افتتاح المهرجان الثاني والثلاثين

السبت 2آذار 2013

في الحركة الثقافية – أنطلياس

 

افتتحت "الحركة الثقافيّة- أنطلياس" "المهرجان اللّبنانيّ للكتاب"- السنة 32، يوم السبت 2 آذار 2013 السّاعة الخامسة مساءً في مقرّها في دير "مار الياس- أنطلياس" بحضور حشد من المدعوين الرّسميين والرّوحيين والمدنييّن على رأسهم ممثل رئيس الجمهوريّة العماد "ميشال سليمان" وزير التربية والتّعليم العالي، الدكتور "حسّان دياب" ممثلاً أيضًا رئيس الحكومة "نجيب ميقاتي" والنائب "أغوب بقرادونيان" ممثلاً رئيس مجلس النّواب الأستاذ "نبيه برّي"، وممثّلين عن المقامات الدينيّة وفعاليّات المجتمع المدني السياسيّة والعسكرية.

بعد النشيد الوطنيّ اللبنانيّ، رحّب مقدّم الحفل الدكتور "الياس كساب" بالحضور مشدّداً على أنّ الكتاب الذي نتحلّق حوله هو عماد المهرجان وأداة الحضارة والثقافة.

 

أمّا أمين المعرض  منير سلامة"، فاعتبر أنّ هذا "المهرجان" يتابع رسالته الثقافية مبحرًا ككلّ سنة عكس التيار العام وإنّ منظميه على يقين بأنّ بالعقل وبالثقافة يمكن تجاوز التخلف ودعوات العنف والكراهية وبناء غدٍ أفضل. على الرّغم من أنّ البعض في الجانب يسعى الى جرّ النار السورية الى الهشيم اللبناني. واعتبر أنّ هذا "البلد" يغرق في حسابات لا تنتهي وإنّ المسؤولين يبدون غير آبهين بميثاق قام على مبادئه هذا الوطن، فيتناسون أنّ الإشكالية المطروحة اليوم ليست الانتخابات. ورأى أنّ على عاتق المفكّرين اليوم، دورًا تاريخيًا يتمثّل في اعادة صياغة المساحات الفكرية التي تصون العالم العربي وتعيد تكوين أطر تفاعل مكوناته سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، وهذا فحوى المهرجان الثقافي. وذكر أنّ المهرجان هذه السنة وكما في كل سنة غنيّ ومتنوّع، يشتمل على مجموعة من الأنشطة الصباحيّة الموجّهة لتلامذة المدارس، وسلسلة من المحاضرات والندوات، وتكريم لأعلام الثقافة من لبنان وفلسطين والعراق، ويتخلّله حوالي خمسين توقيعًا على منصة "الحركة". وأعرب عن امتنان "الحركة" للرهبنة الأنطونية ممثلة بالأب "ريمون الهاشم"، رئيس دير "مار الياس أنطلياس" لاحتضان الحركة وأنشطتها، وتوجّه بالشكر أيضَا لبلدية انطلياس وبنك عودة والأجهزة الأمنية على اختلافها ووسائل الإعلام وكلَّ من ساهم في انجاح هذا المهرجان وعلى رأسهم راعي المهرجان، فخامة الرئيس. 

وفي كلمة الأب "ريمون هاشم" أنّ هذا المهرجان في موعده السنوي المتكرّر المتزامن مع بداية شهر آذار ، شهر الطفولة والأمومة، خير دليل على أن هذا العمل التضامني الوطني والفكري الذي ترعاه الحركة الثقافيّة أصبح على مرّ الأزمان موعدًا سنويًا منتظَرًا، يسلّط الضوء على أهمّية الحوار والتعايش والتآخي ويؤكّد أنّ الاختلاف هو صحّة والتطوّر والتعدّد مسموح لا بل مطلوب وهو غنى لا بل حياة من أجل مجتمع متمدّنٍ ومتطور.وإنّ المحبّة الإلهيّة التي نشدها جبران وتغنّى بها في كتاباته تشُدُّ أواصِرَ الألفة بين اللبنانيين، وأنّ الكنيسة ممثّلةً بالرهبنة الأنطونية احتضنت هذا الحدث الثقافي ولازالت. وهي تأمل أن تبقى الحركة الثقافيّة نبراسًا يضيء حيث سادت الظلمات.

أمّا أمين عام الحركة الثقافية الدّكتور "عصام خليفة" ، فاستهلّ كلمته بشكر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ممثلًا بمعالي وزير التربية والتعليم العالي الدكتور حسان دياب، لرعايته هذا النشاط السنوي، وأعرب عن شكره لرئيسي المجلس النيابي ومجلس الوزراء لوجود ممثلين عنهما، أيضا، في هذا الحفل، ولصاحب الغبطة البطريرك الماروني ممثلاً بسيادة المطران سمعان عطالله، والرئيس العام للرهبنة الأنطونية الأباتي داود رعيدي ولأصحاب المعالي والسعادة والسيادة وممثلي الهيئات الرسمية والمدنية.

من ثمّ تطرّق إلى نشاطات المعرض هذه السنة، الذي يتضمن تكريم 13 علمٍا من أعلام الثقافة هم الرعيل 28، وعددًا من الندوات الصباحيّة للتلامذة، وتكريم مربيين كبيرين في عيد المعلم ومؤرخة في اليوم العالمي للمرأة. وأشار إلى توقيع 50 مؤلفًا لمؤلّفاتهم الجديدة، وأكثر من 15 ندوة تتناول مناقشة بعض الموضوعات الراهنة والمؤلفات الصادرة حديثًا. وبعض المواضيع البارزة التي تهم مجتمعنا في هذه المرحلة، ومنها الاحتفال بمرور 150 عامًا على النشاط المستمرّ لدار صادر في الطباعة والنشر والاحتفال بمئوية ولادة الأديب رئيف خوري .

 كما أنّ "الحركة" تصدر أربعة كتب توزعها مجانًا في هذه المناسبة وهي: كتاب المهرجان وكتاب أعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي والكتاب السنوي والكتاب الخاص بمناسبة مئوية الأديب رئيف خوري شاكراً بلدية نابيه لمساهمتها في طبعه.

وأكّد أنّ "الحركة" تسعى الى الدفاع عن حقوق الإنسان اللبناني لا بل الإنسان العربي في مواجهة الاستبداد والفساد والظلم والتبعية مؤكّدة تمسّكها بالأركان السبعة المذكورة في تقرير التنمية العربية للعام 2009، والسعي الدائم للتغير بالثّقافة.

وقال: في هذه المرحلة من تاريخ وطننا لبنان، وتاريخ المنطقة العربية، ثمة تحديات خطرة تفرض علينا ان نستجيب باقصى درجات الوعي والمسؤولية. ذلك ان نتائج ما يجري ستطبع مستقبلنا الى اجيال قادمة.، فإنّ واقعنا المأساويّ يتمثّل بتفاقم المسألة الاقتصادية الاجتماعية المعيشية وانتشار للبطالة وتفاقم مشكلة الهجرة والتوترات الطائفية المستعرة  والانفلات الأمني وتراجع الدولة عن تلبية الخدمات العامة للمواطنين.  

ونوّه الدكتور "خليفة" ببيان بعبدا الذي أعلنه رئيس الجمهورية والذي أوجد اسس الحل لمسألتين خطرتين في المرحلة الراهنة: العلاقات المفترض اعتمادها مع الوضع السوري، ومسألة استمرار النقاش حول سلاح المقاومة.

وأضاف أنّ المعلمين يتحرّكون في القطاع الرسمي والخاص بموازاة تحرّك موظفي القطاع العام في إضراب مفتوح منذ أسبوعين، تحت شعار اقرار سلسلة الرّتب والرواتب. أمّا الحكومة فتتهرب وتراوغ محاولة إرضاء الهيئات الاقتصادية بالرّضوخ إلى مطالبها.  ومن أجل تمويل السلسلة يمكن زيادة دخل الدولة من المرفأ وتحصيل فواتير الكهرباء واعتماد الغاز في انتاج الكهرباء ومن القطاع العقاري والاملاك البحرية...والضرائب التصاعدية .

وختم كلمته مسشهدًا بقول للفيلسوف الدكتور ناصيف نصار بأنّ الشعوب العربية أمام مفترق طرق "إما طريق الحرية فالجهد الخلاق فالنهضة، وإمّا طريق التبعية فالعبودية فالقمع والقهر فالتخلف المتزايد". وفي هذا المخاض الخطر، نتطلع إلى ثقافة الحرية، لأنّ هذه الثقافة تدافع عن الفرد الحر والمجتمع الحر والدولة الحرة. وعن كلّ المعتقدات وأهلها.

وأكّد أنّ الحركة في خدمة العمل الثقافي وفي خدمة الشعب اللبناني من اجل مستقبل اكثر تقدمًا وعدالة، وهي على يقين في كل حال أنّ الانتصار سيكون للحرية والأحرار في لبنان وفي الشرق العربي الاوسع.

 

أمّا كلمة راعي المهرجان، فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد "ميشال سليمان"، فألقاها بالنيابة الوزيرحسان دياب الذي أشار إلى أنّ "الحركة الثقافية-أنطلياس أسهمت ولا تزال في نشر الوعي الثقافي في لبنان من خلال تصديها لمعالجة كل ما يتعلق بشؤون الأدب والفن والعلم والفكر وكل ما يمت إلى العقل. ويتمثل ذلك كله بالمحاضرات والندوات التي يدعى إليها رجال الفكر والأدباء والعلماء من لبنان والعالم العربي والتي تتوج بمهرجان الكتاب الذي أصبح معلمًا ثقافيًا مرموقًا في لبنان والعالم العربي. وذكر أنّ أهم ما يتميز به لبنان هو إنفتاحه على العالم، ويتمثل ذلك بما يزخر به من المعالم الحضارية منذ اكتشاف الأبجدية، ومن ثم هذا الكنز المكنون الذي تكدست فيه تجارب الأجيال التي تعاقبت فيها اللغات الآرامية والسريانية واليونانية وأخيرًا اللغة العربية التي أغناها اللبنانيون  بما اكتشفوه من بحارها الواسعة. إلا أنّ الواقع الثقافي اليوم سواء في لبنان أو في عالمنا العربي عامة يدعو إلى القلق بل إلى الأسى والألم بعدما اصبح ظلام الجهل يعم دنيا العرب كما تشير إلى ذلك إحصاءات الأونيسكو، ذلك أنه في الوقت الذي أصبح فيه تعلم اللغات الأجنبية والتعامل مع لغة الكمبيوتر معيارًا جديدًا للتعليم فإن عدد الأميين في العالم العربي يناهز مئة مليون من أصل 300 مليون عربي ، أي أن ثلث العرب لا يستطيع القراءة والكتابة. وفي الختام أثنى على جهود "الحركة" المتواصلة في الميدان الثقافي لأنّ هذا المهرجان بمثابة تظاهرة ثقافية تعزز مكانة لبنان في ميدان العطاء الأدبي والفكري.

 

وعلى الإثر، توجّه الحضور من قاعة مسرح الأخوين الرّحباني، مكان الإحتفال الى رحاب المعرض في القاعة الكبرى  بعد أن قصّ الوزير "حسان دياب" الشريط مفتتحا المهرجان اللبناني للكتاب في سنته الثانية والثلاثين.