العنف في الدين:قراءة نقدية 

     وليد الخوري

 

                                                 1

 

يتفق أهل الإختصاص في علوم الإنسان والمجتمع على أن العنف ظاهرة ملازمة للوجود البشري ،تتجلى  بوجهيها الثقافي والسلوكي في تجربة الحياة التي يعيش الأفراد والجماعات تعقيداتها،بكل الوسائل والأفكار،لقد عجز الإنسان مع ما هو عليه من عقل انماز به عن سائر الحيوان،عن ضبط انفعالاته وتقليص نزوعه العنفي،وتخفيض منسوب العدوانية عنده..وضع القوانين والتشريعات الهادفة إلى حصر استعمال القوة في الدولة وسلطاتها ومؤسسساتها، من أجل خدمة المصلحة العامة  وتنظيم المجتمع وتدبير شؤونه، لكنه لم يفلح في إيقاف التعدي والقتل،ولم ينجح في إقناع الناس بالإمتناع عن القيام بالعنف اللامشروع،من أجل أهداف قد تكون محقة ،  والإحتكام إلى الدولة وأدواتها العنفية المشروعة من أجل الفصل فيما يعتقد أنه حق..

اكتسبت هذه الظاهرة في النصوص الدينية وتاريخ الأديان التوحيدية  عموما، بعدا قدسيا ، كان التكفير بمستتبعاته المادية والمعنوية أبلغ تعبير عنه،وهذه حقيقة ثابتة يصعب دحضها أوتجاوزها لأن الوقائع والأحداث التي حصلت جراء استثمارها عبر التاريخ من قبل الأفرقاء المختلفين في العقيدة كما في السياسة، هي خير شاهد على فاعلية دورها وخطورته في آن.وإذا كان توظيف هذه المادة قد اختفى أوكاد في الثقافتين اليهودية والمسيحية،بسبب تحولات فكرية وتاريخية كبرى،فإنها مازالت تفعل فعلها في الثقافة الإسلامية،وترخي بثقلها في خطاب الإسلام السياسي الذي نعيش اليوم عنفه المادي والمعنوي على امتداد الساحات الإسلامية،ونتكبد الآلام والمصائب جراء تفجير"الذاكرات المفخخة"وإقحام القبيح والمدمر من مخزونها في معركة القبض على الحاضر وصوغه صوغا مخصوصا،يلغي الآخر إلغاءا،لا يدرك فاعله قبح ما فعل على نفسه أولا  وعلى الأخر لاحقا.

 

                                   2

 

       أثار هذا التماس الذي نعيشه مع العنف التكفيري المتبادل بين ضفاف الإسلام السياسي و يكتوي بآثاره الفتاكة، غير المسلمين كما المسلمون الذين يعتبرون الدين الإسلامي بقيمه الداعية إلى التراحم ونبذ العنف،أقول أثار هذا التماس الكثير من الأسئلة،على خلفية الإعتقاد الراسخ في وعي المؤمنين،أن الدين يدعو بطبيعته إلى روحانية جوهرها المحبة والرحمة والسلام،فكيف تستوي هذه  القيم مع مضاداتها العنفية والتكفيرية التي نعيش هولها في بيئتنا العربية والإسلامية، بل كيف تترجح النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تحمل في ظاهرها كما هائلا من معاني العنف ،يحتج بها المتطرفون في تقديس عنفهم تجاه الآخر،  على نصوص تزخر بقيم التسامح والتحابب والحوار؟أسئلة تدفع نحو ما يشبه الإعتقاد أن  العنف حقيقة أصيلة،مزروعة في الدارين،يجازي بها الله الذين يحاربون الله ورسوله،ويعاقب بها فرعون السحرة الذين آمنوا بموسى:  يقول تعالى في الآية 33من سورة المائدة:"إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم"،والمعنى نفسه يتكرر في معاقبة فرعون للسحرة: قال فرعون آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون  لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين"(سورة الشعراء/49)، كذلك في الآيتين123/ 124 من سورة الأعراف"قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم  هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون""لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين".

 

لن أسترسل في الإشارة إلى مثل هذه النصوص المتصلة بالعنف العقابي المشرع تجاه المرتدين و المشركين،وهي نصوص محرجة بحسب أركون للمسلمين الذين يؤمنون بمبادئ حقوق الإنسان،لكن التأكيد على حقيقة استثمارها في خطاب الإسلام السياسي أمر واجب،والأوجب منه تكثيف الجهد من أجل قراءة نقدية لهذا الخطاب تفند مواطن العيب والتشويه فيه ،

                                    3

وتعيد تأويل النصوص الدينية التي يتوسل بها المتطرفون،تأويلا  يحقق إعتبار المقاصد الإنسانية التي يختزنها الإسلام، ويدحض الحجج التي يحتجون بها دفاعا عن نهج القتل والتدمير الذي يعتمدونه باسم الدين وذودا عنه.

                                 

لكن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان:إلى أي حد يستطيع تأويل النصوص المحكمة أن يجد آذانا صاغية عند جمهور المؤمنين؟وإلى أي حد يمكن ترجيح معنى المعنى في ثقافة دينبة تسود فيها الدعوة للأخذ بالظاهر؟ و قبل هذا وذاك إذا كانت اللغة العربية لغة القرآن وهي كذلك بالقدسية التي لحقت بها،إلى اي حد يتقبل المؤمنون القفز فوق قواعد اللغة وآليات اشتغالها،والتوسل بأدوات غيرها أو إلى جانبها من أجل الوقوف على  الحقول الدلالية لهذا النص المقدس؟  ثم إذا كان قيام الدولة،أية دولة يفترض تشريعا ما للعنف،فلماذا يخرج مطلب تحقيق الدولة الإسلامية عن هذه القاعدة؟،والمطالبون بقيام الدولة الإسلامية يتوسلون بالعنف الوارد في بعض النصوص  من أجل تحقيق أهدافهم.وعليه فإن المشكلة ليست في الوسيلة وحدها بل في أصل الغاية التي تنطوي في مشروعيتها شرعية الوسيلة.فإذا كان الإسلام دينا ودولة، فإن العنف الذي يظهر في بعض الأحكام والأحاديث،هو جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة النصية المقدسة، وبالتالي يصبح الفصل بين العنف والتقديس أمرا مستحيلا بل عصيا على أي تأويل يسعى الفكر النقدي إلى ترجيحه.

قد يكون التنظير البشري للعنف مسألة يمكن مواجهتها بنمط مختلف من النظر يدحض الحجج والأسانيد التي انبنى عليها، لكن مقارعة الإلهي والمقدس بالحجة لا تستقيم في مجتمع يعتبر الله أدرى  بمصالح العباد من العباد أنفسهم.وعليه يبدو العنف المقدس في اعتقاد المتطرفين من ثوابت العقيدة،بل أصلا يعول عليه في حماية الدين القويم  من الشرك والمشركين و من الأعداء الذين يضمرون للمؤمنين الذلة والمهانة.

لم تستطع مناهج التفسير والتأويل،قديمة وحديثة،التي راهن أصحابها على العقل وعلوم الإنسان في إنتاج ثقافة دينية عامة ومنفتحة،أنتعد

 

                                    4

الإنسان المؤمن،والمجتمع المؤمن عموما، إعدادا يساعده على تقبل حقيقة التطور التاريخي للأفكار والمعاني والأحكام،فإذا به على شيء من الريبة والشك أمام كل بادرة تروم التعديل أو التطوير في حقل المعنى القرآني،أو البحث في الشروط التاريخية والإجتماعية والأنتروبولوجية التي أسهمت في إنتاجه.وتاريخ الفكر الإسلامي يشهد على فشل العقل النقدي في تحقيق خطوات نوعية وثابتة في هذا المجال و إنتاج قراءة معاصرة للنصوص الدينية،تبرز القيم الإنسانية التي تحتضنها،قراءة ينتصر لها المجتمع المؤمن،يقتنع بضرورتها ويدافع عنها بلا حذر أو تردد.

قد يعود هذا الفشل إلى كون القراءات التفسيرية والتأويلية  المجددة جاءت من خارج المؤسسة الدينية أو المرجعيات المؤتمنة على حراسة قواعد الإيمان الصحيح،التي ما زالت تعتقد أن ما أراده الله لشعبه المؤمن من المعرفة والفهم ،قد أظهره جليا في الأحكام المنزلة والسنة النبوية،لكن.التحدي الكبيريبقى في قدرة هذه المرجعيات على تجاوز القناعات الأيديولوجية الجامدة والنظر إلى الإسلام في كونه مشروعا رساليا يرى الله فيه مكانأ آمنا ومعزا لكل إنسان،وفضاءا للتلاقي على خير البشر وسعادتهم.

                                  

ايها الأصدقاء

 

 مع انحراف بعض رجال الدين ،من ديانات مختلفة، في خطابه المتوتر نحو إثارة النعرات وإحياء العصبيات الطائفية والمذهبية،إرضاء لغرائز  العوام وأصحاب العقول المستقيلة،بين الجمهور والأتباع،نعم يبقى الأمل معقودا على المرجعيات الدينية التي تحتكر إلى حد كبير،مزيتي الإصغاء والتصديق عند الغالبية من المؤمنين،أن تبادر هي نفسها إلى قراءة نقدية للنصوص الدينية،تنقيها من المعاني والمفاهيم المعوقة لنمو الثقافة الإنسانية الجامعة.قراءة تنهم في وضع اجتهاد يقطع بالفصل بين الدين والسياسة و بإسقاط كل ما يسهم في سد مسالك التواصل بين الناس و في نشر بذور الفرقة والتباغض بين أطياف المجتمع.

                              5

إنها إشارات ،إن دلت على شيئ. فعلى الواقع الملتبس و المأزوم الذي يعيشه الفكر الإسلامي بفرقه المفترقة في العلم،ويعاني منه المجتمع الإسلامي بشعوبه المحتربة في العمل،والإختلاف في العلم والإحتراب في

العمل،هو اختلاف في الدين واقتتال في السياسة، مشهدية  يتجلى فيها العنف على امتداد الساحات الإسلامية، بأحلك مظاهره ، أداة يتوسل بها المختلفون في معارك الفوز بالنعمتين:السلطة في الدنيا والنجاة في الآخرة.                                 

 

  سمعني صاحبي،هز رأسه وتمتم...قلت الأمل ونسيت الصبر..عليك. بالصبر إنه  مفتاح الفرج.

 

                                 6                                   

كان من المفترض أن يكون معنا في هذه الجلسة الدكتور رضوان السيد،العالم المتبحر في قضايا الفكر الإسلامي،والمواكب لمواقف المرجعيات الدينية لاسيما الأزهر الشريف، تجاه ما يرتكبه المتطرفون الإسلاميون من عنف وقتل باسم الإسلام،لكن ظروفا قد حالت دون مشاركته.

 

 

الصديق والرميل الدكتور وجيه قانصو

-أستاذ في ملاك الجامعة اللبنانية

-حائز على دكتوراه في الفلسفة ودكتوراه في الهندسة

-من مؤلفاته::

-التعددية الدينية:قراءة في المرتكزات المعرفية واللاهوتية

       -أئمة أهل البيت والسياسة

       -النص الديني في الإسلام::من التفسير إلى التلقي

يعمل في مجمل كتاباته  من أجل وعي إيماني خلاق ومتحرر،"فقراءة النص الديني،كما يقول،ليست نشاطا علميا فحسب،بل هي أيضا تجربة اختبار ذاتية....يكون فيها أي تغيير أو تعديل أو تجديد في بنية التصورات التي تحملها عن النص تغييرا لواقع الذات وحياتها،يشعر معه المرء أنه مشروع شخص أخر ويفهم نفسه بطريقة مختلفة".

 

_____________________________

العنف والنص الديني

وجيه قانصو

-       يكتسب هذا الموضوع شهرته هذه الأيام بفعل ما تشهده الساحة من مشاهد عنف غير مسبوقة، ميزتها أنها تستند إلى الشرع، والتجربة الدينية والمنظومة الفقهية الدينية. هي لا تكتفي بتداول النصوص، بل تقدم استدلالات سابقة لابن تيمية وابن القيم الجوزية وغيرهم على مشروعية ما تفعله. وهو أمر لا يحرج أتباع الدين الإسلامي فحسب، بل يحرج المؤسسة الدينية الفقهية بالتحديد، باستناده إلى كثير من اجتهاداتها لتسويغ ما تفعله.

-       الحدث يخيف غير المسلم أيضاً، خاصة الذي يعيش بجوار المسلم. وتطرح لديه تساؤلاً عما إذا كان هذا سمة ثابتة للدين،  فتجده يطرح تساؤلات ويعقد مؤتمرات ليطمئن، ويفهم ماذا يحصل. يريد أن يتأكد أن ما يحصل ليس صنيع الدين ونتاجه، بل صنيع ظرف خاص وتاريخي لن يتكرر وغير قابل للانتقال إلى جميع الأمكنة.

-       المسلم بالمقابل، أربكه هذا التوحش غير المسبوق بإسم الدين.  أحرجه أمام الآخرين، أربكه في تدينه وإيمانه، هذا الإيمان الذي استقى منه قيم الإحسان والعدل وحسن الجوار وحسن الخلق. أيقظه على أمر جديد عليه بالكامل، لا يعرفه. ورغم الدلالة المباشرة لبعض النصوص حول العنف، إلا أنه كان يمر عليها مرور الكرام،  ولا تأخذ عنده دلالات أيديولوجية ولا حتى سياسية،  ولا تتعدى دلالتها عنده أكثر صرامة الإسلام من الفساد الخلقي والتشدد ضد الفساد العام مثل الىية:"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله أو يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف". حتى أن آيات السيف مثل آية: "فاقتلوا المشركين" كانت تتداول بصفتها حدثاً تاريخياً، نص تاريخي لفهم الرسالة وليس نصاً للراهن.

-       هذا السلوك يسوغه الرسوخ التاريخي بتحييد النص الديني من المجال العام.  فبعد أن اصبحت السلطة شأناً غيبياً، واعتبارها جزءاً من قضاء الله وقدره في زمن الأمويين، وحالة اصطفاء واختيار إلهيين، في الزمن العباسي، ثمظهور ما سمي بالسياسة الشرعية، التي تعني تفلت السلطة من القيد الشرعي، أي تحويل السلطة في إجراءاتها وبناها وتداولها وممارساتها شأناًدنيوياً خالصاً، يقوم على الغلبة وسلطة المتغلب، ما يجعلها منفصلة بالكامل عن المجتمع والمؤسسة الدينية معاً. باتت قوة القهر ميزان السلطة، لا أن السلطة ميزان القوى. 

-       أما المجتمع فقد تم تقسيمه منذ ابن المقفع إلى أمراء وخاصة وعامة. الخاصة هي بطانة الأمير وليس الطبقة الوسطى مثلما يظن البعض، هي أداة الأمير في التطويع الفكري والجسدي للعامة، والعامة ليس لها إلا أن تطيع. هذا فرض أن يكون التدين سلوكاً فردياً خالصاً، لكنه مؤطر بأيديولوجيا الطاعة.

-       ما حصل أيقظ المؤسسة الدينية التقليدية، لأنها مؤسسة تقوم في بناها الفقهية على التكيف مع الواقع، فقهها يقوم على قاعدة "الشرعيات للفقيه والعرفيات للسلطان" أي إن مكان الفقيه وموقعه داخل المجتمع وخارج السياسة، والسلطان صاحب الأمر الأول والأخير في تقرير مسار الشأن العام.

-       الخطاب الأصولي المعاصر أحرج المؤسسة الدينية، التي تعاملت مع الخطاب الإسلام السياسي المعاصر بحذر شديد، وتصاعدت وتيرة المواجهة بين الغسلاميين ومؤسسة الأزهر عند استلام الإسلاميين للسلطة، لأنهم لم يطمعوا فقط في استلام السلطة السياسة ، بل أرادوا انتزاع المرجعية الديينة من المؤسسة الفقهية.

-       محاولة إعادة الدين إلى دائرة المجال السياسي العام، يعني إعادة تعريف للدولة والسلطة، علي أساس ديني صرف. أي قلب المعروف والسائد، والانقلاب على الأحكام السلطانية والآداب السلطانية، وتشييد معنى جديد للدولة والسلطة، على أساس ديني، ما يعني أيضاً تقديم فهم جديد للنص الديني نفسه بإعادة زجه داخل المجال العام، واستعادة مرجعية قوله في السياسية والدولة والسلطة.

-       فالفقه السلطاني استقر على التعامل مع السلطة القائمة على الغلبة، وتجريم الخروج عليها رغم التشكيك الضمني بمشروعيتها. ما يعني تعطيل البحث في مشروعية السلطة، وغياب أي موقف فقهي في مراقبة أداء الحاكم وسلوكه[1]. عجز المؤسسة الفقهية عن تأطير مختلف لمعنى السلطة واستيعاب الثقافات الوافدة، ولَّد تمرداً اجتماعياً عليها، وتنامي مزاج ديني جديد أخذ يعبر عن نفسه بفائض الكتابات الإسلامية من خارج المؤسسة الدينية الرسمية أو الفقهية، وتنظيرات من نخب متدينة غير متخصصة، أخذت تشق طريقاً مختلفاً عن فهم النص وتأويله لصالح رؤى سياسية جديدة،  تطرح سؤال مشروعية السلطة من جديد، وتقدم تعريفاً ووظائف مختلفة لمعنى الحكم، وتلغي جميع التحفظات الفقهية حول الخروج على السلطة والثورة عليها[2].

-       المحاولات الدينية التي تصدت للرد على فقه القتل، أو فقه التوحش، قامت على محورين: أولهما محور الكفاية في تطبيق الحكم، اي إن إقامة الحدود منحصرة بولي الأمر أو الحاكم. ثانيهما محور فهم النص، بإبراز نصوص السلم والتسامح والعيش بسلام، وإظهار تفوق وسيادة هذه النصوص على النصوص الاخرى. أي الخطأ في فهم النص. فيعود الأمران إلى مسألة الكفاية والأهلية إما في تطبيق الحكم الشرعي أو في فهمه.  تعود المعالجة إذاً إلى ثنائية العلم والجهل، الضلال والهداية.  لكن من يقرر ويملك صلاحية تقرير اي الطرفين على حق؟

-      بيد أن الرد بفكرة الكفاية، لا يحلان المشكلة لانه حل من خارج النص وبنيته. فتعود المشكلة مشكلة مشروعية مقابل مشروعية وفهم مقابل فهم، أو سلطة مقابل سلطة. ولا تجيب هذه المقاربات على سؤال:

أ‌.         لماذا تعود رهانات نصوص العنف بهذا الزخم في زماننا، وتكتسب سلطة أمر وجاذبية تعبئة وتجنيد؟

ب‌.     هل هي فقط مشكلة نص فقط أم مشكلة منظومة تفكير وبنية فكر مستقرة في التكوين المفكر فيه واللامفكر لمنظومة الوعي الديني؟

ت‌.     أم هي قضية علاقة مع النص الديني، ليس لجهة الصواب والخطأ، التفسير المذموم أو الممدوح، وإنما لجهة طبيعة هذه العلاقة ومنطقها الداخلي؟

 



[1]راجع: رضوان السيد، الجماعة والمجتمع والدولة، دار الكتاب العربي، بيروت، 1997، ص. 207-269.  اجع أيضاً فهمي جدعان، المحنة، المؤسسة العربية للدراسات، 2000، الأردن، ص. 363-440.  

[2]راجع: جيل كبيل وريان ريشار، المثقف والمناضل في الإسلام المعاصر، ترجمة بسام حجار، دار الساقي، 1994، ص. 193-229.

 

_______________________