تكريم أعلام الثّقافة في لبنان والعالم العربي

الدكتورة فاديا كيوان

فى يوم المرأة العالمي 8 آذار يحتفل العالم برمّته بالمرأة، وتحتفي "الحركة الثقافيّة- أنطلياس" بالدكتورة فاديا كيوان. و قام الوزير الدكتور جورج قرم بتقديم المكرّمة وأدارت اللقاء الدكتورة هدى رزق حنا أمام حشد غفير من المحبّين والأصدقاء والتلامذة.

 

images/bf2011/8mars-fadia-kiwanweb.jpg

استهلّت الدكتورة هدى رزق حنا كلمتها بالإعراب عن تشرّف "الحركة الثقافية" بحضور ضيفين ملتزمين بصنع ثقافة الوطن وصوغ مفاهيم جديدة للسياسة والديمقراطية، للتنمية والعدالة، للانتماء والمواطنة. قائلة إنّ أبحاثهما ومؤلفاتهما تسعى لإرساء الوعي السياسي والاجتماعي لدى المواطنين وبخاصة لدى جيل الشباب.  وعرّفت الدكتورة هدى رزق حنا بالدكتورة فاديا كيوان، على أنّها مديرة معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت. هي باحثة، ومحاضرة برتبة أستاذ، في الجامعة اليسوعية وفي جامعة باريس 2، ومناضلة في سبيل العلمانية والمواطنة وتفعيل دور المجتمع المدني في بلورة القرار السياسي. وهي بفعل وجودها في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية تسعى جاهدة الى تغيير بعض القوانين الجائرة بحقّها. وما يثير للاهتمام وفق ما ترى الدكتورة هدى رزق حنا أنّ هذه المناضلة، تتنقّل باستمرار من القطاع الخاص الى القطاع العام وكأنها لا تقوى على فراق الشأن العام ولو لسنة واحدة. وبعد أن ذكرت الدكتورة حنا المناصب التي شغلتها الدكتورة كيوان، وأبحاثها ومنشوراتها التي تناولت مواضيع اجتماعيّة، وسياسيّة وثقافيّة متنوّعة، مثل منشوراتها في المؤسسة اللبنانيّة للسلم الأهلي الدائم، وفي مجلس كنائس الشرق الأوسط، وفي مركز البحوث CERMOC، عرفت عن الضيف الذي ارتأى تكريمها مع الحركة، الدكتور جورج قرم، وزير الاقتصاد السابق، الأستاذ الجامعي، المستشار الدولي، الباحث والمؤرخ المتخصص بقضايا الشرق الأوسط، وتركت له المنبر.

وذكر الوزير السابق الدكتور جورج قرم أنّه عندما بدأ التعليم في جامعة القديس يوسف، لم يكن يتصوّر أنّ إحدى طالباته ستصبح مع الوقت نجمة في حياة لبنان الأكاديميّة والفكريّة، وتؤسس في الجامعة نفسها معهدًا للعلوم السياسيّة، وتصبح من الناشطات النسائيّة السياسية البارزة ليس فقط في لبنان إنما على مستوى العالم العربيّ. وتحدّث عن تكريس الدكتورة كيوان حياتها للنّشاط الأكاديميّ، وخدمة القطاع التربوّي، ولكن أيضًا لنشاطات المواطنة، والخبرات المدنيّة. فهي تترك بصماتها وترفع من اسم لبنان عاليًا. وأضاف إنّها تجسّد بامتياز الشخصيّة العامة، نظرًا لكلّ انجازاتها، وكتاباتها التي تطال شتى الميادين. وشدّد الوزير الدكتور جورج قرم على أنّه في كتابات الدكتورة فاديا كيوان نفحة قوية عندما تتحدّث عن الوطن، وتأمين استقلاله الحقيقيّ.  وسلّط الضّوء على مقالتها في جريدة "النهار" في 21 تشرين الثاني 2010 بعنوان "هل نحتفل بالاستقلال أو نحمي ذكراه؟"، قائلاً إنّ صرختها للبنانيين كانت محقّة، متسائلة بِمَ نفتخر؟ ولماذا يهرب اللبنانيّون إلى بقاع اخرى، ويتوافد آخرون إلى هذه الرقعة "المليئة بالهموم وبالتلوّث وبالسموم وبالأفخاخ وبالسلاح، وبالأحقاد؟" ولكنها، وفق ما يقول الوزير قرم، لا تفقد الأمل بلبنان قائلة "إننا نستحقه إن نحن عدنا إلى وعينا وإلى نقدنا الذاتي". وأنهى الوزير شاكرًا الدكتورة فاديا كيوان لكونها ما هي عليه، فلا أفضل منها لينال تكريمًا في يوم المرأة العالمي.

وشكرت الدكتورة فاديا كيوان الحركة الثقافية في انطلياس لتكريمها هذا العام في يوم المرأة العالمي، وهو يصادف في هذه السنة مئوية هذا اليوم العالمي. ووجدت التكريم مناسبة تنتهزها لإجراء جردة حساب وتقييم لمسار التقت خلال بعض مفاصله ببعض اركان الحركة الثقافية في انطلياس.  وتراءى لها أن تتحدث عن خمسة مفاصل مهمة في حياتها. المفصل الاول هو الازدواجية في المسار بين الريف والمدينة، بين التعليم الخاص والتعليم الرسمي. فهي عاشت في المدينة لكنّها لم تفقد صلتها بالجبل. وانطبق الأمر أيضًا على الجامعة إذ تعلّمت  في جامعة القديس يوسف وكلية التربية في الجامعة اللبنانية في نفس الوقت، فكانت تنتقل بين بيئتين ثقافيتين مختلفتين. أما المفصل الثاني فهو الالتزام السياسي، قائلة إنها اندفعت باكراً إلى الاهتمام بالسياسة في مناخ عائلي واجتماعي مسيّس، وانخرطت في السادسة عشرة في حزب "الكتلة الوطنية" ولكن من موقع نقدي اصلاحي بصورة عامة. وشكل الانصراف إلى العمل المهني المفصل الثالث في حياتها، فترافق عملها الأكاديميّ لفترات متقطعة بعمل استشاري مع الدولة بدءًاً مع الوزير بطرس حرب ولاحقاً مع الوزير ميشال إدّه. أما القضية الاجتماعيّة فجاءت في المرتبة الرابعة، والقضية الاجتماعية ليست فقط قضية الفقراء والمعوزين، انها قضية الامان والكرامة الإنسانية. فيؤلم الدكتورة مثلاً ما آلت اليه حركة اهالي المفقودين في لبنان. وأخيرًا تحدّثت عن المفصل الخامس في حياتها ألا وهو العمل في قضايا المرأة. وقد لاحظت من هذه التجربة نسبة العنف المخيفة بحق المرأة وغياب المساواة في الفرص وفي الملكية وفي الاعتبار وفي التوزيع بين المرأة والرجل. فاذا بالقضية الاجتماعية تحاكي قضية المرأة وتتماهى معها لذا عملت في إطار الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وفي اطار الحركة النسائية التي يقودها المجلس النسائي اللبناني، في خدمة حقوق المرأة قبل كل شيء.  فقضية المرأة اصبحت تسكن وجدانها، والتمييز بحقها يؤلمها.

 

وشكرت الدكتورة كيوان الحركة الثقافية -انطلياس على مبادرتها، وشكرت اعضاءها، واعدة بانها ستستمرّ في عنادها وفي تشبثها بقيمها. وخصّت بالشكر معالي الوزير جورج قرم على كلمته بهذه المناسبة والدكتورة هدى رزق على كلمتها الودودة التي حاولت من خلالها تزيين بعض جوانب حياتها لتليق بالمناسبة. وبادرت أخيرًا إلى تهنئة المرأة في لبنان في هذا اليوم المبارك، واعدة أنها ستتابع سعيها  ومثابرتها حتّى تحصل المرأة على حقوقها كاملة.

وقدم بعض الحضور شهادات بالمحتفى بها، ومنهم بعض من طلابها، حيث شددوا على القيم التي تزخر بها الدكتورة فاديا كيوان. وختمت الدكتورة حنا الندوة باقتباس لألبير كامو مفاده أنّنا "إن أردنا بحق إكرام المستقبل ما علينا إلا منح الحاضر كلّ ما في جعبتنا". (سخاء في المستقبل عطاء في الحاضر).

وفي ختام الاحتفال قدّم أمين عام الحركة الأستاذ جورج أبي صالح، إلى المكرّمة الدكتورة فاديا كيوان شعار الحركة وصورة عن عاميّة انطلياس الشهيرة.