مئوية المطران يوسف الدبس

( 1833- 1907 )

مئوية المطران يوسف الدبس

 

الدكتورة جولييت الراسي                                                                       

علم من أعلام الثقافة في لبنان في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين،  كان رجل دين وعلم كما كان مربيا وخطيبا ومؤرخا مشهورا . يصنفه الأب المرحوم  ميشال حايك مع الدويهي وفرحات وقرألي والتولاوي والسمعاني والحويك كعمود من أعمدة البيعة .                                                   

ولد يوسف الياس حنا الدبس في 8 تشرين الأول 1833 في راس كيفا ( زغرتا ) حيث هاجر جده من غزير في أواخر القرن الثامن عشر ، ثم ارتحل والده الى كفرزينا ، حيث تعلم يوسف مبادىء العربية والسريانية ، ثم أرسله مطران طرابلس ، السيد بولس كساب الى مدرسة عين ورقة حيث تعلم  مع العربية والسريانية ، الايطالية واللاتينية . لكنه ترك المدرسة ليؤسس مدرسته الخاصة في طرابلس عام 1850 ، ويتابع في   الوقت عينه تعلم الفلسفة واللاهوت على يد الآباء الكرمليين .

سيم كاهنا في 15 حزيران 1855 ، وتسلم مهمة التعليم في  مدرسة مار يوحنا مارون في كفرحي بين سنتي 1855و 1860 ، وكانت هذه المدرسة قد خصصت لتنشئة الاكليركيين ، فكان الدبس من أنشط عمالها .ثم تولى أمانة سر البطريرك بولس مسعد مدة 12 سنة ( 1860- 1872 ) في مرحلة دقيقة من تاريخ لبنان .وبعد وفاة مطران بيروت طوبيا عون سنة 1871 ، اختير الدبس ليخلفه بعد أن رقي الى درجة أسقف وذلك في 11 شباط 1872 .

 على أن انجازاته تزايدت فور ترقيه الى كرسي مطرانية بيروت المارونية  ، ولا نستطيع اختصارها بجمل معدودة ، بل سأحاول الاشارة الى أهمها .وتأتي في طليعتها اهتمامه بانشاء المدارس في أبرشيته ، وعلى رأسها مدرسة الحكمة التي شرع ببنائها سنة 1874 ، والتي فتحت أبوابها في ت2 1875 ، والتي نافست كل من جامعتي اليسوعية والجامعة الأميركية .

 كما اهتم بانشاء المدارس في كل أبرشيته مشجعا بذلك انتشار الثقافة بين أفراد رعيته . فلم ينس الفقراء منهم ، فأنشأ عددا كبيرا من الجمعيات وعزز تلك التي كانت موجودة من قبل .كما أنشأ الى جانب مدرسة الحكمة " مدرسة غايتها تربية العائلات الفقيرة وتعليمهم مع مبادىء المعرفة الصنائع والمهن" . 

والى جانب المدارس ، عمر الدبس عددا من الكنائس :

-كنيسة مار مارون ( 1875 )

-كنيسة مار يوسف ( 1878 )

- كنيسة مار يوسف الرميل ( 1883 )

- كنيسة مار الياس - راس بيروت ( 1903 )

هذا بالاضافة الى انفاقه على عدة كنائس صغيرة مثل كنيسة بليبل وعيناب والمريجات،

أما أكبر منشآته الكنسية فهي :

- كنيسة مار جرجس التي شرع ببنائها سنة 1884 وبعد عشر سنوات 1894 احتفل بقداس تدشينها .

ولتقييم أهمية الدور الذي قام به الدبس قياسا مع الذين سبقوه على كرسي مطرانية بيروت أن سلفه المطران طوبيا عون لم يكن " له فيها موضع يسند اليه رأسه ، والموارنة اذ ذاك لايتجاوز عددهم خمسمائة نفس ..." .

 و قد أسس الدبس مطبعة سنة 1866 أصبحت تعرف فيما بعد" بالمطبعة العمومية المارونية"  (1908)، كما تشارك مع رزق الله خضرا في " جريدة النجاح " سنة 1870 فكانت " الجريدة السياسية الوحيدة التي تدافع عن المصالح الكاثوليكية " .وقد خلفتها " جريدة المصباح" ( 1880)، و كان للدبس " قسم كبير من السعي في التقدم العلمي بواسطة ترجماته وتأليفاته بهذه المطبعة والجريدتين المذكورتين " .

وان اتقانه  للغات عدة ،شرقية وغربية ، ساعده في ترجمة مؤلفات قيمة في اللاهوت وفي القانون، كما انه ألف في الشعر وفي اللغة ،  والتاريخ ، وأوجد " فن الخط المختصر في العربية وعلمه بعض الشبان " .

ففي مجال التأليف التاريخي ترك لنا الدبس ، الذي يجعله ميشال حايك ، " خير وريث للدويهي "، الكتب التالية :

-تاريخ سوريا ، وهو موسوعة من 8 مجلدات ( 1893-1905 ) 

-الموجز في تاريخ سوريا، في جزأين ( 1907 )  وهو اختصار للموسوعة

-الجامع المفصل في تاريخ الموارنة المؤصل ، (1905) وهو مجموعة فصول متعلقة بالموارنة

هذا بالاضافة الى كتب أخرى ومقالات تتناول تاريخ العقائد وغير ذلك من مواضيع والتي استرعت اهتمام الكثير من البحاثة حتى اليوم .

أما المنهج الذي اعتمده الدبس في كتاباته التاريخية فكان موضوع أخذ ورد بين عدد من البحاثة الذين انبروا لدراسة آثاره وتقييمها . لكن الراجح أن أسلوبه  مختلف عن أسلوب الكتابة التاريخية الذي نعرفه اليوم والذي يفرض على " البحاثة الدقة في ضبط النصوص ومقارنتها واعمال الشك في مضامينها وقراءتها في اطارها البيئوي والزمني"، كما يقول الأب ميشال حايك الذي يشير أيضا الى ضرورة اعادة النظر في بعض استنتاجات الدبس ، ويبرر بعد ذلك هذه الهفوات بأن " العيب المنهجي واقع على مجمل علماء عصره في الغرب نفسه ".

توفي الدبس في 4 تشرين الأول 1907 ،وهو كما يقول حايك : " لم يكن خادما أمينا لتاريخ أمته أو كاتبا لتاريخها فحسب ، بل كان من أكبر صانعي هذا التاريخ من حيث هو فعل الأحداث لا مجرد حديث عن الأحداث ..." .  

المطران يوسف الدبس

والتاريخ المارونيّ

كلمة الأب بولس الفغالي

حين نكتب التاريخ، نختار طريقة بين طرائق ثلاث. إمّا نقدِّم كتابًا مدرسيًّا يكون في متناول الجميع ولا يضايق أحدًا، ونعطي الأمور العامَّة دون الدخول في التفاصيل. وإمّا نأخذ بنظرة الوضعيَّة[i] فنقتصر على ما هو موضوع أمامنا، ما يمكن أن نراه ونلمسه، فننتزع كلَّ فكر ما ورائيّ، كلَّ عاطفة، كلَّ نظرة تبتعد عن الأشياء لتصل إلى الأفكار وبالتالي إلى الإيديولوجيّا. تلك كانت نظرة هنري لامنس[ii] في حواره مع المطران يوسف الدبس، فتوقَّف عند الوثيقة كوثيقة، وما تجرَّأ بعد ذلك على اتِّخاذ الموقف. وتبعه في هذا الخطِّ المطران يوسف دريان[iii] والأب أنستاز الكرمليّ[iv] وعدد من الباحثين[v] الذين نسوا أنَّ الوضعيَّة كوضعيَّة تعدّاها الزمن إن هي حصرت حالها هناك. في الماضي، كانت ناقدة بالنسبة إلى الدين مشدِّدة بالأحرى على نواقصه لا على صفاته الحسنة. فصارت اليوم منقودة بحسب مدرسة فرنكفورت، لأنَّها تحمل الخطر إلى المجتمع فتجعله ينعزل في الإيمانيَّة[vi] أي في إيمان يلجأ إلى الكلمة الموحاة أو الانطباعة الذاتيَّة[vii]، ويتجنَّب المواجهة الحقَّة.[viii] وإمّا نأخذ بالخطِّ الإيديولوجيّ بحسب المعنى الأصليّ للكلمة: علم الفكر. الفكر هو الذي يوجِّه البحث، ويكون نقطة الانطلاق لقراءة الأحداث الماضية. وإلاّ، ما قيمة التاريخ بالنسبة إلى الإنسان العاديّ، إن توقَّف عند نصوص قديمة أو تنقيبات ومدوَّنات. التاريخ يقود إلى الحياة، ذاك هو موقف المطران يوسف الدبس في نظرته إلى العالم الذي يعيش فيه.[ix]

 

1- من هم الموارنة

بعد أن كتب المطران الدبس تاريخ سورية، منذ الخليقة إلى أيّامنا، في ثمانية مجلَّدات، حيث طبع المجلَّد الثامن سنتين قبل موته، ومنه استخرج الموجز في تاريخ سورية والذي طُبع في جزئين، سنة 1970، عاد إلى الموارنة في ما يُدعى الجامع المفصَّل في تاريخ الموارنة المؤصَّل. طُبع هذا الكتاب وجاء في 621 صفحة، فبدا "مجموعة الفقرات التي خصَّ بها الموارنة في تاريخه الأكبر".[x]

عند هذا الكتاب نتوقَّف قبل أن نقرأ ردَّ الدبس على من "هاجم" الموارنة، والفكرة التي دفعت هذا المطران لأن يكتب تاريخ سورية، وبعده تاريخ الموارنة.

جاء كتاب الجامع المفصَّل في اثنتي عشرة مقالة. الأولى، في القدّيس مارون وتلاميذه.[xi] وبدايتها: "نروي خبر القدّيس مارون عن توادوريطس أسقف قورش". وبعد كلام عن القدّيس مارون الناسك وتعييده في الرابع عشر من شباط مثل "كنيسة الروم" والأديار التي بُنيت على اسمه، ذكر تلاميذ القدّيس مارون "ذاك الفارس والحارث لجنَّة الله في قورش"، بحسب خبر توادوريطس، وتوقَّف في عد 3 عند "انتشار رهبان القدّيس مارون في سورية" في القرن السادس، وفي عد 4 عند مناضلة الرهبان الموارنة عن الإيمان، والحوار مع اليعاقبة (عد 5). نلاحظ هنا أنَّ المطران نقل عن السريانيَّة نصًّا نشره العالم فرنسوا نو، في مجلَّة المشرق، عدد 10، من سنة 1899.

والمقالة الثانية[xii]: في تاريخ الموارنة في القرن السابع. في هذه المقالة موقع الجدال مع الخصوم والعمل الدفاعيّ: علاقة المردة بالموارنة، واستند المطران الدبس إلى المراجع المارونيَّة التي سبقته. والموضوع الثاني: منشأ القدّيس يوحنّا مارون وأسقفيَّته. هنا تبع الدبس ما قاله السمعانيّ عن مولد يوحنّا "في قرية تسمّى سروم، موقعها في جبل السويديَّة، على مقربة من مدينة أنطاكية..." (ص 39). وانتقل الدبس في المقالة الثالثة إلى "تاريخ الموارنة في القرن الثامن" (ص 39-108) الذي كان امتدادًا لما في القرن السابع، فبدأ بذكر البطاركة "بعد أن توفّى الله القدّيس يوحنّا مارون سنة 707" (ص 101). هنا يلفُّ الغموض تاريخ الموارنة: يذكر الدبس البطاركة ويتوقَّف عند قيس المارونيّ (ص 110ي) بحسب كتاب التنبيه والإشراف للمسعوديّ الذي طُبع في ليدن سنة 1894، صفحة 152" (ص 110). أمّا الكلام عن المطران داود، فلا سند له سوى ما قيل في كتاب الهدى. تلك كانت المقالة الرابعة مع عناوين هذا الكتاب الذي دُعي في وقت من الأوقات "دستور الطائفة المارونيَّة في القرون الوسطى".[xiii] مع أنَّ الكتاب ليس مارونيًّا، بل تجميع يضمُّ العقيدة في ارتباط مع إيليّا النصيبينيّ (+ 1046) حول الثالوث، وأبو الفرج ابن الطيِّب (+ 1043) في كتاب الاتِّحاد.[xiv] ممّا يقابل ف 1-13 في نسخة الآباتي فهد. ويضمُّ كتاب الهدى ما دُعيَ "كتاب الناموس" الذي يجمع مجموعة قوانين جاءت من هنا وهناك. وما نودُّ قوله قبل كلِّ شيء هو أنَّ ما دُعيَ كتاب الهدى نُسخ في الحرف العربيّ قبل أن ينقل إلى الحرف الكرشونيّ.[xv] وكتاب الناموس هذا يرتبط بمجموعة ابن العسّال على ما يقول المطران دريان أيضًا.[xvi]

وما نقوله عن كتاب الهدى الذي جاءنا من الشمال والجنوب، نقوله عن المقالات العشر لتوما الكفرطابيّ.[xvii] فأين هي كفرطاب هذه؟ وعن الريش قريان المارونيّ[xviii] الذي نشره الأباتي يوحنّا تابت. وكذا نقول عن تفسير منسوب إلى مار أفرام، حول سفر التكوين،[xix] حول سفر الخروج، خول سفر الأحبار. هي كتب جاءتنا من مصر. ولبثت في الأديار لأنَّه لم يكن لهم أدب قديم أو كتب قديمة مثل إنجيل ربّولا[xx] وغيرها؟ ففي ظنّي، لا أدب كتبه الموارنة قبل الاتِّصال برومة، وبشكل خاصّ مع تأسيس المدرسة المارونيَّة.

أطلنا الحديث في هذه المقالة لما فيها من موضوع جدال بين الموارنة وسائر الطوائف، ولا سيَّما في ما يتعلَّق بيوحنّا مارون، أوَّل بطرك على الطائفة، كما يقولون، والذي ترك لنا المؤلَّفات التي ليست منه. وكانت روايات حاول أن يشرحها الأب ميشال الحايك، بأنَّ يوحنّا هذا كان ابن أخت الملك شارلمان. وهكذا رُبط تاريخ الموارنة بتاريخ فرنسا، في عودة إلى الوراء تنطلق من واقع الحماية الفرنسيَّة للموارنة، وتتجذَّر في الماضي البعيد.[xxi]

في المقالة الخامسة (ص 119-135) تحدَّث الدبس عن البطاركة وعن الأديار، وحاول الردَّ على "غوليلمس[xxii] أسقف صور اللاتينيّ في كتابه 22 في الحرب، فصل 8 ما ترجمته: "لمّا استراحت المملكة (مملكة أورشليم) من حرب صلاح الدين، سررتُ سرورًا موقوتًا في أنَّ ملَّة من السريان تسكن في عمل من فونيقي في سفح لبنان قريب من جبيل طرأ عليها تغيُّر مهم، لأنَّهم بعد أن كانوا اتَّبعوا مدَّة خمسماية سنة، ضلال مارون المبتدع، وتسمَّوا موارنة نسبة إليه، وكانوا يُتمِّمون أسرارهم، منفصلين عن جماعة المؤمنين، استفاقوا بإلهام الله، وهبُّوا من تقاعدهم، وهلعوا إلى إيميريكس بطريرك أنطاكية اللاتينيّ، وهو الثالث من البطاركة اللاتين الذين ترأَّسوا هذه الكنيسة، وارعووا عن الضلال الذي كانوا متسكِّعين به، ورجعوا إلى وحدة الكنيسة الكاثوليكيَّة، واعتقدوا الإيمان القويم، وحافظوا على تقليدات الكنيسة الرومانيَّة بكلِّ احترام وإجلال" (ص 132-133).[xxiii]

ردَّ المطران حالاً على مثل هذا الادِّعاء الذي استند إلى سعيد بن البطريق. في المقالة السادسة (139-150) تحدَّث الدبس عن مجيء المسلمين إلى جبَّة بشرّي، ثمَّ عن حروب كسروان. واستند في ذلك إلى كتاب تاريخ بيروت لصالح بن يحيى الذي نشره الأب لويس شيخو اليسوعيّ، في المجلَّة الموسومة بالمشرق. قال صالح: "في شهر شعبان سنة 691هـ، سنة 1292م، توجَّه الأمير بيدرا (من مماليك الملك المنصور قلاوون) قائد السلطنة بمصر، وقصد جبال كسروان..." (ص 140). وغطَّت المقالة السابعة (ص 151-157) القرن الرابع عشر، والمقالة الثامنة (ص 159-177) القرن الخامس عشر. بعد البطاركة ذكر المقدَّمين، كما بعض الأساقفة. وما نلاحظ في هذه المقالات، هو أنَّ المطران الدبس يأخذ دومًا خطَّ الدفاع عن الطائفة المارونيَّة، مستندًا إلى ما قاله الذين سبقوه من مرهج بن نمرون البانيّ[xxiv] إلى البطريرك إسطفان الدويهيّ،[xxv] وصولاً إلى البطريرك يوسف إسطفان، والبطريرك بولس مسعد في كتابه "الدرّ المنظوم في الردِّ على مزاعم البطريرك مكسيموس مظلوم.[xxvi]

مع المقالة التاسعة (179-212) ندخل في التاريخ الحديث، مع الفتح العثمانيّ سنة 1516. توقَّف الدبس عند أعيان الموارنة، ثمَّ عاد يتحدَّث عن البطاركة ولا سيَّما مخائيل وسركيس ويوسف الرزّي، مع مجمعين عُقدا سنة 1580 وسنة 1596. وما نلاحظ في هذه المقالة أسماء "بعض المشاهير الدينيّين الموارنة في القرن السادس عشر" (ص 208ي): يونان المتريتيّ، يوحنّا بن نمرون البانيّ، يوحنّا اللحفديّ، الحبيس يونان بن جلوان من اسمر جبيل.

في المقالة العاشرة (ص 213-263) ندخل في القرن السابع عشر مع الأمراء المعنيّين ومشايخ آل الخازن، مع "الشيخ حصن" الذي جُعل قنصلاً لإفرنسة ببيروت" (ص 216). كما نتعرَّف إلى بطاركة مرُّوا في المدرسة المارونيَّة: البطريرك يوحنّا مخلوف، البطريرك جرجس عميره، البطريرك يوسف العاقوريّ، ويوحنّا الصفراويّ وجرجس البسبعليّ. وآخر بطريرك في القرن السابع عشر، إسطفانوس الدويهيّ. ونورد هنا رسالة من الملك لويس الرابع عشر "إلى البطريرك إسطفانوس بطرس الأنطاكيّ". هذا نصُّها:

"أيُّها السيِّد الأجلّ، قد رفع إليَّ الخوري الياس، كاتب سرِّكم، الرسالة التي كتبتموها إليَّ في 20 من آذار سنة 1700، وعلمتُ منها، متأسِّفًا، المحن التي يقاسيها الكاثوليكيّون، أبناء ملَّتكم المارونيَّة، وشدَّة الضنك الذي تقاسونه لوقاية شخصكم من الإهانات التي يُنزلها البعض بكم. ولمّا كنتُ مستعدًّا أن أبذل دائمًا كلَّ ما بوسعي من العناية بتأييد الدين الكاثوليكيّ الرسوليّ الرومانيّ في كلِّ مكان، لا سيَّما في أرجاء بطريركيَّتكم، حيث تعاظمت المحن، قد سلَّمتُ إلى كاتب سرِّكم رسالة جدَّدتُ بها الأمر الذي أصدرتُه قبلاً إلى سفيري بالقسطنطينيَّة، أن يصرف عنايته واهتمامه لينال من الباب العثمانيّ كلَّ ما يمكن من الأمور العائدة بالنفع للدين الكاثوليكيّ في بلاد الموارنة ليحفظكم بحراسته المقدَّسة. كُتب في مارلي، في 10 آب سنة 1701. التوقيع لويس. وفي أسفل الصحيفة: كولبر" (ص 238).

هذه الرسالة حفظها لنا دي لاروك في كتابه رحلة إلى سورية ولبنان. مرَّات عديدة يذكر المطران الدبس المرجع، ولكنَّه لا يحدِّد. ومرّات أخرى يورد الأخبار، سواء استقاها من مصدرها الأوَّل، أو أخذها عن الذين سبقوه من الموارنة. ويا ليته أوضح من أين أخذها، فنستطيع في خطاه أن نقرأ النصوص ونجاريه أو لا نجاريه في ما يستخلص من نتائج، ولا سيَّما في الدفاع عن طائفته. في هذا المجال، قال الأب ميشال حايك في مقدِّمة الجامع المفصَّل (ص. ب ب)،: "لو استطعتُ أو استطاع غيري... أن أرفِقَ كلَّ صفحة من الكتاب بالحواشي، توضيحًا للمصادر الواردة فيه بحسب عناوينها الأصيلة، وتتميمًا لها بمصادر أخرى حديثة، وتذييلاً للنصِّ بالآراء، المختلف عليها في بعض مواضيعه...".

وبدأ الدبس يذكر الأساقفة، الذين رقّاهم البطريركان يوسف الرزّيّ ويوحنّا مخلوف. ثمَّ الأساقفة في أيّام الدويهيّ. والعلماء في القرن السابع عشر: بطرس مطوشيّ القبرسيّ، نصرالله شلق العاقوريّ، القس جبرائيل الصهيونيّ الإهدنيّ، العلاَّمة إبراهيم الحاقليّ، مرهج بن نيرون البانيّ. ثمَّ هناك "من اشتهروا بالغيرة والنسك. يجدر بنا أن نذكرهم كما ذكرنا العلماء" (ص 251). وتميَّز القرن السابع عشر بإنشاء الكنائس والأديار: مار شلّيطا مقبس، دير حراش، دير مار سركيس وباخوس في ريفون، دير مار عبدا هرهريّا، دير مار الياس النبيّ في غزير، دير السيِّدة باللويزه، دير عين ورقة، دير مار سركيس إهدن. هذه المعلومات أخذها الدبس عن الدويهيّ الذي أشار إلى السنة التي فيها بُنيت هذه الأديرة. وذُكرت أيضًا كنائس بُنيت في بشعله ودرعون والعربانيَّة.

وانتهت هذه المقالة بذيلٍ: "في المجمع الذي عقده البطريرك يوسف العاقوريّ في دير حراش". وذلك في 5 من كانون الأوَّل سنة 1644، في هذا المجمع تنظَّمت أمور قانونيَّة على مستوى الأسرار، ولا سيَّما الزواج. هنا ظهر التقليد اللاتينيّ واضحًا، وخصوصًا ما يتعلَّق بالأعياد.

وانتقلنا مع المقالة الحادية عشرة (ص 265-341) إلى "تاريخ الموارنة في القرن الثامن عشر". ذكر الدبس أوَّلاً الأعيان: آل الخازن وآل حبيش، بطرس الشدياق وابن أخيه منصور، الشيخ مسعد الخوري وابنه الشيخ غندور، مشايخ آل الظاهر الذين هم من بيت الرزّ، مشائخ آل الدحداح. مشايخ جبِّة بشرّي، مشايخ أبناء إدِّه. ثمَّ ذكر البطاركة، من جبرائيل البلوزاويّ حتّى فيلبّوس الجميِّل. وما جرى من أحداث في أيّامهم من المجمع اللبنانيّ حتّى قضيَّة الراهبة هنديَّة. وفي مرحلة ثالثة، عدَّد "مشاهير العلم": "يوسف البانيّ، جرمانوس فرحات، بطرس مبارك، بطرس التولاويّ، يوسف سمعان السمعانيّ...". في فصل رابع، ذُكرت "المجامع التي عقدها رؤساء الموارنة: المجمع اللبنانيّ (1736) وما تبعه من مجامع، وصولاً إلى مجمع بكركي الأوَّل سنة 1790 مع البطريرك يوسف إسطفان. وانتهت هذه المقالة في الكلام عن "بعض أديار الموارنة ومدارسهم وكنائسهم": مار الياس الرأس، دير السيِّدة في ميفوق، مار الياس شويّا، مار الياس الكحلونيَّة. أمّا رهبان مار أشعيا فأسَّسوا دير مار أشعياء، مار الياس غزير، مار عبدا المشمَّر، مار الياس أنطلياس، مار سركيس إهدن، دير عوكر، دير مار يوحنّا القلعة، مار روكس ضهر الحسين، مار بطرس القطّين، مار أنطونيوس بعبدا، مار أنطونيوس البادوانيّ جزِّين، مار إدنا الفتوح... وبدأت المدارس: عينطورة، زغرتا، عين ورقة...

في هذه المقالة الحادية عشرة والتي تليها، بحث المطران يوسف الدبس، فأعطى لمحة واسعة ومفصَّلة عمّا يميِّز تاريخ الموارنة: على المستوى الدنيويّ (الأمراء الشهابيّون، يوسف بك كرم) والعلوم (بطرس البستانيّ، فارس الشدياق، رشيد الدحداح، إبراهيم النجّار) والسلطة الكنسيَّة: البطاركة يوسف التيّان، يوحنّا الحلو، يوسف حبيش، يوسف الخازن، بولس مسعد، يوحنّا الحاج، الياس الحويِّك بطريركنا الآن". وأضاف هنا كراسي المطارين...

لمحة واسعة في "تاريخ الموارنة". ولكنَّه تاريخ يتبع "الكرونولوجيّا" أو توالي الأجيال. بدأ مع مار مارون وصولاً إلى الزمن الذي يعيش فيه الكاتب مع البطريرك الياس الحويِّك. هو وصف يتوسَّع بين قرن من الزمن وقرن آخر. ولكن أين تسلسل الأحداث وما هو الهدف من سردها؟ لا شكَّ في أنَّ المطران الدبس جمع الحجارة الكثيرة، وذكر أسماء الأشخاص والأمكنة، وتوقَّف عند المجامع والأديار والكنائس والمدارس، ولكن ما علاقة كلِّ هذا "بالبيئة الجغرافيَّة وانعكاسات المحيط السياسيّ وتقلُّبات الأوضاع الاقتصاديَّة وتفاعلات العوامل اللغويَّة وتفشّي الآراء الفكريَّة المستحدثة"؟ ذاك ما كان ناقصًا في كتابة التاريخ في محاولة المطران يوسف الدبس. ولكنَّه لم يختلف عن معاصريه، مع أنَّه حاول أن يخطو خطوة بالنسبة إلى سابقيه من مؤرِّخي الموارنة، فأمَّن الإطار الجامع لهذه المعلومات العديدة التي يفتخر بها "المارونيّ".[xxvii]

 

2- القصد الرعائيّ من كتابة التاريخ

تعدَّدت الآراء حول المطران يوسف الدبس وطريقته في كتابة التاريخ. فقال فيه مثلاً سليم خطّار الدحداح، أحد أعضاء الرابطة المارونيَّة: "على كثرة تآليفه، لم يقُم بخدمة كبيرة لتاريخ الموارنة".[xxviii] والدكتور الياس القطّار: "في اعتقادي، لقد جمع الدبس كلَّ ما حرَّرته الأصول والمصادر والمراجع عن مسألة القدّيس مارون وعن تلامذته، ولا أعتقد بأنَّها كُشفت أمورٌ ونقاط أخرى جديدة ومهمَّة من هذا الموضوع، بعد قرن تقريبًا على ما كتبه".[xxix] ولكنَّ هذا الباحث يتساءل عن المراجع التي أخذ عنها، ويعتبر أنَّه لم يَعُد إلى المصادر اللاتينيَّة، مع أنَّه ذكر غيّوم الصوريّ بالاسم والمرجع. أمّا النصوص الفرنسيَّة مثلاً فلا أظنُّ أنَّ أحدًا ترجمها قبله، لا سيَّما وأنَّ سابقيه لم يتوقَّفوا كثيرًا عند علاقة الموارنة بفرنسا. وتبقى المقالتان الحادية عشر والثانية عشرة من بحثه الخاصّ. فماذا نقُص المطران الدبس؟ النهج التاريخيّ الذي عرفناه في القرن العشرين.

أمّا الدكتور جوزف لبكي، فبعد أن ذكر المصادر والمراجع التي استقى منها الدبس، وأشار إلى المعلومات الوافرة في ما دوَّنه المطران الدبس، قدَّم تقويمه فقال:

"هذا الضعف في المنهجيَّة التي اتَّبعها يستدعي إعادة النظر في عدد من استنتاجاته المتسرِّعة. لكن يجب ألاّ ننسى أنَّ هذا العيب المنهجيّ وقع فيه معظم علماء عصره حتّى في الغرب نفسه".[xxx] وواصل كلامه عن الدبس: "وينتمي إلى المدرسة التي تعتمد على سرد الأحداث التاريخيَّة دون تعمُّق كافٍ في دراستها".

وفي مجلَّة الحكمة التي أفردت سنة 1999 عددًا خاصًّا "بمؤسِّس مدرسة الحكمة، المطران يوسف الدبس" كان موقف للدكتور أنطوان قسّيس:

"لم يكن المطران يوسف الدبس.... لاهوتيًّا ومفكِّرًا ومؤرِّخًا وحسب، إنَّما كان صاحب مدرسة تاريخيَّة قلَّما عرفها زمانه أو من عاصره ممَّن كتب باللغة العربيَّة".[xxxi]

آراء متعدِّدة حول "التاريخ" الذي كتبه الدبس. ولكنَّ الهدف الذي توخّاه من خلال هذه الأبحاث العلميَّة الواسعة، تحديد موقع سورية في هذا الخضمِّ العثمانيّ الذي كاد يُفرغ سورية ولبنان وفلسطين من كلِّ هويَّة. ثمَّ تحديد موقع المارونيَّة العائشة في لبنان بشكل خاصّ، ثمَّ في سورية وفلسطين ومصر، بين سائر الطوائف المسيحيَّة وغير المسيحيَّة. لهذا كان العنوان: تاريخ الموارنة المؤصَّل. هي جذور عميقة على المستوى الدينيّ كما على المستوى السياسيّ. من هذا المنطلق نفهم السبب العميق الذي جعل المطران يوسف الدبس يكتب في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ساعة بدأت كلُّ قوميَّة من القوميّات، تبحث عن موقع لها في المجتمع. فما هي هذه الأصول، أو هذه الجذور التي طلبها الدبس في خطِّ الذين سبقوه من علماء موارنة؟

أوَّلاً: الجذور السياسيَّة. أين يبدأ تاريخ الموارنة؟ في قلب لبنان. هو بلد المقاومة منذ البداية. لهذا اهتمَّ الدبس بأن يجمع بين الموارنة والمردة. فجاء عنوان في الجامع المفصَّل (ص 25): "إنَّ هؤلاء المردة كانوا موارنة". وتوسَّع في هذا العنوان فقال:

"إن سطوات الموارنة المارّ ذكرهم وحربهم مع عساكر يوستنيانس التي سنروي أخبارَها، أكسبتهم لقب مردة الذي سمّاهم به المؤرِّخون القدماء المذكورون، وهذا ممّا لا يمتري فيه عالم بالتاريخ: ومُطالع لأقوال المؤرِّخين التي رويناها مترجمة بحروفها، إذ صرَّحوا بأنَّ المردة سكّان لبنان، وخرجوا من لبنان، فاستحوذوا على ما جاوره، وضبطوا مشارف وأعالي لبنان، إلى غير ذلك ممّا يدلُّ صراحة على أنَّ هؤلاء المردة إنَّما هم الموارنة سكّان لبنان وجواره. وإلاّ فمن أين أتى هذا الشعب الغفير الباسل إلى لبنان، ومتى هاجر إليه؟ ولم نرَ في كتب المؤرِّخين القدماء والحدثاء خطَّة تشير إلى مهاجرة شعبٍ أوطانه، وتوطُّنَه في لبنان وجواره، فكان أولئك المسيحيّين المنتمين إلى القدّيس مارون ورهبانه".

ولكن جاء من يرفض هذه المقولة وأوَّلهم الأب هنري لامنس اليسوعيّ الذي اعتبر أنَّ الجراجمة والمردة شعب واحد وجيش واحد، وبالتالي لا علاقة بين الموارنة والمردة.

كتب المطران الدبس هذا الكلام في تاريخ سورية، فردَّ عليه الأب لامنس في مجلَّة المشرق (1902، ص 829-830). فكتب الدبس مقالاً في المشرق (1903، ص 404-413):

"قد أتحفنا "المشرق الأغرّ" في هذه المدَّة بمقالتين. إحداهما للأب هنري لامنس اليسوعيّ، والثانية للأب أنستاس الكرمليّ (المشرق، 1903، ص 301-309) عنوانها المردة أو الجراجمة. وبما أنَّ الغرض من المقالتين هو البحث العلميّ الصرف، كان يقينًا ثابتًا بأنَّ حضرة الكاتبين يتلقَّيان بالمسرَّة الخوض معهما في هذا الميدان".

لم يهتمَّ الدبس كثيرًا بالأب أنستاس. فهو كاهن وحسب، ولا يعرف إلى أين يقوده كلامه. فالمسألة أبعد من مسألة نصوص وأبحاث، بل تتعلَّق بهويَّة شعب كامل. من هذا المنظار نفهم ردَّة فعل الدبس على لامنس، الذي لم يتَّخذ موقفًا بالنسبة إلى هذه المسألة العلميَّة" وقال الدبس: في مقال سابق (المشرق، 1902، ص 914-923) "أيَّدنا كلامنا بثمانية أدلَّة تثبت رأينا في أنَّ المردة اسم للموارنة في القرن السابع".

ماذا قال الدبس في مقاله السابق؟

"قالت أبوَّتك (الأب لامنس) الجليلة في مسألة المردة وظهورهم بغتة في لبنان وخروجهم منه: ذهب العلماء فيها إلى مذاهب شتّى، وأنَّك لا تبدي فيها رأيًا، بل تترك لقرّائك أن يصوِّبوا الرأي الذي يرونه أصحّ وأثبت". ويقدِّم الأدلَّة:

الدليل الأوَّل: الاعتماد على ما قال علماؤنا ومؤرِّخونا. الدليل الثاني: قال لامنس: هؤلاء المردة اندثروا بسرعة. وجواب الدبس: هم لبثوا في لبنان، لأنَّهم جزء من موارنته. الدليل الثالث: المردة هم تجاه الفئة الملكيَّة. الدليل الرابع: ماذا يفعل ثلاثة علماء يذكرهم لامنس تجاه العدد الكبير "من فطاحل العلم؟" الدليل الخامس: قال الأب لامنس إنَّ المردة دخلوا[xxxii] إلى لبنان. أمّا المطران الدبس فقرأ النصّ اللاتينيّ عند الأب مين: "في هذه السنة خرج المردة[xxxiii] من لبنان، فضبطوا كلَّ ما كان من جبل الأسود إلى المدينة المقدَّسة". ولكنَّ الدبس يدافع عن "دخلوا" فيعتبر أنَّ المردة الذين كانوا خارج لبنان "في حماة حيث كان مركزهم الدينيّ"، دخلوا إلى لبنان. الدليل السادس: قال لامنس بوجود الكثيرين من العبيد والأسرى والوطنيّين. فأجاب الدبس: هذا يعني أنَّ المردة لم يكونوا من الأغراب. الدليل السابع، مع أنَّهم رُحِّلوا عن هذه البلاد كعسكر لبثوا موجودين فيها، ممّا يعني أنَّهم منها. والدليل الثامن: لا اتِّفاق على أصل المردة.

هذا الدليل الثامن مهمٌّ جدًّا، لأنَّه يربط الموارنة بغياهب التاريخ، فيتجذَّرون عميقًا في هذه الأرض. ونحن لا نعجب من ذلك والمدن القديمة تبني أساساتها على "الأسطورة". فرومة جعلت أساساتها في طروادة اليونانيَّة الأيونيَّة بواسطة إينيه الذي جاء من الشرق إلى الغرب.

ثانيًا: الجذور الكنسيَّة. كلُّ كنيسة تحاول أن تتأسَّس على أحد الرسل أو أقلَّه على الشهود الأوَّلين للمسيح. فكنيسة الإسكندريَّة تستند إلى مرقس، والقسطنطينيَّة إلى أندراوس، ورومة إلى بطرس وبولس، وأنطاكية إلى بطرس، وأفسس إلى يوحنّا وتيموتاوس. والموارنة؟ استندوا في البدء إلى أنطاكية، ولبثوا على هذا الاستناد إلى أيّامنا، فدعوا الكنيسة الأنطاكيَّة السريانيَّة المارونيَّة. ولكن ماذا بقي من أنطاكية ومن الكنائس التي ارتبطت بها، وهي مبعثرة مفتَّتة أشلاء، موزَّعة بين الشرق والغرب؟

حينئذٍ تطلَّعوا إلى رومة حين أتيح لهم الاتِّصال بها، ولا سيَّما مع الوجود الصليبيّ. وفي هذا المجال رفضوا قول غيّوم الصوريّ الذي أشرنا إليه، قال المطران الدبس في الجامع المفصَّل (ص 133):

"إنَّ كلام غوليلمس هذا يتضمَّن أمرين. الأوَّل، أخبارُه عن تسكُّع الموارنة خمس مئة سنة في الضلال تبعًا لمارون المبتدع وانعقاد المجمع السادس لنبذ ضلالهم وحرمه لهم. والثاني خبره عن ارتجاعهم على يد إيميريكس بطريرك أنطاكية. فالأوَّل كاذب بجملته، والثاني صادق في بعض الموارنة، لا كلّهم. وهناك البيان الأوَّل: إنَّ غوليلمس يقول: إنَّ المجمع السادس عُقد ضدَّ الموارنة (كما هي حرفيَّة العبارة) وأنَّه حرمهم. فنراهن كلَّ من شاء على أن يبيِّن لنا كلمة أو إشارة في النصِّ اليونانيّ لهذا المجمع أو ترجمته اللاتينيَّة القديمة، تُشعر بأنَّ هذا المجمع عُقد ضدَّ الموارنة أو أبان بأنَّه حرمهم".

ثمَّ قدَّم الدبس استشهادًا "برسالة البابا إينوشنسيوس الثالث الموجَّهة إلى بطريرك الموارنة وأساقفتهم والشعب المارونيّ يولي فيه البابا البطريرك جميع حقوق البطريركيَّة الأنطاكيَّة من خضوع المطارنة له، واستعمال الباليوم درع اكتمال الخدمة الحبريَّة "على مألوف العادة". وأضاف قداسته: "ونثبِّت لك ولمن سلفوا قبلك في الكنيسة الأنطاكيَّة إلى الآن ونهبها لك ولخلفائك بالسلطان الرسوليّ".[xxxiv]

ثالثًا: الجذور العقائديَّة. علاقة الموارنة بالمونوتيليَّة أو أصحاب المشيئة الواحدة. نبدأ فنقرأ ما دوَّنه الأسقف الملكيّ على صيدا، بولس الأنطاكيّ:

إنَّ فرق النصارى المتعارفة في وقتنا هذا أربع فرق، وذلك ملكيَّة ونسطوريَّة ويعاقبة وموارنة".[xxxv] ثمَّ حدَّد الموارنة: "وأمّا الموارنة، فيعتقدون أنَّه أقنوم واحد إلهيّ. وطبيعتان، طبيعة إلهيَّة وطبيعة بشريَّة، وفعل واحد إلهيّ، ومشيئة واحدة إلهيَّة".[xxxvi] أبدأ أنا فأطرح السؤال: كيف عرف بولس الأنطاكيّ المورانة، وهل استند بشكل خاصّ إلى الكفرطابيّ؟ أو إلى "مؤلَّفات القدّيس يوحنّا مارون"؟

وماذا كان جواب المطران الدبس: أوَّلاً، براءة القدّيس مارون الناسك من هذه البدعة التي ظهرت بعده بمئتي سنة ونيِّف (ص 71). وإذا كان البابا بناديكتس الرابع عشر "أثبَّت قداسة مارون الرئيس" (ص 75)، فماذا نقول بعد ذلك؟ ثمَّ نشر الدبس رسالة كتبها قداسته إلى الأب نيقولاوس مركاري كاتب مجمع نشر الإيمان، هذه ترجمتها عن كتاب براءته (مجلَّد 4، ص 64، عن طبعته في رومة سنة 1758). والمناسبة: الأخ المحترم كيرلُّس بطريرك الروم الملكيّين مزَّق صور القدّيس مارون المطبوعة في رومة، وأعلن أنَّه لا يجوز إحصاؤه بين القدّيسين، لأنَّه عاش أرتيكيًّا...". وتابع النصّ البابويّ: ... اغتظنا أشدَّ الاغتياظ ممّا فعله الأخ المحترم كيرلُّس البطريرك بجسارة وعلى غير رويَّة، وكأنَّه أراد أن يتباهى بعمله وخبرته..." (ص 75-76).

ولا مجال هنا لذكر الجدال القاسيّ بين المطران يوسف الدبس، والمطران أقليمس يوسف داود،[xxxvii] بل نكتفي بذكر مقدِّمة المطران داود عن الموارنة:

"فإنَّهم، مع علمهم بكثرة النفقات والأتعاب والمشقات التي تكلّفها الكرسيّ الرسوليّ الرومانيّ المقدَّس في الأحقاب الماضية على يد رهبانه ورسله وقصّاده لنشل تلك الطائفة من وهدة الضلال الذي كانت فيه يومًا وتثقيفها وتثبيتها في محجَّة الإيمان المستقيم، أنكروا ذلك وزعموا أنَّ أجدادهم تثبَّتوا في كلِّ الأجيال والقرون على الديانة الصحيحة وعلى طاعة الكنيسة الرومانيَّة أمِّ الكنائس الكاثليكيَّة دون سائر الطوائف الشرقيَّة، وأنَّهم لم يحتاجوا قطّ إلى من يهديهم ويرشدهم من الغرباء، وأنَّهم قد كانوا في كلِّ جيل وعصر بين سائر الطوائف النصرانيَّة الشرقيَّة مثل الورد بين الشوك، فهذا الزعم، فضلاً عن أنَّه مهين للكنائس المسيحيَّة الشرقيَّة، التي في الأعصار الماضية نبغ فيها الملافنة الجليلون وأولياء الله الأطهار والعلماء الماهرون في كلِّ فنٍّ وكلِّ باب، فهو لا يخلو من أن يوجب عدم الشكر والكفران بما للكنيسة الرومانيَّة الفضل العظيم على الأمَّة المارونيَّة".[xxxviii]

ماذا ننتظر أن يكون جواب المطران الدبس في الدفاع عن الطائفة المارونيَّة؟ وفي أيِّ حال، ستكون رومة بجانب مطران بيروت وتفرض على المطران داود التراجع عن هجماته والاعتذار.

والجواب الأخير للدبس: "فمنذ نشأة بدعة المشيئة الواحدة في القرن السابع حتّى القرن العاشر، لا نجد خطَّة في مجمع أو في إحدى رسائل الأحبار الأعظمين أو في أحد كتب المؤلِّفين تشير إلى أنَّ مارون أو يوحنّا مارون أو الموارنة كانوا من المبدعين، أو تابعوا على بدعة، بل نرى المجامع والأحبار الأعظمين والمؤرِّخين البيعيّين ذكروا كلَّ بدعة وبيَّنوا من ابتدعها..."

 

الخاتمة

ذاك الذي درس سنتين في عين ورقة، فأتقن على أثرها وبعد جهد شخصيّ اللغتين اللاتينيَّة والإيطاليَّة، ذاك الذي درس اللاهوت، لا في المعاهد، بل على يد الآباء الكرمليّين في طرابلس، ذاك الذي لم يمضِ إلى الجامعات في لبنان ولا في خارج لبنان، وصل إلى درجة من العلم جعلته يقابل عالمًا يسوعيًّا مثل الأب هنري لامنس وينتهي النقاش بينهما على مستوى المحبَّة. ذاك الذي عرف الفرنسيَّة والسريانيَّة إضافة إلى العربيَّة، فامتلك السلاح الذي به يخوض غمار التاريخ فيصبح تاريخ سورية والجامع المفصَّل ينبوعين يستقي منهما الكثيرَ ابنُ القرن العشرين. اهتمَّ بالعلم فكان العالم وأسَّس المدرسة والجامعة، ولكنَّ المنهجيَّة التي نعرفها اليوم لم تصل إليه، فجمع المعلومات وكدَّسها وقدَّمها في شكل اعتاد عليه عصره والعصور التي سبقته. ولكن يبقى له منهجه الخاصّ الذي فيه تفوَّق على الذين سبقوه من الموارنة. وما كان المؤرِّخ فقط، بل كان اللاهوتيّ الذي عرف مثلاً أنَّ المشيئة ترتبط بالطبيعة، وأنَّه إذا كان في المسيح طبيعتان، كما يقول الموارنة، فلا يمكن أن يقول بمشيئة واحدة هي المشيئة الإلهيَّة. كلُّ هذا استعمله من أجل شعبه فيعرفون جذورهم السياسيَّة والكنائسيَّة والعقائديَّة، ويفتخرون بما لهم من الآباء والأجداد، ويفهمون مسؤوليّاتهم في الآتي من الأيّام. ذاك ما أراد أن يقوله لنا ذاك الذي يُعتبَر أكبر شخصيَّة مارونيَّة في القرن التاسع عشر.

الجديد التربوي والثقافي للمطران يوسف الدبس

الخوري ناصر الجميل

مقدِّمة

لا يسهلُ علينا فهمُ أبعاد الدور التربوي والثقافي الذي قام به المطران يوسف الدبس، وتقديرُه حقَّ قدره، إلاَّ إذا وضعناه، أوَّلاً، في سياق مسيرة تطوُّر الحركة الثقافيَّة في بيروت في خلال القرن التاسع عشر؛ وثانيًا، إلاَّ إذا اعتبرناه من ضمن سياق التقليد التربويّ والثقافيّ للكنيسة المارونيَّة منذ القرن السادس عشر. فجميع الخبرات التربويَّة، منذ عهد المدرسة المارونيَّة الرومانيَّة، وما نتج عنها من مبادلات ثقافيَّة بين الشرق والغرب، مرورًا بالمجمع اللبناني الذي وفَّر المبادئ الأساسيَّة للتربية والتعليم التي دخلت في ذهن المسؤولين من مثل أنَّ التعليم يجب أن يبدأ في الصغر، ويجب أن يُصبح إلزاميًّا وقريبًا من المجَّاني، تدلُّ على أنَّ الكنيسة تتحمَّل المسؤوليَّة الكبرى في تنظيم التعليم لشعبها والاهتمام بقضاياه الكبرى.

سيستفيد المطران الشاب يوسف الدبس في بداية أسقفيَّته من جميع هذه المعطيات. فهو ابن بيئته، ومتشبِّعٌ من التاريخ الماروني، ومُدركٌ للدور النهضوي الذي لعبه الموارنة عبر تاريخهم، وخصوصًا لمَّا تبنَّوا قضيَّة الكنيسة الرومانيَّة في مناهضتها البروتستانتيَّة، في الشرق والغرب وفي أيِّ مكان، منذ أواخر القرن السادس عشر، ولمَّا دخلوا في المشروع الثقافي أو مشروع الحداثة الذي كرَّسته البابويَّة، والذي سانده نظام الإمتيازات الفرنسي. كلاهما شكَّلا مدخلاً لعودة أوروبَّا إلى الشرق، المسيحي والمسلم، بعد انحسار الصليبيِّين، ومنفذًا للولوج إلى عمق أعماق السلطنة العثمانية.

سأكتفي في هذه المداخلة بالتوقُّف سريعًا، في مرحلة أولى، عند التبدُّل العمراني والديمغرافي والاقتصادي والاجتماعي الذي عرفته مدينة بيروت في خلال القرن التاسع عشر. لا شكَّ في أنَّها، في هذا القرن، ستُصبح مخزنًا للثقافات وعاصمة فكريَّة فريدة، اختمرت فيها التيَّارات الفكريَّة التي رفدتها من العواصم الغربيَّة ومن محيطها العثماني.

وفي مرحلة ثانية، سأحاول أن أُبرز الجديد الذي أتى به المطران يوسف الدبس وهو يندرج في سياق مسيرة الكنيسة المارونيَّة التربويَّة والثقافيَّة.

 

1 - التبدُّل العمراني والديمغرافي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي عرفته مدينة بيروت في خلال القرن التاسع عشر:

أ - في منتصف القرن التاسع عشر، صارت بيروت مدينتين: بيروت القديمة داخلَ السور، الذي له ثمانيةُ أبواب: (باب ادريس، باب السراي، باب يعقوب، باب الدركه، باب الدبَّاغة، وباب السمطيَّة، وباب المصلَّى...؟). يومها، أي في الثلث الأوَّل من القرن التاسع عشر، كان لا يتجاوز عدد سكَّانها الخمسة آلاف نسمة. وبيروت الجديدة، خارج السور. فنتيجةً لاستقرارها السياسي والاجتماعي، وازدهارها التجاري إذ غدت بوَّابةَ عبور إلى الشرق، اتَّسعت ضواحيها، وصارت مركز جذب ودَفْع سُكَّاني متواصل، نظرًا لسهولة الانتقال إليها. وأضحت أيضًا مركزًا لتجارة الحرير وسائر منتجات الجبل ومستودعًا للمحصولات. الأمر الذي أدَّى إلى نشوء فئة من التجَّار المحليِّين، معظمهم من المسيحيِّين نعموا بالإعفاءات الجمركيَّة نتيجة علاقاتهم مع بعض وكلاء القناصل.

ولا عجب في أن تغدو بيروت، في خلال الحكم المصري (1831-1840)، المدينةَ المفضَّلةَ أيضًا لإقامة الأجانب وهدفًا لحجَّاج الأراضي المقدَّسة؛ لأنَّه ساد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، بالإضافة إلى التسامح الديني، محقِّقًا فكرة المساواة القانونيَّة في الحقوق والواجبات بين سائر الطوائف على صعيد الحكم والإدارة والجيش.

 

ب - أمَّا على صعيد الديانات، كانت دعوة بيروت أن تكون دومًا مدينة كوسموبوليتيَّة، تحتضن الديانة اليهوديَّة والمسيحيَّة والإسلاميَّة، التي كانت تخضع جميعُها لحكم عثماني إسلامي حيث كان المسلمون يتمتَّعون بامتيازات اجتماعيَّة (شملت طريقة عيشهم وملابسهم وعاداتهم كركوب الخيل واعتمار العمامة البيضاء، ومنح الألقاب)، وبامتيازات إداريَّة وقضائيَّة، في حين خضع الذِّمِّيُّون لنظام الجزية لقاء حمايتهم في حياتهم وأموالهم وحرِّيَّاتهم الدينيَّة.

المفرق الكبير: وأتت أحداث 1860 لتضيف إلى بيروت مجموعات كبيرة من النازحين من سكَّان المناطق الجبليَّة ومن دمشق، معظمُهم من المسيحيِّين الأمر الذي أحدث تغييرًا في بنيتها الديمغرافيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة؛ فتضاعف عدد سكَّانها حوالي ثلاث مرَّات تجاوزت ضعفي عدد المسلمين فيها، في حين كانوا يتساوون مع المسيحيِّين في العهد المصري.

وفي العام 1875 كان قد بلغ عدد سكَّان بيروت ثمانين ألفًا، ستُّون ألفًا من المسيحيِّين، بينهم حوالي العشرة آلاف ماروني. يشير القنصل الفرنسي في بيروت بنتيفوليو (le Comte Bentivoglio)، في السابع من حزيران 1860، في رسالة إلى وزير خارجيَّة فرنسا توفنيل (Thouvenel) إلى "أنَّ الخبز قد أصبح غاليًا جدًّا، وشُلَّت الحركة التجاريَّة، وأصبحت النقود نادرة؛ وإذا ما استمرَّت الحال على ما هي عليه فإنَّ المدينة سوف تقع في أزمة اقتصاديَّة"[1][1].

 

أختصر بعض الاستنتاجات

- بعد منتصف القرن التاسع عشر، نعمت بيروت بموقع استراتيجي، اقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا.

- ظلَّت مدينة مفتوحة على المحيط الاجتماعي المركَّب من فسيفساء شعوب وخليط أعراق وديانات.

- حافظت بيروت على هدوء ملحوظ وبقيت بمنأى عن الصدامات الطائفيَّة التي حدثت في الجبل وفي الشام.

 

في هذه الأجواء، كان من الطبيعي أن يترافق ذلك النمو وتلك المتغيِّرات مع انتشار المدارس الأجنبيَّة والعثمانيَّة والأهليَّة، فيبدأ الشرق بالخروج من الحالة البدائيَّة والمتخلِّفة ويرقى بمداركه إلى عصر النهضة. وبعد أحداث 1860، ستنتقل إلى بيروت رياح هذه النهضة وستُصبح مدينة العلم والمدارس في أقل من ثلاثين سنة. فالتعليم الطائفي الذي أفاد من "نظام الامتيازات الأجنبيَّة ونظام الملل العثماني" أسهم بتنوُّع الاتِّجاهات الثقافيَّة لدى الطوائف التي سعى رؤساؤها إلى إنشاء مدارس وفق أنظمة خاصَّة بهم، واختاروا لها لغة التدريس. وهكذا ظهر واقع تعليمي طائفي تجلَّى بقيام:

* مدارس تبشيريَّة أجنبيَّة ارتبطت بدولها مادِّيًّا ومعنويًّا ونهجًا تعليميًّا وتوجُّهًا فكريًّا، بعيد عن المراقبة الفعليَّة.

* مدارس طائفيَّة مسيحيَّة محليَّة ارتبطت بطائفة معيَّنة، خاضعة شكليًّا لقوانين التعليم العثمانيَّة، قانون 1856 ونظام المعارف العموميَّة سنة 1869؛ وفي الوقت عينه مدعومة من الدول الأجنبيَّة ومرتبطة بمناهجها التعليميَّة إلى حدٍّ بعيد. واقتصر تلامذتها على المسيحيِّين فقط إذ أحجم المسلمون عنها في بداية الأمر.

* مدارس إسلاميَّة عثمانيَّة وأخرى محليَّة. وكان القانون العثماني قد جعل المدارس على نوعين: مدارس عموميَّة تابعة للحكومة، ومدارس خصوصيَّة تُرك أمر تنظيمها للأفراد والجمعيَّات الطائفيَّة، على أن تستحصل هذه المدارس على ترخيص رسمي من "نظارة المعارف"، وتخضع للرقابة. ولم يكن هذا القانون يسمح بالتعليم المختلط.

 

ج - ورويدًا رويدًا بدأت بيروت تنفتح على التعليم الإرسالي الذي كان من بداياته مظهرًا من مظاهر الصراع بين الدول الأجنبيَّة حول بسط النفوذ والهيمنة السياسيَّة. وأتى من يعتبر أنَّ أفضل وسيلة للوقوف بوجه الجماعات البروتستانتيَّة هو الإقدام على فتح المدارس. مدرسة بمواجهة مدرسة.

 

2 - الجديد الذي أتى به المطران يوسف الدبس في سياق مسيرة الكنيسة المارونيَّة التربويَّة والثقافيَّة:

 أقفلت المدرسة المارونيَّة الرومانيَّة، كما تعلمون، بعدما احتلها جنود نابليون بونابرت، وحلَّت محلَّها وظيفيًّا إكليريكيَّة عين ورقة منذ العام 1789. لكنَّها لم تكن تفي بحاجات الكنيسة المارونيَّة والمجتمع، الأمر الذي دفع بمجمع اللويزة الثاني (1818) إلى تأسيس مدارس إكليريكيَّة على شبهها معتمدًا لها القوانين ذاتها، عنيت: مدرسة مار جرجس الروميِّة، ومار يوحنا زكريت، ومار يوحنا مارون، صربا، وتثبيت المدارس الأخرى أي مدرسة مار سركيس وباخوس ريفون، ومار عبدا هرهريَّا وسواها. أضف إلى ذلك مدارس الرهبانيَّات المارونيَّة التي كانت منتشرة في الجبل اللبناني، وهي كثيرة، لكنَّها ابتدائيَّة وتُعنى خصوصًا بمحو الأميَّة من بين الشعب الزراعي. وكان المستوى العالي فيها يتوقَّف عند قراءة رسائل مار بولس والمزامير. بعضهم يدرِّس السريانيَّة والأجروميَّة (القواعد العربيَّة).

والتعليم هو ذاته في المدارس الرهبانيَّة. فالذين يُختارون للكهنوت يدرسون اللاهوت بكتاب الأب أنطوين، مدَّة سنتين أو ثلاثة. وبالكاد كانوا يستطيعون قراءة فرضهم الديني (شبيَّتهم)[2][2].

أمَّا مدارس المرسلين اللاتين: اليسوعيُّون، واللعازاريُّون، والكبُّوشيُّون، والكرمليُّون والفرنسيسكان... فلم تكن أحسن حالاً. فمدارسهم في النصف الأوَّل من القرن التاسع عشر كان ضعيفة وغير فاعلة على الساحة المارونيَّة. والتقارير المرسلة إلى الغرب تعرض الحالة التعيسة التي كانت تعصف بهذه المدارس التي، مع كونها مهَّدت لطلاَّبها الإلمام باللغات الأجنبيَّة والتعرُّف على علوم الغرب، كانت تعتبر أنَّ العلم يقتصر على قراءة اللغة العربيَّة والكتابة بها.

إنَّ حالة الجهل هذه، مع كلِّ المبالغة التي تحملها، هي صحيحة نسبيًّا. وإذا كان التعليم قد انتشر بين الموارنة في الجبل اللبناني وفي حلب، ففي بيروت كان تأثيره ضعيفًا عليهم لعدم وجودهم الكثيف. فمدارس الإرساليَّات، كاثوليكيَّة وبروتستانتيَّة وغيرها وحدها كانت نشأت لكنَّها كانت هدفًا لسهام النقد الشديد، وحُسبت محاولة لتغيير العقيدة، واتُّهمت بإهمال اللغة العربيَّة وجغرافيا بلدان الشرق الأدنى وتاريخها مع العناية باللغات الأجنبيَّة وجغرافيا البلدان الأجنبيَّة وتاريخها. وكانت تحت الحكم العثماني محميَّة بنظام الامتيازات الأجنبيَّة ومتمتِّعة بقوانينها الذاتيَّة إلى حدٍّ كبير.

وربَّ معترض يسأل: وعين ورقة أم مدارس سوريَّا ولبنان؟ - فهذا صحيح. خبرتها رائدة لأنَّه بدأ معها بدأ التعليم العالي، في لبنان والشرق، بإدارة مارونيَّة، أي التعليم المنظَّم بحسب المنهج الروماني المتأثِّر بالنهج اليسوعي: لغات متعدِّدة، مستوى متدرِّج، ونتاج أدبي وديني رفيع، وعدد كبير من الطلاَّب يوازي جميع أعداد تلامذة المدرسة المارونيَّة الرومانيَّة على مدى قرنين. لكنَّ عين ورقة كانت مدرسة إكليريكيَّة، يُسهم في مصاريفها البطريرك وأساقفة الطائفة، وتُنشِّئ الكهنة للكنيسة المارونيَّة جمعاء. ولم يلتحق بها بعضُ العلمانيِّين إلاَّ في مرحلة متأخِّرة. 

جديد الحكمة، أوَّلاً، مع المطران يوسف الدبس، تلميذ عين ورقة، هو أن التعليم سيتوجَّه مباشرة إلى العلمانيِّين؛ نقول بلغة اليوم، لعامَّة الشعب، لا بل لليتامى ولغير الميسورين. ولم يكن للإكليريكيِّين إلاَّ نسبة ضئيلة جدًّا جدًّا. وسيكون ثانيًا، في بيروت، حيث لا مدرسة للموارنة. لقد وظَّف الدبس جهده في بيروت، وليس في الجبل عرين الموارنة آنذاك، ومصدر عيشهم المرتكز على الزراعة. في بيروت القرن التاسع عشر، أنت في بلد آخر، قانونيًّا وعلائقيًّا. في بيروت أنت بمنافسة مع فرقاء آخرين، وعليك أن تبدِّل نهجك، وعليك أن تتحمَّل المصاريف وتتدبَّر أمرك.

 

الوقائع: لمَّا تسلَّم يوسف الدبس أبرشيَّة بيروت، كان بعمر لا يتجاوز الثمانية والثلاثين سنة. يومها أتَّخذ شعارًا حافظَ عليه طيلة أسقفيَّته، يتلخَّص بنشر الدين والعلم. لم يكن ما قام به، إذًا، غير هادف، بل كان، للتصدِّي للبروتستانت الذين أتوا إلى بلادنا عاتبين على الكنائس الشرقيَّة لأنَّها، في ظنِّهم، لم تحسن الشهادة المسيحيَّة؛ فبدأوا يقتنصون النخبة: أمثال بطرس البستاني وسواهم من سائر الطوائف المسيحيَّة الذين اتَّصلوا بالمرسلين وتعاونوا معهم تعاونًا لافتًا. ثمَّ أنشأوا معهدًا للدراسة سيصبح اسمه فيما بعد الجامعة الأميركيَّة، وأسَّسوا أيضًا مدرسة لتعليم الطب، وتميَّزوا عن سائر المرسلين وجذبوا إليهم العديدين.

فكان التحدِّي على المطران الجديد، أن يحتاط للأمر ويثبت وجوده. فالقسم الجبلي من الأبرشيَّة تدفَّق إلى بيروت طلبًا للأمان والعمل بعد أحداث العام 1860، وكان عليه هو، بدافع رعويّ، أن يهتمَّ بأبناء أبرشيَّته. وقيل فيه، آنذاك، أنَّه أوقف البروتستانتيَّة على عتبة المنـزل ولم يدعها تدخل.

ولكن من أين المال؟ باع من الخواجة يوحنا فريج معملاً للحرير بمئتي ألف قرش، كان قد شراه سلفه المطران طوبيَّا عون وجعله مدرسة تمهيديَّة. ومئتا ألف قرش تركي أخرى دفعها يوسف سرسق ثمن نصف قرية كفريَّا. الدبس باع بعض أملاك الجبل ووظَّفها في بيروت. وجمع أيضًا مئتي ألف قرش من الإحسانات الأوروبيَّة (بلجيكا، إنكلترا) ومن فرنسا الكاثوليكيَّة) على يد لويس زوين ويوسف الزغبي. ولم يكلِّف أحد من أبناء أبرشيَّته دفع بارة واحدة[3][3]. واستمرَّت المساعدات تتدفَّق إليه، سنة بعد سنة، من الجمعيَّات الفرنسيَّة ومن أصدقائه، سيِّدات نانسي وجمعيَّة لانغر (Langres).

 معهد الحكمة هذا، الذي عُرف بمدرسة المطران، سنة 1875، في السنة ذاتها التي شهدت نزول اليسوعيِّين من غزير إلى بيروت، بدأ مدرسة داخليَّة، ونصف داخلي، وخارجي. كان بإمكانه أن يتَّسع لـ300 تلميذًا. و20 إكليريكيًّا. وأقام المطران بجانبه ميتمًا مهنيًّا.

 درَّس العربي/ والفرنسي/ والسرياني/ واللاتيني/ والإنكليزي/ والتركي. لكنَّه أتقن اللغة العربيَّة على يد معلِّمين جهابذة أمثال المعلِّم عبدالله البستاني. والمعلِّم بطرس البستاني نفسه، صاحب "دائرة المعارف"، الذي كان قد أنشأ المدرسة الوطنيَّة إثر أحداث 1860، في زقاق البلاط، كمدرسة وطنيَّة علمانيَّة لا طائفيَّة، هزَّه النهج الدبسي، أقفل مدرسته ودمجها بالحكمة عندما قامت، وانتظم في عداد معلِّميها.

 

تعليم المرأة: وإذا كان المطران يوسف الدبس لم يهتم بتعليم المرأة مباشرة، لكنَّه عوَّض عن ذلك باستقدام راهبات فرنسيَّات، وأوكل إليهنَّ إدارة مدرسة داخليَّة للبنات.

 

خاتمة

هذا لم يمنعه من البدء بعمل عمراني جبَّار له تداعياته على تثبيت الهويَّة المارونيَّة في ولاية بيروت آنذاك وفي تفعيل الحضور الماروني: فبنى الكنائس الضخمة والجميلة، أمثال كاتدرائيَّة مار جرجس وكان فخورًا بها لأنَّها كانت الأجمل في كلِّ سوريَّا.

واستعمل المطبعة كوسيلة إعلاميَّة أوَّليَّة للتأثير ونشر من خلالها مواعظه، ومحاضراته، وخطبه، وأفكاره العقائديَّة، والأخلاقيَّة، وكتبه اللغويَّة، والتاريخيَّة، والمؤلَّفات التي كان يصحِّحها.

وحسبي أن أختم بما جاء في قصيدة "ثمار الحكمة" للشاعر بولس سلامه في ذكرى المؤّسس:

"بنى الدبسُ صرحًا للمعارف بازخًا              فكان لأهل العلم كهفًا موطدًا

وكان لأبناء الطوائف كلِّهم                      سواءً ليوحنَّا وموسى وأحمدا

وكم قام في بيروتَ للعلم معلَمٌ           ففي كلِّ صوبٍ قام للعلم منتدى

فكانت لرفع العلم أسماءُ فاعلٍ                   وكنتَ لها يا معهدَ الدبس مبتدا".

 

المصادر والمراجع

1 - أرشيف جمعيَّة انتشار الإيمان، في باريس وليون.

2 - Les Annales de la Propagation de la Foi

3 - Bulletin de l'Association de Saint Louis des Maronites

4 - Les Annales de la Mission Lazariste

5 - الخوري ناصر الجميِّل، تاريخ التعليم في لبنان، (قيد الإعداد).

6 - منصور الزايك، الحكمة، تأسيسها وأثرها الثقافي والتربوي، رسالة كفاءة، كليَّة التربية، الجامعة اللبنانيَّة، بإشراف الدكتور فؤاد افرام البستاني، حزيران 1980، غير منشورة.

7 - علي محمَّد حويلي، التطوُّر الثقافي لمدينة بيروت، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه اللبنانيَّة في التاريخ، بإشراف الدكتور مسعود ضاهر، بيروت، 1990 (غير منشورة).

8 - الخوري بولس الفغالي، المئويَّة الأولى لوفاة المطران يوسف الدبس، سيرته ومؤلَّفاته، في مجلَّة المسرَّة، 888، (2007)، صفحة 497-550.

9 - عادل اسماعيل، الوثائق السياسيَّة الفرنسيَّة، المجلَّد العاشر، صفحة 178 (بالفرنسيَّة).

بعض رسائل من المطران يوسف الدبس رافقت تأسيس مدرسة الحكمة

 

في رسالة إلى الكونت دي غاريت (Monsieur le Comte F. des Garets)، رئيس جمعيَّة انتشار الإيمان الفرنسيَّة، في 18 تشرين الثاني 1875، موجودة في مكتبة الأعمال الحبريَّة الإرساليَّة، في باريس، يقول ما يلي:

 

 « Beyrouth le 18 Novembre 1875

Monsieur le Comte,

J'aurai dû vous écrire aussitôt mon arrivée dans ma métropole pour vous exprimer mes sentiments de profonde gratitude du bienveillant accueil que vous m'avez accordé. Mais j'ai été tellement débordé par les visiteurs et occupé aux affaires du nouvel établissement, que j'ai été obligé de différer de quelques jours l'honneur de m'entretenir avec vous.

Ainsi entouré par mes chères ouailles et malgré toutes mes occupations, je ne cesse de parler de votre noble et cher pays, de cette France bien-aimée que les Maronites portent dans leurs cœurs. Autrefois les relations entre l'Orient et l'Occident étaient, si ce n'est impossible, au moins sont difficiles. Maintenant les voyages s'accomplissent comme par enchantement, et nos populations, jadis attachées au nom français par leurs traditions, deviennent aujourd'hui comme de véritables Français, par l'éducation qu'ils donnent à leurs enfants, par votre langue que plusieurs jeunes gens connaissent mieux que leur langue maternelle. C'est vous dire, Monsieur le Comte, que le Collège que j'ai fondé avec de grands sacrifices, flatte beaucoup l'amour propre de nos pères de famille. Malheureusement l'ouverture a eu lieu dans des circonstances on ne peut plus difficiles et précaires. Le choléra qui a sévi dans presque toutes les grandes villes de la Syrie, la baisse inouïe des soies, seule ressource de nos propriétaires, réduites à la moitié de leurs valeurs d'il y a quelques années, et enfin la débacle des valeurs turques au point d'émouvoir tous les marchés d'Europe et de diminuer singulièrement les crédits du commerce en Orient, tout cela n'est certes pas encourageant pour moi. Cependant je ne m'arrête point puisque dès le début, j'ai réussi, grâce au Ciel, à arracher aux mains des Protestants plusieurs jeunes gens qui viennent de quitter leurs institutions pour venir achever leurs études chez moi. Veuillez juger s'il est permis devant des besoins aussi urgents d'hésiter à faire des concessions quelques pénibles qu'elles puissent être, car la plupart des parents tout dépourvus de moyens et ne peuvent payer la modique pension de 300 francs.

Ajoutons à cela que les constructions sont encore loin d'être achevées ; un modeste ameublement commençait à peine à se faire lors de mon retour, et nous avons dû pour cela contracter de nouvelles dettes. Personne, Monsieur le Comte, n'aurait le droit de me taxer de témérité, je n'ai fait qu'exécuter les ordres formels de Rome à mon prédécesseur pour l'érection d'un collège maronite devenu indispensable devant les empiètements des protestants. Ces ordres ont été réitérés à notre vénéré Patriarche de la part de S. E. le Préfet de la Propagande en date du 20 mars 1865. Or j'espère dans la divine providence qui prévoira à tout. Je comte également sur votre précieuse sollicitude pour le bien et sur vos promesses à plaider notre cause devant les honorables membres de votre conseil pour m'obtenir des subsides en proportion de l'importance de mon entreprise, et en faveur des enfants pauvres devenus si nombreux, même chez les familles les plus respectables, autrefois les plus aisées.

J'aurai pu, Monsieur le Comte, vous écrire plus longuement à ce sujet en donnant à cette missive la forme d'un mémoire, mais je ne veux pas abuser de votre bienveillance en la fatiguant par un long plaidoyer, d'autant plus que vous possédez entre vos mains la brochure que j'ai publiée, ce qui doit exclure de ma part des détails superflus.

Je ne vous adresse pas non plus ma lettre par l'entremise du délégué apostolique qui n'est pas encore nommé, mais j'aime à espérer que votre religion a été suffisamment éclairée par les lettres de recommandation que j'ai eu l'avantage de vous présenter moi-même de la part de son Eminence le cardinal Franchi ; aussi c'est ce qui m'a valu la promesse que vous avez daigné me faire.

Veuillez agréer d'avance, Monsieur le Comte, mes respectueux remerciements, l'union de mes prières et de ma bénédiction épiscopale ».

 

II

 

Laissons Mgr DEBS, archevêque de Beyrouth, nous dire lui-même ce qu'il a fait, en reproduisant une lettre qu'il nous avait demandé de faire publier dès la fin de l'année 1876:

 

« Il y a quelques années, la Sacrée Congrégation de la Propagande, voyant combien les protestants et d'autres ennemis de notre sainte foi, par leurs écoles, leurs imprimeries et leurs puissantes sociétés, travaillent à égarer nos populations catholiques et surtout à gagner le jeunesse par leur enseignement erroné, exhorta à diverses reprises notre vénérable patriarche (MASSAAD) et mon vénéré prédécesseur (T. AOUN) à construire à Beyrouth un collège pour l'éducation de notre jeunesse.

Au nom de ces exhortations se trouve la lettre que S. Em. Le cardinal Barnabo, d'heureuse mémoire, écrivit à notre patriarche, le 2 mars 1865, et dont nous extrayons les passages suivants :

« Il est parvenu récemment à la connaissance de la Sacrée Congrégation de la Propagande que les protestants et les schismatiques, dans le but de propager leurs erreurs, s'efforcent d'ouvrir des écoles dans les principales cités de l'Orient.

Pour rendre ces institutions plus populaires et en même temps plus agréables au gouvernement turc, ils ne font pas difficulté de se servir de l'élément indigène en le revêtant d'un caractère national.

En conséquence, la Sacrée Congrégation de la Propagande, obéissant aux ordres émanés de Sa Sainteté à ce sujet, s'empresse d'exciter le zèle pastoral de votre Grandeur à employer tous ses efforts et toute son influence pour empêcher les fidèles soumis à sa juridiction de laisser leurs enfants fréquenter les écoles hérétiques et schismatiques.

Comme il résulterait un très grand avantage pour la religion si l'on pouvait arriver à obtenir un bon système d'enseignement, la Sacrée Congrégation de la Propagande désire que toutes les nations orientales unies à l'Eglise romaine travaillent également à fonder des établissements de la même nature, surtout dans les localités où l'action des anticatholiques se fait le plus sentir.

Nous espérons donc que Votre Grandeur donnera toute son application à réaliser les désirs du Saint Père, ainsi que ceux de la Sacrée Congrégation de la Propagande ».

 

Quand j'ai été nommé archevêque de Beyrouth, en 1872, j'ai compris la sagesse de cet avis, et j'ai constaté par moi-même l'urgente nécessité de fonder un collège et un séminaire dans cette ville. J'ai vendu quelques immeubles dont les revenus étaient destinés aux dépenses de l'évêché, et j'ai commencé à élever ce collège, pour lequel j'ai dépensé le prix des immeubles aliénés, 80,000 fr. Le collège a été ouvert l'année dernière, et le nombre des élèves était d'environ 80.

La construction est bien loin d'être achevée.

L'année dernière, j'ai fait un voyage à Rome, et j'ai exposé au Saint Père tout ce que nous avions fait. J'ai reçu du Pape sa bénédiction et des paroles d'encouragement.

Son Em. le cardinal Franchi, préfet de la Propagande, m'a donné des lettres de recommandation pour l'œuvre de la Propagation de la Foi, pour celle des écoles d'Orient, à Paris, ainsi que pour Monseigneur Jacobini, nonce apostolique à Vienne, et pour S. Em. le cardinal Manning, à Londres.

Deux de nos prêtres qui se trouvent en France pour se perfectionner dans l'art d'élever la jeunesse, afin d'être placés à la tête de la direction de notre établissement de Beyrouth, ont été chargés par moi de recueillir les aumônes destinées à notre œuvre. La mission que je leur ai confiée a été approuvée par plusieurs illustres prélats de la France, qui ont encouragée l'un de mes prêtres, M. Louis Zouain, que j'ai laissé en France pour cela.

S. Em. le cardinal Deschamps, archevêque de Malines, a donné son approbation à la mission confiée à M. Joseph Zoghbi.

De cette façon, ces deux prêtres ont pu recueillir quelques aumônes pour la construction de notre établissement.

Le total des sommes recueillies par nos prêtres est d'environ 20,000 fr., y compris les bourses destinées par les donateurs à l'éducation de quelques enfants pauvres. Le reste de cette somme, avec ce que j'ai pu épargner de mes dépenses personnelles, a été employé pour la construction de l'établissement. Toutes ces aumônes sont inscrites dans le registre de notre collège, afin d'en conserver la mémoire.

Quant à l'état actuel du collège et à ses résultats, je ne crois pas pouvoir mieux faire que de vous répéter ce que j'ai écrit récemment sur ce sujet à S. Em. le cardinal Franchi, préfet de la Propagande, à Rome, en vue de lui expliquer ce que nous avons fait. Voici quelques passages de la lettre que je lui ai adressée la 17 courant :

« Il est évident, non seulement pour nous, mais encore pour quiconque veut bien considérer nos travaux, que le but que nous nous sommes proposé a été atteint et que le succès a dépassé notre espoir. Cette année, il y a à peine quinze jours que la rentrée des classes a commencé, et déjà le nombre de nos pensionnaires dépasse la centaine, sans compter les séminaristes du diocèse de Beyrouth, qui sont admis gratuitement.

Chaque jour, il se présente de nouveaux arrivants ; ce qui me fait espérer que le nombre de nos élèves atteindra au moins 160.

Les examens solennels et publics de nos élèves ont prouvé les progrès rapides qu'ils ont faits durant la première année de leurs études.

Mais voici qu'un autre bien à faire vient s'imposer à notre sollicitude. Ce bien, j'en suis intimement convaincu, doit sourire à votre cœur si bon et obtiendra la haute approbation, j'oserai dire la haute et puissante protection de Votre Eminence : il s'agit de l'instruction de nos moines.

D'accord avec l'un des supérieurs de nos religieux baladites, autrement dits libanais, cinq moines viennent d'entrer au collège. Je les ai admis parmi nos séminaristes pour leur faire étudier les sciences propres à l'état ecclésiastique.

J'exposais ensuite à Son Eminence le besoin de demander encore quelques secours pour achever la construction de l'établissement et fonder quelques bourses pour l'éducation d'enfants pauvres qui seront ainsi soustraits à l'enseignement protestant.

C'est pour cela, que nous venons renouveler par votre entremise nos sollicitations auprès des catholiques d'Europe qui aiment à faire le bien. Le mal qui nous afflige provient principalement de l'Europe, des sociétés anticatholiques d'Angleterre et d'autres pays ; l'Europe catholique voudra donc nous venir en aide pour réparer ce mal et propager notre sainte doctrine.

Il m'en coûte beaucoup, de demander ou de faire demander quelque chose en mon nom, mais il n'est pas possible à un pasteur de voir ses brebis dispersées et prêtes à périr sans prier, et, impuissant qu'il est à les sauver seul, sans avoir recours à ses frères dans la foi.

La confiance dans cette entreprise ne nous fera pas défaut : c'est une œuvre éminemment catholique ; elle n'est pas seulement reconnue par le Saint Siège et par la Sacrée Congrégation de la Propagande, mais encore elle a été commencée sur leur ordre, comme vous avez pu le remarquer.

Quant à mes deux prêtres, dont l'un est en France, M. Louis Zouain, et l'autre en Angleterre, M. Joseph Zoghbi, j'ai en eux la plus entière confiance.

Je tiens beaucoup, à faire savoir, à publier que notre collège de Beyrouth, connu sous le nom de la Sagesse, admet pour l'étude des langues arabe et syriaque des jeunes européens catholiques et même ceux qui, ne l'étant pas, s'engageraient à ne rien dire contre la doctrine catholique.

Le but que je me propose en cela est d'établir de fréquentes communications scientifiques entre l'Orient et l'Occident.

Telle est, monsieur, la lettre que je vous prie de vouloir bien publier, en vue du bien et de la défense de la foi catholique dans notre pays, qui en fut le berceau ».

 

Aujourd'hui, le collège indigène de Beyrouth, en voie de prospérité, ne le cède en rien quant à son organisation aux autres établissements fondés dans le Liban.

On a pris pour modèle de son règlement, le règlement en vigueur dans les pays occidentaux. Les élèves ecclésiastiques et les laïques, réunis dans la même maison, suivent cependant une règle différente : les premiers, celles des grands séminaristes français ; les seconds, la règle des collèges.

La direction du supérieur n'est pas indifférente à la bonne tenue d'une maison.

Mgr l'archevêque de Beyrouth en est le premier supérieur.

Sa Grandeur apporte le plus grand soin au choix des professeurs indigènes, nombreux et instruits. - Un prêtre français y est chargé de l'enseignement si important de sa langue. D'autres prêtres donnent des leçons de latin.

On comprend que, s'il est question des mœurs locales, de la liturgie syriaque, et de la langue arabe, un établissement indigène présente toutes les ressources et les facilités possibles pour ces parties si considérables de l'enseignement ecclésiastique.

Le succès est venu couronner les efforts. - Les études comprennent jusqu'à la classe de philosophie et sont encouragées par tous les moyens en usage dans les établissements occidentaux.

Le nombre des élèves s'est accru et dépasserait le chiffre actuel de 170 élèves, si les ressources permettaient d'en recevoir un plus grand nombre. En outre pour faciliter les études, on accepte des demi-pensionnaires et des externes appartenant aux familles moins favorisées de la fortune.

Du reste, Mgr Debs ne se propose que le bien des âmes, la confirmation de la foi catholique, la diffusion de l'enseignement orthodoxe dans un pays où les écoles protestantes offrent tant de facilités pour un enseignement hétérodoxe. Enfin, son devoir et sa responsabilité de chef ecclésiastique envers ses administrés, lui font une nécessité de leur fournir un enseignement conforme à leur condition et contrôlé par lui ».

 

III

 

1878

En attendant la répartition générale des conseils de Bordeaux, de Poitiers, de Nancy, de Bourges, et de Nevers, un envoi de 3000 fr. a été fait le 27 février, à Mgr Debs. Voici sa lettre adressée à cette occasion :

 

«Beyrouth, le 28 mars 1878

 

J'ai eu l'honneur de recevoir votre lettre en date du 6 courant, et mon frère l'abbé Paul, m'ayant fait parvenir la somme de trois mille francs que vous avez eu la bonté de m'adresser, de la part de l'Association de Saint-Louis, en faveur de notre collège national de Beyrouth, je m'empresse de vous en offrir mes sincères remerciements, à Vous comme à M. Poujoulat, votre éminent Président, ainsi qu'aux autres membres bienfaiteurs.

Je puis vous assurer que ladite somme de 3,000 francs m'étant arrivée dans un moment tellement critique que, pour moi, c'est un secours qui m'arrive du Ciel, car vous n'ignorer point qu'une chapelle sous le patronage de Saint Joseph ayant été élevée par moi dans le collège de la Sagesse et ne pouvant pas me décider à contracter des dettes, même pour les besoins les plus urgents, j'avais négligé jusqu'ici de la faire paver et d'y élever des autels, attendant la prochaine remise des soies pour y pourvoir. Or, la somme que je dois à la bienveillance de votre Comité va me permettre de commencer de suite à la dépenser au pavage de la nef, à monter le maître-autel et au recrépissage de tout l'édifice.

Il est certain que la somme de trois mille francs est insuffisante pour accomplir cette tâche; mais je préfère, et l'état précaire où nous nous trouvons le commande, que je fasse exécuter quelque chose de simple et convenable et de ne rien dépenser pour le luxe et la munificence, d'autant qu'il me reste beaucoup à faire pour restaurer l'intérieur de cette petite église, pour la meubler, ainsi que pour achever des constructions indispensables dans le collège : pour cela je me repose sur la divine Providence, qui n'a pas cessé de me protéger et qui daignera ma guider jusqu'à la fin.

Permettez-moi de vous rappeler que si je me suis dévoué à une si grande entreprise, c'est uniquement parce qu'elle était devenue très urgente pour notre nation maronite, qui ne possédait pas un seul collège pour y élever notre jeunesse civile et l'instruire selon notre rite et selon son génie catholique et française ; pour cela j'ai dû sacrifier une portion considérable des propriétés de mon évêché, ce qui m'a valu la somme de 80,000 francs ; j'y ai joins les aumônes peu importantes qu'on m'a procurées en Europe, et particulièrement en France, et en m'appliquant à faire des économies sur mes dépenses personnelles et sur les frais de mon siège épiscopal. Le bon Dieu a béni mes faibles efforts, et j'ai réussi  à élever le collège de la Sagesse qui héberge maintenant environ 180 élèves, dont plusieurs appartenant aux autres rites catholiques et non unis, outre quelques jeunes gens druses et musulmans. Parmi ce nombre déjà considérable de nos élèves, il faut comprendre les séminaristes qui reçoivent l'instruction pour l'état ecclésiastique et qui doivent édifier par le bon exemple et la piété les autres élèves ; la majeure partie de ces jeunes lévites qui sont admis tous gratuitement au collège, appartiennent au diocèse de Beyrouth.

Oui, j'aime à le répéter, la divine Providence, qui a daigné présider à l'élévation de cet établissement et qui l'a rendu si florissant, soit au-delà de toutes mes prévisions, soit sous le rapport matériel, soit sous le rapport du progrès moral ; cette Providence, dis-je, continuera à me protéger et à inspirer les hommes de bien, tel que vous et vos associés, à m'aider pour achever une entreprise aussi urgente ; veuillez leur exprimer, encore une fois, mes vifs remerciements de la noble sollicitude qu'ils emploient pour secourir notre nation, laquelle, depuis le temps de Saint Louis, et peut-être avant cette époque, est si attachée à la fille aînée de l'Eglise, à cette France bien-aimée, qui fait le bien dans le monde entier ; qui quoi qu'on fasse quoi qu'on dise, reste et restera souverainement catholique. Je remercie particulièrement les membres de votre Comité du subside qu'ils viennent de m'allouer, priant le Ciel de vous récompenser tous et de vous bénir. Ce qui pourrait le plus contribuer à la prospérité de notre collège national, serait sans contredit les bourses en faveur des enfants appartenant aux familles indigentes de la nation maronite en général ; or, si quelques-uns de nos bienfaiteurs voulaient se décider à patronner de pauvres enfants, en leur donnant l'instruction dans notre collège, ils auraient certainement accompli une œuvre pie ; et les supérieurs enverraient chaque année, à chaque tuteur, la photographie de son protégé, ses bulletins et une lettre écrite de sa main.

Personne autant que vous ne saurait connaître l'état misérable de notre pays et combien de familles se trouvent véritablement dignes d'une pareille sollicitude, particulièrement la noblesse de la montagne, qui était autrefois dans une grande opulence et dont plusieurs membres se trouvent actuellement dans une grande gêne.

Nous déplorons vivement de constater que plusieurs cherchent à contrarier l'œuvre de Saint-Louis, et vous savez très bien que personne parmi les Maronites n'a provoqué les nobles efforts qui l'ont rétablie ; ce sont les traditions françaises et la bienveillance naturelle qu'on porte à la nation maronite de temps immémorial ; c'est surtout votre zèle et celui de votre honorable Président qui vous ont valu le retour d'une pareille association de bienfaisance. Je vous suis gré d'une manière particulière d'avoir constaté dans la lettre que vous m'avez fait l'honneur de m'écrire, que je n'ai jamais voulu permettre à mon chorévêque l'abbé L. Zouain de se mettre au service de l'œuvre, si ce n'est après avoir été convaincu que l'immortel Pie IX avait écrit de sa main, sur la requête des membres de l'Association de Saint-Louis, que Sa Sainteté les approuvait et les bénissait.

Il est incontestable que notre Vénéré Patriarche, les Evêques de la nation en général et moi-même, nous sommes à l'abri des besoins de nos dépenses ordinaires, lesquelles, selon les moeurs de notre pays, sont peu importantes ; mais qui est-ce qui peut nier que nous ne pouvons guère contrebalancer par nos petits moyens les sommes considérables de l'Amérique, de l'Angleterre et d'autres contrées qui ne cessent d'arriver aux missions protestantes établies ici, pour s'acharner à nous ravir le troupeau confié à notre garde, ou au moins à ébranler l'antique foi de nos pères parmi nos populations si bonnes, mais parfois trop simples pour se laisser prendre au piège ? Et comment pourrions-nous faire face à des exigences que commande l'époque présente par rapport à l'instruction et au progrès, si nos frères les catholiques, surtout en France, ne venaient à notre aide ? Par conséquent, il est clair et logique que, s'il arrivait le moindre dommage spirituel, la responsabilité incombant aux pasteurs ayant mission de veiller sur le dépôt sacré des âmes, est-ce que pour cela il ne faudrait pas les aider directement pour qu'ils puissent accomplir de si lourds devoirs ? Comment le Vicaire du Jésus-Christ sur la terre leur confie le soin de garder les âmes, et d'autres fidèles soumis au Chef de l'Eglise universelle refusent de leur confier quelque chose des secours matériels, comparativement méprisables ! Cela n'est pas logique.

D'aucun disent que les secours peuvent être mal employés, ou qu'on peut commettre telle ou telle faute ; mais quelle est la chose, dans le monde entier, qui peut être exempte de la moindre critique, et faut-il pour cela suspendre les bonnes œuvres ? Il me semble que toutes les précautions sont prises du moment que toutes les aumônes doivent être concentrées dans le Comité de Paris pour que l'argent soit adressé à notre vénéré Patriarche, qui les transmettra aux Evêques, ou bien le Comité enverra à chaque Evêque la somme qui lui est allouée contre des reçus : telle a été l'opinion du Patriarche de la nation lui-même, exprimée dans une lettre écrite à M. le Président, dès la fondation de l'œuvre des Saint-Louis. Donc il n'y a point de malentendu possible, à moins qu'on ne voulût accuser les Evêques de choses qu'aucun homme aux sentiments véritablement chrétiens n'oserait faire.

Voici quelques-unes des obligations les plus urgentes des métropolitains : par exemple, le diocèse de Beyrouth possède quatre-vingt paroisses dans quatre-vingt villages, et le diocèse de Tyr, à Sidon, possède environ cent cinquante villages ; ces deux diocèses sont les plus voisins des résidences des protestants, à Beyrouth et ses environs; toutes ces localités sont ce qu'on appelle mixtes, c'est-à-dire que les habitants sont un mélange de Maronites, de Grecs schismatiques, de Druses, etc. La plupart des habitants de tous ces villages sont pauvres et dispersés; les protestants, dont le commerce principal est d'ouvrir des écoles moyennant les larges subsides qu'ils reçoivent, sont déjà installés dans les principales localités. Or, par quels moyens Mgr (Boutros) Bostani, l'Evêque de Tyr-Sidon et l'Evêque de Beyrouth pourraient-ils établir des petites écoles dans chaque village ; d'autant plus que les Druses et les non catholiques appellent généralement les protestants chez eux pour avoir des écoles gratuites afin d'y conduire aussi les enfants des Maronites, ce qui nous impose l'obligation d'ouvrir d'autres écoles à côté de celles-là et de pourvoir dans la plupart de ces paroisses aux dépenses des curés; par quels moyens, dis-je, pourrions-nous pourvoir à tant de besoins sans que des secours puissent nous arriver directement à nous comme aux autres Evêques? Le revenu de nos évêchés est peu de chose en comparaison de tout le bien qu'il y a à faire.

Il y a dans toutes choses de grands maux et de petits maux; mais laisser les enfants s'établir dans les écoles protestantes, loin de leurs parents, est un mal plus grand que celui de leur fréquentation des mêmes écoles dans les villages, puisqu'ils peuvent revenir le soir au soin de leurs familles catholiques. C'est pour cela que j'ai élevé un collège national à Beyrouth où les élèves sont des pensionnaires, sans négliger toutefois de préserver les enfants de fréquenter les écoles protestantes dans les villages.

Courage donc, zélé ami; il faut mépriser les calomnies des jaloux et les rapports mensongers des hommes de coterie; n'oublions pas que les contrariétés sont inséparables du bien à accomplir, surtout dans le commencement, ce qui en rend pour les auteurs le mérite plus grand devant Dieu.

Agréez, je vous prie, l'assurance de mon respectueux et reconnaissant dévouement avec l'union de mes humbles prières en Notre Seigneur.

                                                                 + Joseph Debs

                                                   Archevêque maronite de Beyrouth».

 

IV

Lettre du 11 octobre 1880 à l'Association de Saint-Louis des Maronites, n° XV, pages 109-110:

«...Pendant ces vacances, il ne m'a pas été possible de vous écrire, parce que j'étais éloigné de Beyrouth, centre de mes relations. Aujourd'hui j'y suis retourné pour ouvrir notre collège et recevoir nos nombreux élèves. La rentrée a été excellente et la réputation de notre maison augmente de jour en jour.

Il ne faut pas croire pour cela que nous n'avons pas d'obstacles à vaincre, au contraire, nous avons de grandes difficultés; et elles nous sont suscitées par des gens qui devraient concourir le plus avec nous au succès de l'entreprise. A la tête de nos adversaires il faut compter M. l'abbé Zouaïn. Vous ne serez donc pas étonné d'apprendre le projet de ce monsieur contre notre collège, sachant sa conduite en France. En effet, de retour d'Europe, il s'est mis en tête de vouloir élever une maison d'éducation rivale de la nôtre, et la soutenir par des ressources à lui envoyées de France. Il a acheté un vieux château qu'il a converti en maison d'éducation, ensuite il a expédié de ses partisans dans toute la montagne pour séduire nos professeurs et attirer nos élèves dans son établissement; en un mot, il est ouvertement posé comme notre adversaire.

En réalité, nous n'envions pas cet abbé de le voir élever un établissement d'éducation et augmenter les asiles de la jeunesse; mais sachant le caractère de l'homme, nous appréhendons que tout cela ne finisse mal et que la faute d'un homme extravagant ne retombe sur la population maronite.

...Il est certain que des sommes considérables lui sont envoyées de France pour l'enhardir dans ses projets. Ces jours derniers il a touché 20,400 fr. d'un banquier de Beyrouth...».

 

V

Extrait de la lettre de Mgr. DEBS, le 17 août 1880, à l'As. De Saint-Louis :

«...Revenons maintenant à l'excursion au Liban, et voyons les moyens pratiques de réaliser ce projet. Les pèlerins que vous souhaitez que nous accueillions comme des frères, viennent et s'en vont sans que nous sachions ni leur arrivée ni leur départ. Peu cherchent à parcourir le Liban ; beaucoup se dispersent avant leur arrivée à Beyrouth ; d'autres suivent des routes diverses et s'arrangent avec des guides et font la courses qu'ils jugent à propos.

Afin donc de réaliser le plan que vous proposez, il faudrait que les pèlerins qui désirent voir le Liban envoyassent nous prévenir d'avance pour leur préparer le drogman qui doit les conduire. C'est donc à vous d'engager ces pèlerins qui veulent parcourir la montagne, d'écrire de Marseille, d'Alexandrie, de Jaffa, à M. l'abbé Paul Debs, à l'archevêché de Beyrouth.

Alors, sachant le nombre des pèlerins, nous pourrons nous entendre avec les guides pour les conduire et leur fournir tout ce qui est nécessaire et à meilleur marché que ne le fait le drogman de Jérusalem. Les conditions seraient supportables, nous prendrons les mesures pour cela... Qu'on nous avertisse donc pour mettre tout à leur disposition et aller les recevoir là où ils veulent.

Le plus simple, c'est que les pèlerins qui arrivent à Beyrouth sous la conduite de François Morcos, prennent la résolution d'aller de même tous ensemble, autant que cela est possible, pour faire l'excursion du Liban. Alors un drogman maronite à Beyrouth les accueillerait lorsque celui de Jérusalem les aurait quittés.

De cette façon, il y aurait des étapes et une route à suivre au Liban de la même manière que cela s'exécute dans la Palestine et la Judée, et si cette habitude s'établissait avec le temps, les hôtelleries s'élèveraient aux stations pour les recevoir, et alors les conditions seraient très modérées.

Mais, de la manière dont les excursions au Liban se sont faites, c'est-à-dire sans concert de la part des pèlerins, sans plan arrêté de ceux qui les ont conduits, il n' y a pas moyen d'arriver à un résultat simple et pratique ».

 

VI

Lettre au Secrétaire Général de l'As. De Saint-Louis, le 16 février 1886.

«Monsieur le secrétaire général,

Votre aimable lettre du 2 février m'est parvenue fidèlement ainsi que le chèque de 400 francs qu'elle contenait. Je ne veux apporter aucun retard à vous en accuser réception et à vous adresser mes remerciements. Me conformant à votre recommandation, j'ai avisé M. l'abbé Schaïa que sur la somme de 400 francs je tenais celle de 150 à sa disposition et qu'il aurait à célébrer cent cinquante fois le saint sacrifice de la messe aux intentions des donateurs. De mon côté et dans une lettre personnelle, j'ai tenu à remercier M. l'abbé Garnier, directeur du comité de Langres, auquel nous devons le don généreux que vous nous avez transmis.

L'intérêt que vous portez à la nation maronite m'engage à vous parler des œuvres de mon diocèse. Notre collège possède actuellement 280 élèves de nationalités différentes. Chez les catholiques nous cherchons naturellement  à développer l'attachement à l'église romaine, nous leur apprenons à aimer Dieu, leur patrie et leurs semblables, ainsi que doivent le faire les enfants du Christ.

Parmi les élèves se destinant au sacerdoce, nous avons eu la joie à la fin de l'année 1885 d'en voir dix recevoir le sacrement de l'Ordre. Bien douce est ma consolation en songeant que ces nouveaux prêtres, fortifiant leur pieux zèle par une instruction solide, contribueront à la défense de l'Eglise et de son divin Epoux.

Il faut à nos maronites des prêtres instruits pour les protéger, pour leur communiquer leur science et les aider. Cette année nous avons donc créé sous notre haute direction une école des arts et métiers, où de pauvres orphelins sont recueillis pour apprendre le métier de leur choix. Puissent-ils au sortir de cet asile devenir des ouvriers honnêtes et chrétiens. Puisse Dieu bénir et faire prospérer cette œuvre naissante.

Merci aussi, M. le secrétaire général, merci à nos chers bienfaiteurs de l'association de Saint-Louis, qui n'oubliera jamais la nation Maronite, sachant qu'elle considère la France comme une seconde patrie. Croyez aussi tout particulièrement à ma vive gratitude.

Je vous envoie ainsi qu'à vos coopérateurs ma bénédiction épiscopale.

                                                             + Joseph Debs

                                              Archevêque maronite de Beyrouth».

 

 

VII

«Beyrouth, 8 mai 1886

Monsieur le Secrétaire et bien cher ami,

Je viens de recevoir votre très aimable lettre datée le 22 mois dernier, et je vous remercie de l'intérêt que vous ne cessez de témoigner à notre clergé. Je suppose que vous avez déjà reçu ma précédente lettre, datée le 14 avril, dans laquelle je vous ai accusé réception de la somme de cent francs, honoraires de cent messes ; par cette présente, je déclare avoir reçu par votre entremise, de la part de M. de Meesters, pour le repos de l'âme de son épouse, la somme de 500 francs, honoraires de cinq cents messes que je ferai célébrer d'ici à une quinzaine de jours ; nous avons vingt prêtres au collège qui disent leurs messes tous les jours à notre intention. Nous avons aussi dans notre diocèse environ deux cents prêtres, et en qualité d'ancien secrétaire de Sa Béatitude Mgr le Patriarche, j'ai plusieurs amis prêtres dans tous les diocèses maronites, qui me demandent des honoraires de messes. Car, comme vous le savez, dans un pays aussi pauvre que le nôtre, les prêtres manquent souvent d'honoraires de messes ; aussi sont-ils bien satisfaits de faire les écoles primaires, où ils sont obligés d'inculquer  les principes de notre sainte religion. La pauvreté de nos villages ne permettant pas de subvenir à leurs besoins, ils acceptent de faire ces écoles, recevant chez nous leurs honoraires de messes. Que d'écoles seraient supprimées sans ces honoraires. Vous n'ignorez pas aussi, peut-être, que nous avons beaucoup de villages où nos Maronites sont avec des non-catholiques, quelquefois ils sont en peu de nombre, ne pouvant, à cause de leur pauvreté, subvenir aux besoins de leurs curés; aussi, donnons-nous à ces derniers leurs honoraires de messes; vous voyez par là, M. le Secrétaire, le grand bien que nous faisons moyennant ces honoraires.

Veuillez, M. le Secrétaire et bien cher ami, agréer l'assurance de ma vive gratitude et de ma haute considération pour vous et pour vos pieux coopérateurs et recevez ma bénédiction épiscopale.

                                                                  + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth». 

 

VIII

(En 1886)

«Monsieur le secrétaire et bien cher ami (le vicomte de Ponton d'Amécourt).

J'ai reçu votre très aimable lettre datée du 22 juin et je vous remercie de l'intérêt que vous ne cessez de nous témoigner. Nous avons en vous un secrétaire général et un ami bien dévoué. Daigne le Seigneur exaucer les prières que nous formons pour votre bonheur et le succès de la pieuse association de Saint-Louis.

J'ai bien reçu le mandat-poste de 200 honoraires de messes que je ferai célébrer le plutôt possible d'après les intentions indiquées dans votre lettre. Conformément à votre désir j'ai écrit à Mgr (Neemtallah) Dahdah pour savoir s'il a reçu votre lettre. Aussitôt sa réponse je vous la ferai connaître. Mgr l'archevêque de Baalbeck m'écrira aussi et je vous transmettrai sa lettre. Quant à Mgr (Boutros) Bostani, qui était ici, il y a deux jours, il nous a affirmé vous avoir répondu directement.

Je me mets du reste complètement à votre disposition, pour faire parvenir de la façon la plus sûre à mes collègues du Mont-Liban les lettres contenant des valeurs que vous leur destineriez.

Excusez-moi si je ne vous écris que quelques lignes aujourd'hui, toutefois je n'omets pas de vous renouveler mes remerciements réitérés, vous priant de me rappeler au souvenir de vos pieux coopérateurs et vous accordant, ainsi qu'à eux tous, ma bénédiction épiscopale.

          

                                                                   + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth». 

 

IX

BASL 33, p. 15-16

Il confirme la suppression de subventions à ses écoles diocésaines, subventions accordées par le Gouvernement Français pour l'enseignement de la langue française.

« A M. le vicomte de Ponton d'Amécourt,

Rome, le 3 novembre 1886

Monsieur le Vicomte et cher ami,

 En arrivant à Rome au commencement du mois courant, j'ai lu dans le Bulletin de l'Association Saint Louis, publié dans le mois d'octobre, l'article où vous parlez des intrigues qui se tramaient, à ce qu'on prétend, à Beyrouth, contre le protectorat séculaire de la France ; et vous démontrez le désir d'avoir des explications de ma part à ce sujet.

Pour satisfaire à votre demande, permettez-moi, monsieur le Vicomte, de vous dire avant tout que les intrigues prétendues n'existent point. Tout le fondement de cette prétention consiste en ce que quelques Maronites ont adressé de Tripoli un télégramme à Notre Saint Père le Pape pour des affaires simplement ecclésiastiques, qui ne touchent ni de près ni de loin à la politique. Cette dépêche a été mal interprétée, par quelques journaux européens, et cela, et rien d'autre, est la cause de ce bruit.

Quant à moi, je n'ai maintenant, dans mon séjour à Rome, aucune question politique à traiter ; j'y viens seulement pour des affaires qui n'ont point d'autre but que la religion, c'est-à-dire pour des affaires tout à fait ecclésiastiques, e, en même temps, pour accomplir un devoir sacré envers le Chef suprême de l'Eglise, vicaire de Notre-Seigneur Jésus-Christ sur la terre.

Quant à la notice qui est reportée dans le dit article du Bulletin, celle qui a trait à la suspension des subventions aux écoles n'est point une nouveauté, car cette suspension date de presque deux années, et, non seulement pour le diocèse de Beyrouth, mais aussi pour les autres diocèses.

En me faisant un devoir de vous écrire à la hâte ces lignes pour vous mettre au courant de ce qui se passe, et pour vous tranquilliser sur des assertions peu exactes, je vous prie d'agréer, monsieur le Vicomte, l'assurance de la considération la plus distinguée avec laquelle j'ai le plaisir de me dire.

Votre tout dévoué Serviteur en Notre Seigneur.

                                                                   + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth». 

 

 

 X

BASL 34, p. 44-45

« Rome, le 10 mars 1887

Monsieur et cher ami,

Mon frère, l'abbé Paul, m'envoie de Beyrouth votre aimable lettre du 3 février passé. Je vous remercie de l'envoi de 350 fr., dont 250 sont de la part de M. l'abbé Garnier, du comité de Langres, et 100 fr. votés par le Secrétariat général de l'œuvre de Saint-Louis que j'ai reçus en mandat de poste.

Etant à la fin de mon séjour à Rome, je me trouve très occupé, et c'est pour cela que je me contente de vous écrire à la hâte ces deux lignes pour vous accuser réception de ladite somme, et pour vous prier d'être l'interprète de ma vive gratitude à vos honorables coopérateurs, à notre ami zélé, M. l'abbé Garnier, et au comité de Langres. J'espère qu'après mon arrivée à Beyrouth, j'écrirai aussi à M. l'abbé Garnier avec plus de détails.

Agréez, Monsieur le Secrétaire et excellent ami, l'assurance de ma reconnaissance et de ma haute considération avec laquelle, je suis votre serviteur en Notre Seigneur.

                                                                   + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth».

XI

- Article publié dans la revue al-Mosbah relatant son voyage à Istanbul pour visiter le Grand Vizir. BASL 35, p. 81-84

 

XII

- Discours de Debs au Saint Père, BASL, 35, p. 84-86 (1887)

« Très Saint Père,

La nation Maronite, comme on le sait, fut toujours et ne cesse pas d'être très attachée à la très sainte foi catholique, et très dévouée aux souverains Pontifes de la bienveillance desquels elle a obtenu des éloges insignes. Mais surtout elle tient dans la plus grande vénération et le plus grand amour l'auguste personne de Votre Sainteté qui, par la sagesse que lui a inspirée le Ciel, et malgré les tristes temps que nous traversons, a su rendre le siège de Saint Pierre plus glorieux et plus resplendissant que jamais et sauver sa barque sur les ondes qui l'agitent.

Les Maronites, Très Saint Père, conservent encore la ferveur de la foi, et tous pratiquent leurs devoirs religieux, grâce à Dieu et aux auspices de Votre Sainteté, au zèle du saint et vénéré Patriarche et à la surveillance de leurs évêques. Il est vrai la corruption des francs-maçons et des sectaires de l'Europe, est arrivée jusqu'à nous, mais leur œuvre n'y a fait aucun progrès bien qu'elle ait doublé nos labeurs principalement à Beyrouth, la première station qui reçoit ceux qui viennent de l'Europe. Pour donner une petite consolation au cœur paternel de Votre Sainteté, je lui dirai qu'en faisant cause commune avec les RR.PP. Jésuites et Lazaristes et avec le Patriarche Melchite catholique nous avons quatre collèges célèbres dans la Syrie pour l'éducation de la jeunesse : les Pères Jésuites d'une part et nous de l'autre, avec nos typographies et nos journaux, nous avons publié plusieurs livres utiles, pour combattre les erreurs contre notre sainte foi et contre la morale. Nous avons encore des associations pour écarter la jeunesse des sociétés secrètes ; et entre autres une académie scientifique sous le patronage de Saint Thomas d'Aquin, pour laquelle j'ai demandé autrefois la bénédiction de Votre Sainteté, si bien que l'élément catholique à Beyrouth et dans le Liban est le plus puissant, le plus instruit et le plus resplendissant.

Notre état-civil répond à nos désirs. Notre auguste Sultan, outre la parfaite liberté qu'il nous laisse dans l'exercice de notre culte, accorde aux supérieurs spirituels beaucoup de droits et de privilèges que n'on pas nos frères ailleurs.

Les Maronites, Très Saint Père, comme vous autres fils dans tout l'univers, montrent leur joie et leur allégresse pour le jubilé sacerdotal de Votre Sainteté, et sans doute ils ne seront pas les derniers à présenter les marques de leur amour et de leur vénération au Père commun des fidèles. Quant à moi qui me trouve en ce moment à Rome, je n'ai pas voulu quitter cette ville, sans participer à l'hommage que rend au jubilé sacerdotal de Votre Sainteté le monde entier, sans distinction de catholiques et de non catholiques ; les uns par eux-mêmes et les autres par leurs souverains. C'est pourquoi je supplie Votre Sainteté de daigner accepter ma modeste offrande : un tapis de table, travail spécial du Liban, un exemplaire des œuvres que j'ai composées, traduites et publiées en trente volumes environs, pour être admises à l'exposition du Vatican si elles en sont dignes ; un autre exemplaire des mêmes ouvrages, pour la bibliothèque vaticane et enfin une légère obole.

Je prie enfin Votre Sainteté de m'accorder sa bénédiction apostolique, à moi, à mes œuvres, à mon diocèse et à toute la nation maronite ».

XIII

BASL 36, p. 110-111 (1887)

« Beyrouth, le 23 juin 1887

Monsieur le Secrétaire,

Laissez-moi vous prier de remercier  M. l'abbé Garnier, des 50 francs envoyés par lui au nom du diocèse de Langres, et contenus dans le mandat-poste de 110 francs que vous nous avez expédié. Nous avons fait célébrer 50 messes pour appeler les bénédictions de Dieu sur l'orphelinat agricole, créé récemment dans le diocèse de Langres, et 20 autres messes pour Mme Becquey, sœur du saint et vénéré M. de Baudicour.

Ici, Monsieur le Secrétaire, nous formons des vœux bien sincères pour la prospérité de l'œuvre de Saint-Louis qui est si utile à la nation maronite. Il est bien difficile de séparer le nom de Baudicour de celui de Saint-Louis, et nous sommes toujours ravi quand une occasion se présente, soit pour louer M. de Baudicour, soit pour prier pour lui, bien qu'on puisse, en quelque sorte l'invoquer comme un protecteur.

Fasse donc le Ciel, que votre excellente Œuvre prospère toujours, placée sous semblable égide.

Daignez agréer, monsieur le Secrétaire, l'assurance de ma haute considération et de ma gratitude.

                                                                   + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth». 

 

XIV

BASL, 37, p. 141 (1888).

« Monsieur le Secrétaire et bien cher ami (M. le vicomte d'Amécourt)

Je viens de recevoir votre très aimable lettre datée du 7 courant, et je vous remercie de l'intérêt que vous ne cessez de nous témoigner.

Le mandat-poste de 102 francs pour honoraires de cent deux messes m'est parvenu et je les ferai célébrer à ad intentionem dantis. Je vous prie d'offrir mon meilleur souvenir à vos pieux coopérateurs. Je prierai Notre Seigneur de vous récompenser au centuple de votre noble dévouement. Puisse-t-il bénir et féconder vos généreux labeurs et faire prospérer de plus en plus votre sainte œuvre.

Tout récemment, nous avons été très occupé de la rentrée de notre collège. Grâce à Dieu il ne cesse pas de prospérer. La rentrée a été magnifique ; le chiffre de nos élèves dépasse celui de deux cent soixante (260), et comme notre établissement a acquis une excellente renommée, la jeunesse y accourt en foule de toute part. Nous possédons jusqu'à des Druses et des Musulmans. On nous a écrit même de Constantinople pour savoir si nous avions encore de la place pour recevoir des élèves. Tous, même les non-catholiques suivent les exercices de piété. Je suis convaincu que ces heureuses nouvelles ne manqueront pas d'intéresser les associés de Saint-Louis.

Veuillez, Monsieur le Secrétaire et bien cher ami, agréer l'assurance de ma haute considération et croyez à l'entier dévouement de votre tout dévoué serviteur en Notre Seigneur.

                                                                   + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth». 

XV

BASL, 39, p. 217-218 (1888)

« 23 avril 1888

Monsieur le Secrétaire et bien cher ami,

J'ai eu le plaisir de recevoir votre aimable lettre datée du 5 courant, et je vous renouvelle toujours l'expression de ma gratitude pour l'intérêt que vous ne cessez de nous porter.

J'ai reçu le mandat-poste de 417 fr ., dont 260 sont du diocèse de Langres pour notre séminaire et 157 sont honoraires de 157 messes. M. Chediak me versera bien les trois francs comme vous me le dites.

Mgr Pierre Bostani et Mgr Joseph Zoghbi sont de retour de Rome ; aujourd'hui même ils sont arrivés à Beyrouth. Je crois que mon frère l'abbé Paul a dû déjà vous faire visite.

Veuillez, M. le Secrétaire et bien cher ami, agréer l'assurance de la haute considération et de la vive gratitude de votre tout dévoué serviteur en Notre Seigneur.

                                                                   + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth». 

 

XVI

BASL, 42, page 30

«Beyrouth, 27 février 1889

Monsieur le Secrétaire et excellent ami,

J'ai eu le plaisir de recevoir votre très aimable lettre, datée du 25 janvier, contenant la somme de 300 francs. Savoir : 126 fr. honoraires de messes pro defunctis, et 174 fr. pour les œuvres de mon diocèse. Merci au diocèse de Langres qui n'oublie pas le mien. Je vous remercie vivement, M. le Secrétaire, et je vous prie d'être l'interprète de ma gratitude vis-à-vis du comité de Langres. Je prie le bon Dieu de bénir les efforts généreux de votre association, et d'en récompenser au centuple les membres pieux et dévoués. Puisse le Seigneur accorder des jours nombreux à votre noble France, qui fait tant de bien dans tout le monde entier.

Notre Collège, grâce à Dieu, marche admirablement bien ; nous avons sur nos bancs près de 300 élèves internes, sans compter une vingtaine de séminaristes que nous élevons dans la même maison. Dans ce nombre figurent une quarantaine de boursiers admis à la gratuité. La pension est, comme vous le savez, bien modique, environ 300 francs. A côté du collège a été créé un orphelinat où les enfants pauvres apprennent les arts et métiers ; ils sont une vingtaine. J'ai vivement à cœur de donner plus de développement à cette œuvre qui est très nécessaire pour notre pays, et plus tard ne fait point des déclassés.

La cathédrale que nous élevons à Beyrouth avance lentement ; dans cette dernière nous avons fait la façade qui est bien belle, j'espère que cette église sera la plus belle de toute la Syrie.

Quant aux livres que vous avez reçus pour nous de la part du Ministre de l'instruction publique, je crois que M. Debs, juge d'instruction à Châlons, doit vous avoir écrit de ne pas les expédier sans être avisé par nous. Il espère en obtenir d'autres et ils feraient partie du même envoi. Ayez donc l'obligeance de différer encore cette expédition.

J'ai déjà fait parvenir votre lettre à M. l'abbé Schaier, par  l'entremise de M. le Secrétaire du Patriarcat. Il est plus rapproché que moi d'Aramoun.

Je vous prie en terminant, M. le Secrétaire et excellent ami, d'agréer mes sincères remerciements pour vous, pour vos associés, et en particulier pour le comité de Langres, et croyez toujours à ma haute considération et à mon entier dévouement.

Votre tout dévoué serviteur en Notre Seigneur.

 

                                                                   + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth». 

 

 

XVII

 

BASL, 44 pages 102

« Beyrouth, le 24 juillet 1889

Monsieur le Secrétaire

J'ai reçu avec reconnaissance la somme de 150 fr., que vous avez bien voulu m'envoyer, à savoir 93 fr. pour mes œuvres et 57 fr. pour des honoraires de messes. Merci de votre zèle, et du concours intelligent que vous ne cessez de nous prêter pour l'accomplissement du bien. Soyez aussi l'interprète de mes sentiments de gratitude près de tous les membres de votre généreuse association de Saint-Louis. Les vacances de notre collège ont commencé le 21 juillet. La veille était un jour de fête, où une assistance nombreuse et choisie se pressait dans son enceinte. Nos élèves ont déclamé une fort belle tragédie en vers arabes, qui a été chaleureusement applaudie. Ce genre de divertissement jusqu'ici peu en usage  parmi nous, a été fort apprécié, et nous désirons le voir se développer dans notre pays. Avant la distribution des prix, qui eut lieu le lendemain, deux discours furent prononcés ; l'un en français : sur l'harmonie dans l'art littéraire ; l'autre en arabe : sur l'éducation de la jeunesse. Nos jeunes orateurs furent couverts d'applaudissements, et les éloges les plus encourageants leur furent prodigués. Ces éloges joints aux succès de nos élèves pendant le cours de cette année scolaire, dépassent nos espérances et la bonne renommée de notre collège nous prouve que Dieu veut bien  bénir nos efforts.

Agréez, Monsieur le Secrétaire, avec l'expression de ma vive gratitude, la bénédiction épiscopale que j'accorde de tout cœur à vous et à tous les vôtres.

                                                                      + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth». 

 

XVIII

BASL, 45, page 8

« Beyrouth, 13 novembre 1889

Monsieur le Secrétaire et bien cher ami,

Je viens de recevoir votre très aimable lettre datée du 31 octobre dernier, et je vous remercie de l'intérêt que vous ne cessez de nous porter. Merci aussi des 150 francs que vous m'avez envoyés comme honoraires de messes ; je ferai célébrer ces 150 messes le plus tôt possible d'après les intentions indiquées. J'ai transmis votre lettre à Mgr (Yusuf) Zoghbi qui la recevra sûrement. Quant à Mgr (Neematallah) Dahdah qui est encore à Rome, je lui adresse votre lettre au Collège Maronite de la place Saint Pierre in Vincoli où il habite pour quelques mois. Je vous donne son adresse afin que vous puissiez lui écrire. Notre Collège, grâce à Dieu, suit son cours ordinaire, et nos élèves atteignent, comme l'année dernière, le nombre de trois cents.

Veuillez, je vous prie, être l'interprète de mes sincères sentiments de gratitude près de vos pieux collaborateurs auxquels j'accorde de tout cœur ma bénédiction épiscopale, et agréez pour vous, M. le Secrétaire, l'assurance de ma haute considération et mon entier dévouement en Notre Seigneur.

                                                                   + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth». 

 

XIX

(7 mai 1890) BASL, 47, p. 85

«Monsieur le Secrétaire et bien cher ami,

J'ai reçu votre très aimable lettre datée du 9 avril, et je vous remercie bien vivement de l'intérêt que vous portez à mon diocèse. J'ai reçu aussi la somme de 150 francs que vous m'avez envoyée, dont 110 donnés par le Comité de Langres, et 40 francs destinés à des intentions de messes pro defuctis, que je ferai célébrer ad intentionem dantis.

J'ai un peu tardé à vous accuser réception  de ces envois, parce que j'étais à la résidence patriarcale de Bekerki, pour les funérailles de notre bien regretté Patriarche, décédé le 18 du mois dernier (18 avril 1890). Cette cérémonie a été suivie de l'élection de son successeur. Tout se passe parfaitement bien, et notre épiscopat tout entier choisit d'une voix unanime, Mgr Jean El-Hage, archevêque de Baalbeck, pour patriarche de notre nation.

Je suis sûr que le vicaire de Sa Béatitude vous écrira tous les détails concernant la mort de notre vénéré Patriarche et l'élection de son successeur.

Je vous prie, Monsieur, d'agréer l'assurance de ma considération distinguée et de ma vive gratitude.

                                                                  + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth».

 

XX

Eté 1891, in n° 52, page 108

« Monsieur le Secrétaire et bien cher ami,

J'ai reçu votre très aimable lettre datée du 23 juillet, et je vous remercie bien vivement de l'intérêt que vous et vos pieux coopérateurs ne cessez de nous prodiguer. Daigne le Seigneur exaucer nos prières pour votre bonheur, et pour la prospérité de votre Œuvre qui fait tant de bien à notre nation.

J'ai reçu 200 francs dont 50 de la part du comité de l'Association de Saint-Louis du diocèse de Langres. Je vous prie d'être mon interprète auprès de cet excellent Comité, pour lui témoigner ma vive gratitude. Pour les 150 francs restantes, je ferai célébrer cent cinquante messes : ad intentionem dantis.

Selon votre désir, je ferai remettre votre lettre à M. l'abbé Zoghbi qui vous en accusera sans doute réception.

Grâce à Dieu, nous avons terminé au collège notre année scolaire d'une façon très brillante. Les progrès de nos élèves ont dépassé nos espérances. Avant la distribution des prix, qui a eu lieu le 20 du mois dernier, on a joué deux pièces, l'une en français et l'autre en arabe. La pièce française, intitulée Gilles de Bretagne, a été vivement applaudie par tous les assistants qui étaient forts nombreux. Les européens présents disaient qu'elle était digne d'être jouée ainsi à Paris même, et la pièce arabe n'a pas eu moins de succès.

Le choléra, qui nous menaçait au commencement de cette année, et dont le bon Dieu nous a préservés, nous menace actuellement du côté de la Mecque et du côté d'Alep. Nous espérons que la divine Providence écartera encore de nous ce fléau.

En terminant, je vous prie, Monsieur le Secrétaire et cher ami, de vouloir bien transmettre à vos pieux coopérateurs toute ma reconnaissance, et de recevoir pour eux comme pour vous ma bénédiction épiscopale.

Votre dévoué en Notre Seigneur.

                                                                   + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth».

 

 

XXI

BASL, 45, page 41 (1892)

« Beyrouth, le 19 janvier 1892,

Monsieur le Secrétaire et bien cher ami,

J'ai reçu votre très aimable lettre datée du 15 du mois dernier et je vous remercie de l'intérêt que vous nous portez. J'ai bien reçu aussi les 450 francs, honoraires de 450 saintes messes, je ferai célébrer les 400 à l'intention de Mme de Saint-Géran, et les 50 autres ad intentionem dantis.

Veuillez agréer, Monsieur le Secrétaire et bien cher ami, l'assurance de ma haute considération et de ma vive gratitude. Votre tout dévoué serviteur en Notre Seigneur.

                                                                     + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth».

 

 

XXII

BASL, 55, page 70 (1892).

«  Beyrouth, avril 1892

Monsieur le Secrétaire et bien ami,

Je viens de recevoir votre très aimable lettre en date du 26 mars dernier ; je vous remercie bien vivement de l'intérêt que vous continuez à nous prodiguez. Daigne le Seigneur exaucer les prières que nous faisons pour la prospérité de votre sainte Œuvre, pour votre bonheur et pour celui de vos pieux collaborateurs.

J'ai reçu aussi vos deux billets de banque de 200 francs de la part du pieux comité de Langres. Je vous prie de bien vouloir faire parvenir le petit mot ci-joint à l'adresse de M. l'abbé Garnier, notre ami commun, pour témoigner ma vive gratitude à lui et au comité de Langres.

Rien de particulier chez nous, sinon la suppression des quarantaines en Syrie, car le choléra qui y sévissait, a heureusement disparu complètement.

Veuillez agréer, Monsieur le Secrétaire et bien cher ami, l'assurance de ma considération distinguée et de ma vive gratitude.

Votre tout dévoué serviteur en Notre Seigneur.

                                                                      + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth»".

 

XXIII

BASL, 62, page 28-29, (1894)

« Beyrouth, le 21 février 1894,

J'ai eu le plaisir de recevoir vos deux aimables lettres du 26 janvier et du 2 courant. Par la première, vous avez eu la bonté de m'envoyer 100 francs, honoraires de cent messes que j'ai déjà commencé à faire dire par mes prêtres pour le repos de la pieuse âme du très regretté M. le conte de Piolant. Nous avons été bien sensibles à cette cruelle perte qui a été aussi pour nous une vraie épreuve.

Nous avons été à même d'apprécier tout l'intérêt qu'il nous portait et tout le zèle qu'il avait pour notre chère nation et pour l'honneur de votre noble pays. Daigne le Ciel lui décerner la couronne éternelle.

Par la seconde lettre, vous m'avez adressé la somme de  250 francs de la part du diocèse de Langres dont 224 sont pour les besoins spéciaux de mon diocèse et les 6 autres représentent six messes que je ferai dire à votre intention.

Je suis heureux de profiter de cette occasion pour vous réitérer mes vifs remerciements pour tout le bien que vous nous faites. Daigne le Ciel vous récompenser au centuple et donner à votre chère patrie une prospérité toujours croissante.

Veuillez agréer, Monsieur le Secrétaire, l'assurance de ma considération distinguée.

Votre tout dévoué serviteur en Notre Seigneur,

                                                                     + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth».

 

XXIV

BASL, 62, pages 30-37 (1894)

LE PATRIARCAT MARONITE D'ANTIOCHE

« Monsieur le Directeur,

Permettez-moi de vous demander une place dans votre excellente revue pour éclaircir une vérité historique qui intéresse notre nation maronite, qui la considère comme une preuve de son constant attachement à la foi catholique. Elle intéresse aussi, le Saint-Siège Apostolique, parce que de cet attachement perpétuel bien démontré, il s'ensuit plusieurs preuves en faveur des dogmes catholiques contre les assertions des hérétiques et schismatiques des siècles passés.

Voici l'objet de cette missive :

Le R.P. Jullien de la Compagnie de Jésus, missionnaire à Beyrouth, vient de publier à Lille un ouvrage intitulé « Sinaï et Syrie ». Or, à la page 21me de cet ouvrage, l'auteur dit ce qui suit : « Les Maronites reconnaissent comme premier patriarche de la nation, Jean Maron, évêque de Batroun, mort en 707. Cependant le nom de Patriarche ne fut probablement, durant de longs siècles qu'un titre d'honneur donné au primat de la nation. Benoît XIV est le premier Pape qui, dans des pièces officielles, ait donné au chef de la nation le titre de Patriarche d'Antioche ». Le R.P. Jullien ajoute en note au bas de la même page : « Voir Mgr Joseph David Chorévêque de Mossoul « Antiqua Ecclesiae Syro-Chaldaico traditio » append. 3, Rome, 1870. Joseph Debs, Summa confabulationum contra assertiones Josephi David, Beyrouth, 1871 ».

Il y a deux points à relever dans ces assertions: le premier dans lequel le R.P. Jullien dit que Benoît XIV est le premier Pape qui, dans des pièces officielles, ait donné au chef de la nation maronite le titre de Patriarche ; le second est dans la manière dont il me prend à témoin de ce qu'il affirme en citant mon ouvrage : « Summa confutationum, qu'il appelle par erreur Summa confabulationum.

Laissant de côté ce second point qui pourrait être interprété en bon sens, ou être imputé à une erreur de l'éditeur, je me borne à rappeler ici les preuves que j'ai apportées dans le même ouvrage : Summa confutationum pour démontrer la fausseté des assertions de Mgr Joseph David, touchant le titre et les droits du Patriarche d'Antioche dévolus au Patriarche de la nation maronite par la concession et approbation des Souverains Pontifes, bien avant le Pontificat de Benoît XIV.

Voici donc textuellement ce que nous avons dit dans notre ouvrage, page 281 et les suivantes, pour éclairer le point qui nous occupe. « Les Souverains Pontifes confirment notre thèse en donnant au Patriarche maronite le titre de Patriarche d'Antioche. En effet, le Pape Innocent III, dans un lettre adressée en 1215 au Patriarche, aux Evêques et au peuple maronite s'exprime ainsi: « Nous confirmons, vénérable Frère Patriarche, à votre église de Sainte Marie de Yanouh, les archevêchés et évêchés ci-dessous mentionnés soumis par la grâce de Dieu à votre juridiction et vos successeurs, à savoir : les archevêchés de Mar Asia, de Terboul, et les évêchés de Mneitrah, de Raschin, de Capharpho et d'Arca. Nous vous accordons également l'usage du pallium, signe de la plénitude de la charge pontificale que vous avez reçu canoniquement et le patriarche d'Antioche (patriarche latin par qui il lui avait envoyé le pallium) vous le remettra sans aucune difficulté. Nous confirmons en outre en vertu de notre autorité apostolique, pour vous et vos successeurs, les usages adoptés par vous et vos prédécesseurs dans l'Eglise d'Antioche ».

Lorsque, vers le milieu du XIII° siècle, les Sarrazins commencèrent à repousser les Francs de la Syrie, ceux d'entre eux qui préférèrent demeurer dans le pays allèrent se réfugier auprès des Maronites dont le Patriarche les accueillit avec bienveillance ce qu'il lui valut une lettre du Pape Alexandre IV le félicitant de sa conduite à l'égard des Francs, et lui donnant le titre de Patriarche d'Antioche, ainsi que le rapporte Benoît XIV dans son allocution aux Eminentissimes Cardinaux. Léon X, aussi, dans une lettre envoyée au Patriarche Simon Pierre de Hadeth, le 1er août 1515, écrit : «Nous avons appris par les lettres d'Innocent III et d'Alexandre IV d'heureuse mémoire que Jérémie appelé patriarche d'Antioche (c'est notre Patriarche Jérémie d'Amchit) a renouvelé sa soumission au Saint-Siège à Tripoli, en présence des Archevêques, Evêques et du Cardinal Pierre, du titre de Saint-Marcel, d'heureuse mémoire, alors Légat du Siège Apostolique, envoyé par le même Innocent IV auprès des Maronites et  pour les pays Orientaux ».

Le Pape Adrien VI écrivit également au même patriarche Simon, le 22 octobre 1522 « Adrien, évêque, serviteur des serviteurs de Dieu, à notre vénérable frère Pierre, patriarche, siégeant sur le Siège d'Antioche, salut ».

Le Pape Paul V, use des mêmes expressions dans son Bref du 10 mars 1610 à notre Patriarche Jean Makhlouf d'Ehden au sujet de certains rites, et dans celui du 22 novembre 1612, concernant la concession de certaines indulgences. Il en est de même de Grégoire XV, dans son Bref au même Patriarche, en date du 1er juillet 1622, accordant une indulgence à la visite de l'église de Cannoubin le jour des fêtes de l'Annonciation et de l'Assomption de la sainte Vierge et des fêtes des Apôtres Pierre et Paul.

Ainsi que ses prédécesseurs, Urbain VIII, le 30 août 1625, écrit au même Patriarche « Urbain VIII à notre vénérable Frère Pierre Patriarche d'Antioche, salut et bénédiction ».

Ce même pape donne le même titre au Patriarche Georges Homaira d'Ehden, dans une lettre du 3 mars 1635. Nous en dirons autant d'Innocent X, dans sa lettre du 20 septembre 1646 au Patriarche Joseph d'Akoura, et dans celle du 13 septembre 1649, au Patriarche Jean de Saphra ; autant d'Alexandre VII, dans son Bref du 9 mars 1659, au Patriarche Georges de Basbaal, dans lequel on lit ce qui suit : « L'Eglise patriarcale d'Antioche appartenant à la nation maronite, que gouvernait, de son vivant, Jean de Saphra, Patriarche d'Antioche d'heureuse mémoire, vient d'être par la mort de ce Patriarche qui a payé à la nature, hors de Rome, primé de la consolante sollicitude de son Pasteur ». Clément X, au commencement de son Bref du 6 août 1672, adressé au Patriarche Etienne Edouaïyi de Ehden, et au cours du même Bref, donne au Patriarche Maronite le titre de Patriarche d'Antioche, ce qu'il renouvelle dans trois Brefs successifs : 12 décembre de la même année, 16 mai, et 20 mai 1673. Le Pape Innocent XI, le 23 novembre 1680, écrivit dans le même sens au même Patriarche. Clément XII s'exprime de même dans un Bref du 1er avril 1732, au Patriarche Jacques Aouad, pour confirmer les règles et constitutions des moines Libanais, ainsi que dans un autre Bref du 29 novembre 1735, au Patriarche Joseph Dergham El-Khazen, pour la réunion du Synode Libanais. Tous ces papes, antérieurs à Benoît XIV, ont donné à nos Patriarches Maronites le titre, les droits et les privilèges des Patriarches d'Antioche.

Dans notre ouvrage (Summa confutationum, p. 282), nous avons cité à l'appui de notre thèse, les témoignages de savants historiens, tels que le P. François Surianus, légat d'Alexandre VI en Terre Sainte, qui dans une lettre adressée, le 25 novembre 1549, à notre Patriarche Simon de Hadeth, commençait en ces termes : « Au vénérable Père Pierre IV de Hadeth qui, par une surabondance de grâce, a mérité le titre de Patriarche et de Pasteur de l'Eglise d'Antioche, son humble serviteur François Surianus Custode de Terre Sainte, Gardien des Frères Mineurs dans la ville sainte de Jérusalem, et Légat de Sa Sainteté le Pape Alexandre VI dans toute la Terre Sainte ».

Pagius, en 1635, écrit sous le n° 13 : « Comme les Maronites portent encore ce nom de nos jours, et que les Souverains Pontifes, dans leurs Bulles Apostoliques, depuis Innocent III, donnent à leurs patriarches le titre de Patriarche d'Antioche, il s'en suit que ce nom de Maronite a toujours été synonyme de catholique ».

De La Roque, dans son voyage en Syrie et au Mont-Liban, Tome II, p. 237, dit en note : « Cette Eglise (Maronite) peut être à bon droit appelée la première de l'Orient, en raison de sa catholicité et du Patriarcat d'Antioche dont elle est le siège ».

Citons encore ce que dit Dominique Magri, sur le nom des Patriarcats : « Il y a à Rome quatre basiliques patriarcales assignées aux Patriarches, pour le cas où un Concile serait rassemblé à Rome, savoir : Saint-Jean Latran, réservée au Souverain Pontife, Saint-Pierre, assignée au Patriarche de Constantinople, Saint-Paul au Patriarche d'Alexandrie et Sainte-Marie Majeur au Patriarche d'Antioche qui est maintenant le seul Pasteur catholique de la nation Maronite entièrement attachée à l'Eglise Romaine ».

Nous y joindrons le témoignage de notre Synode Libanais dont toutes les parties ont reçu l'approbation du Saint-Siège. Voici ce qu'on lit (troisième partie, chap. 6, n° 4) : « Nos anciens Patriarches, après la séparation de notre nation d'avec les autres peuples orientaux, n'ont pas seulement porté le titre et le nom de Patriarches d'Antioche mais ils ont exercé la pleine juridiction patriarcale sur les métropolitains, les évêques, les prêtres, les clercs et le peuple de notre nation Maronite, tant dans le district du patriarcat d'Antioche que dans les autres parties de l'Orient, et ils jouissent encore aujourd'hui du même titre et de la même juridiction patriarcale. Cela ne leur a jamais été dénié par les Souverains Pontifes qui, dans les actes officiels, leur ont toujours donné le titre de Patriarches d'Antioche et la juridiction pleine et entière sur tous les membres de la nation Maronite dans quelque lieu des pays orientaux qu'ils puissent se trouver ».

Voilà ce que j'ai dû reproduire de mon ouvrage précité, et cela suffit, je pense, pour démontrer l'inexactitude des assertions de Monseigneur Joseph David sur lesquelles s'est appuyé le R.P. Jullien, en affirmant que Benoît XIV est le premier Pape qui ait donné, dans des pièces officielles, au Patriarche maronite, le titre de Patriarche d'Antioche. D'ailleurs, ayant fait part de mes observations au R.P. Jullien en lui remettant un exemplaire de mon dit ouvrage, il m'a envoyé la réponse suivante, dans laquelle il me plait de voir une promesse de rectification dans le second tirage de son livre. Mais pour prévenir les lecteurs de sa première édition j'ai jugé nécessaire de publier en français les documents que j'ai cités.

Voici la réponse du R.P. Jullien.

« Beyrouth, 4 décembre 1893,

Monseigneur,

Je remercie sincèrement Votre Grandeur de l'observation qu'elle m'a communiquée, et des documents qu'Elle m'a fait lire dans son savant ouvrage, à propos de ce que j'ai écrit sur l'origine du Patriarcat Maronite d'Antioche. J'en ferai mon profit dans un second tirage, qui, je l'espère, ne tardera pas beaucoup.

Veuillez, Monseigneur, agréer les plus humbles hommages de votre tout dévoué serviteur en N.S.

M. Jullien S.J. ».

                                                                      + Joseph Debs

                                                    Archevêque maronite de Beyrouth».

 

 

 

XXV

(BASL, 59, page 60-62): Discours de Mgr DEBS devant le Pape Léon XIII en 1893, au nom d'autres évêques maronites dont Elias Hoyek, Jean Mourad et Etienne Awwad:

« Très Saint Père,

La bienveillance paternelle avec laquelle Votre Sainteté a bien voulu nous recevoir, et les paroles sublimes et consolantes qu'elle a daigné nous adresser font tressaillir nos cœurs de joie et d'enthousiasme. Elles nous imposent le devoir de déposer aux pieds du trône de Votre Sainteté nos plus sincères remerciements. Ce devoir est sans doute bien doux ; mais il n'égalera jamais la bonté sublime de Votre Sainteté. Daignez donc agréer, Très Saint-Père, l'hommage de notre plus profonde reconnaissance.

Cette bienveillance à notre égard, Très Saint-Père, sera une nouvelle preuve pour les Maronites que nous avons l'honneur de représenter ici, de la bonté excessive que Votre Sainteté leur prodigue : et en même temps elle sera une grande impulsion pour nos frères Orientaux qui vivent séparés du Saint-Siège. Votre Sainteté les invite à retourner au sein du Père Commun que le Sauveur a établi Son Vicaire sur la terre. Ils verront clairement que Vous êtes le bon Pasteur qui laisse les 99 brebis fidèles pour courir après celle qui s'est éloignée du bercail, et après l'avoir trouvée la porte avec joie sur vos épaules. Ainsi disparaîtront leurs préjugés que le Successeur de Pierre méprise les Successeurs des autres Apôtres ; qu'il traite comme un esclave leur peuple que le Rédempteur a racheté de son sang ; qu'il veut abolir leurs rites quand les Souverains Pontifes eux-mêmes les considèrent comme autant de pierres précieuses qui sont comme la couronne de l'Eglise catholique et contiennent un nombre infini de documents pour prouver la vérité de ses dogmes.

Beaucoup de vos prédécesseurs, d'heureuse mémoire, ont prouvé cette vérité, par les faits et par leurs écrits que le temps ne peut pas détruire et qu'on ne peut pas abolir. Votre Sainteté n'a laissé passer aucune occasion sans confirmer par ses œuvres et par ses écrits ces principes du Saint-Siège. C'est là en effet ce que réclame le soin pastoral et universel confié au Vicaire de Jésus-Christ.

Plût à Dieu qu'il nous fût permis de voir les heureux résultats que le Père commun des fidèles a tant à cœur. Fasse le Père des Lumières resplendir la lumière dans le cœur de nos frères et que nous puissions les amener au Bercail de l'unité qui est la source de tout bien spirituel et temporel. Alors nous serions heureux de votre union et nous marcherions dans la voie du vrai progrès. Toutes les contradictions, même civiles, qui sont cause de nos malheurs verraient leur fin, et nos fêtes auraient plus de joie et de splendeur. Le monde verrait que nous sommes dans la voie de la vraie civilisation, et que nous marchons unis dans un intérêt commun, avec la soumission à la légitime autorité de notre illustre et très aimé Souverain le Sultan Abdul-Hamid. Votre Sainteté sait fort bien combien Sa Majesté tient à cœur le bonheur de ses sujets, à quelque religion qu'ils appartiennent, et comme les Chrétiens de l'Empire jouissent de la tranquillité et de la sûreté publique. Elle n'ignore pas avec quelle bienveillance Elle nous traite, nous, Chefs spirituels, en nous accordant des faveurs et des privilèges qui nous font envier de nos frères d'Occident. Du côté de Sa Majesté il ne manque donc rien pour notre progrès ; ce qui nous manque c'est la volonté de nous unir dans la Foi, pour reconquérir la prospérité spirituelle et civile qui trouvent tant d'obstacles dans notre division. A dire vrai, Très Saint-Père, nos frères ont en général un caractère bon et pacifique, et une grande partie d'entre eux déteste cette division, et ils ne nous tourmentent point en matière de religion, comme le font les protestants et les incrédules venus d'Europe. Prions donc afin que ces frères suivent notre exemple. Soyons toujours attachés au Saint-Siège. Ils disent que nous obéissons en aveugles ; mais quel nous est-il arrivé de cette union ? Au contraire nous remercions Dieu de ce que dans notre nation, les Séminaires et les Collèges, les Imprimeries, les Ordres religieux et un Clergé très instruit, sont dans un état très florissant. Nous espérons que, comme nos prédécesseurs ont conservé intact, depuis les apôtres, le dépôt de la Foi, et coopéré autant qu'il été en leur pouvoir, à sa propagation en Orient, nous resterons aussi nous-mêmes, avec la grâce de Dieu, très attachés à cette Foi. Nous serons fidèles à ‘accomplissement de nos devoirs, obéissants et dévoués au Saint-Siège et au Vicaire de Jésus-Christ, et particulièrement à l'immortel Léon XIII qui nous a comblés d'une bienveillance particulière. C'est pourquoi toute la Nation, le patriarche, les évêques, le clergé et le peuple forment des vœux ardents pour la conservation des jours précieux de Votre Sainteté pour le bien de l'Eglise et de la Société. Nous prions Dieu de Lui accorder tout ce qu'elle peut désirer pour sa plus grande gloire et pour la tranquillité et la paix du monde entier.

Enfin, Très Saint-Père, nous vous prions de nous accorder la Bénédiction Apostolique pour toute la nation, pour le clergé et pour le peuple ».

 


المنهجية عند يوسف الدبس

 

أ.د. الياس القطّار

الأثر التاريخي كما الأثر الأدبي صرح أو بناء له أساساته وسطحه ومداميكه . ما يبنى فيه على الرمل يزحل عند أول شتاء وما يبنى على صخر يستمرّ حتى آخر الدهر.

هذا البناء التاريخي له مضمونه ومنهجيته . ومنهجيته تقوم على عدّة عناصر هي: التقميش والعلوم الموصلة والنقد والعدالة والضبط والاجتهاد وبناء الصيغة التاريخية وتنظيم الحقائق وعرضها.

- أولها في أساس هذا البناء التاريخي التقميش أي ما يتصيّده الباحث من وثائق مكتوبة وصورية وسمعية ومادية ومخطوطات ومراجع طالت الموضوع من قريب أو من بعيد. فالتاريخ يكتب بالرجوع إلى الوثائق وإذا ضاعت الأصول ضاع معها التاريخ.

- وثانيها العلوم الموصلة: أي العلوم التي تساعد على كشف الحقيقة وتوصل إليها. القديمة منها  من اثار وابيغرافيا وفقه اللغة وباليوغرافيا واتنوغرافيا ومسكوكات وغيرها، والمستحدثة من علوم حديثة تساهم في تفتيت الحقيقة إلى عناصرها الأساسية.

- وثالثها النقد: وهو تشريح الاصول ودراستها والتأكد من صحتها وعدم تزويرها والكشف عن الدسّ فيها وكشف شخصية كاتبها وتحريّ النصوص وتفسيرها في الظاهر والباطن.

- ورابعها العدالة والضبط: هو في تحريّ مدى عدالة المصدر والرواية  والمعلومات المضبوطة فيها لإثبات الحقائق فيها.

- وخامسها الاجتهاد: حيث تسكت الأصول.

- وسادسها وآخرها، بناء الصيغة العامة المنطقية المتماسكة المعلّلة وتنظيم الحقائق لعرضها باسلوب علمي مبسط من دون تكلّف وتزويق وصناعة.

أين المطران يوسف الدبس من كلّ ما ذكرت على صعيد المنهجية. سنحاول أن نكتشف ذلك من خلال مؤلفه الأهم والأغنى : من تاريخ سورية الدنيوي والديني، المطبوع بين سنتي 1893 و1905وأفرد منه الفصول المتعلّقة بتاريخ طائفته في كتاب سمّاه الجامع المفصّل في تاريخ الموارنة المؤصل، الذي أعيد طبعه في دار لحد خاطر  مع تقديم للراحل الكبير الأب ميشال حايك.

أولاً- التقميش:

أ- التاريخ القديم[4]

أورد الدبس فى كتابه مراجع ومصادر عديدة. ولكن يبدو أنّه لم يطّلع عليها مباشرة بل بالواسطة من خلال مراجع معاصرة صدرت في أيامه. المصدر القديم الوحيد الذي اسند معلوماته إليه بحكم معرفته الوثيقة به كان: الكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد وملحقاته على أنّه زاوجها بالمراجع التي تؤكد حقيقتها على ضوء بعض المكتشافات الاثرية.

كما اعتمد على مؤرخ مسيحي من العصور الاسلامية هو ابن العبري.

 أما المؤرخون الذين استقى الدبس  معلوماته من مؤلفاتهم فهم :

- لونورمان[5] F.Lenormant: الذي اعتمد عليه بشكل رئيسي لاسيما فيما يتعلق بتاريخ لبنان في العهدين الكنعانى والفينيقى ونستنتج ذلك بسهولة من خلال التثسابه شبه التام فى تقسيم البحث  وتشابه العناوين الرئيسة إضافة إلى الحرفية التامة فى معظم مراحل البحث.

ولكن الدبس استفاد من مراجع أخرى عديدة واستقى منها بعض المعلومات المهمة التى تغاضى عن ذكرها لونورمان فنذكر منها:

مسبرو[6] Maspero: فى كتابه "التاريخ القديم لشعوب الشرق » الذي استفاد الدبس منه فى

إطار دراسته  أصل  الكنعانيين والفينيقيين وممالكهم ومدنهم، كما اعتمد عليه فى إطار معالجته علاقة الكنعانين والفينيقيين بالمصريين » إضافة إلى أن الدبس استقى من مسبرو بعض الفقرات فوضعها في مقاطع عديدة أخرى من كتاب "تاريخ سورية".

- فيكورو[7] Vigouroux: فى كتابه " الكتاب والاكتثسافات الحديثة » استفاد االدبس منه فى إطار معالجته تار يخ الملوك الآشوريين » وكثيرا فى دراسته لتاريخ اليهود. كما اطلع الدبس على كتاب آخر لفيكورو بعنوان "معجم الكتاب "  .

هوفر[8] Hoefer: استد اليه الدبس ا فى إطار معالجته للانثسار الفينيقي على عهد مدينتى

صيدا وصور.

- مرتين اليسوعي: اعتمد عليه في الحديث عن الكنعانيين والفينيقيين وأصلهم ومواطنهم وتقاليدهم الدينية، ولكن كان له موقف معاكس لرأيه في الكنعانيين ونقد له.

ـ برو[9] Perrot وشيبياز Chippiez: استند الدبس إلى معلوماتهما في إطار دراسته الصناعة والأبجدية والديانة.

 ـ رينان[10]  Renan: اطلع عليه لكي يشير إلى أثارات عديدة وجدت في فينيقيا» وهي تعود لشعوب الفينيقيين والمصريين وشعوب بلاد ما بين النهرين واليونانيين والرومانيين، وهو يأخذ عنه وصفه للآثار لأن هذا الوصف لا يتعارض مع ما جاء في التوراة التي شكك فيه رينان في بحثه عن حقيقة الله فألحد .

ـ كاران[11] Guerin: اطلع الدبس على كتابين يعودان لهذا المؤرخ لاسيما في إطار معالجته تاريخ اليهود ومواضيع أخرى. وقد اهتم كاران بوصف بعض المدن والقرى الواقعة في فلسطين ولبنان وسوريأ والقى نظرة سريعة على تواريخها أستفاد منه الدبس في ذكر تواريخ المدن الفينيقية .

ـ بوجولا[12] Poujoulat: اعتمد الدبس على كتابين ألفهما بوجولا واستفاد من معلوماته الواردة فى كتاب "تاريخ أورشليم ´» واستنتج معلومات مهمة حول تاريخ العبرانيين وقليلا في تاريخ صورالسياسي وبخاصة عندما ترتبط الأحداث بالعبرانيين .

- واديكنتون[13]Waddington: مؤلف كتاب" النقوش الاغريقية واللاتينية"

- لوكويان[14] LeQuien: وكتابه "المشرق المسيحي:، بالنسبة للتاريخ المسيحي.

المراجع التي ذكرناها ليست الوحيدة الواردة أسماؤها عند الدبس. والحقيقة أنه أتى على

ذكر كمية كبرى من المصادر والمراجع الأخرى لا يمكن الجزم بمدى صحة اعتماده عليها.

فهو يذكر مصادر كثيرة من أمثال هيرودوت واسترابون وبلين ويوسيفيوس وديودور الصقلي واريان وبلوتارك ويوستينوس وكوينتوس كرس  وكتاسيوس و"الكتاب السرياني الكلداني وكوسان دو برسوفال وكلمت وماريت ودي روجيه ومييندر، ونظنّ أنّه أخذ معلوماته عن المراجع المذكورة أعلاه التي تستند إلى هذه المصادر ولكنّه لم يأخذ عنها مباشرة. وحتى المراجع المذكورة أعلاه يأخذ عنها من دون ذكر لها في أحيان كثيرة .

في الكلام عن اليونان والرومان اعتمد الدبس منهجية تختلف عما سبق خاصة لجهة تقسيم الموضوع. ويبدو انه اعتمد فكتور دوري[15] Duruyفي كتابيه عن اليونان والرومان.

ويبدو واضحاً أنّ الدبس لم يطّلع على كافة الدراسات التي صدرت في زمانه في التاريخ القديم.

وهو يستقي معلومات متضاربة من مرجعين مختلفين. وقد يعطي اسماء ومعلومات لاتتطابق مع المراجع التي أخذ عنها.

 

التاريخ الوسيط

الفرسان الثلاثة الذين استند اليهم يوسف الدبس بالنسبة للتاريخ العام، أي التاريخ الاسلامي هما: ابن الاثير( ت1234م) في كتابه "الكامل في التاريخ" وأبو الفداء (ت1331) في تاريخه "المختصر في أخبار البشر" وابن خلدون (ت1406م) في تاريخه، والفارس الرابع المتأخّر زمنياً عن القرون الوسطى هو أحمد القرماني (ت1610) في "كتاب أخبار الدول وآثار الأول". ويحدّد ذلك كما في كلّ الاسنادات: انتهى ملخّصاً عن...

وسيبقى الثلاثة القاعدة الرئيسة بالنسبة للقرون الوسطى حتى العهد الفرنجي- الصليبي  وصولا للقرن الرابع عشر مع موت ابن الأثير وحلول ابن الوردي (ت1348) مكملاً ابو الفداء.

وفي الفترة الصليبية يدخل ميشو[16] ودومسنيل Du Mesnil كمرجعين قي التاريخ العالمي وكذلك معجم التاريخ لكوردان.

وسيصبح الأمير صالح بن يحيى اللبناني في كتابه "تاريخ بيروت..." ركيزة أساسية في رواية أحداث القرنين الرابع عشر والخامس عشر. كما يعرّج كثيراً على ابن العبري ت( ت) في كتابيه تاريخ الزمان وتاريخ مختصر الدول ط, الأب انطوان صالحاني 1890، والأخير هو المعوّل عليه بالدرجة الأولى.

ويلاحظ بأنّه يبرز الفروقات بين المؤرخين، ويقارن بين المؤرخين المسلمين والمؤرخين الغربيين.

في سير المشاهير يعود إلى ابن خلكان( ت 1282) في كتابه "وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان" في كل القرون الممتدة من السابع إلى التاسع. وبالنسبة للقرن العاشر فيستعمل ما سبق مع اضافة ابن شاكرالكتبي (ت1362) في "فوات الوفيات"،  لمرة واحدة ثم يكثر من استعماله فيما يلي.  مع القرن الثالث عشر سيدخل عبد الرحمن ابي القاسم الكناني العسقلاني في "فوات الوفيات" إلى مجموعة المؤرخين الذين يستند إليهم.

التقاعس في استنطاق المؤرخين المعاصرين للحدث في التاريخ الاسلامي والعالمي يتضآل في ما يحرره الدبس عن التاريخ المسيحي عامة والتاريخ الماوني عامة الذي هو بالقياس على غيره من التواريخ أغنى وأمتن لجهة استنطاق مروحة من المعلومات من مصادر ومراجع هي جلّ ما كان رائجاً في زمانه، مع الحذر الدائم من كونه يميل في التاريخ الماروني إلى إنشودة التاريخ الماروني الأبدي السرمدي على جاري عادة ما سميّ بـ "علماء الموارنة".

 

وبالنسبة للتاريخ المسيحي يعود الدبس إلى الدويهي والسمعاني ولوكويان واسطفان عواد، ونلحظ استعمالاً لديوان الاخطل، ط .انطون صالحاني، وشعراء النصرانية للأب لويس شيخو، ولاباي في مجموعة المجامع، وابن العبري ومرهج بن نمرون في كتابه بافوبليا، واوزيب رينودوسيوس( ت 1720) Renaudot،  مؤلف "تاريخ الطوائف الشرقية" والحاقلي، وباجيوس Pagius، وبلتيا في معجم المعاجم، والقديس الفونس ليكوري في كتاب "تاريخ الهرطقات مع دحضها" وقد ترجمه الدبس وطبعه سنة 1854 في مطبعة طاميش. ومعجم التاريخ لكاران المذكور أعلاه،  معجم المجامع للاب باليا من طبعة مين، ودراسات الاب شيخو في المشرق.

بالنسبة لتاريخ الموارنة في القرن السابع نجد إضافة إلى ما ذكرنا من مؤرخين عن التاريخ المسيحي: رواية علماء الموارنة، دولاروك[17]، و نطالي اسكندر[18] مع عدم التأكد ما إذا كان قد استعمله مباشرة، وابن القلاعي، وتاريخ الموارنة ط. الشرتوني، وبولس مسعد في الدر المنظوم[19]، وفرنسيس سوريانوس[20]، والحاقلاني، واسطفانوس عواد السمعاني في فهرست المكتبة الشرقية، دانديني أحياناً من خلال ترجمة اسطفانوس عوّاد، وبراءات بابوية، وروح الردود للدبس وفيه شهادات البابوات في الموارنة في اللاتينية مع ترجمة عربية، ومنسي Mansi.

وعندما يبدأ الكلام عن القرن التاسع يدخل المجمع اللبناني.

في القرن الأخير من القرون الوسطى، القرن الخامس عشر، تحلّ مصادر جديدة مجلّ السابقة، بالنسبة للتاريخ العام، المصدر الأساس فيها هو ابن أياس في "بدائع الزهو في وقائع الدهور"، ونجد مصادر أخرى في استعمال ثانوي كابن عربشاه في "عجائب المقدور في تاريخ تيمور"، ومحمد عبد المعطي بن أبي الفتح الاسحاقي (ت 1650م) في "لطائف أخبار الاول ممن تصرّف بمصر من أرباب الدول"، والشيخ عبدالله الشرقاوي (ت 1812) في "تحفة الناظرين في من ولي مصر من الولاة والسلاطين".

أمّا السير فترجم لها من خلال ما ينشر من كتبها ومن خلال السيوطي (ت 1505م) في "حسن المحاضرة..." وابن الشحنة (ت1485م) في "الدرّ المنتخب" وابن حبيب (ت1377)  في "درة الاسلاك" وكشف الظنون وابن اياس وابن عربشاه.

وبالنسبة للموارنة زيادة عما سبق ذكره نجد هنري لامنس في قصّة الفرير غريفون.

 

التاريخ الحديث

مصادر ومراجع الدبس بالنسبة للقرن السادس عشر هي بالنسبة للتاريخ العام: القرماني والاسحاقي ومحمد فريد بك في "تاريخ الدولة العليّة العثمانية" وتاريخ العثمانيين لـ دي لاكروا[21]. واستفادة كبيرة وأساسية من معلومات الدويهي عن هذا القرن ومعلومات حيدر شهاب في الغرر الحسان مع تنبيه منه للقارىء من الأخطاء المطبعية الواردة في طبعة نعوم مغبغب في مصر. ونجد معلومات من مصادر عائلية لبنانية.

بالنسبة للسير يستفيد من كتبهم التي شقّت طريقها للطبع ومن كشف الظنون. وبالنسبة للتاريخ المسيحي عامة والماروني خاصة فالمصادر والمراجع السابقة.

القرن السابع عشر هو على صعيد التاريخ العام والتاريخ الماروني ملخّص في الدرجة الأولى عن الدويهي، مع استفادة من الأمير حيدر. وفي المعلومات عن آخر القرن يطلّ طنوس الشدياق.

السير : مأخوذة بشكل عام من المحبي (ت1699م) في "خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر" التاريخ المسيحي إضافة إلى المصادر السابقة يستفيد الدبس من الدرّ المنظوم ومن مختصر تاريخ طائفة الروم الملكيين.

وعلى صعيد التأريخ للموارنة إضافة إلى ما ذكر عن القرن السابق يدخل الأرشيف الماروني الموجود في البطريركية المارونية والبطريرك مسعد وتاريخ الموارنة للشرتوني.

الثامن عشر

التاريخ العام يستند إلى حيدر شهاب والسير إلى محمد خليل أفندي المرادي (ت 1791م) في "سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر".

البطاركة: مختصر تاريخ طائفة الروم الملكيين المطبوع في سنة 1884- لوكويان-الارج الذاكي- قصيدة لجرمانوس فرحات في البطريرك اثناسوس الدباس- السمعاني- سلسلة بطاركة اورشليم من تاليف الشماس غريغوريوس.

المشاهير الدينيين: مختصر طائفة الروم الملكيين الكاثوليك- السمعاني- جرجس منش في مجلة المشرق- المحاماة عن الموارنة- الدر المنظوم- كتاب جرمانوس آدم والردّ عليه من البطريرك تيان.

الموارنة: سجلات خزائن البطريركية المارونية- نصوص مجامع بقعاتا وغوسطا وميفوق وعين شقيق وبكركي الاول في السجلات البطريركية-المجمع اللبناني- كتابات تأريخية على عتبات بعض الكنائس والاديرة- اشعار- تاريخ الموارنة للشرتوني- مختصر تاريخ جبل لبنان للعينطوريني- الاب شيخو في المشرق- جرجس منش الماروني الحلبي- مؤلفات جرمانوس فرحات- السمعاني - لوكويان-اسطفان عواد- النبذة التاريخية في كسروان للبشعلاني.

التاسع عشر

التاريخ العام: حيدرشهاب- الشدياق- الكتاب الفرنسي الرسمي المعروف بالاصفر عن اعمال الدولة سنة 1861- نصوص معاهدات السلطان عبد الحميد الثاني-الدبس كمعاصر للمتصرفية.

المشاهير من خلال مؤلفاتهم

البطاركة الملكيين من خلال كتاب مختصر تاريخ طائفة الروم الكاثوليك المطبوع في بيروت سنة 1884- الموارنة: شاهد معاصر  يستمد معلوماته أيضاً من سجلات الكنيسة والأديرة والمدارس وغيرها ومن المؤلفات المعاصرة له.

ثانياً- العلوم الموصلة:

يبدو أنّ هذه العلوم لم تشقّ طريقها إلى ثقافة الدبس التاريخية برغم معرفته باللغة الايطالية واليونانية والفرنسية إضافة إلى العربية والسريانية.

ثالثاً - النقد:

أعتقد أنّ يوسف الدبس لم يقدم على تشريح الاصول والكشف عن صحتها وعدم تزويرها كما لم يقدم على تحرّي النصوص بمعنى مقارنة النصوص المتنوعة لمصدر واحد لضبط المتغيرات فيها. كما لم يعمد إلى تفسير باطنها بل إكتفى بإيراد ما ورد فيها .

رابعاً- العدالة والضبط:

 طبعاً لم يقدّم يوسف الدبس شهادة شاهد عيان في ما كتب باستثناء القرن التاسع عشر الذي يؤرخ له كمعاصر له. ولكن على صعيد العدالة يمكن القول بأنه لم يكن مشايعاً لوطن أو دين أو حزب أو فئة . فهو لا يبالغ في ما يذكر ولا ينتقص من قدر أحد ويكتفي بايراد  كمّ من المعلومات عمّا يريد ايصاله عن شخص أو حادثة ما. ولا يتدخّل في محاججة إلاّ في ما يختص بالتاريخ الماروني.

خامساً-  الاجتهاد:

لا يبدو أن الدبس يعير الاجتهاد حيّزاً كبيراً فهو يسكت حيث تسكت الوثائق والمصادر والمراجع، مع أنّ سكوتها ليس حجّة عند المؤرخين.

سادساً-  بناء الصيغة العامة وتنظيم الحقائق والعرض العلمي:

صيغة الكتاب هي الصيغة الحولية التي تؤرخ للأحداث قرناً بقرن وداخل كلّ قرن سنة بسنة . ولكن ضمن هذه الصيغة الكلاسيكية الجامدة اعتمد يوسف الدبس صيغة متطورة تقوم على تبويب كلّ قرن إلى مواضيع منذ العهد الروماني حتى نهاية أجزاء الكتاب بحيث يخصص سرداً تاريخيّاً للتاريخ العام ثم معجماً للمشاهير وأخيراً باباً للتاريخ المسيحي بأحداثه ومشاهيره ومجامعه . ومع بداية التاريخ الماروني يضع في كلّ قرن ملحق خاص بالموارنة يعالج تاريخهم العام ومشاهيرهم ومجامعهم وكنائسهم وأديرتهم ومدارسهم. أمّا قبل التاريخ الروماني، منذ بدء الخليقة فرواية تتوازى مع رواية الكتاب المقدّس بشقيه: العهد القديم والعهد الجديد وملحقاته.  

وبذلك يكون قد زاوج بين التقليد والحداثة في بناء الصيغة العامة.

أمّا تنظيم الحقائق فيختلف باختلاف المواضيع فهو يختار المعلومات وينسّقها ويختزلها فيما يتعلق بالمعلومات أو المواضيع العامة خاصة بما يتعلّق بالتاريخ القديم والتاريخ الإسلامي العام. ويقدم على إغراق المواضيع العائدة للتاريخ الماروني بكلّ ما لديه.

الاسلوب المعتمد من قبل يوسف الدبس في الكتابة هو السرد الزمني "الكرونولوجي" الذي يتعقّب العصور من دون تعليل أو تحليل في غالب الأحيان بالنسبة للتاريخ العام والتأريخ للمسيحيين والسير للأعلام الزمنيين والدينيين، باستثناء التاريخ الماروني الذي له فيه مداخلات وأحياناً ردود. وضمن إطار السرد يبتعد عن الحسم في المواضيع الخلافية. وهو سرد بسيط من دون تكلّف وبلغة عربية صحيحة

طريقة عرضه للمراجع التي يستند إليها لا تمّت بصلة للمنهجية المعتمدة في الغرب، على الأقلّ كما في الكتب التي اطلع عليها، من حيث الفصل بين المتن والحاشية. لذلك يدرج أسماء المصادر، التي يوهمنا بأنّه يأخذ عنها دون أن يأخذ، والمراجع التي يأخذ عنها بالفعل في متن الكتاب. وغالبية مراجعه فرنسية. وأحيانا كثيرة لا يفصح عن المصادر أو المراجع التي يأخذ عنها وهو قد يذكر الكتاب أو المؤلف أو الإثنين معاً أو واحداً منهما مع صفحة ومن دون صفحة. ويكتفي في آخر كلّ مقطع، ومقاطعه قد تكون مطوّلات من عدّ صفحات، بالقول أنّه لخصّ ذلك عن فلان وفلان.

ما قدّمه يوسف الدبس بالقياس على معاصريه من مؤرخين لبنانيين خاصة وعرب عامة هو نقلة نوعية في التأريخ اللبناني على صعيد إثراء هذا التاريخ بفيض من المعلومات الجديدة والغنيّة. وكما في كلّ نهضة ينقسم المفكرون والكتاب بين هدفين وخيارين، بين خيار النوعية وخيار الكميّة: الخيار الأول هو في المؤلفات المهندسة جيداً المرتكزة على الضروري والأساسي من المعلومات والخيار الثاني هو المؤلفات المحشوة بالمعلومات على حساب هندستها.

 إختار يوسف الدبس الخيار الثاني فتراجعت المنهجية عنده. فمن بديهي القول أن يكون يمتلك المؤرخ عقلاً محشواً بالمعلومات كمعلومات وعقلاً مهندساً بالنسبة لصياغة المعلومات. لذلك جاءت منهجية الدبس ضعيفة قصصية تفتقر إلى العمق على صعيد المضمون، سطحية لا تراعي تفاعل التيارات الاجتماعية الاقتصادية الثقافية التي تفرز الأحداث السياسية-العسكرية الخارجية، وتبقى على الصعيد الماروني أسيرة تلك الايديولوجية التي ترى أنّ الموارنة كانوا مستقيمي العقيدة حتى لربما قبل وجود الله.

 مما لاشكّ فيه أن منهجية الدبس ضعيفة علمياً وهي ليست مثالاً يحتذى. ذنبه مغفور بالنسبة للشرق المتخلّف دائماً، لا لعلم التاريخ الذي صيغت فيه المنهجية التاريخية في زمانه. فالعلم ليس لزمان ومكان محدّد بل تواصل مع كلّ زمان ومكان. 

 

 1 - عادل اسماعيل، الوثائق السياسيَّة الفرنسيَّة، المجلَّد العاشر، صفحة 178 (بالفرنسيَّة).

1 - أنظر Annales de la Mission, n° 4, 1938, pp. 89-117

  3 - يوسف الدبس، تاريخ سوريَّا، الجزء الرابع، المجلَّد الثامن، صفحة 777-778. 

[4]  لابدّ من التنويه بالدراسة التي حققها الدكتور مروان أبي فاضل في رسالته لنيل الدبلوم، الفنار 2001 بعنوان "مفهوم تاريخ لبنان القديم من خلال مؤلفات المطران يوسف الدبس" التي كشف فيها المراجع التي أخذ يوسف الدبس عنها بالفعل بالنسبة للتاريخ القديم وأجرى مقارنة مبسّطة بين ما جاء فيها وما جاء عند ةالدبس الذي لم يفصح عنها دائماً مم يوهم القارىء أنّه يأخذ عن مصادر تلك الحقبة لا عن المراجع التي نجدها في هذه الدراسة.

[5]  F.Leormant, Les origines de l'histoire d'après la Bible et traditions des peuples orientaux, Paris 1880-1884; Histoire ancienne de l'Orient jusqu'au guerres médiques, Paris 1869; Essai sur la propagation de l'alphabet dans l'ancien monde, Paris 1872.

[6]  G. Maspero, Histoire ancienne des peuples de l'Orient, Paris 1876.

[7]  F. Vigouraux, La Bible et les découvertes modernes en Palestine, en Egypte, et en Assyrie, Paris 1896.

[8]  F,Hoefer, Chaldée , Assyrie, Médie, Babylonie, Mésopotamie,Phénicie; Palmyre, Paris 1869.

[9] G.Perrot et C. Chipie, Histoire de l'Art dans l'antiquité, Egypte, Assyrie, Phénicie, ..., Paris1885; Exploration archéologique de la Galatiaet de la Bythinie, Paris1872.

[10] E,Renan, Mission de Phenicie, Nelle ed. Academie des belles letters, Paris 1965.

[11]  V.Guerrin, Déscription géographique, historique et archéologique de la Palestine, Paris 1868-1880; La Terre Sainte, son histoireses souveins et ses sites ses monuments, Paris 1884.

[12]  Poujoulat, Histoire de Jérusalem, Paris1855.

[13]  W.H.Waddington, inscriptions grecques et Latines, Paris 1870.

[14]  Le Quien, Oriens christianus; MDCCXL

[15] V.Duruy, Histoire des Grecs...Paris 1887-1889; Histpores des Romains...Paris 1879-1883.

[16] L.G.Michaud,Biographie universelle ancienne et moderne..., Paris 1859-1965.

[17] J.de Laroque, Voyage en Syrie et du Mont-Liban, ..., 2v. Paris `1722.

[18] Noel Alexandre, (1639-1724), Dominicain, il s'agit de son ouvrage "Selectae historiae ecclesiasticae capita..., Paris 1676-1686.

[19] البطريرك بولس مسعد، الدرّ المنظوم، طاميش 1863.

[20] P.F.Suriano, Il tratto di Terra Santa...Milan 1900.

[21]  Petits de la Croix, Abrégé de l'histoire ottomane, Paris 1768.

 


[i]  M. NEUSCH, « Positivisme et néo-positivisme » in Dict. des Religions (= DdR), (Paris, PUF, 1993), p. 1564-1567; A. COMTE, Cours de philosophie positive. Catéchisme positiviste de la religion universelle; H. De LUBAC, Le drame de l'humanisme athée, Paris, 1944, p. 137-279; P. JACOB, De Vienne à Cambridge. L'héritage du positivisme logique de 1950 à nos jours, Paris, 1980.

[ii]  P. H. LAMMENS, "Etudes sur le règne du Calife Omaïade 1er (Deuxième série), Mélanges de la Faculté Orientale, 1907, p. 1ss.

لن يكون الدبس راضيًا عن موقف لامنس في الموقف الوضعانيّ الذي اتَّخذه. فقد كان في حاجة إلى هذا السند العلميّ.

[iii]  سنة 1904 كتب البراهين الراهنة في أصل المردة والجراجمة والموارنة فرفض موقف لامنس والأب أنستاس فقال: "المردة والموارنة سيّان لا يختلفان بغير الاسم، كما تلقينا من السلف". ولم يكن لكلام الأب لامنس... ليشبعنا لما جاء فيه من المناقضات التي كانت تضعفه..." (ص 12). وسنة 1911، كتب لباب البراهين الجليَّة عن حقيقة أمر الطائفة المارونيَّة، منذ أوائل القرن الخامس إلى أوائل القرن الثالث عشر من القرون المسيحيَّة. وممّا قال في المقدِّمة، ولا سيَّما بعد كتاب المطران يوسف داود: "ولهذا عمدنا إلى كلِّ ما بين أيدينا من الآثار التاريخيَّة الراهنة التي لا يختلف في صحَّتها اثنان من أهل العلم والتدقيق... وأخذنا نثبتُها... وعقبنا كلِّ أثرٍ منها بدرس تاريخيّ انتقاديّ نذكر فيه ما يلوح لنا علميًّا... بحيث يرى كلُّ من وقف على كتابنا هذا تجرُّدنا التامّ عن كلِّ عامل، واعتدال خطَّتنا في البحث" (ص 8).

[iv]  "المردة والجراجمة"، المشرق، 6 (1903)، ص 301-309.

[v]  الياس القطّار، "المطران الدبس في مرآة المنهجيَّة التاريخيَّة: أنموذج الجامع المفصَّل في تاريخ الموارنة المؤصَّل"، الحكمة، العهد الثاني، السنة 5، العددان 3 و4، آذار ونيسان 1999، ص 358-365 (أو: 166-173). قال ص 358: "التاريخ علم عالميّ... وهذا التوجُّه العالميّ استتبَّ منذ القرن التاسع عشر في أوروبّا الغربيَّة بالذات، حيث أصبح التأريخ علمًا قائمًا بذاته، منفصلاً عن الأدب والفلسفة، يسعى لشرح الأحداث عقلانيًّا".

[vi]  fidéisme. إيمان يصارع العقل وفي النهاية يتخلّى عنه.

[vii]  Impressionisme subjectif  هو شعور يعارض ما هو موضوعيّ.

[viii]  حاشية 1، DdR, p. 1586; J. HABERMAS, La technique et la science comme "idéologie", 1968, traduit de l'allemand par J. -R. LADMIRAL, Paris, 1973 ; M. HORKHEIMER, Eclipse de la raison, traduit de l'américain par J. DEBOUZY, Paris, 1974.

[ix]  Weltanschaung. تفسير إجماليّ للعالم وللحياة، يتضمَّن أحكامًا قِيَميَّة، ويعرض أهدافًا يجب البلوغ إليها  P. POUPARD, "Idéologie et Religion", DdR, p. 892-894; ici p. 892; Voir M. SIMON, Comprendre les idéologies, Paris, 1978; O. REBOUL, Langage et idéologie, Paris, 1981.

[x]  الأب ميشال حايك، مقدِّمة. المطران يوسف الدبس، تقديم الجامع المفصَّل، ص. ظ.

[xi]  عنوان الكتاب كما نُشر في دار "لحد خاطر" سنة 1987 في مجموعة "الخزانة التاريخيَّة" هو الجامع المفصَّل في تاريخ الموارنة المؤصَّل. جاء في 390 صفحة، بالإضافة إلى الفهارس التي وصلت بنا إلى ص 410، والمقدِّمة التي بدأت بحرب (أ) ونتهت مع (هـ هـ)، أي ما يقابل 27 صفحة. ونحن نورد الصفحات كما في هذه الطبعة الأخيرة.  وهنا ص 1-19.

[xii]  الجامع المفصَّل، ص 21-98.

[xiii]  الهدى، عرَّبه عن السريانيَّة سنة 1059 المطران داود المارونيّ. عُني بنشره الأخ بطرس تامر فهد العشقوتيّ، تلميذ مدرسة الرهبانيَّة الحلبيَّة المارونيَّة في رومة. طُبع في حلب سنة 1935.

[xiv]  K. SAMIR, "Kitâb al-Hudâ, Kitâb al-Kamâl et Kitâb an-Namus", Orientalia Christiana Periodica, 42, fasc 1, 1976, p. 207-216, ici p. 216; Idem, "L'exposé sur la Trinité du Kitâb al-Kamâl. Edition critique Parole de l'Orient, VI-VII (1975-1976), p. 257-279.

نجد النصّ العربيّ ص 268-279G. GRAF, Geschichte der christlichen arabischen Literatur, t. 2, coll. Studi e Testi, 133 (Cité du Vatican, 1947), p. 94-98.

نشير إلى أنَّنا نقرأ في الهدى، ص 39، س 8: كتاب الاتِّحاد.

[xv]  المطران دريان، لباب البراهين، حاشية 3، ص 225. نقرأ في ح أ: "وعندنا أنَّ هذه النسخة العتيقة إنَّما كانت مكتوبة بالحرف العربيّ".

[xvi]  A. JOUBEIR, Kitab al-Huda. Essai, Kaslik, Liban, 19912, p. 96-97

[xvii]  المقالات العشر، لتوما الكفرطابي. وثيقة في أصول الكنيسة المارونيَّة، تحقيق شارل شرتوني، دار المشرق، بيروت، 1987.

[xviii]  ريش قريان مارونيّ قديم، 1242، الكسليك، 1988.

[xix]  تفسير لسفر التكوين، منسوب إلى القدّيس أفرام السريانيّ، قدَّم له ونشره الأب يوحنّا تابت، الكسليك، 1982. بيَّنا في محاضرة في غروننغن (هولندا) سنة 1984، أنَّ هذا النصّ يعود إلى القرن الثاني عشر أي بعد الانشقاق بين الشرق والغرب في الكنيسة. وأضاف الأب سمير خليل سمير الذي نشر أعمال المؤتمر، راجع .OCA, Rome, 1986, p. 159-175 أنَّ هذا النصّ جاء من مصر وكاتبه هو أبو الفخر مرقس ابن القنبر. واستعيد المقال في P. FEGHALY, De la Bible aux Traditions de l'Orient, Kaslik, 2004, p. 263-280. وعاد الأباتي تابت فأجاب في كتاب ريش قريان مارونيّمار أفرام السريانيّ، شاعر لأيّامنا (مركز الدراسات)، 2007، ص 352، أنَّ الشروح الأفراميَّة امتدَّت إلى العالم الأرمنيّ قبل سنة 1861 كما إلى العالم القبطيّ. (الكسليك 1988) بالنسبة إلى هذا الموضوع (ص 26، حاشية 26). وعدنا فبيَّنا في دراسة حول "أفرام السريانيّ والكتاب المقدَّس"، في

[xx]  الأب يواكيم مبارك، البنتالوجيّا الأنطاكيَّة، الجزء الخامس، ص 584-637. وجاءت دراسة الأب يواكيم ص 577-583.

[xxi]  N. SALHAB, La France et les Maronites, Dar el-Machreq, Beyrouth, 1997, spec. P. 9-17

نشير بمناسبة الكلام عن البطريرك يوحنّا مارون، ما تركه الأباتي بطرس فهد. ثمَّ الخوري ميشال بريدي.

[xxii]  GUILLAUME de TYR, Le Royaume de Jérusalem, (1099-1184), Beyrouth, les éditions de l'Orient, 1992.

[xxiii]  حاشية 19، الجزء الثالث، ص 390، العدد 1182، نلاحظ الترجمة الدقيقة للنصّ اللاتينيّ.

[xxiv]  دريان، لباب البراهين، ص 3: "وأوَّل من كتب في هذا الموضوع، مرهج بن نمرون البانيّ الشهير عن تلامذة هذه المدرسة (المارونيَّة في رومة). ففي بهرة القرن السابع عشر قد وضع مقالة علميَّة تاريخيَّة حسنة باللغة اللاتينيَّة "في أصل الموارنة واسمهم وديانتهم" ونشرها بالطبع في مدينة رومية سنة 1679. أمّا العنوان اللاتينيّ فهو De origine, nomine at religione maronitarum.

ونقل هذا الكتاب إلى الفرنسيَّةEssai sur les Maronites. Leur Origine, leur nom et leur religion par Fauste Nairon de Ban. Maronite 1679, Kaslik, 2006.

[xxv]  كتاب الشرح المختصر في أصل الموارنة وثباتهم في الأمانة وصيانتهم من كلِّ بدعة وكهانة، تأليف مار إسطفانوس الدويهيّ، السيِّد البطريرك الأنطاكيّ المكرَّم. نشره مع ترجمته اللاتينيَّة وعلَّق حواشيه الآباتي بطرس فهد، النائب العام لدى الكرسيّ الرسوليّ المقدَّس بروما، سنة 1974 في اللاتينيَّة Liber brevis explicationis de Maronitarum origine eorumque perpetua orthodoxa et salute ab omni haeresi et superstitione, Auctore Dom. Stephano Ad-Douayhi Ehdenensi

هو مخطوط فاتيكان سريانيّ 395 (القرن 18).

[xxvi]  ذكره دريان في لباب البراهين ص 5 وقال: "لم يصل إليه من الآثار التاريخيَّة غير ما كان معروفًا من ذي قبل".

[xxvii]  ميشال حايك، الجامع المفصَّل، ص ج ج.

[xxviii]  المشرق، 31 (1934)، ص 196.

[xxix]  حاشية 7، ص 360 (أو: 168).

[xxx]  مجلَّة الحكمة المذكورة في حاشية 7، ص 386 (أو: 194).

[xxxi]  المرجع السابق، ص 353 (أو: 161). ما نلاحظ في هذا المقال ما عنونته المجلَّة: "همُّ العالِم وغيريَّة الأسقف" (ص 162).

[xxxii]  في اليونانيَّةeishlqon

[xxxiii]  في اللاتينيَّة  Aggressi suntربَّما يكون: هجموا MIGNE, Patrologie grecque, CVIII, QeojanoV, cronograjia ; GODEFRIDI HENSCHENII, Dissertatio de Chronographia S. Theophanis in qua emendautur chronologica sphalmata non pauca Theophani per librariorum socordiam aspersa, Paris, 1861; Voir V. GRUMEL, Echos d'Orient, 33 (1934) 396-408. . ربَّما يكون: هجموا

[xxxiv]  المطران يوسف الدبس، الحجَّة القاطعة الجليَّة على من ينكر ثبوت الموارنة في العقيدة الكاثوليكيَّة، المطبعة العموميَّة بيروت، 1900، ص 49. رج فكتور الكك، "يوسف الدبس مدافعًا موضوعيًّا عن كاثوليكيَّة الموارنة"، الحكمة، ص 370-374 (أو: 178-182). وهنا ص 372 (180).

[xxxv]  المرجع السابق، ص 297.

[xxxvi]  كتاب جامع الحجج الراهنة في إبطال دعوى الموارنة، تأليف الحبر العلاّمة إقليميس يوسف داود، رئيس أساقفة دمشق على السريان رحمه الله، 1908، والكتاب يباع في القاهرة بمصر وفي لايبزيغ في ألمانيا.

[xxxvii]  المرجع السابق، ص 1.

[xxxviii]  حاشية 36، ص 371-372.