وبخاصة إمكانات تجاوزه. كبرياؤه أنه يتحرك بصيغة الجمع المنسجم المتوثب إلى جعل الثفافة الحرَّة، الحاضنة للتنوُّع والناجمة عن غناه، نهراً موحِّداً لكل السواقي التعبة التي تنتهي لا محالة إلى البحر الوطني والإنساني الأوسع.

"مهرجاننا اللبناني للكتاب" الثامن والعشرون، هذه السنة، يتزامن مع إعلان المنظمة الدولية اليونيسكو: "بيروت عاصمة عالمية للكتاب، 2009". هذه السنة التي تبدأ بحسب البرنامج الرسمي المقرَّر، في الثالث والعشرين من شهر نيسان 2009 وتختم في اليوم نفسه من العام المقبل 2010. وهذا ما يجعل "مهرجاننا"، بمعرض الكتاب وبأنشطته المتنوعة المرافقة، تظاهرة ثقافية كبرى، لا بل من الأكبر التي يشهدها سنوياً لبنان، ممهّدة كمقدِّمة تليق بهذا الحدث الثقافي المرتقب، الهام على المستويين الوطني والعالمي على السواء.

        إلاَّ أن الفرح بهذا الإنجاز الكبير لا ينسينا الجهود المضنية التي تضافرت، على مدى عام كامل، للملمة المبعثر في تفاصيله المتداخلة والمتباعدة، وبنائه في بنية منسجمة. إلاَّ أن أكثر ما يؤزم هذه الإرباكات الذاتية، وهي ملازمة لكل نشاط أنساني جماعي، تلك الفواجع المتنوعة التي تعصف بالإطار العام، الوطني والأوسع، وترخي بثقلها على الوجدان والمعنويات لامتحان العزم والإرادة فينا على مقاومة كل إحباط.

لقد عرف وطننا لبنان أقسى الأزمات وأكثرها إيلاماً ودماءً ودماراً وتهجيراً على مدى أكثر من ربع قرن، خرج منها بجروح بالغة، ولكن برجاء كبير أيضاً، مدعوماً بثقة أبنائه بقدراتهم الذاتية وبعنادهم في التشبث بأكثر من بيرق طليعي، بخاصة في الرهان على ثقافة السلام والأخوّة المواطنيَّة والتعاون، وقاعدتها الحريات العامّة التي وفرت لها البنيةُ اللبنانية، ولا تزال توفّر، شروطاً ضرورية لتنفُّسها وانطلاقها، ورمزها الأسطع ما زال "الكتاب" الذي نحتفل به في "مهرجاننا" كل عام، والذي كانت بيروت المطبعة ولبنان عموماً مهدَه الأوَّل في الشرق الأرحب، ولا تزال، أكثر "أوطانه" نوافذ منفتحة على التنوُّع والتعدُّد والتسامح ضمن بيئتها وفي محيطها.

        إن جدلية التنوع والوحدة، أو التنوع في الوحدة، هي التحدِّي الأكبر الذي يواجهه اللبنانيون على مدار الساعة: في حياتهم الاجتماعية، ومواقفهم السياسية والوطنية، وسلوكهم العام، حيث الثقافة المستنيرة المنفتحة الجريئة غير المساومة على القيم القاعدية التي يستظلون بها، هي دوماً بوصلتهم الأكثر مدعاةً للثقة بإمكان تجاوزهم أزماتهم وتوسيع الآفاق لطموحاتهم. فالتأزم السياسي الذي ما فتئ لبنان يعيشه على مدى السنوات القليلة الماضية، منذ انتهاء "عهد الوصاية"، والذي يهدِّد بالانجرار إلى "حرب أهلية" بدأت بعض نماذجها الانحطاطية القاتلة تظهر هنا وهناك، في مناسبات متعاقبة، وقد بلغت ذروتها المخيفة في حوادث أيّار الماضي، في بيروت وخارجها، التي لجم تماديها الخطير "اتفاق الدوحة" الذي يؤمَل ثباتُه كنموذج متجدِّد في تراثنا لفض نزاعاتنا وحلّ أزماتنا السياسية والوطنية الكبرى عن طريق الحوار وبالوسائل السلمية وحدها، ما يبرز مجدداً الأهمية الأولية لثقافة الحرية والحوار، والانفتاح وقبول التنوّع والاختلاف بأشكاله الإنسانية كافة، ويكون إطارُ ممارسةِ هذه الثقافة نظاماً ديمقراطياً لا يتنازل عن قواعده في المساءَلة وتطبيق المحاسبة والمساواة التامة أمام القانون، واحترام حقوق الإنسان، فيكون بذلك الأكثر كفاءة للعبور بنا إلى نظام نطمح إليه أكثر ديمقراطية، يتجاوز المحاصصة الطوائفية واستغلالها، باتجاه علمانية مدنيَّة قائمة على أسبقية الكفاءة لدى الأفراد على انتماءاتهم الطائفية والمذهبية الفئوية.

ان النظام السياسي الذي يسعى لتجاوز أزماته بالوسائل الديمقراطية، يرسي وحدة وطنية حقيقية ويحقق أماني اللبنانيين بالعدالة والعيش الكريم والأمن، ويحصِّن ذاته ضد الاستغلال الداخلي الذي يهدد نظامه الديمقراطي بالتشرذم التسلُّطي الفئوي، والاستغلال الخارجي الذي يهدِّد أسس استقلاله وسيادته بالتقهقر والتقلُّص، فبهذا النظام وحده، الديمقراطي الذي يحمي التنوُّع والحريات العامَّة والمنافسة السياسية الحرّة والعلنية في إطار القانون يغدو أعتى وأقوى ضد التسلُّط والعدوان والاحتلال.

        لقد كان "المهرجان اللبناني للكتاب" منذ تأسيسه عام 1981، في خضم تلك الحروب المركّبة المشؤومة، مقاومة بالثقافة النيّرة والجريئة ضد كل أشكال القهر والجهل والتشرذم، مساحةَ فرح وحرية وتلاقٍ وطني، نشَرَ بلا كلل ولا خوف ثقافة لا تطمس أزماتنا العميقة بل تواجهها بالمعرفة التي تزداد تعمقاً بانفتاحها وتحررها.

        ومهرجاننا الثامن والعشرون هذا العام، من اليوم 7 الى 22 آذار، في إطار الظروف العامة المتغيّرة: الأزمة الاقتصادية العالمية، وتوسُّع العدوان الإسرائيلي على غزة، والتأزم الوطني الداخلي، وتبدّل مضمون أنشطته تالياً، يحافظ على قواعده المبدئية وعلى العديد من خصائصه وأوجهه المميزة له، تلك الأوجه التي ابتدعتها خبرتنا الطويلة، والتي تبنّت الكثير منها هيئات ثقافية عدّة، وهي:

- تكريم أعلام الثقافة في لبنان والعام العربي من مختلف ميادين الثقافة العلمية والفنية، وهم في هذه الدورة سبعة من الذين أغنوا ثقافتنا النظرية والعملية والفنية: المفكر والفيلسوف علي حرب، والناقدة الأدبية يمنى العيد، والشاعر شوقي أبي شقرا، والأديبة الصحافية مي منسّى، والعالِم التربوي منير بشّور، والحقوقي القاضي بشاره متّى، والطبيب جرّاح الدماغ البروفسور جدعون محاسب؛

- وفيه إقامة ندوات فكرية حول أحد عشر كتاباً صادراً حديثاً في لبنان من حقول ثقافية عدَّة:

-       في المذكّرات السياسية المحيطة بجانب هام من تاريخ لبنان المعاصر: كتاب "مذكرات فؤاد بطرس".

-       في علم السياسة مطبقاً على الواقع اللبناني: كتاب الدكتور نبيل خليفة "جيوبوليتيك لبنان..."

-       في السيرة الذاتية الروحية والوطنية: كتاب المطران سليم غزال: تاريخ وشهادات

-       في الفكر الديني المسيحي: كتاب الأب د. بولس الفغالي بولس الرسول بعد ألفَي سنة

-       في النهضة العربية والانثروبولوجيا الثقافية: كتاب الدكتور شربل داغر: العربية والتمدّن

-       في التاريخ الطائفي المونوغرافي: كتاب سعاد سليم: أوقاف الطائفة الأرثوذكسية في لبنان.

-       في الحقوق وعلم السياسة: كتاب الدكتورة هدى الحاج: اتفاق الطائف والعيش المشترك

-       في الاقتصاد العالمي وبعض جوانب استغلاله، كتاب الدكتورة جنان الخوري: "الجرائم الاقتصادية الدولية والجرائم المنظمة العابرة للحدود"

-       في مفهوم السلطة في قانون العمل: كتاب القاضي الدكتور حاتم ماضي

-       في البيئة اللبنانية والتربية البيئية الاقتصاد كتاب الأستاذ برجيس الجميّل: أساور الوطن.

-       في الفلسفة كتاب الدكتور ناصيف نصار: الذات والحضور

يقارب هذه الموضوعات وكتبها التي هي آخر انتاج للمطابع اللبنانية ولدور النشر اللبنانية، كما يقدّم مكرّمينا من أعلام الثقافة، عشرات الباحثين الاختصاصيين الذين يشكلون بمجملهم نخبة من ألمع شخصيات ثقافتنا الراهنة.

 وثمة احتفالان بتكريم لثلاث شخصيات بمناسبة يوم المرأة العالمي الدكتورة أدال تقي الدين، وعيد المعلّم السنوي نقيب المعلمين أنطوان السبعلاني والنقابي عباس قاسم

تضاف إليها أيضاً ثلاث ندوات حول موضوعات راهنة: ندوة بعنوان "المصالح اللبناني في المفاوضات السورية الإسرائيلية" المرتقبة؛ ومحاضرة عن الاحتباس الحراري وخطورته على مستقبل كوكب الأرض، بيتنا الأكبر وندوة عن "عالم الأخوين رحباني: تحية إلى منصور".

وككل سنة، هناك توقيع المؤلفين لمؤلفاتهم الصادرة حديثاً، في لقاء مباشر بين الكاتب وقارئه يشي بغزارة الانتاج الثقافي اللبناني وأداته الفضلى الكتاب. وعدد المؤلفين الموقعين تجاوز الـ 55 مؤلفاً يوقعون ما لا يقل عن سبعين مؤلَّفاً جديداً.

وهناك برنامج حافل بالأنشطة الترفيهية التربوية التثقيفية الصباحية لتلامذة المدارس في المرحلتين التكميلية والثانوية وهي تسعة أنشطة تتجمع حول محورين كبيرين، التوعية: السلامة المدرسية مع منظمة "لاسَّا"، والسلامة المرورية (للسيارات) مع منظمة "يازا"؛ وأمراض اللثّة مع د. رلى بصبوص، والدكتورة أنيتا باباز، والتثقيف الفنّي للأولاد في مجال التمثيل، والموسيقى، والرسم التشكيلي، ورسم الأيقونات مع الفنانين الكبار، محاوري الصغار في هذه النشاطات، أسامة الرحباني، جان بو جدعون، وجيه نحله، لينا كيليكيان...

        ولأوَّل مرة منذ 28 عاماً نطلق على مهرجاننا اسم علم كبير في ثقافتنا هو الفنان الراحل منصور الرحباني، ابن بلدة انطلياس وصديق حركتنا، الذي فُجع لبنان والعالم العربي بغيابه في مطلع هذا العام. لذا تحمل كل منشورات مهرجاننا عبارة: "دورة منصور الرحباني" الذي كرّسنا له في المعرض ندوة فكرية حول فنّه بعنوان: "عالم الأخوين رحباني: تحية إلى منصور"، كما جعلنا الاحتفال الغنائي الكبير الذي نختم به مهرجاننا يحمل العنوان نفسه: "تحية إلى منصور الرحباني" وتحييه مشكورةً فرقة "الفرسان الأربعة" الغنائية.

وثمة أيضاً اللوحات التذكارية على مدخل المعرض تضم نبذة عن كبار في ثقافتنا رحلوا عنَّا هذا العام: المؤرخ جان شرف، وعالم الاجتماع سليم نصر، والشاعر بسَّام حجار، والروائي السوداني الكبير الطيّب صالح، ولن ننسى أيضاً في هذا المجال الغياب المفاجئ لنجمة الغناء المسرحي في لبنان الفنانة سلوى القطريب.

        وإذ أن "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة" (اليونسكو) أعلنت "بيروت عاصمة عالمية للكتاب للعام 2009"، فإن بدء هذا العام في 23 نيسان 2009، يجعل مهرجاننا هذه السنة، في آذار القادم، يقع خارج هذا الإعلان، مذكّرين بأن "مهرجان" العام المقبل (آذار 2010) هو الذي سيكون من ضمنه. لذا فإن هذا "المهرجان" (2009) لا يتضمن أنشطة ثقافية خاصة بهذا الإعلان وسنعلن لاحقاً عن أنشطتنا الثقافية الكبرى الخاصة بهذه المناسبة.

        إلاّ اننا نعتبر هذا "المهرجان" ممهِّداً، بشكل غير مباشر، لهذا الحدث. ونعلن أمامكم إننا في المناسبة بدأنا فعلاً وللتوّ بتقديم نشاط قد يكون من أبرز الأنشطة في إطار"بيروت عاصمة عالمية للكتاب"، إذ أصدرنا كتاباً يتضمن بحوثاً موسعة قام بها 21 مفكراً تحت عنوان رئيسي: "بيروت عاصمة الطباعة العربية ورائدة النهضة الحديثة"، اُلقيت في مؤتمر نظمته الحركة الثقافية - انطلياس في مقرّها عام 1999 يحمل العنوان نفسه، وكان ذلك منذ عشر سنوات في إطار إعلان "بيروت 1999 "عاصمة ثقافية للعالم العربي". هذا المؤتمر نظمته "الحركة" - سنتذاك -  مع الجامعة الانطونية، وبمشاركة نقابة الطباعة في لبنان، ونقابة اتحاد الناشرين في لبنان، وبالتعاون والتنسيق مع وزارة الثقافة والتعليم العالي. وها هي الهيئات الخمس نفسها تعود مجدداً بعد عشر سنوات لتتكاتف في نشر هذا الكتاب، هديةً ثمينة من بيروت عاصمة عربية للثقافة 1999، إلى بيروت عاصمة عالمية للكتاب 2009.

        ويهمني في هذه المناسبة أن أتقدم بتحية خاصة إلى وزارة الثقافة بشخص معالي الوزير تمام سلام، الذي يرعى بجهد وحكمة كل الأنشطة الثقافية التي تندرج جميعها تحت رعاية الوزارة، إلى المشروع المتعدِّد والأنشطة للحركة الثقافية - انطلياس بمناسبة هذا الحدث الكبير لوطننا لبنان على المستويين الثقافي والوطني، ومسؤوليتنا في إعطائه أبعاده الدولية الإبداعية التي يستحقها.

        إلاّ ان الاعتزاز بهذه المركزية الثقافية لبيروت عربياً (1999) وعالمياً (2009) لا ينبغي أن ينسينا المصادفة التي غدت مفارقة مؤلمة، وهي انتخاب "القدس عاصمة ثقافية للعالم العربي 2009"، الذي تزامن مطلعها عن قصد، مع العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزّة وأهلها، الأمر الذي أدى عملياً إلى تعليق كل الاستعدادات الخاصة بهذه المناسبة، التي ساهمت "حركتنا" بقسم منها في بيروت، مع هيئات ثقافية أخرى، في مقر "مؤسسة القدس الدولية". ونأمل أن تغدو "القدس" عنواناً للسلام والأخوّة وإرادة إرجاع الحق لأصحابه، لا للقهر والعدوان، وأن تباشر الهيئات العربية توَّاً باتّخاذ القرار باستئناف هذه الأنشطة حول القدس ورمزيَّتها الغنيّة بالعبر، في العالم العربي والعالم أجمع.

        و 2009 هي أيضاً السنة العالمية للعالِم تشارلز داروين بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لولادته (1809)، وذكرى مرور قرن ونصف القرن على إصداره كتابه الشهير "في أصل الأنواع" الحيَّة الذي  أثار على مدى عقود عدَّة لاحقة أكثر المجادلات والمشاحنات إثارة في مختلف أصقاع العالم. وأحد نماذجها الكثيرة، الراهنة منها خصوصاً، جرى في ندوة الحركة الثقافية - انطلياس بتاريخ 7/2/2009. 

        وهي أيضاً سنة عالميَّة "علم الفلك": هذا العلم الذي تطوَّرت أدوات المراقبة فيه إلى مستويات متقدّمة، وصولاً الى المركبات الفضائية التي جعلت حدود الكون المعروفة تتّسع إلى مسافات "فلكية" تتجاوز كل خيال، وتعمَّق معرفتنا بعالمنا الأوسع، وبمفارقة مذهلة، توسّع أيضاً آماد جهلنا بالكثير من أبعاده.

وهي أخيراً السنة العالمية للقديس بولس الرسول...

        وتسعى حركتنا الى أن تكون لها لقاءات فكرية في بحر السنة حول هاتين المناسبتين، اللتين ستضافان إلى روزنامتها الثقافية المفتوحة الأهلّة دائماً على أنشطة طارئة.

        كما يهمنا أن نعلن أيضاً، ومن غير منّة أو تبرُّم، أن هذا المهرجان هو نتيجة جهود مضنية من عشرات الأشخاص المتطوِّعين للعمل بفرح وأمل لوضع الثقافة الطليعية وقيمها ومثُلها في خدمة ولادة إنسان جديد ووطن أفضل وعالم أفضل متحرِّر من كل المعوقات ومقاوم لكل عدوان، ومحرِّر ثقافته من الذين يخافون من الحقيقة ومن حرّية الرأي ويلجأون وأحياناً من موقعهم الرسمي إلى منع بعض الكتب والأعمال الفنية والحدّ من سلوك طريقها الطبيعي إلى المواطن الحر والراشد.

واسمحوا لي بأن أذكّر بأن المهرجان يتضمن 34 نشاطاً ثقافياً، باستثناء حفل الافتتاح، وتواقيع المؤلفين لمؤلفاتهم، وما عدا أيضاً الحفل الاجتماعي الأخوي الذي أصبح تقليداً سنوياً كرسته حركتنا في نهاية المهرجان والذي يجمع معاً كل الذين عملوا فيه وتعاونوا جميعاً ومعاً لإنجاحه.

والأسماء المشاركة في هذه النشاطات يتجاوز عددها المئة من مختلف حقول العلم والعمل والثقافة هم من خيرة مثقفينا في لبنان. ويتميّز أخيراً وبخاصة، وككل سنة منذ نيف وثلاثة عقود من الزمن، بمشاركة جمهور واسع متنوّع من مختلف الأعمار من محبّي الكتاب وقادريه، ومن جميع المتعاطين به مباشرة، أم غير مباشرة.

أيها الحفل الكريم،

        وأخيراً، تتوجه حركتنا بالشكر والتقدير لجميع الذين عملوا بطرق ووسائل مختلفة، على جعل هذا المهرجان واقعاً قائماً وناجحاً، وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان الذي يرعى مهرجاننا لأول مرة ونتمنى لوطننا بقيادته ازدهاراً وأمناً وسلاماً باطّراد طيلة السنوات الست المقبلة من عهده غير المنقوصة دقيقة واحدةً وغير الزائدة دقيقة واحدة، وللرهبنة الأنطونية ولدير مار الياس- انطلياس  خصوصاً: رئيساً ورهباناً، ولرئيس بلدية انطلياس ومجلسها البلدي، ولدُور النشر العارضة ومكتباتها، ومنها إلى المطابع وكل العاملين فيها، والى المؤلفين المبدعين المسهمين الأساسيين المسؤولين عن مضمون الكتاب وعن جعله أداة معرفية حضارية هي رهاننا المركزي على ولوجنا المستقبل المنشود، في ظل التهديدات الاسرائيلية المستدامة وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي تجتاح عالمنا ووهننا الذاتي المزمن. الذاتي ال. وشكر للقوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام، والشكر لبنك عودة الذي يدعم مهرجاننا منذ سنوات. ولسائر الموظفين والعمّال والحراس في إطار المعرض، ولموظفي "الحركة الثقافية" على الخصوص، ولوسائل الإعلام كافة، والتنويه أخيراً بجهود أعضاء "الحركة الثقافية" وتعاضدهم الذي يستمر سنة بكاملها تحضيراً لهذا "المهرجان" الذي يبقى، في مطلق الحال، من أكبر التظاهرات الثقافية الذي يشهدها لبنان كل عام، آملين أن يبقى مناسبةً مكثفة تذكّر، بأنشطتها المتنوعة، بالدور الأساسي للثقافة الحرّة المبدعة في لبنان الملتزمة ببناء الإنسان والوطن، وبالحوار العقلاني المنفتح الذي يتكامل مع الآخر المختلف، ان داخل الوطن أم خارجه، ويؤسس سلامنا الأهلي على قواعد صلبة عاتية على التصدُّع، ويعزِّز نظامنا الديمقراطي، ويقضي على محاولات استغلاله والالتفاف عليه بالعنف والعدوان والفساد ، هذا الحوار العقلاني الحرّ المنفتح على الآخر المختلف والمتقبّل له والمتكامل به، يبقى أميناً لدور لبنان في النهضة العربية الحديثة وإسهامه في إرساء ثقافة عربية جديدة، ويبقى أيضاً وخصوصاً، الآن وأبداً، الوسيلة الأنجع والأسلم لتجاوز أزماتنا ورسم مستقبلنا.

                                                                         

كلمة وزير الثقافة تمّام سلام 

ممثلاً فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان

 

أيها السيدات والسادة...

        باسم فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، يشرفني ويسعدني افتتاح الموسم الثقافي للحركة الثقافية - انطلياس للعام 2009 "دورة منصور الرحباني"، هذا الراحل الكبير، الذي تشرّفت أيضاً باسم فخامة رئيس الجمهورية، بوداعه في هذا المكان بالذات، وما تقديركم له، إلاّ اعترافاً بما قدّم للفن اللبناني على مدى سنوات حياته، وما سيذكره التاريخ طويلاً.

إن الحركة في ما تمثّل، وما تقوم به من أنشطة مميّزة كل عام، إنما تقدّم للمواطنين، النموذج الرائع على مبادرة هيئات المجتمع المدني في الإطار الثقافي، وعلى الإسهام الفكري، والتواصل المجتمعي، والخدمات الإنمائية، مع مثيلاتها في لبنان.

        ان هذه الجهود المستمرة على مدى سنوات طويلة، جعلت مواسم الحركة، مهرجانات حول بيادر الحصاد الثقافي، وجعلت لها مكانةً وطنية رفيعة، لأنها رفعت شعاراً بات السّمة الخاصة بها، انه الالتزام بثقافة جديدة محورها الإنسان.

لقد تمكنّت الحركة من الانفتاح على الأوساط الثقافية كافة في لبنان والعالم العربي، في ما أعلنته من مواقف ثقافية ووطنية مختلفة. إننا نهنئ الحركة الثقافية - انطلياس على مواسم الحصاد في السنوات الماضية، ونرجو النجا للموسم الجديد، الحافل بالأنشطة المتنوعة والمتكاملة.

أيها السيدات والسادة...

ان العمل الثفافي بشكل عام، يواجه تحديات مختلفة وتيّارات سلبية، تحاول الجنوح بالإنسان خارج الثقافة وخارج الهوية الوطنية. لقد لمسنا هذا الواقع في نهاية القرن العشرين، وما زلنا نعيش المخاطر المتزايدة حتى اليوم، وسط ثورة المعلومات وتقنيات الحداثة والعولمة، التي سهلت سيطرة النمط الاستهلاكي على المجتمعات كافة.

        ان مسؤولية مواجهة هذه التحديات، تقع على عاتق الدولة، وهيئات المجتمع المدني، ومؤسساته الثقافية القادرة. لقد آلت الدولة على نفسها النهوض بالثقافة الوطنية. وهي تدرك الدور الكبير الذي يمكن للثقافة الوطنية ان تحققه في ظروف الانتقال بالوطن الى مرحلة تعزيز الوحدة الوطنية وتوسعة مساحات الحوار ونبذ العنف.        

 

        أيها السيدات والسادة...

في هذه المناسبة الثقافية بامتياز، يهمني الحديث عن فرصة يمكن للبنان من خلالها ان يبرز الدور الثقافي الذي يلعبه وان يطوّر التنوع الثقافي الذي يتميز به. اسابيع قليلة فقط تفصلنا عن 23 نيسان موعد اطلاق بيروت عاصمة عالمية للكتاب، لمدة عام كامل.

        ان هذا الحدث ليس قضية لبنانية رسمية فحسب... ان الحدث هو قضية وطنية.

        هذه هي الفرصة لإبراز احتفال لبنان بعاصمته ولكنها الفرصة للمشاركة في تعزيز القرائية في لبنان وتنفيذ المشاريع الثقافية التي تعزز الدور اللبناني عربياً وعالمياً.

        اننا ننتظر منكم في الحركة الثقافية في انطلياس، كما ننتظر من الهيئات الثقافية المماثلة في المناطق اللبنانية المشاركة في مشاريع ثقافية، تتلاءم مع اهداف "بيروت عالمية للكتاب" مما يحقق دينامية متكاملة على الصعيد الوطني.

أيها الأخوة في الحركة الثقافية - انطلياس...

        في البيان السنوي لأعمالكم ونشاطاتكم تطمحون لأن تبقى الحركة "بيئة انتقادية حقيقية، تناقش باستمرار جميع الأفكار والحاجات والقيم والمؤسسات... بيئة لا تركن الى ضمان عقيدة او ايديولوجية او نظام... ولا تلتمس خلاصاً في أي استقرار خادع او زائف...

        اننا نثمّن فيكم هذا الطموح.

فمن هنا تأتي مواسم حصادكم عامرة بالانجازات.

انها بيئة التجديد والإبداع، الذي لا يتجمد ولا يقف عند حد، وهي البيئة التي نريدها في كل هيئاتنا ومؤسساتنا الثقافية والمدنية في لبنان.

معاً نعبّر عن معاناتنا في تجاربنا الراهنة وفي واقعنا...

معاً نعبر عن وحدة لبنان في تطلعاته...

معاً نبني ثقافة لبنان ونحي التراث الوطني...

عشتم وعاشت الثقافة صنو الوطن... وعاش لبنان...