توصيات مؤتمر "الأخطار المحدقة بالدولة اللبنانية وسبل مواجهتها"

الذي عقد بالتعاون بين الحركة الثقافية - انطلياس و مؤسسة فريدريش إيبرت

في فندق "بادوفا" سن الفيل في 2015/6/5

                        د. عصام خليفة

        تعيش المنقطة العربية، منذ سنوات، واقعاً شديد الخطورة:

-       من خلال الحروب التي ادت الى مقتل الملايين وجرحهم وتهجيرهم.

-       التدمير الممنهج لمعالم الاقتصاد والعمران ومنشآت الآثار والثقافة.

-       الاقتلاع الجماعي الذي أصاب ولا يزال مجموعات بشرية على قاعدة انتمائها الديني او الاثني.

-   امعان السياسات الاقليمية والدولية في تأخير وضع حد للعنف المتنامي، لا بل قيام بعضها بتغذية استمرار هذا الصراع بالمال والسلاح والرجال.

-   تقاعس سياسات الدول الكبرى والمنظمات الاقليمية والدولية عن القيام بواجباتها التي تمليها عليها المواثيق الدولية والاتفاقات ذات الصلة.

-   تفاقم الارهاب بأشكاله المختلفة مع ما ينتج عنه من أخطار على المقومات الاساسية لقيم شعوبنا وعلى جوهر الأديان التوحيدية.

    ويبدو من مسار الأحداث ان هناك اتجاهاً لصوغ نظام اقليمي جديد واعادة نظر جذرية في الجغرافيا السياسية للمنطقة لطرح اسس الدول القائمة على بساط البحث.

    في هذا السياق، وضمن التحولات المصيرية في المنطقة، تواجه الدولة اللبنانية اخطاراً محدقة على الصعد كافة.

    وانطلاقاً من مفهومنا بان الدولة هي المجتمع السياسي الذي ينظمه شرع ما، فيكون مترابطاً بفعل قانون ذي مرجعية واحدة يحدد علاقة المواطنين بعضهم ببعض من جهة، وعلاقتهم بالسلطة المسؤولة عن اتخاذ القرار الفاصل في الأمور العامة، من جهة اخرى، وانطلاقاً من اعتبار الدولة تشمل جميع المواطنين، سواء كانوا اصحاب وظائف سياسية في الجهاز الحاكم ام لا، فهي تشمل الأشخاص القائمين على الجهاز الحاكم كما تشمل المواطنين العاديين على السواء ولكل منهم مكانته ودوره في الشؤون العامة. ان الرابطة القانونية تميز المواطنين بموجب التزامهم بسلطة واحدة ذات دستور معين يحصر صلاحية السلطة ببيئة جغرافية محددة.

    من هذا المنظار، وازاء تعدد الولاءات في المجتمع اللبناني، وتعرض الدولة اللبنانية لتدخلات القوى الاقليمية والدولية لتوجيه تلك الولاءات الى التعارض، بدلاً من التكامل والتضامن والتشبث بالوحدة الوطنية. وازاء مسؤوليات الكثير من القيادات والقوى السياسية، من مختلف الطوائف، عن الولوغ في مستنقع التبعية للمخططات الخارجية والخروج عن مرتكزات المواثيق الوطنية التي توصل اليها اللبنانيون في خبرتهم المشتركة (1938، 1943، 1989)، (اذا توحد العرب نحن معهم واذا اختلفوا فنحن على حياد)، ما أدى الى وصول دولتنا اللبنانية الى شفا الانهيار (في الخلل الحاصل في سلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية وبخاصة مخالفته الدستور والميثاق الوطني بعدم انتخاب رئيس للجمهورية)، وفي تأزم اوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية (الإمعان في تأجيل بت سلسلة الرتب والرواتب ايجاباً) والبيئة التربوية والثقافية، لاسيما الأخطار الداهمة من تدفق اللاجئين السوريين والفلسطينيين غير المسبوق وايماناً من المنظمين:

-       باستقلال الدولة اللبنانية ووحدتها وسيادتها

-       التمسك بالمواثيق الوطنية التي صاغها اللبنانيون كقاعدة لدولتهم المعاصرة.

-       اعتبار المواطنية والولاء للوطن اللبناني أولويتان في مواجهة كل الولاءات الجزئية الأخرى.

-   رفض ما يجري من مؤشرات هندسية الشعوب (اقتلاع مجموعات، توطين أخرى، استيطان منظم، تهجير جماعي) والاستمرار بالتمسك بالحل العادل، المرتكز على القانون الدولي، للمسألة الفلسطينية.

-   اهمية صوغ ملفات علمية وممكنة للمهجرين السوريين والفلسطينيين تمهيداً لرفض التوطين وفرض سياسة الأمر الواقع استمراراً لمرسوم التجنيس (1994) المناقض لاتفاق الطائف، وضرورة عودتهم الى بلادهم.

انطلاقاً من كل ذلك،

وبعد الاطلاع على بحوث السادة المحاضرين وتوصياتهم، وعلى المناقشات والمساهمات القيمة التي شارك فيها الحضور،

تم الاتفاق على ما يلي:

1-   تكليف لجنة لصوغ التوصيات انطلاقاً من المحاضرات والمناقشات التي اعقبتها.

2-   وضعها في صيغتها النهائية في اقرب فرصة وايصالها الى كل الذين حضروا المؤتمر واعطونا بريدهم الالكتروني.

3-   توزيعها على وسائل الاعلام، وايصالها رسمياً الى بعض المرجعيات المتنوعة.

4-   التفكير في وسائل ضغط لنقل هذه التوصيات من الحيز النظري الى حيز الواقع.

 

ان منظمي المؤتمر يدعون الشعب اللبناني بكل فئاته وعناصره الى وعي خطورة ما يدبر له ولكل المنطقة، والى التشبث بالوحدة الوطنية، والابتعاد عن العنف بين مكوناته، والتمسك بالمؤسسات الشرعية وبخاصة الجيش وقوى الأمن (وتقويتها عدة وعدداً)،  والحذر من الولوغ في مستنقع العنف الدموي المندلع في الجوار، والحؤول دون تمدده الى داخل الوطن.

ان الآباء والاجداد الذين أسسوا لنا هذه الدولة المستقلة التي تعطينا هويتنا بين شعوب الأرض، ينتظرون منا جميعاً ان نحافظ عليها سيدة مستقلة مرتكزة على شرعة حقوق الانسان، وان نكون أقوياء في دفاعنا ومقاومين أشداء في وجه محاولات الانهيار والإلغاء والتفتيت.