نص مداخلة الدكتور ناصيف قزّي/ أستاذ الفكر العربي الحديث والمعاصر والأخلاقيَّات في الجامعة اللبنانيَّة،

خلال تقديمه الندوة التي دعت إليها الحركة الثقافيَّة - انطلياس في  إطار المهرجان اللبناني للكتاب/ السنة الرابعة والثلاثون،

حول كتاب الدكتور شوكت اشْتَي، الست نظيرة جنبلاط/ من حدود العائلة إلى ربوع الوطن.

والتي شارك فيها كل من الدكتورة فاديا كيوان والدكتور غسان العيّاش والمؤلف.

نهار الأربعاء في 19 آذار/ مارس 2015.

الجبلُ قِبْلَتُنا... والعيشُ معاً خِيارُنا

 

وكيف لا يكونُ للجبلِ وأهلِ الجبل مكانٌ إلى مائدة الثقافة، في رحاب هذا الدير، دير مار الياس- إنطلياس، ضمن المهرجان اللبناني للكتاب، في دورته الرابعة والثلاثين... هذا الجبل الذي كان لبنانُ على صورتِهِ، في عُسْرِهِ ويُسْرِه...!؟

وكيف لا نكونُ نحن، أحفادُ العاميَّة وأبناءُ الميثاقيَّة، من يمْتَشِقُ القلمَ ليَخُطَّ بمِدادٍ من روح، سيرةَ جبلٍ، ورغمَ الشِدَّة والضَيم اللذين عَرَفَهما تاريخُه الحديث والمعاصر،تعاقدَ فيه الناس على العيش معاً، فكانت بينهم "مشاركةُ شلشٍ" منذ أن قامت الإمارة، قبل خمسةِ قرون.

الجبلُ قِبْلَتُنا، ولبنانُ انتماؤُنا، والعروبةُإطارُنا الجامع، والمشرقيَّةُ هويَّتُنا الحضاريَّة، والعيشُ معاً خِيارُنا... تلك هي شهادتُنا، ولا حاجةَ بنا إلى أيّانتماءٍ غيرَ ذلك،سياسياً كان أو غيرَ سياسيٍ، لتحديد هويَّتِنا الوطنيَّة.وأما إيمانُنا، فلِيَجْعَلَنا أكثرَ إنسانيَّةً في زمن البربريَّة الجاحدة.

أيها الأصدقاء،

نلتقي اليومَ حول كتاب الدكتور شوكت إشْتَي، الست نظيرة جنبلاط/ من حدود العائلة إلى ربوع الوطن... الصادر عن دار النهار للنشر، وبدعم من نائب الشوف الأستاذ نعمة طعمة.

يروي الكتاب سيرةَ الست نظيرة، والدة الزعيم المغدور كمال جنبلاط، وزوجة فؤاد جنبلاط، مدير منطقة الشوف الكبرى منذ العام 1906، في زمن العثمانيّين، والذي عيَّنه الفرنسيّون، فيما بعد، عام 1919، قائمقاماً على الشوف، مُحْدِثينَ، بذلك شرخاً داخل العائلة الجنبلاطيَّة التي لم يكن أركانُها على تمام الإتفاق، ولا على الولاءِالسياسي نفسِه،في علاقاتهم مع قناصل الدول.

اغتيل فؤاد جنبلاط عام 1921 على يد إحدى العصابات التي كانت تعْبَثُ بأمن الجبل، في مرحلةٍ دقيقةٍ ومفصليَّةٍ، عمَّت فيها الإضطرابات ضدَّ الوجود الفرنسي في سوريا ولبنان؛ اغتيل الزعيم،"وكانت الخلافات بين البالغين (في عائلته) واضحة، والوريثُ قاصرٌ(كمال جنبلاط) لا يزال في الرابعة من عمره" [ص. 91]. فتسلَّمَتْ زوجتُه، الست نظيرة، آنذاك، الزعامةَ الجنبلاطيَّة طيلة فترة الإنتداب الفرنسي،وحتى ما بعد قيام الدولة اللبنانيَّة [1921 - 1951].لينكسرَ، بذلك، تقليدُالتوريثِ السياسيّ وذكوريَّةُ الزعامة [ص. 97].

ايها الأصدقاء،

جميلٌ أن يعتَبِرَ المؤلِّف أنَّ"الكتابة عن تجربة الست نظيرة جنبلاطليست تكريماً لشخصها فقط،بل تكريمٌ للمرأة في وطننا، وتقديرٌ لدورها، واعترافٌ بطاقاتها، وإقرارٌ بقدراتها" [ص. 13]... رغم اعترافه، لاحقاً، "أن التأييد الفرنسي لنظيرة جنبلاط لا يدخل في موضوع دعم مشاركة المرأة في الشأن العام أو تحسين موقعها في المجتمع أو تغيير النظرة المجتمعيَّة تجاهها، بل يندرج في مجرى السياسة الفرنسيَّة لحماية مصالحها في لبنان خصوصاً والمنطقة عموماً، وتدعيم انتدابها من دون أي اعتبار لمقولة المرأة وتحريريِها [ص. 111]. وقد روى المؤلف، لهذه الغاية، في الفصل الإول من كتابه، المسار التاريخيلآل جنبلاط/ جانبولاد، منذ قدومهم من شمال سوريا، بعد المجزرة التي ارتكبَها العثمانيون في حقِّهم، إلى الشوف، حيث استقرّوا، وبصورةٍ نهائيَّةٍ، منذ بدايةِ عهدِ الإمارة، بين إخوانِهم الموحِّدين الدروز.

وإذ يؤكِّد على الأصول العربيَّة للعائلة الجنبلاطيَّة،يروي المؤلِّف كيف ترسَّخت زعامةُ تلك العائلة، منذ أن استقرَّتْ في "قصر المختارة" في بداية القرن الثامن عشر... وكيف "أصبحت تحْكُم لبنان" في عهد الشهابيِّين: من الشيخ قاسم جنبلاط والأمير يوسف الشهابي إلى الشيخ بشير جنبلاط والأمير بشير الشهابي الثاني... طبعاً، قبل أن تنشُبَ الخلافات لاحقاً مع هؤلاء، بُعيد إعدام الشيخ بشير جنبلاط عام 1825... وربما أيضاً، بسبب تنصُّر الإمارة، آنذاك... بحيث ظَهَرَ الموارنةُكقوةٍ جديدةٍ في الجبل[ص. 48]... ليَخْلُصَ إلى القول،عابراً أحداث القرن التاسع عشر الدامية بين الدروز والموارنة، ومتجاوزاً كلَّ الصراعات التقليديَّة بين العائلاتِ الدرزيَّةِ نفسِها؛ ليَخْلُصَ إلى القول:"إنَّ العائلة الجنبلاطيَّة التي وَفَدَتْ إلى جبل لبنان، منذ أوائل القرن السابع عشر، غَدَتْ في نهايات القرن التاسع عشر من أبرَزِ العائلاتِ التقليديَّةِ فيه"[ص. 58].

*

إذن، وبعد اغتيال فؤاد جنبلاط، الذي كان ينشَطُ، وبحسب المؤلف، في تلطيف الأجواء بين الموارنة والدروز، في تلك المرحلة الإنتقاليَّة المضطربة؛ وبعد موت عمه نسيب، وابتعاد ابن عمه علي عن السياسة؛ وحيث أن أمرَ إستمراريَّة تلك الزعامة كان محصوراً بهما؛ ولأن الوريث الطبيعي (كمال جنبلاط) كان لا يزالُ صغيراً... لهذه الأسباب، مع غيرها من أسباب متعلقة بالصراع الفرنسي/ الإنكليزي، من جهة، وبشخصيَّة الست نظيرة، زوجتِه، وثباتِها واستثنائيَّتِها، من جهة أخرى؛ بالإضافة إلى توفر الظروف الموضوعيَّة... "تأنَّثَتْ الزعامة" الجنبلاطيَّة في الجبل... وغَدَتْ نظيرة جنبلاط سيدةَ "قصر المختارة" على مدى عقودٍ ثلاثة.

أيها الأصدقاء،

في الواقع، كانت تجربةُ الست نظيرة، ودائما بحسب الكتاب، مختلفةً عن التجارب السياسيَّة التي خاضَها عددٌ من النساء اللبنانيَّات، بدءاً بالست نسب، والدة فخر الدين وصولاً إلى خولا إرسلان... مرواراً بالست بدر أمان الدين ونسب التنوخيَّة وحبوس الإرسلانيَّة ونازك العابد ومريم الحبشيَّة وعليا شهاب وفاطمة الأسعد [ص. 120 - 126]. لكنَّ تلك التجربة"تجربة نظيرة جنبلاط، بَقِيَتْالأوضح والأبرز والأكثر تمايزاً، من حيث المبدأ، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عن ماهيَّة طريقتها السياسيَّة، والبحث في الخصائص التي اتَّسَمَتْ بها وساعَدَتْها على القيام بدورِها" [ص. 128]. وقد فعل المؤلف ذلك في الفصول اللاحقة، دون أن يُخفي التمايزَ الجوهريّ في الأداء السياسي، الذي بَرَزَ بينها وبين كمال جنبلاط منذ توريثِهِ الزعامةَ في أربعيناتِ القرن الماضي.

ما هي تلك الطريقة السياسيَّة التي زاولتها سيدة المختارة؟ وما هي الميزات التي تحلَّت بها الست نظيرة والتي ساعدَتْها على لعب دورِها السياسي البارز؟ هي التي قال فيها شكيب أرسلان:"في الحقيقة لا نظير لها ولا نظيرة"[ص. 138].وهي التي أقامت علاقة طيبة مع الناس، فاحبها الجميع، لتكون سيرتُها، وبحسب مي جنبلاط (زوجة كمال جنبلاط):"سيرة رجلٍ بطل في أنوثة امرأة، في وقار شيخ، في شيوخ جبل، في صورة أسطورة"[ص. 139].

وهذا ما علق في ذاكرتنا الموشومة، نحن أبناء الجبل، عن سيرة تلك المرأة النبيلة، والتي أنجبت رجلاً، لو قدِّر له أن يبقى على قيد الحياة، لما كان لبنان وصل إلى ما هو عليه.

أيها الأصدقاء،

ربما تكون الست نظيرة قد أخْرَجَتْ الجبلَ، وقد أخرَجَتْه فعلاً، بانفتاحها وحرصِها على المسيحيّين كما على الدروز، في بدايات الزمن الجديد، زمن تشكُّل الدولة اللبنانيَّة الحديثة؛ أخْرَجَت الجبلَ من ظلمةِ وظلاميَّةِ عصور الإنكشاريَّة والقشلاق والأشبورة والفاقة.أخرَجَتْهُ من زمن الباشاوات والليدي ستانهوب، زمنِ الدمِ المهدورِ ظلماً عند حدود الأمبراطوريَّة العثمانيَّة وتقاطعاتِها مع مصالحِ الدول العظمى،وتناقضاتِ تلك الدول فيما بينها.

ففي تلك المرحلة من عمر الزمن اللبناني، سرى الدم النقي في عروق الجبل، وتعاقَدَ الوجهاءُ والأعيان على الخير العام، لتُطوى صفحةٌ سوداء... كادت، وللأسف، أن تُفتَح من جديد في "الزمن العبري"، إبان "حرب الجبل" في ثمانينات القرن الماضي... والتي كانت الأبالسةُ قد هيأت لها الأرضَ منذ إغتيال كمال جنبلاط عام 1977، وما تبعَ ذلك من أحداثٍ مؤلمة، ذهَبَ ضحيَّتَها مئآت المواطنين الأبرياء من أبناء الجبل المسيحيّين.

لكن، ورغم ثخونةِ الجراح، ظلَّت إرادةُ الحياةِ فيناأقوى من عبثيَّةِ الموت... وبقى الجبلُ قِبْلَتَنا... والعيشُ معاً خِيارَنا...!؟

والسلام

___________________________

 

انطلياس، الاربعاء في 16-3-2015

 

 

مداخلة د. شوكت اشتي في مناقشة كتاب

"الست نظيرة جنبلاط من حدود العائلة الى ربوع الوطن"

وضح مؤلف الكتاب د. شوكت اشتي، بداية مسار إعداد الكتاب وفكرته. وأشار في مداخلته الى ان مقاربة تجربة الست نظيرة جنبلاط تثير جملة من القضايا الإشكالية:

 سواء لجهة متابعة التجربة السياسية وتقويمها،

 او لجهة تصدر امرأة الزعامة التقليدية في بيئة محافظة وخاصة،

او لجهة قراءة التجربة في إطار الإنقسام السياسي التقليدي في طائفة الموحدين الدروز،

او لجهة مواكبة زعامة الست نظيرة الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش،.......

هذه القضايا الاشكالية، وغيرها، تجعل متابعة التجربة على قدر كبير من الأهمية لتفردها وتمايزها من جهة، ولما آثاراته من تساؤلات وخلافات حول دورها السياسي داخل العائلة الجنبلاطبة، او في بيئتها الطائفية، او علىالمستوى الوطني العام.

وإختار د. شوكت من خصائص تجربة سيدة المختارة السياسية، التي تطرق اليها الكتاب، بعض العلامات الفارقة فيها والمتمثلة في حرصها على السلم الأهلي وحمايتها له وتمتينه في لبنان عامة وجبل لبنان خاصة.

لذلك لم تسمح سيدة المختارة، ولا بأية طريقة، أن تمتد التوترات السياسية والأمنية والطائفية التي رافقت الثورة السورية الكبرى الى ربوع جبل لبنان. وبالتالي عملت بصدق وشجاعة على درء الفتنة، الممكن انفجارها في تلك اللحظة السياسية، بين المسيحين وطائفة الموحدين الدروز. وحافظت على الإستقرار الأمني والاجتماعي والسياسي.... وحمت التنوع، ودعمت ركائز العلاقات الطبيعية بين المسيحين والدروز.رغم كل ما تعرضت له عند اختيار هذا التوجه من اتهامات وواجهته من عراقيل.

من هنا لم يستقو الدروز على شركائهم في الوطن بعد إختلال الوضع الأمني والسياسي، رغم معاداتهم التاريخية للفرنسيين وتأييدهم للثورة وقائدها يساندهم هذا الشعور فئات واسعة من اللبنانيين، وقبلوا بالتوجه السياسي  الذي إعتمدته زعامة المختارة. وبالمقابل لم يستقو المسيحيون بالوجود الفرنسي للتحريض على الدروز في الجبل. لقد جرت محاولات من بعض الأشخاص في الطائفتين للانخراط في أتون العنف المدمر. غير ان الست نظيرة كان لها موقفا رياديا  وصارما في منع الإنجرار الى هذا المهوار.

كما تطرق المؤلف الى مجالات التمايز بين الست نظيرة وابنها كمال جنبلاط ،الوريث الشرعي للزعامة  الجنبلاطية، وبين التحول الجذري الذي أحدثه كمال جنبلاط في التوجه السياسي لقصر المختارة والزعامة الجنبلاطة سواء في مفهوم السياسة او في أطرهااو في آفاقها الاجتماعية والانسانية، رغم معارضة الوالدة ورفضها لهذا التوجه.

وختم د. اشتي مداخلته بتوضيح خصائص زعامة الست نظيرة جنبلاط وما تمتعت به من قدرات ومميزات ساعدها على القيام بما تفرضه أعباء الزعامة ومتطلباتها بدقة وفرادة. غير ان التجربة بقيت محكومة بآفاقها العائلية – التقليدية. فصبت اهتمامها على المحافظة على العائلة واستمراريتها، الأمر الذي جعلها في جانب منسجمة مع السائد مجتمعيا، غير أنها في الجانب الآخر غير قادرة على إحداث تحولات جدية في البيئة المجتمعية.

من هنا اعتبر د. اشتي ان الكتابة عن الست نظيرة جنبلاط ليس تكريما لشخصها فقط. بل تقديرا للمرأة في وطننا، وإقرارا بدورها، وإعترافا بالطاقات الكامنة والمخبوءة في نساء بلادنا. وبالتالي هي دعوة لتمكين المرأة لمواجهة ذهنية المجتمع التقليدي وعلاقاته البطريركية.

_______________________________

ﻓﻘرات ﻣن ﻛﻠﻣﺔ اﻟدﻛﺗور ﻏﺳﺎن العيّاش  ﺣول ﻛﺗﺎب "اﻟﺳت ﻧظﯾرة ﺟﻧﺑﻼط"

 
  ﻗرأت ﻛﺗﺎب اﻟدﻛﺗور ﺷوﻛت إﺷﺗﻲ ﺑﻌﯾن أﻛﺎدﯾﻣﻲ، ﻣﻌﺗﺎد ﻋﻠﻰ ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ وﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻷطروﺣﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ. دّ ﻓوﺟدت ﺑﯾن ﺻﻔﺣﺎﺗﮫ ﺑﺣﺛﺎ ﻋﻠﻣﯾﺎ راﻗﯾﺎ، "ﻣطﺎﺑﻘﺎ ﻷرﻗﻰ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻷﻛﺎدﯾﻣﯾﺔ". ﻟ ﻘد ﺣد اﻟﻣؤﻟف ﻣﻧذ ﺎه ّ اﻟﺑداﯾﺔ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾرﻏب ﺑﻣﻌﺎﻟﺟﺗﮭﺎ وﺗﻘدﯾم اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻧﮭﺎ. ﻣﺔ ﻣﺎ ﺳﻣّﻓطرح ﻓﻲ اﻟﻣﻘد ﺔ ﻣن ﺟﮭﺔ، وﻓﻲ ﻣﺣﯾطﮭﺎ ّ "ﺗﺳﺎؤﻻت أوﻟﯾﺔ وأﺳﺎﺳﯾﺔ ﺣول طﺑﯾﻌﺔ ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺳت ﻧظﯾرة ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺗﮭﺎ اﻟﺧﺎﺻ ﮫ إظﮭﺎر ﻛﯾﻔﯾﺔ ﻧﺟﺎح اﻟﺳت ﻧظﯾرة ﻓﻲ اﻹﻣﺳﺎك ﺑﻘﯾﺎدة ّن اﻟﻣؤﻟف أن ھﻣّاﻷوﺳﻊ ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى". وﺑﯾ واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ، ﻓﻲ ظروف وطﻧﯾﺔ وطﺎﺋﻔﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺻﻌوﺑﺔ، وھﻲ  ،ﺑﻧﺟﺎح ،اﻟﻐرﺿﯾﺔ اﻟﺟﻧﺑﻼطﯾﺔ اﻣرأة ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺣﺎﻓظ.

 

وﻋﻠﻰ ﻣدى ﺻﻔﺣﺎت اﻟﻛﺗﺎب أﺟﺎب اﻟﻣؤﻟف ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺳؤال اﻟﻣرﻛزي ﺑرﺻﺎﻧﺔ وﺗﺟر ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻻ ﻏﺑﺎر ﻋﻠﯾﮭﺎ .وﻗد اﺧﺗﺎر اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻌﺎﻣودي ﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺳت ﻧظﯾرة، وﻟﻠﺷﺧﺻﯾﺎت اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﺎﯾﺷﺗﮭﺎ، ﺑدﻻ ﻣن اﻋﺗﻣﺎد اﻟﺗﺳﻠﺳل اﻟزﻣﻧﻲ ﻟﻸﺣداث. وﻣﻊ أن ھذا اﻟﺧﯾﺎر ﯾﺣرم اﻟﻘﺎريء ﻣن اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ ﻣﺟرى اﻷﺣداث اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ زﻣن اﻻﻧﺗداب، ﻣن ﻣﻧظور ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺳت ﻧظﯾرة ودورھﺎ، ﻓﺈﻧﮫ أﺗﺎح ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل ﺗرﻛﯾز اﻟﺟﮭد ﻋﻠﻰ إظﮭﺎر ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺳت وﻣزاﯾﺎھﺎ، وﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﮫ ﻣن ﺣﻛﻣﺔ ﻓﺳﻠط اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ إﻋﺟﺎز ﻧظﯾرة ﺟﻧﺑﻼط، ﻛﺎﻣرأة ﻏﯾر ﻣﺗﻌﻠﻣﺔ ﻓﻲ ﻣدرﺳﺔ أو  ،وﺣﻧﻛﺔ وﻣﻘدرة ﻗﯾﺎدﯾﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ، ﺗﻧﺟﺢ ﻓﻲ ﻗﯾﺎدة ﻣﺟﺗﻣﻊ ذﻛوري، دﯾﻧﻲ وﺗﻘﻠﯾدي وﻣﺣﺎﻓظ، وﺗﺗرك ﺑﺻﻣﺎت ﻻ ﺗﻣﺣﻰ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺧﮫ.  

 

ﺷﻛﻠت ﻗﯾﺎدة اﻟﺳت ﻧظﯾرة، ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ ﻧﻔوذ وزﻋﺎﻣﺔ آل ﺟﻧﺑﻼط، ﺟﺳرا ﺣﯾوﯾﺎ ﺑﯾن ﺗﺎرﯾﺧﯾن، ﻛﺎن ﻣن اﻟﺻﻌب اﺳﺗﻣرار دور اﻟﻣﺧﺗﺎرة ﻣن دوﻧﮫ. ﻓﻘد أﺟﺑرت ﻋﻠﻰ ﺗوﻟﻲ اﻟﻘﯾﺎدة ﺑﻌد اﻏﺗﯾﺎل زوﺟﮭﺎ ﻓؤاد ﺟﻧﺑﻼط وﺳط ﺗﺣدﯾﺎت وﺻﻌوﺑﺎت ﻛﺎﻧت ﺗﺣﯾط ﺑﺎﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟذرﯾﺗﮫ،  وﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﻣن زﻋﺎﻣﺎت درزﯾﺔ أﺧرى   وﺷﺧﺻﯾﺎت ﻣن اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﻟﺟﻧﺑﻼطﯾﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ. 

وﻟو اﺧﺗﺎرت اﻟﺳت ﻧظﯾرة، ﺑ ﻌد اﻏﺗﯾﺎل زوﺟﮭﺎ، اﻟﺗﻘوﻗﻊ واﻻﻧزواء ﻓﻲ ﻗﺻرھﺎ وﻋدم ﻗﺑوﻟﮭﺎ اﻟﺗﺣد واﻹﻣﺳﺎك ﺑﻧﺎﺻﯾﺔ اﻟﻘﯾﺎدة ﺑدﻋوى أﻧﮭﺎ اﻣرأة ﻻ ﺷرﻋﯾﺔ ﻟزﻋﺎﻣﺗﮭﺎ، ﻟﻐﺎﺑت اﻟﻣﺧﺗﺎرة ﻋن اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ة ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻛﻲ ﯾﺗﺄﻟب ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻣﻧﺎﻓﺳون وﯾﻌزﻟوھﺎ ﻋن ﻣوﻗﻊ اﻟﻘﯾﺎدة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ. ّﻋﻘدﯾن ﻣن اﻟزﻣن، وھﻲ ﻣد وﻧظرا ﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ اﻟﺗوازﻧﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ، ﻣﻧذ اﻟﻣﺗﺻرﻓﯾﺔ، ﻟو ﻟم ﺗﻌﻘد ﻧظﯾرة ﺟﻧﺑﻼط ﺣﻠﻔﺎ ﺑراﻏﻣﺎﺗﯾﺎ ذﻛﯾﺎ ﻣﻊ ﺳﻠطﺎت اﻻﻧﺗداب، ﻟﺗراﺟﻌت اﻟﻣﺧﺗﺎرة وﺗﻘدم  أﺧﺻﺎﻣﮭﺎ.